القائمة تتسع.. ماذا يعني اعتراف حلفاء إسرائيل بدولة فلسطين؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/07/31 الساعة 11:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/08/01 الساعة 05:38 بتوقيت غرينتش
علم فلسطين رفرف خارج مبنى الأمم المتحدة في نيويورك – أرشيفية (رويترز)

في خطوة تنبئ بمزيد من العزلة الإسرائيلية الدولية، يكتسب الاعتراف بدولة فلسطين زخماً كبيراً، وخاصةً بين حلفاء تل أبيب، حيث أعلنت كندا، الأربعاء 30 يوليو/تموز 2025، عزمها الاعتراف بفلسطين كدولة خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل.

وبهذا الإعلان، انضمت كندا بدورها إلى عدد من الدول الغربية التي أعلنت مؤخراً أنها تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين، وهي الإعلانات التي قال محللون إنها تعكس الإحباط العميق إزاء سلوك إسرائيل في الحرب على غزة، التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وتركت سكان القطاع، الذين يبلغ عددهم نحو مليوني نسمة، في حالة من الحرمان الشديد والجوع.

وقال رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني: "إننا نعتزم القيام بذلك لأن السلطة الفلسطينية ملتزمة بقيادة الإصلاحات التي طال انتظارها".

وفي منشور له تعليقاً على الإعلان الكندي، صرّح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن اعتزام كندا الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل، سيُصعّب من التوصل إلى اتفاقية تجارية معها.

في هذا التقرير، نسلّط الضوء على أهمية هذه الخطوة التي أعلنت عنها عدد من الدول الحليفة لإسرائيل، وعلى خارطة الدول التي تعترف بفلسطين، وتلك التي أعلنت اعتزامها الاعتراف في سبتمبر/أيلول المقبل.

ما هي الدول التي تعترف بفلسطين حتى الآن؟

  • وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 على الاعتراف الفعلي بفلسطين دولة ذات سيادة من خلال رفع وضعها في المنظمة الدولية كمراقب إلى "دولة غير عضو" بعد أن كانت "كياناً".
  • وحتى مايو/أيار 2025 تحظى (دولة فلسطين) باعتراف 147 دولة من أصل 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة، أي ما يمثل 75% من المجتمع الدولي، كدولة ذات سيادة. 
  • كما تحظى فلسطين باعتراف الكرسي الرسولي، الهيئة الحاكمة للكنيسة الكاثوليكية، ومدينة الفاتيكان، التي تتمتع بصفة مراقب في الأمم المتحدة.
  • وخلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، اعترفت 10 دول رسمياً بدولة فلسطين، وهي المكسيك وأرمينيا وسلوفينيا وأيرلندا والنرويج وإسبانيا وجزر البهاما وترينيداد وتوباغو وجامايكا وبربادوس، وهو ما يعكس الدعم الدولي المتزايد للفلسطينيين.
  • ومن بين دول مجموعة العشرين، اعترفت 10 دول (الأرجنتين والبرازيل والصين والهند وإندونيسيا والمكسيك وروسيا والسعودية وجنوب أفريقيا وتركيا، فضلاً عن إسبانيا المدعوة الدائمة) بفلسطين كدولة، في حين لم تعترف بها تسع دول (أستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة).

ما هي الدول التي أعلنت اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين؟

  • بجانب كندا، أعلنت فرنسا وبريطانيا عزمهما الاعتراف بدولة فلسطين خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل.
  • وتُعدّ فرنسا والمملكة المتحدة أبرز الدول الغربية التي أعلنت اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين؛ فكلتاهما قوتان نوويتان تتمتعان بمقعدين دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
  • ونقل تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن مجتبى رحمن، رئيس قسم أوروبا في شركة الاستشارات السياسية أوراسيا، قوله: "إنها لحظة مهمة. قد يُحدث القرار الفرنسي والبريطاني تأثيراً متسلسلاً".
  • كما أطلقت 15 دولة غربية، بينها فرنسا، الأربعاء، نداءً جماعياً للاعتراف بدولة فلسطين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
  • وإلى جانب فرنسا، انضمت كندا وأستراليا، العضوان في مجموعة العشرين، إلى النداء، ووقّعت دول أخرى الدعوة، وهي: أندورا، وفنلندا، وأيسلندا، وأيرلندا، ولوكسمبورغ، ومالطا، ونيوزيلندا، والنرويج، والبرتغال، وسان مارينو، وسلوفينيا، وإسبانيا، بحسب البيان المشترك.
  • وقال البيان: "نحن قد اعترفنا بالفعل، أو أعربنا، أو نعرب عن استعداد بلداننا أو نظرتها الإيجابية، للاعتراف بدولة فلسطين، كخطوة أساسية نحو حل الدولتين، وندعو جميع الدول التي لم تفعل ذلك بعد إلى الانضمام إلى هذه الدعوة".
الرئيس الفرنسي
ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستاتمر – رويترز

