هل نجح ترامب في ترويض الجامعات الغاضبة من حرب غزة؟.. الصفح مقابل التطبيع مع الجامعات الإسرائيلية

عربي بوست
تم النشر: 2025/08/16 الساعة 12:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/08/16 الساعة 12:51 بتوقيت غرينتش
اعتصام طلاب محتجين على الحرب ضد غزة في جامعة كولومبيا، التي كان إدوارد سعيد أستاذاً جامعياً للنقد الأدبي والأدب المقارن / رويترز

بعدما شهدت حراكاً طلابياً واسعاً داعماً لفلسطين العام الماضي، وبعدما تبنت بعضاً من مطالب الاحتجاجات الداعمة لغزة، تراجعت جامعات أمريكية عن مواقفها وعززت شراكتها مع الجامعات والمؤسسات الأكاديمية التابعة للاحتلال في أعقاب ضغوط مارستها إدارة الرئيس دونالد ترامب لقمع هذه التظاهرات وسط تهديدات بقطع التمويل الاتحادي عن هذه الجامعات.

وتزامن ذلك مع سعي عدة جامعات أمريكية للتوصل إلى تسويات مع إدارة ترامب، التي وجهت اتهامات إليها بالفشل في مكافحة معاداة السامية وفي مواجهة الاحتجاجات الطلابية الداعمة لغزة.

وقالت جامعة كاليفورنيا قبل عدة أيام إنها تدرس عرض تسوية قيمته مليار دولار قدمته إدارة الرئيس ترامب بعد أن جمدت الحكومة مئات الملايين من الدولارات من التمويل بسبب الاحتجاجات المناصرة للفلسطينيين.

الحديقة الخلفية لواشنطن.. لماذا يصطدم ترامب بأمريكا اللاتينية؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – رويترز

وسوت الحكومة الأمريكية الشهر الماضي دعاواها على جامعة كولومبيا التي وافقت على دفع أكثر من 220 مليون دولار، وجامعة براون التي قالت إنها ستدفع 50 مليون دولار. وقبلت المؤسستان بعض مطالب الحكومة. ولا تزال محادثات التسوية مع جامعة هارفارد مستمرة.

وبينما تعزز الجامعات الأمريكية علاقاتها مع الجامعات الإسرائيلية التي تدعم جيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة وغزة، تلغي هذه الجامعات على النقيض شراكتها مع جامعات فلسطينية بزعم ارتباطها بحركة المقاومة الفلسطينية حماس.

كيف وسعت الجامعات الأمريكية شراكتها مع الجامعات الإسرائيلية؟

استعرض تقرير نشرته مجلة 972 الإسرائيلية عدداً من اتفاقيات الشراكة التي عقدتها الجامعات الأمريكية مع نظيرتها الإسرائيلية، ومن أبرزها:

جامعة هارفارد: 

  • أعلنت جامعة هارفارد في 28 يوليو/تموز 2025، عن مبادرتين جديدتين مع مؤسسات إسرائيلية: برنامج للدراسة في الخارج مع جامعة بن غوريون في النقب، وزمالة ما بعد الدكتوراه للباحثين الإسرائيليين في كلية الطب بجامعة هارفارد.
  • وفي وقت سابق من هذا العام، وبعد موافقتها على إقامة شراكة رسمية مع جامعة إسرائيلية لم تُحدد هويتها، كجزء من تسوية دعاوى معاداة السامية، علّقت كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد شراكتها مع جامعة بيرزيت، أكبر جامعة فلسطينية في الضفة الغربية. وكانت الكلية تتعاون في كثير من الأحيان مع باحثين في بيرزيت، وقدّمت دورة صيفية في الأردن تُركّز على الصحة الفلسطينية.
  • يأتي ذلك بينما كانت الجامعة الأعرق والأغنى في الولايات المتحدة قد اتخذت موقفاً مغايراً وباتت رمزاً للمقاومة بعد أن جمّدت وزارة التعليم تمويلاً اتحادياً للجامعة بأكثر من ملياري دولار، بعد رفضها مطالب لإدارة ترامب بإجراء تغييرات جذرية في سياستها بشأن التنوع في أبريل/نيسان الماضي.
    جامعات أمريكا
    جامعة هارفارد-المصدر:الشبكات الاجتماعية

    معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT): 

    • وبعدما قرر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قطع علاقاته مع شركة إلبيت سيستمز الإسرائيلية لصناعة الأسلحة في أبريل/نيسان 2024، أطلق في ديسمبر/كانون الأول الماضي برنامجاً يتيح للباحثين في تسع جامعات حكومية معتمدة حكومياً في إسرائيل فرصة الانضمام إلى المعهد للتعاون والتدريب.
    • وأعلن المعهد عن تدشين برامجه "كالانيوت" للباحثين الإسرائيليين الزائرين، وهي شراكة أكاديمية مع تسع جامعات إسرائيلية معترف بها من قبل الدولة، تهدف إلى "تمكين" الباحثين الإسرائيليين من "الانخراط في أبحاث تعاونية متطورة، وتعميق العلاقات الأكاديمية، وإظهار تألق دولة الشركات الناشئة".
    • وتشمل قائمة الجامعات الشريكة في إسرائيل جامعة أرئيل، بالإضافة إلى الجامعة العبرية وجامعة بن غوريون.

