تستعد الصين لعرض أحدث صواريخها المضادة للسفن وطائراتها المقاتلة بدون طيار وصواريخها الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية في عرض عسكري يهدف إلى إظهار قوتها العسكرية في رسالة إلى الولايات المتحدة، حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية أن الصين ستعرض في ميدان "تيانانمين" الشهير أسلحة قادرة على ضرب أي مكان في الولايات المتحدة الأمريكية.
ووفقًا لتقرير نشرته حديثاً وكالة بلومبرغ الأمريكية، تُظهر صورٌ التقطتها أقمارٌ صناعيةٌ تابعةٌ لشركة إيرباص في 9 أغسطس/آب 2025، مركباتٍ مدرعةً، وأنظمة دفاعٍ جوي، وقاذفات صواريخ، ومدفعيةً، وأنظمةً صاروخيةً متنوعةً مُجهزةً في إحدى ضواحي بكين. وأكد محللون من شبكة "أوبن نيوكلير نيتورك" في فيينا، المتخصصة في الاستخبارات مفتوحة المصدر، أن الصور تكشف عن أسلحةٍ يُرجَّح أن تجوب شوارع بكين في العرض العسكري المقرر في 3 سبتمبر/أيلول 2025 بمناسبة الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية.
وتُنفق الصين ببذخ لتحديث جيشها، وهي رابع أكبر مُصدّر للأسلحة في العالم، كما تُعدّ بكين من أبرز مُطوّري الصواريخ الأسرع من الصوت في العالم، المُصمّمة لتكون سريعةً ورشيقةً للغاية بالنسبة لأنظمة الدفاع التقليدية. تُشكّل هذه التقنية محورَ منافسةٍ مُتصاعدةٍ بين الولايات المتحدة من جهة، والصين وروسيا من جهةٍ أخرى، حيث لا تزال واشنطن متخلفة عن ركب بكين وموسكو في هذا السباق.
ما الأسلحة الجديدة التي ستعرضها الصين في ميدان تيانانمين وتثير قلق الأمريكيين؟
- يعد العرض العسكري الصيني الذي يقام بمناسبة الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية حدثاً رئيسياً في التقويم السياسي للرئيس الصيني شي جين بينج، الذي سيكون حاضراً في ميدان "تيانانمين" في بكين، بالإضافة إلى قادة العديد من الدول التي تشتري أسلحة من الصين، وجرت العادة أن يتم الكشف عن مفاجآت عسكرية مثل أسلحة جديدة متطورة في هذا الاستعراض العسكري السنوي، وهو ما يجذب حضور شركات أسلحة من دول مختلفة,

- وأكد مسؤول صيني الأسبوع الماضي، أن بكين تخطط لعرض أسلحة متقدمة في الاستعراض العسكري المرتقب، رغم أن التفاصيل الدقيقة لا تزال طي الكتمان. لكن بعض هذه الأسلحة كشف عنها بواسطة صور ومقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. وأظهرت العديد من منشورات مواقع التواصل الاجتماعي أسلحة يتم نقلها إلى مواقعها استعدادًا للعرض العسكري من بينها صواريخ مضادة للسفن تفوق سرعتها سرعة الصوت.
- ومن بين الأسلحة الظاهرة في صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 9 أغسطس/آب، طائرات هجومية واستطلاعية مُسيّرة. وتشمل هذه الطائرات طائرات "الجناح المخلص" المُصممة للعمل مع المقاتلات المأهولة. كشفت الصين عن نموذج أولي لمقاتلة شبحية بدون طيار في عام 2021 وهي "فيهونغ إف إتش-97" (FH-97)، ووُصفت بأنها أول طائرة صينية بدون طيار جاهزة للقتال.
- ورغم أن السلطات الصينية وضعت أغطية فوق الصواريخ في منطقة الاستعراض العسكري، فقد أظهرت صور الأقمار الصناعية عدة صواريخ باليستية عابرة للقارات تعمل بالوقود الصلب من طراز DF-41. وهو صاروخ قابل للنقل براً يمكنه حمل رؤوس حربية متعددة، ويبلغ مداه حوالي 15,000 كيلومتر، مما يجعله قادراً على ضرب أي مكان في الولايات المتحدة، وفقًا لمشروع الدفاع الصاروخي التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، الذي يتتبع الصواريخ الباليستية.
- كما يقول محللون إن الأغطية هذه شملت صواريخ أخرى، مثل صاروخ كروز الأسرع من الصوت DF-100. ولا يُعرف الكثير عن هذا السلاح، لكن معهد دراسات الفضاء الصيني التابع للقوات الجوية الأمريكية أشار إلى أنه من المفترض أن يبلغ مداه آلاف الكيلومترات وهو قادر على ضرب أي مكان في أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية.
