خيار احتلال قطاع غزة على أجندة حكومة نتنياهو.. لماذا ترفضه المؤسسة الأمنية في إسرائيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/08/05 الساعة 12:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/08/05 الساعة 12:49 بتوقيت غرينتش
تدرس حكومة نتنياهو خيار احتلال قطاع غزة/ عربي بوست

تتجه حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى توسيع العمليات العسكرية في غزة، رغم المعارضة التي أبدتها المنظومة الأمنية ورئيس الأركان إيال زامير، الذي أصبح هدفاً جديداً لوزراء اليمين المتطرف بسبب رفضه خيار احتلال قطاع غزة بالكامل خشية على حياة الأسرى الإسرائيليين وحالة التآكل في قوات الجيش.

يأتي ذلك في الوقت الذي خفّض فيه الجيش الإسرائيلي عدد قواته في قطاع غزة، في خطوة اعتبرتها صحف إسرائيلية مؤشراً على نهاية "عربات جدعون" العسكرية التي فشلت في تحقيق أهدافها.

وكانت عملية "عربات جدعون" التي بدأها الاحتلال في 17 مايو/ أيار 2025 تهدف إلى الضغط على حركة حماس لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين وإلحاق الضرر بالقدرة العسكرية والحكومية للحركة، إلا أنها فشلت في تحقيق أهدافها، وواكب ذلك فشل التوصل إلى "صفقة جزئية" لمدة 60 يوماً بسبب الرفض الإسرائيلي الانسحاب من قطاع غزة.

ومع بقاء 8 ألوية فقط تابعة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، فإنه في الممارسة العملية تواجه إسرائيل خياراً ما بين ثلاثة بدائل استراتيجية، وكلها تنطوي على تكاليف كبيرة إلى جانب مزاياها، ولا يمكن أيّ منها تحقيق أهداف الحرب بشكل كامل، كما يذكر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي.

والخيارات الثلاثة التي تدرسها الأوساط السياسية، بحسب المعهد الإسرائيلي، تنحصر ما بين:

  1. تعزيز السياسة الحالية وزيادة الضغط العسكري على حماس واستمرار محاولات استنزاف مواردها المالية والسيطرة على السكان بنقلهم إلى "المدينة الإنسانية" في رفح وتعزيز محاولات السيطرة على توزيع المساعدات على السكان من خلال الآلية الإسرائيلية الأمريكية.
  2. وقف لإطلاق النار في قطاع غزة يفضي إلى إنهاء الحرب.
  3. السيطرة الكاملة على قطاع غزة وفرض حكومة عسكرية مؤقتة.

ما هو موقف الجيش الإسرائيلي من احتلال قطاع غزة؟

تعارض المؤسسة الأمنية الإسرائيلية توسيع العمليات العسكرية في مخيمات وسط قطاع غزة خوفاً من المساس بالأسرى الإسرائيليين.

كما يعارض رئيس الأركان الإسرائيلي خيار احتلال القطاع نظراً لتحدياته العسكرية الثقيلة على الجيش الإسرائيلي الذي بات منهكاً بعد 22 شهراً من حرب إبادة جماعية واسعة النطاق.

وذكرت مصادر إسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير قد يستقيل إذا تم تنفيذ خطة احتلال القطاع كاملاً.

ويقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" إن الجيش لم يخطط بعد لزيادة عدد قواته في قطاع غزة بل لتقليصها، ومع ذلك يوجد الآن أربعة فرق عاملة في قطاع غزة بدلاً من خمسة، وتشكيل هذه القوات معقد للغاية.

وأضاف أنه نظراً للضغط على القوات النظامية والاحتياط خطط الجيش الإسرائيلي لمزيد من التقليص في حجم قواته في قطاع غزة والتركيز على تطويق ثابت للمناطق التي لم يدخلها بعد.

