صندوق تحت الأرض.. ماذا نعرف عن معتقل “راكيفت” الإسرائيلي الأكثر سريّة ورعباً؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/07/23 الساعة 13:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/07/23 الساعة 13:18 بتوقيت غرينتش
وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار ابن غفير داخل معتقل "راكفيت" السري في يناير 2025- يديعوت

في عمق الأرض تحت طبقاتٍ من الصمت والإسمنت والحديد، يُخفي الاحتلال الإسرائيلي واحداً من أكثر معتقلاته سرّية ورعباً: "راكيفت". وهو معتقل سري داخل سجن أيالون، بعيداً تماماً عن أعين القانون والرقابة والعالم، حيث يُحتجز أسرى فلسطينيون ولبنانيون في ظروف توصف بأنها "غير إنسانية" على إطلاق ودون محاكمات. 

وأزاح الإعلام الإسرائيلي الستار جزئياً عن هذا المكان المغلق الأكثر سرية ورعباً، مشيراً إلى الإجراءات الأمنية بالغة التطرف التي تحيط به، والعزلة الكاملة التي يعيشها المعتقلون، دون محامين، دون شمس، ودون زمن. هذا التقرير يتتبع ما أُتيح من معلومات حول "راكيفت" أو "الصندوق"، وما يجري خلف أبوابه الحديدية المغلقة، في ظل حرب إبادة مستمرة تشنها دولة الاحتلال على الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر 2023.

أسرى في معتقل راكفيت السري- هيئة البث

ماذا نعرف عن معتقل "راكيفت" الإسرائيلي الأكثر سريّة ورعباً؟

  • يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيباً وتجويعاً وإهمالاً طبياً، أودى بحياة العديد منهم، حيث استشهد أكثر من 70 أسيراً فلسطينياً تحت التعذيب منذ أكتوبر 2023 حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
  • ومنذ بدء حربه على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، اعتقل الجيش الإسرائيلي آلاف الفلسطينيين من القطاع، ولا يزال مصير معظمهم مجهولاً، فيما قتل بعضهم داخل سجون ومعسكرات اعتقال إسرائيلية بعضها تابع للجيش دون أي محاكمات، مثل سدي تيمان وعوفر وغيرها.
  • لكن في يناير/كانون الثاني 2025 كشف تقرير لصحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية ولأول مرة عن معتقل سري (لا يعرف مكانه) يسمى "راكيفت"، يحتجز به أعضاء من قوات النخبة لدى حماس، وقوة الرضوان التابعة لحزب الله. وأن هذا الجناح الذي افتتح داخل أحد السجون الإسرائيلية، يُعدّ من أخطر أجنحة مصلحة السجون الإسرائيلية.
  • وحينها، قال مدير السجن بأن "ظروف احتجاز الإرهابيين قاسية، وفقًا للقانون الدولي. حيث يقضون معظم اليوم في الظلام، باستثناء ساعة يوميًا للمشي في ساحة شبه مضاءة والاستحمام لمدة سبع دقائق. كل زنزانة، مُصوّرة على مدار الساعة، تضم ثلاثة معتقلين، بدون نوافذ"، ولم يتم حينها تقديم المزيد من التفاصيل حول هذا المعتقل السري وموقعه.
  • لكن هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، كشفت يوم الاثنين 22 يوليو/تموز 2025، عن تفاصيل جديدة عن معتقل سري داخل سجن أيالون جنوب شرق تل أبيب، يُحتجز فيه بالدرجة الأولى عناصر من حركة حماس و"حزب الله" في ظروف مروعة، ولا يمكن لأحد دخول هذا المكان الأكثر سرية.
  • بحسب هيئة البث، "يُحتجز في الجناح، الذي افتُتح قبل نحو عام، عشرات من عناصر 'النخبة' التابعين لحماس والوحدة البحرية الخاصة". كما يُحتجز في "راكيفت" أيضاً "عناصر من 'قوة الرضوان' التابعة لحزب الله، ممَّن اعتُقلوا خلال عمليات الجيش الإسرائيلي على الجبهة اللبنانية".
  • تقول وسائل إعلام إسرائيلية، إن هذا "الجناح السري داخل السجن يسمى "راكيفت" (وهي كلمة عبرية تعني الصندوق بحسب المحامي الفلسطيني خالد محاجنة)، هو منشأة شديدة السرية والتحصين تحت الأرض ومحاطة بكاميرات مراقبة متقدمة وتدابير أمنية صارمة".
  • يقول المسؤول الإسرائيلي عن هذا السجن لهيئة البث، إن "هذا الجناح يُدار كنموذج تجريبي، وهو أول وحدة من نوعها بمصلحة السجون، ويستخدم الحراس فيه بطاقات تعريف برقم فقط، دون ذكر الأسماء، حفاظا على سريتهم". ووفق هيئة البث، "يُحتجز المعتقلون في زنازين مغلقة لمدة 23 ساعة يومياً، ويسمح لهم في الساعة المتبقية الخروج إلى ساحة صغيرة أسمنتية مغلقة، تمرّ بها أشعة شمس محدودة".
  • تقول هيئة البث إن "المعتقلين يُمنعون من الحديث مع بعضهم خلال هذه الساعة، التي تشمل الاستحمام والتمشي، وعلى جدران الساحة صور كبيرة لدمار غزة يراها المعتقلون بوضوح"، كتب عليها بالعربية "غزة الجديدة".
  • وفق هيئة البث، "لا يُسمح لأي معتقل بالخروج من الجناح لأي غرض، سواء لمقابلة محامٍ أو لتلقي العلاج الطبي أو للمشاركة في جلسة محكمة، فكل شيء يُنفذ داخل الجناح".

