كواليس مفاوضات القاهرة.. “4 عراقيل” وضعها نتنياهو لإنهاء حرب غزة

عربي بوست
تم النشر: 2025/08/19 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/08/19 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش
قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي/shutterstock

وافقت حركة حماس والفصائل الفلسطينية المجتمعة في القاهرة على مقترح صفقة جزئية تهدف إلى إنهاء حرب غزة، وسط ترقب لرد الحكومة الإسرائيلية التي أكدت أنها استلمت الإطار الجديد، وسط تساؤلات حول الألغام التي يواكب هذا الاتفاق.

وقالت حركة حماس، في بيان لها الإثنين 18 أغسطس/آب 2025، إنها والفصائل أبلغت موافقتها على المقترح الذي قدم لها من الوسيطين المصري والقطري.

ما هي كواليس الحراك تجاه التوصل إلى صفقة؟

في 12 أغسطس/آب 2025، أعلنت حركة حماس أن وفداً بقيادة الدكتور هليل الحية وصل إلى القاهرة لإجراء محادثات مع المسؤولين المصريين.

وأوضح القيادي في الحركة طاهر النونو أن الوفد بدأ محادثات تركز على سبل وقف الحرب، وإدخال المساعدات، والعلاقات الفلسطينية الداخلية، من أجل الوصول إلى توافقات وطنية حول مجمل القضايا السياسية، والعلاقات الثنائية مع مصر وسبل تطويرها.

بحسب المصادر لـ"عربي بوست"، فإن المخابرات المصرية تناولت مع حركة حماس فكرة التوصل إلى صفقة شاملة، وقد أبدت الحركة تجاوباً مع هذا الطرح.

قادة الفصائل الفلسطينية في القاهرة/ حركة حماس
قادة الفصائل الفلسطينية في القاهرة/ حركة حماس

وهذا ما أكده وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الإثنين 11 أغسطس/آب 2025، عندما قال إن بلاده تقود الوساطة مع الدوحة وواشنطن تدفع باتجاه الصفقة الشاملة.

لكنه بعد التواصل المصري مع الحكومة الإسرائيلية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شروطاً وُصفت بـ"التعجيزية" بشأن الصفقة الشاملة.

وتمثلت شروط نتنياهو للصفقة الشاملة، بحسب بيان صادر عن مكتبه، بالتالي:

  • نزع سلاح حركة حماس.
  • نزع السلاح من غزة.
  • السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع.
  • وجود كيان رسمي ليس ممثلاً عن حركة حماس، وليست السلطة الفلسطينية أيضاً.

واللافت أن الشروط التي وضعها نتنياهو من أجل التوصل إلى صفقة شاملة تنهي الحرب، هي ذاتها المبادئ الخمسة التي أقرها في إطار احتلال قطاع غزة.

المصادر أوضحت لـ"عربي بوست"، أن الوسيط المصري كان مُصراً على التوصل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار، فقام بوضع الصفقة الجزئية على الطاولة، وهي ذاتها التي تنصل منها الاحتلال في أواخر يوليو/تموز 2025.

وفي إطار المفاوضات مع حركة حماس والفصائل الفلسطينية، أبدت حركة حماس مرونة تجاه بعض تفاصيل المقترح المقدم، لا سيما فيما يتعلق بخطوط الانسحاب، والمساعدات، والضمانات لإنهاء الحرب.

وتشير المصادر إلى أن الوسطاء ينتظرون رداً نهائياً من نتنياهو بشأن الإطار الذي وافقت عليه حركة حماس والفصائل، من أجل الاتفاق على تفاصيله حتى يدخل حيز التنفيذ.

ما هي أبرز بنود الصفقة المقترحة؟

وبحسب المصادر، فإن بنود المقترح تتركز على خطوط الانسحاب، والمساعدات الإنسانية، ومفاتيح تبادل الأسرى.

أولاً: ملف المساعدات:

  • إدخال المساعدات إلى قطاع غزة مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ بكميات مكثفة ونوعية، بالتوافق مع اتفاق 19 يناير/كانون الثاني 2025.
  • تشمل المساعدات ما يتضمنه البروتوكول الإنساني من تأهيل للمستشفيات، والمعدات اللازمة للبنى التحتية، بما في ذلك الطرقات ورفع الأنقاض.
  • تشمل المساعدات إدخال كميات كافية من الوقود، بما في ذلك اللازم لتشغيل المخابز في القطاع.
  • سيتم فتح معبر رفح بالاتجاهين، وفقاً لاتفاق 19 يناير/كانون الثاني 2025.