عناصر من الجيش الإسرائيلي خلال عمليته البرية في غزة/ رويترز
عناصر من الجيش الإسرائيلي خلال عمليته البرية في غزة/ رويترز

وبحسب القناة 12 العبرية فإن الجيش يوصي بمواصلة السيطرة على حوالي 75% من قطاع غزة، بالإضافة إلى غارات محددة على مدينة غزة والمخيمات المركزية، وهي تلك المناطق التي لم يعمل فيها الجيش ويعتقد أن الأسرى الإسرائيليين محتجزون فيها.

وأوضحت القناة أن هناك إدراكاً بأن القوات منهكة، وقد كبدت العمليات الأخيرة خسائر فادحة بالجيش الذي يبحث عن سبل لمواصلة عملياته ولكن بأسلوب أكثر تركيزاً ودقة وليس عمليات واسعة.

وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن قرار احتلال القطاع سيستغرق حوالي ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى سنتين إضافيتين لإتمام تطهير كامل للمساحات تحت الأرض في مدينة غزة ومخيمات الوسط ومناطق أخرى، بحسب صحيفة "معاريف".

وتتلخص مخاوف المؤسسة الأمنية من احتلال قطاع غزة في:

  • احتلال المناطق سيترتب عليه ثمن باهظ في ارتفاع عدد القتلى في الجيش الإسرائيلي.
  • المجازفة بأرواح الأسرى الإسرائيليين الذين يعتقد أنهم محتجزون في المناطق التي لم يدخلها الجيش.

من هم المؤيدون والمعارضون لخطوة احتلال قطاع غزة؟

في الاجتماع الذي سيعقد الثلاثاء 5 أغسطس/ آب 2025، سيطرح زامير خيارات تتمثل في حصار وتطويق وعمليات دقيقة في محافظات الوسط، فيما يدفع المستوى السياسي باتجاه احتلال كامل للقطاع.

ويشير تقرير صادر عن القناة 12 العبرية، إلى أن أبرز الشخصيات في المستوى السياسي والتي تؤيد احتلال قطاع غزة، هي:

  • وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
  • وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
  • وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.
  • سكرتير الحكومة الإسرائيلية يوسي فوكس.
  • السكرتير العسكري لرئيس الحكومة الإسرائيلية رومان جوفمان.

أما الشخصيات التي تعتقد أنه يجب استنفاد فرصة التوصل إلى صفقة، فهي:

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش مع نتنياهو/ رويترز
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش مع نتنياهو/ رويترز
  • رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير.
  • وزير الخارجية جدعون ساعر.
  • الوزير في الكابينت أرييه درعي.
  • رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي.
  • نائب رئيس طاقم المفاوضات الذي يرمز إليه بحرف "م".
  • رئيس الموساد ديدي برنيع.
  • مسؤول ملف الأسرى الإسرائيليين نيتسان ألون.

أما "المترددون"، على حد وصف القناة، فهم:

  • رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
  • وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس.
  • القائم بأعمال رئيس الشاباك الذي يُرمز إليه بالحرف "ش".

هل حسم نتنياهو موقفه باتجاه احتلال قطاع غزة؟

بحسب مصادر لقنوات إسرائيلية، فإن نتنياهو اتخذ بالفعل قراراً بالاحتلال الكامل لقطاع غزة، وتوسيع العمل العسكري بضوء أخضر أمريكي ضد حركة حماس.

ونقلت القناة "12" العبرية الخاصة عن مسؤولين بمكتب نتنياهو لم تسمهم، قولهم إن "القرار قد اتُخذ – إسرائيل ستحتل قطاع غزة".

وقالت القناة: "يعني القرار الدراماتيكي أن جنود الجيش الإسرائيلي سيقاتلون أيضاً في المناطق التي تجنبت إسرائيل العمل فيها خلال الأشهر الأخيرة، بما في ذلك مخيمات وسط القطاع".

وأكدت هيئة البث العبرية الرسمية، نقلاً عن وزراء تحدثوا مع نتنياهو، أن نتنياهو "قرر توسيع نطاق العملية العسكرية في غزة، رغم اختلافات الرأي مع المؤسسة الأمنية".

لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" ذكرت أنه رغم تصريحاته العدائية، فلم يأمر نتنياهو الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لاحتلال قطاع غزة بعد، بل أجل النقاش حول هذه المسألة مرات عدة.

وأضافت أنه لو أراد ذلك حقاً، لأمر بتعبئة قوات احتياط إضافية أو إعادة ألوية نظامية إلى القطاع، لكنه يريد أولاً استنفاد قناة المفاوضات المتوقفة حالياً.

لكنها أشارت إلى أن نتنياهو قد يطلب بخطط بديلة تشمل احتلالاً كاملاً للقطاع، إضافة إلى تقدير للجدول الزمني ومرحلة "تطهير" قد تستغرق وقتاً أطول بكثير، شبيهة بما حدث في الضفة الغربية المحتلة، والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم.

ما هي تداعيات السيطرة الكاملة على قطاع غزة؟

يرى معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أنه من غير الواضح ما إذا كانت الضغوط المتزايدة سوف تحفز حماس بالفعل على قبول مطالب إسرائيل، منوهاً إلى أن الدعم الدولي لإسرائيل بدأ يتآكل.

ورأى أن الخيار الأفضل هو قبول حركة حماس نزع سلاحها وتفكيكها من خلال اتفاق، وهو الخيار الأمثل الذي قد يؤدي إلى إعادة الأسرى وإنهاء الحرب.

وأضاف أن لا جدوى استراتيجية لاحتلال قطاع غزة دون فرض حكومة عسكرية تعمل على منع حماس من استعادة السيطرة الفعلية على قطاع غزة.

وبحسب المعهد، فإن الحكومة العسكرية ملزمة بالقانون الدولي بتوفير الماء والغذاء والدواء والمأوى وضمان ظروف معيشية على نحو لا يقل عن الظروف التي كانت قائمة قبل الاحتلال.

ويشير المعهد إلى أن خيار احتلال قطاع غزة يعني أن نشاط الجيش الإسرائيلي في هذا الاتجاه قد ينطوي على إيذاء الأسرى الإسرائيليين وحافز لحماس على إيذائهم.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ غزة/ الأناضول
خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ غزة/ الأناضول

ومن سلبيات احتلال قطاع غزة أن العبء سيكون على الجيش الإسرائيلي كبيراً، لأن السيطرة على السكان ستتطلب نشر عدد كبير بمرور الوقت.

وتشير التقديرات إلى أن تكلفة احتلال قطاع غزة تصل إلى 40 مليار شيكل سنوياً.

ومن التداعيات السلبية على احتلال قطاع غزة أن صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي ستتشوه أكثر، ما لم تتمكن تل أبيب من التوصل إلى تفاهمات واتفاقيات مع شركائها العرب والحصول على دعم أمريكي لهذه الخطوة.

كما أنه من المرجح أن يُفاقم الاستيلاء على القطاع الخلافات الداخلية الإسرائيلية، وليس من الواضح مدى قصر المدة التي سيستغرقها إيجاد بديل مناسب للحكم العسكري، بحسب المعهد الإسرائيلي.

ويلخص الخبير في القانون الدولي عيران شامير بورير لقناة 12 العبرية أن إعادة احتلال قطاع غزة لها تداعيات بعيدة المدى على إسرائيل، أبرزها:

  • المستوى السياسي والأثمان الدبلوماسية الباهظة التي قد تدفعها إسرائيل كما يحدث في الضفة الغربية.
  • المستوى الأمني: حيث إن استمرار احتلال قطاع غزة سوف يستلزم عبئاً إضافياً على الجيش الإسرائيلي وسوف يأتي على حساب مهام أخرى، فضلاً عن زيادة العبء الثقيل بالفعل على عناصر الجيش.
  • المستوى الاقتصادي: فمن المتوقع أن تكون التداعيات المالية والاقتصادية على إسرائيل ودافعي الضرائب الإسرائيليين من السيطرة على قطاع غزة، وعلى سكانه واقتصاده وبنيته التحتية المدمرة، ثقيلة.
تحميل المزيد