مجموعة "دونغفنغ".. ترسانة الصين الصاروخية التي تهدد قلب أمريكا
- تعد عائلة صواريخ "دونغفنغ" أو "ريح الشرق" أهم وأخطر صواريخ تملكها الصين، حيث ستعرض بكين بعض أنواعها خلال الاستعراض العسكري الكبير المرتقب. ومن بين هذه الصواريخ DF-41 وصاروخ DF-5 وهي صواريخ باليستية عابرة للقارات تستطيع حمل رأس نووي بقوة تعادل 200 ضعف حجم قنبلة هيروشيما، وتستطيع ضرب أي مكان في الولايات المتحدة وأوروبا بدقة 500 متر.
- وتعد هذه الصواريخ عنصراً أساسياً في الردع النووي الاستراتيجي للبلاد في ظل المنافسة مع الولايات المتحدة الأمريكية. وفي ظل تسارع سباق التسلّح النووي، يتصاعد القلق الأمريكي من الصين كأسرع دولة حول العالم توسّع قدراتها النووية منذ حقبة الحرب الباردة. فما نعرفه عن ترسانة الصين من الصواريخ العابرة للقارات (ICBMs) يُشير إلى تحوّل جذري في ميزان الردع، يجعل واشنطن تتفحص عن كثب مخاطر تحول الصين إلى قوة نووية مقاربة لها في الحجم والفعالية.
- ومن أبرز الصواريخ النووية العابرة للقارات التي تملكها الصين وتخشاها الولايات المتحدة، صاروخ DF‑5B الباليستي العابر للقارات DF-5B، وهو عنصر أساسي في الردع النووي الاستراتيجي للبلاد. وبمدى مُعلن يبلغ 12 ألف كيلومتر وحمولة تُقدر بما بين 3 إلى 4 ملايين طن من مادة TNT، فإن صاروخ DF-5B قادر على إلحاق دمار كارثي بأي عدو، بحسب مجلة Army Recognition العسكرية. ويتجاوز انفجار هذا الصاروخ، مستوى الانفجار الناتج عن القنابل الذرية المستخدمة في الحرب العالمية الثانية ما بين 150 و200 مرة، ما يجعله أحد أقوى الأسلحة المعروفة حالياً في ترسانة الصواريخ الصينية. ويُنظر إلى الكشف الرسمي كجزء من جهد أوسع تبذله بكين لتعزيز ثقتها في جهود تحديث جيشها وردع التهديدات المحتملة.
- كما يُعد صاروخ DF-41، الذي تصنعه الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا مركبات الإطلاق وتشغله قوة الصواريخ التابعة لجيش التحرير الشعبي (PLARF)، أحدث صاروخ باليستي عابر للقارات متحرك برّي في الصين. ويُعتقد أن هذا الصاروخ قادر على حمل عدة رؤوس نووية (MIRVs)، ويبلغ مداه أكثر من 15.000 كيلومتر، ما يجعله قادر على ضرب أي هدف في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية. ولتفادي الأنظمة الدفاعية يحمل الصاروخ أيضاً شراكاً خداعيةٍ، ويستطيع ضرب الولايات المتحدة خلال 30 دقيقةً من إطلاقه، مُقلصاً الوقت أمام أنظمة الدفاع لتستجيب له.

- وهناك أيضاً سلسلة صواريخ DF‑31A/AG/B وهي صواريخ باليستية عابرة للقارات من تصميم وانتاج جمهورية الصين الشعبية وهو من الصواريخ طويلة المدى المنطلقة من المنصات البرية المتحركة كالشاحنات. وتتميز السلسلة بالجاهزية العالية، وصعوبة الاكتشاف، ما يجعلها جزءًا أساسياً في الردع النووي الصيني الحديث.
- ويعد صاروخ DF-31A/AG/B صاروخ عابر للقارات يعمل بالوقود الصلب، ويُطلق من منصات متحركة (TELs). طُوّر عن النسخة الأصلية DF-31 ليحقق مدى أطول ودقة أعلى. أما صاروخ DF-31A يصل مداه إلى 11,200–13,000 كم، قادر على ضرب أهداف داخل الولايات المتحدة. وهناك DF-31B وهو إصدار محسّن من حيث الدقة وسرعة النشر. فيما أن صاروخ DF-31AG يتميز بهيكل أقوى وقدرة تنقل أعلى، ويُعتقد أنه مزود برؤوس نووية MIRV متعددة.