    كلية كليمسون: 

    • وفي مارس/آذار 2025، أعلنت كلية كليمسون في ساوث كارولينا عن شراكة مع الجامعة العبرية وكلية سابير لتوفير تقنيات زراعية جديدة في منطقة النقب الغربي في إسرائيل.

    جامعة كولومبيا: 

    • وفي مارس/آذار 2025، أعلنت رئيسة جامعة كولومبيا، كاترينا أرمسترونج، أن الجامعة وافقت على سلسلة من التدابير غير المسبوقة مقابل إستعادة 400 مليون دولار من المنح والعقود الفيدرالية الأمريكية التي تم إلغاؤها تحت ضغط من إدارة ترامب.
    • وشملت هذه التدابير التزام الجامعة التي شهدت شرارة التظاهرات الطلابية في أبريل/نيسان الماضي، بتوسيع مبادراتها الأكاديمية مع جامعة تل أبيب.
    التظاهرات المؤيدة لغزة
    عناصر من الشرطة أمام جامعة كولومبيا/رويترز

    جامعة يوتا: 

    • وفي مايو/أيار 2025، وقّعت جامعة يوتا اتفاقية "تعاون أكاديمي" مع جامعة أرئيل، وهي مؤسسة إسرائيلية تقع في مستوطنة غير قانونية في الضفة الغربية.
    • وفي يونيو/حزيران 2025، وقّعت جامعة أرئيل وجامعة يوتا مذكرة تفاهم لمدة خمس سنوات تُرسي إطاراً لمشاريع بحثية مشتركة، وتبادل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ومؤتمرات أكاديمية مشتركة.
    • وكان إعلانها، الذي نشرته صحيفة جيروزالم بوست أولاً، بمثابة صدمة لبعض أعضاء هيئة التدريس في جامعة يوتا.
    • وصرّح مارشال شتاينباوم، الأستاذ المساعد في الاقتصاد، لموقع +972 بأنهم علموا بالشراكة من خلال الإعلام. وأضاف: "لم يُعلن عنها في الحرم الجامعي إطلاقاً. يعتقدون أن الناس لن يقيموا احتجاجات بسبب فصل الصيف، لكننا لن نتوقف عن التحريض على إلغاء مذكرة التفاهم".

    شراكات أمريكية مع جامعة أرئيل: 

    • وجامعة أرئيل، إحدى أوائل المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، تأسست عام 1982 باسم "الكلية الأكاديمية ليهودا والسامرة"، وهي بؤرة استيطانية تابعة لجامعة بار إيلان.
    • وتقع الجامعة في مستوطنة أرئيل، التي تأسست قبل أربع سنوات فقط، والتي تصورها مخططوها كمركز حضري علماني في قلب الضفة الغربية، على مقربة من الصناعات العسكرية الإسرائيلية حيث عمل العديد من سكانها.
    • وأقامت ثماني جامعات أمريكية على الأقل، منها جامعة جونز هوبكنز وجامعة فلوريدا أتلانتيك، علاقات مع جامعة أرئيل.
    • وفي عام 2019، ووفقاً لإفصاحاتها المالية غير الربحية، تبرعت كلية بارنارد بمبلغ 13500 دولار أمريكي مباشرةً لجامعة أرئيل لتمويل مشروع علمي.

    ما هو دور الجامعات الإسرائيلية في دعم الاحتلال؟

    ومع تعزيز الجامعات الأمريكية لعلاقاتها مع المؤسسات الإسرائيلية، سلط تقرير لمنظمة "نيو بروفايل"، وهي حركة مناهضة للعسكرة في إسرائيل، الضوء على مدى انخراط هذه المؤسسات في الجهاز الأمني والعسكري للبلاد، مع توسيع إسرائيل لهجومها على غزة وتصاعد عنف المستوطنين والجيش في جميع أنحاء الضفة الغربية.

    وحدد التقرير ما لا يقل عن 57 برنامجاً أكاديمياً عسكرياً للجنود في الخدمة الفعلية ومرشحي التجنيد في العديد من الجامعات، ويُقدَّر أن التعاون المالي بين وزارة الدفاع والأوساط الأكاديمية لبرامج دراسة الجنود من عام 2019 إلى عام 2022 تجاوز 269 مليون شيكل (حوالي 79 مليون دولار).

    وقالت نيسي بيلي، مؤلفة التقرير، لموقع +972 إن الجامعات الإسرائيلية السبع المذكورة في التقرير، بما فيها الجامعة العبرية وجامعة تل أبيب، "شركاء فاعلون في الاحتلال المستمر للضفة الغربية والإبادة الجماعية الإسرائيلية".