ثانياً: الانسحاب الإسرائيلي:

  • انسحاب آليات الاحتلال بعمق 1000 متر من الحدود مع القطاع في المناطق الشرقية والشمالية، عدا منطقتي الشجاعية وبيت لاهيا (1200 متر).
  • انسحاب إسرائيلي بعمق 880 متراً من المناطق السكنية المأهولة على طول الشريط الشرقي في خانيونس والمحافظة الوسطى.
  • تتضمن خرائط الانسحاب من رفح: من البحر حتى تل السلطان (1000 متر)، ومن تل السلطان حتى غرب معبر رفح بمسافة 1000 متر، وشرق المعبر 1200 متر، ومناطق الوسط امتداد محور فيلادلفيا 1500 متر.
عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة/ رويترز
عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة/ رويترز

ثالثاً: مفاتيح تبادل الأسرى:

  • إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء، مقابل 140 أسيراً فلسطينياً من أصحاب المؤبدات، و60 من أصحاب الأحكام العالية فوق 15 سنة، و1500 أسير من قطاع غزة ممن تم اعتقالهم بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
  • مقابل كل جثة إسرائيلي، 10 جثث فلسطينية، مع الإفراج عن كافة النساء والأطفال القاصرين من السجون.

رابعاً: ضمانات إنهاء الحرب:

  • البدء بمفاوضات إنهاء الحرب و"اليوم التالي" في اليوم الأول من دخول الصفقة الجزئية حيز التنفيذ.
  • أبدى الوسطاء العمل والضغط على إنهاء الحرب خلال الـ60 يوماً، مع ضمان استمرار وقف إطلاق النار بعد الـ60 يوماً، ما دامت المفاوضات مستمرة.

هل تم مناقشة تفاصيل "اليوم التالي" في مباحثات القاهرة؟

أكدت مصادر لـ"عربي بوست" أن الجهود المصرية والقطرية في القاهرة تركزت على صفقة جزئية تهيئ التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار.

ولم يتم تداول ملفات نزع سلاح حركة حماس أو إبعاد قيادات من القطاع إلى الخارج مع حركة حماس.

لكن الوسيط المصري طرح فكرة إمكانية إدخال قوات عربية إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، على أن يتم إدارة القطاع من خلال لجنة الإسناد المجتمعي.

وبحسب المصادر، فإن حركة حماس طالبت تأجيل النقاشات بشأن "اليوم التالي" للحرب على غزة، مع دخول الصفقة الجزئية حيز التنفيذ.

ما موقف الحكومة الإسرائيلية من الصفقة الجزئية؟

ذكرت القناة 12 العبرية أن إسرائيل تسلمت المقترح الجديد الذي وافقت عليه حركة حماس، مشيرة إلى أن تل أبيب تبحث حالياً ردها.

ونقلت القناة عن مصدر سياسي إسرائيلي أنه "لا تأكيد على قبول تل أبيب بصفقة جزئية لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بغزة".

وفي السياق، ذكر مراسل القناة باراك رافيد، في تدوينة على منصة شركة "إكس" الأمريكية، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علّق على أنباء صفقة التبادل وموافقة "حماس" عليها قائلاً: "مثلك، أسمع التقارير بوسائل الإعلام، ومنها يمكنك الحصول على انطباع واحد، أن حماس تحت ضغط هائل".

لكن هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مصادر مطلعة لم تُسمّها أن "المفاوضات على صفقة جزئية تمت بموافقة نتنياهو ومعرفته".

وفور الحديث عن الصفقة الجزئية، وفي ظل صمت نتنياهو بشأنها، سارع وزيرا المالية بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومي إيتمار بن غفير، إلى مهاجمة الصفقة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش/رويترز
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش/رويترز

وكتب سموتريتش، في تدوينة على منصة (إكس): "لن نتوقف أبداً في منتصف الطريق نحو اتفاق جزئي من شأنه إطلاق سراح نصف الرهائن (الأسرى الإسرائيليين)، وقد يؤدي إلى الهزيمة في الحرب".

أما بن غفير، فكتب: "لدينا الآن فرصة لهزيمة حماس، وأقول لرئيس الوزراء: ليس لديك تفويض بالذهاب إلى صفقة جزئية دون هزيمتها".

وأضاف: "إذا استسلم نتنياهو لحماس وأوقف الحرب، فسيكون ذلك بكاء لأجيال وإضاعة فرصة هائلة"، على حد قوله.