متى بدأ الغرب بالاعتراف بفلسطين؟

  • انهارت محادثات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في عام 2014. ومنذ ذلك الحين، كان هناك قبول تدريجي على المستوى الدولي بأن إسرائيل لن تقبل أبداً بدولة فلسطينية، وفق تقرير لموقع ميدل إيست آي البريطاني.
  • وفي عام 2014، أعلنت السويد اعترافها بفلسطين، ووصفته بأنه "خطوة مهمة تؤكد حق الفلسطينيين في تقرير المصير"، وقالت إنها تأمل أن يؤدي ذلك إلى "جعل الأطراف أقل تفاوتاً".
  • وصوّت البرلمان البريطاني أيضاً لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية في عام 2014، على الرغم من أن مشروع القانون غير ملزم، وتجاهلت الحكومة التي يقودها حزب المحافظين في ذلك الوقت النتيجة.
  • ولم تمرّ سوى عشر سنوات أخرى قبل أن تحذو المزيد من دول أوروبا الغربية حذو السويد، حيث أعلنت النرويج وإسبانيا وأيرلندا الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مايو/أيار 2024، وسط حرب إسرائيل على غزة.

ماذا يعني الاعتراف بفلسطين عملياً؟

1- قرار رمزي:

  • قرار الاعتراف بدولة فلسطينية هو رمزي في الغالب، لأن إسرائيل تحتل الأراضي التي يسعى الفلسطينيون منذ فترة طويلة إلى إقامة دولتهم المستقلة عليها، وهي الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن تكون عاصمتها القدس الشرقية، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
  • وقالت جولي نورمان، الأستاذ المساعد في جامعة كولدج لندن والمتخصصة في سياسات الشرق الأوسط، لوكالة رويترز، إن هذه الخطوة تنطوي على ثقل دبلوماسي وأخلاقي كبير، حتى وإن كانت رمزية في الغالب.

2- زخم أكبر لخطوة الاعتراف بفلسطين:

  • لكن هذه الخطوة من جانب دول كفرنسا، التي تضم أكبر جاليتين لليهود والمسلمين في أوروبا، يمكن أن تعطي دفعة أكبر لحركة تقودها حتى الآن دول أصغر وأكثر انتقاداً لإسرائيل بوجه عام، وفق وكالة رويترز.

3- ترسيخ حل الدولتين:

  • ويُنظر إلى خطوة الاعتراف بدولة فلسطين على أنها تساعد في ترسيخ فكرة حل الدولتين باعتباره الإجابة الوحيدة الممكنة للسلام في المنطقة، وعلى النقيض من المقترحات الخاصة بالسيادة الإسرائيلية الكاملة أو دولة علمانية واحدة، وفق تقرير موقع ميدل إيست آي.
  • وتعزز هذه الخطوةُ الإعلانَ أيضاً فكرة أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو بين دولتين قوميتين، وليس مسألة احتلال.
  • وكتب جوش بول، الذي خدم في وزارة الخارجية الأمريكية في إدارة الرئيس جو بايدن حتى استقالته في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بسبب سياسة واشنطن في غزة، عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية: "إن مثل هذا التغيير من شأنه أن يمهد الطريق لمفاوضات الوضع الدائم بين إسرائيل وفلسطين، ليس كمجموعة من التنازلات بين المحتل والمحتل، ولكن بين كيانين متساويين في نظر القانون الدولي".

4- رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية:

  • وقال مسؤول حكومي بريطاني إن الأثر المباشر لاعتراف بريطانيا بدولة فلسطينية ربما يتمثل في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية.
  • وأضاف أن بريطانيا تستضيف حالياً "بعثة دبلوماسية" فلسطينية في لندن، لكن وجود دولة فلسطينية يعني أنه ربما يُسمح لها بفتح سفارة كاملة.
  • وقال المسؤول إن بريطانيا ربما تفتح في نهاية المطاف سفارة لها في الضفة الغربية، حيث تمارس السلطة الفلسطينية، المدعومة من الغرب، حكماً ذاتياً محدوداً تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي.
دولة فلسطين
خارطة الاعتراف الدولي بفلسطين – عربي بوست

5- حظر منتجات المستوطنات الإسرائيلية:

  • وقال فنسنت فين، القنصل العام البريطاني السابق في القدس المحتلة، إن الاعتراف بدولة فلسطينية سيؤدي إلى اضطرار الحكومة البريطانية إلى مراجعة علاقاتها مع إسرائيل. وأضاف أن هذا ربما يؤدي إلى حظر بريطانيا لمنتجات المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

6- عزلة إسرائيل الدولية:

  • ويزيد هذا القرار أيضاً من عزلة إسرائيل على الساحة الدولية بسبب الحرب التي تخوضها في غزة، بحسب تقرير وول ستريت جورنال.
  • وقال التقرير: "لن يكون لاعتراف عدد متزايد من الحلفاء الغربيين بدولة فلسطينية تأثير ملموس يُذكر في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية، لكنه يكشف عن تصدعات كبيرة في الدعم الغربي لإسرائيل، الذي كان يُعتبر في السابق راسخاً".
  • وأضاف التقرير أنه كلما طال أمد الحرب في غزة، مع تزايد أعداد الضحايا المدنيين والأزمة الإنسانية، فإن هذه التصدعات يمكن أن تنمو بشكل أعمق، ويرجع ذلك جزئياً إلى استجابة السياسيين للرأي العام في بلدانهم، الذي تحوّل بشكل حاد ضد الحرب الإسرائيلية في القطاع الفلسطيني.
  • وبالنسبة لإسرائيل، يُؤكّد التحوّل نحو اعتراف القوى الغربية الصديقة بفلسطين مخاوف سائدة منذ زمن طويل: فرغم استمرار تمتعها بدعم الولايات المتحدة، قد تجد إسرائيل نفسها معزولةً بشكل متزايد على الساحة العالمية، بحسب تقرير وول ستريت جورنال.
  • وتابع التقرير أن إسرائيل سوف تفتقد جبهة موحدة من الدعم الغربي من الحلفاء الذين تدخلوا للدفاع عنها، وقدموا لها الدعم الدبلوماسي في المحافل الدولية، وتعاونوا معها بشأن مخاوفها الأمنية الأساسية، مثل طموحات إيران النووية والإقليمية.
  • وقال ريمي دانيال، رئيس قسم الأبحاث الأوروبية في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن بعض أقرب حلفاء إسرائيل الدوليين، ومنهم الهند، اعترفوا منذ زمن بعيد بفلسطين، وكذلك حلفاء إسرائيل في أوروبا الشرقية الذين فعلوا ذلك خلال الحرب الباردة. وأضاف أن خطوات فرنسا والمملكة المتحدة تُظهر "تغييراً في المكانة الدولية لإسرائيل".
رئيس الشاباك السابق يدعو لانتخابات فورية
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/ رويترز

7- تهديد طويل الأمد:

  • هكذا وصف جلعاد إردان، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، إعلان عدد من الدول أنها ستعترف بدولة فلسطين.
  • وقال إردان في مقال نشره موقع يسرائيل هيوم: "مع أنه قد لا يكون هناك سببٌ مباشرٌ للقلق، إلا أن التهديد على المدى البعيد أشدُّ خطورةً بكثير. تُعدّ هذه الاعترافات جزءاً من جهدٍ عالميٍّ أوسع نطاقاً لترسيخ روايةٍ خطيرة: أن إسرائيل دولةٌ تحتلُّ وتنتهك حقوق الإنسان وتقتل الأطفال".
  • وتابع: يدرك أعداؤنا أنهم لن يتمكّنوا من هزيمة جيش الدفاع الإسرائيلي في ساحة المعركة، ولذلك يحاولون تقييده من خلال حملة توعية. قد تؤدّي حملات نزع الشرعية إلى حظر أسلحة، وعقوبات اقتصادية، وعزلة دولية في المستقبل. بمعنى آخر: حتى عشرات طائرات إف-35 لن تُجدي نفعاً إذا أُجبرنا العالم على عدم استخدامها.
تحميل المزيد