    وأضافت: "ينبغي على الأوساط الأكاديمية في الولايات المتحدة وضع معايير أخلاقية أساسية كشرط للشراكات بين المؤسسات. وينبغي أن يشمل ذلك، على أقل تقدير، إلزام المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية بإنهاء تعاونها مع المؤسسة العسكرية والصناعة الإسرائيلية".

    جيش الاحتلال
    قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي/shutterstock

    وحسب تقارير لمنظمات دولية تدعو إلى مقاطعة إسرائيل، فإن الجامعات الإسرائيلية متواطئة مع الاحتلال العسكري الإسرائيلي، والاستعمار الاستيطاني، والفصل العنصري، والإبادة الجماعية في غزة.

    وقال تقرير نشرته حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات إن الجامعات الإسرائيلية تشارك في تطوير أنظمة الأسلحة والعقائد العسكرية التي يتم استخدامها في جرائم الحرب الإسرائيلية في لبنان وغزة والضفة الغربية، وتقوم كذلك بتبرير استمرار استعمار الأراضي الفلسطينية، والترويج للتطهير العرقي التدريجي للفلسطينيين وتوفير الغطاء الأخلاقي لعمليات القتل خارج نطاق القضاء.

    ورصدت تقارير عدة أوجه الدعم الذي تقدمه الجامعات الإسرائيلية لجيش الاحتلال، ولعل من أهمها:

    • تطور جامعة تخنيون الإسرائيلية تقنيات الطائرات بدون طيار والجرافات التي يتم التحكم بها لاستخدامها في هدم منازل الفلسطينيين.
    • طورت جامعة تل أبيب "عقيدة الضاحية"، والتي تدعو إلى استخدام القوة المفرطة غير المتكافئة لهدم البنية التحتية المدنية والإضرار بالمدنيين، وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد استخدمتها في مجازرها ضد الفلسطينيين في غزة وكذلك ضد المدنيين اللبنانيين.
    • يوفر برنامج "تلبيوت" العسكري التابع للجامعة العبرية، والمدعوم من القوات الجوية الإسرائيلية والجيش، الفرصة أمام الخريجين للحصول على شهادات جامعية عليا أثناء خدمتهم بالجيش، وبذلك يستغلون خبراتهم للتقدم في البحث والتطوير العسكري.
    • لعبت جامعة تخنيون العبرية بالشراكة مع شركة البيت سيستمز الإسرائيلية للصناعات الدفاعية، والتي تعد من أكبر شركات السلاح الإسرائيلية، دوراً كبيراً في تطوير التكنولوجيا المستخدمة في جدار الضم والفصل العنصري ومراقبته، والذي أعلنت محكمة العدل الدولية عدم شرعيته سنة 2004.
    • أبدت جامعة حيفا دعمها القوي للجهود العسكرية الإسرائيلية في الحرب على غزة. وأطلقت الجامعة حملةً تهدف إلى تشكيل الانطباعات الدولية، مجادلةً بأن الانتقادات الموجهة لأفعال إسرائيل في غزة ظالمة.
    • أدارت جامعة تل أبيب "غرفة حرب هندسية" تعمل على تطوير تكنولوجيا لصالح جيش الاحتلال الإسرائيلي. ويشمل ذلك كاميرا بث مباشر محمولة على كلاب تستخدمها وحدة مرتبطة بهجمات مميتة ضد سكان غزة.
    •  أشارت مايا ويند، الباحثة في الشؤون العسكرية الإسرائيلية ومؤلفة كتاب " أبراج من العاج والفولاذ " الصادر عام 2024، إلى برنامج "حَفَتسلوت"، التابع لقسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية، والذي يدمج الدراسة الأكاديمية مع تدريب الاستخبارات العسكرية. 
    • ويلتحق العديد من خريجيه بالخدمة في الوحدة 8200، وهي وحدة المراقبة النخبوية الإسرائيلية. وغالباً ما تُستخدم المعلومات التي يجمعونها لمقاضاة الفلسطينيين في المحاكم العسكرية أو لإجبارهم على التعاون مع جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك).
    • كما ساهمت الجامعات الإسرائيلية في بناء أطر قانونية تُعيد تفسير القانون الإنساني الدولي لحماية الدولة من المساءلة.
    • في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، يتعاون الأكاديميون بشكل وثيق مع مسؤولي الأمن لتقديم مبررات قانونية للعمليات العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك حججٌ تُفيد بأن قوانين الحرب التقليدية غير مناسبة لـ"حرب إسرائيل على الإرهاب". 
    • ومن هذه الابتكارات مصطلح "الفئة الثالثة" – الذي يُشير إلى الأفراد الذين يبدو أنهم مدنيون لكنهم قد يتدخلون في الأهداف العسكرية – وهي فئة تُستخدم لتقليص التمييز القانوني بين المقاتلين وغير المقاتلين، مما يسمح فعلياً باستهداف المدنيين الفلسطينيين.
    • وتُقدّم جامعة بن غوريون برنامجاً جامعياً للطيارين المقاتلين، يتضمن تعاوناً وثيقاً وعميقاً بين الجامعة وكلية الطيران.
    تحميل المزيد