بدوره، قال عضو الكنيست عميت هليفي من الليكود: "هدف حماس هو كسب الوقت حتى نصل إلى انتخابات، فهي تدير مفاوضات لتمديد الوقت ومواصلة الانقسام في المجتمع الإسرائيلي".

أما الوزيرة ميري ريغيف، فقالت: "إذا كان المقترح هو إعادتهم الآن، فسيُدرس بشكل إيجابي؛ وإلا يجب احتلال مدينة غزة".

في الإطار، تقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن إسرائيل إذا قالت "لا"، فإنها ستقع في الفخ الذي أعدته حركة حماس، مشيرة إلى أن العملية العسكرية على غزة قد تتسبب بفرض عقوبات.

وشددت على أن التهديد الإسرائيلي بالسيطرة على غزة ليس هو الذي دفع حماس إلى تغيير موقفها، بل العكس تماماً؛ هذا التهديد لا يقلق حماس أصلاً، متسائلة: "بماذا نهددها إذن؟ بمبانٍ مدمرة؟ بتهجير جماعي لسكان لن يرحلوا طواعية؟ بجنود يحاولون اقتياد مسنات وأطفال ونساء حوامل بالقوة؟ بمزيد من القتلى؟".

وأوضحت أنه إذا كانت مشاهد الدمار والخراب والضحايا التي ستصاحب دخول غزة كافية لإحداث انهيار سياسي لإسرائيل، فإن رفضها المقترح بعد موافقة حماس سيؤدي إلى انهيار أعظم بكثير، وهكذا يتضح مجدداً أن استراتيجية حماس أذكى بكثير من استراتيجية إسرائيل.

والثلاثاء 19 أغسطس/آب 2025، حدد رئيس الأركان إيال زامير مراحل خطة احتلال مدينة غزة، رغم استمرار المفاوضات.

وقال موقع "والا" الإخباري العبري إن مراحل خطة احتلال غزة تشمل "دمج استنتاجات وإدخال مبادئ أساسية في الخطط، من أجل جعل احتلال المدينة أكثر فاعلية".

كما تشمل "تعزيز قوات جيش الاحتلال في شمال قطاع غزة، وذلك تمهيداً لاحتلال مدينة غزة، في إطار تكثيف الضغط العسكري على حماس وانتزاع مناطق تسيطر عليها"، وفق الموقع الذي أشار إلى أن "معظم مهام احتلال مدينة غزة ستُلقى على عاتق القوات النظامية".

ما هي الملفات التي لم تُحسم لإنهاء حرب غزة؟

تشير التقارير الإسرائيلية إلى أنه تم تأجيل البت في النقاط الخلافية الرئيسية، والتي تتمثل في:

  • سلاح حركة حماس.
  • إبعاد كوادر حركة حماس.
  • إطلاق سراح عناصر نخبة القسام.
  • إدارة قطاع غزة.

ويشكّل نزع سلاح حماس مطلباً إسرائيلياً محورياً، طُرح باستمرار خلال المفاوضات، بينما تؤكد الحركة رفضها لهذا الطلب حتى "انتهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية".

وبحسب مصادر لـ"عربي بوست"، فإنه في إطار التوصل إلى اتفاق، فإن حركة حماس تطرح إمكانية تجميد السلاح في قطاع غزة لسنوات طويلة دون نزعه، الأمر الذي يرفضه الإسرائيليون.

مقاتلون من القسام يستقبلون النازحين العائدين إلى شمال غزة - منصة X
مقاتلون من القسام يستقبلون النازحين العائدين إلى شمال غزة – منصة X

ويطرح الاحتلال الإسرائيلي فكرة إبعاد كوادر من حركة حماس وجهازها العسكري إلى دولة ثالثة، لكن حماس تعارض ذلك بشدة.

وبينما وافقت حركة حماس على تأجيل النقاش بشأن الإفراج عن عناصر نخبة القسام، فإن الاحتلال الإسرائيلي يرفض الإفراج عنهم أو النقاش بشأنهم.

ومن ضمن القضايا العالقة بين الجانبين، ترتيبات "اليوم التالي"، ففي الوقت الذي أبدت فيه الحركة موافقتها على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، والتي تضم 15 شخصية تعمل تحت إشراف السلطة الفلسطينية، فإن نتنياهو أعلن عن عدم استعداده لتقبّل حماس أو السلطة في إدارة القطاع.

تحميل المزيد