- ولا يمكن الحديث عن الصواريخ العابرة للقارات دون الإشارة إلى صاروخ DF‑27 الباليستي متوسط المدى والمزود بمركبة انزلاقية تفوق سرعة الصوت (Hypersonic Glide Vehicle – HGV) مع خيارات هجوم بري وهجوم مضاد للسفن. ويستطيع هذا الصاروخ بسهولة ضرب قواعد أمريكية في المحيط الهادئ (غوام، اليابان، هاواي). وحاملات طائرات ومجموعات بحرية في بحر الصين الجنوبي أو شرق آسيا. ويُرجّح أن يكون مصمماً أيضًا لضرب أهداف في الأراضي الأمريكية عند إطلاقه من الداخل الصيني. ووفق تسريبات استخباراتية أمريكية فإن هذا الصاروخ في طور التطوير منذ عام 2021 وقد يكشف الجيش الصيني عنه في أي لحظة.

ماذا نعرف عن الصواريخ النووية البحرية الجديدة؟
- بالنسبة للصواريخ البحرية النووية الصينية الجديدة والتي تخشاها البحرية الأمريكية، فهناك صاروخ JL‑3 الذي تم اختباره بالفعل وهو يُطلق من غواصاتٍ قادرة على نسف مدينة سان فرانسيسكو، بحسب صحيفة The Daily Mail البريطانية.
- وصاروخ JL‑3 قادر على حمل رؤوسٍ نوويةٍ بمدى يبلغ 9,000–10,000 كم ، وهو قادرٌ على إصابة هدفٍ يبعد 4350 ميلاً (7000 كيلومتر). يعني هذا أن بكين باتت قادرةً على شن هجماتٍ نوويةٍ على الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية من داخل مياهها الإقليمية الآمنة. ويعد هذا الصاروخ مُصمماً لينطلق من الغواصات النووية الصينية من طراز Jin، التي يُمكن تسليحها بنحو 24 صاروخاً من نوع JL-2. وهي جزء من الردع الاستراتيجي البحري.
- ويقول محللون عسكريون بارزون مثل تيانران شو، من مركز أبحاث الأمن، إن "أسلحة الجيش الصيني الجديدة ستتضمن تكنولوجيا متطورة مثل الصواريخ الأسرع من الصوت (فرط صوتية) تهدف إلى سحق الدفاعات البحرية الأمريكية في غرب المحيط الهادئ". وأشار شو في حديثه لبلومبيرغ إلى تركيز جيش التحرير الشعبي الصينية على الأنظمة غير المأهولة، والضربات الدقيقة، والقدرات القتالية عالية التقنية، والتي وصفها بأنها استعداد لـ"صراع شديد". وتابع: "قليلة هي الدول التي طورت هذا العدد الهائل من الصواريخ المضادة للسفن التي تغطي جميع الأهداف التي يمكن تخيلها".
ماذا عن أحدث الطائرات المقاتلة الشبحية الصينية التي أطلق جرس الإنذار لدى البنتاغون؟
- خلال الشهر الماضي، أظهرت صور نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي طائرة J-15T الصينية المُخصصة لحاملات الطائرات، تحمل صواريخ PL-15 جو-جو بعيدة المدى، وهو ما أطلق جرس إنذار في مراكز القيادة الأمريكية. وتعد طائرة J-15T أحدث نسخة مطورة من طائرة J-15 الصينية والتي تسمى بـ"القرش الطائر"، وهي مقاتلة مصممة لحاملات الطائرات، مشتقة من طائرة سو-33 الروسية، لكنها مُحسّنة بتكنولوجيا محلية متطورة. وصُممت J-15T للعمل على متن أسطول حاملات الطائرات الصيني المتنامي، وتقدم تحديثات مُصممة خصيصًا للحرب البحرية الحديثة.
- وطائرة J-15 تصنف بأنها مقاتلة متعددة المهام مخصصة لحاملات الطائرات، طوّرتها شركة شنيانغ لصناعة الطيران (Shenyang Aircraft Corporation) لصالح القوات البحرية لجيش التحرير الشعبي الصيني (PLAN). تم تصميمها للعمل من على متن حاملات الطائرات الصينية، مثل "لياونينغ" و"شاندونغ".
- وفقًا لتقرير صادر عن مجلة "جينز ديفنس ويكلي" يعكس تصميم طائرة J-15T الدروس المستفادة من سنوات من عمليات حاملات الطائرات على لياونينغ وشاندونغ الصينيتين. تُبرز قدرة الطائرة على الاندماج مع ذخائر متطورة، مثل صواريخ PL-15 فائقة السرعة، تركيز الصين على توسيع نطاقها البحري. وهذا يعني أن طائرة J-15T قادرة على مواجهة التهديدات البعيدة عن حاملة طائراتها، مما يحمي الأسطول ويُبرز قوتها عبر مناطق محيطية شاسعة، وهو ما يثير القلق الأمريكي منها.