إيتمار بن غفير افتتح "راكيفت" وتوعد الأسرى بالإعدام

  • في يناير/كانون الثاني، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية صوراً لوزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير خلال زيارته لهذا المعتقل السري، وقد تباهى حينها بالظروف المشددة التي يعيش بها الأسرى داخل هذا المعتقل.
  • وتقول وسائل إعلام الاحتلال، إن الوزير المتطرف ابن غفير، أمر بعد السابع من أكتوبر 2023، مصلحة السجون الإسرائيلية، بتجهيز معتقل سري "راكفيت" لاستيعاب عشرات الأسرى من حماس ولاحقاً حزب الله، على أن يخضع هذا المعتقل السري لتحصين شديد وأنظمة رقمية متطورة تتيح التحكم عن بُعد في البنية التحتية للكهرباء والماء والمساجين.
  • وخلال تلك الزيارة للمعتقل السري، قال بن غفير: "ليس سراً أنني أؤيد عقوبة الإعدام للإرهابيين. أعتقد أن هؤلاء الحثالة البشرية لا ينبغي أن يروا النور، ولكن إلى أن يُحكم على الإرهابيين بالإعدام، فهذا هو مكانهم الطبيعي تحت الأرض"، على حد وصفه.

أسرى "راكيفت" في رعب شديد وعزلة تامة عن العالم 

  • وفي ظل السرية والمعلومات المحدودة التي تحيط بهذا المعتقل، أكدت مسؤولة الإعلام بنادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة أن الأسرى الفلسطينيين في قسم "راكيفت" بسجن أيالون وسط إسرائيل يعيشون في "رعب شديد" ويعانون "ظروفا صعبة للغاية وعزلة تامة عن العالم الخارجي". 
  • وقالت سراحنة لوكالة الأناضول إنه "منذ بداية حرب الإبادة قمنا بزيارات عدة لهذا القسم، وفعليا كانت أصعب الزيارات التي قامت بها الطواقم القانونية". وأوضحت أن "هناك صعوبة بالغة في الحصول على معلومات من المعتقلين خلال الزيارة؛ جراء الرقابة المشددة على كل كلمة تصدر من المعتقل أو المحامي.. واضح أن هناك رعب شديد، وهذا ظاهر بوضوح على أوجه المعتقلين"، كما أردفت سراحنة.
  • وفي التفاصيل، تقول مسؤولة الإعلام بنادي الأسير الفلسطيني إنه "كان هناك أسئلة حول ظروف المعتقل، لكن كانت التفاصيل ضئيلة جداً بما يخص ظروف الاعتقال في هذا القسم الواقع تحت الأرض. نتحدث عن صعوبات بالغة أيضاً في التنسيق للزيارات والاطلاع على تفاصيل أكثر حول ما يعانيه المعتقل". سراحنة استدركت: "ولكن من كل الظروف، بما فيها ظروف الزيارة التي تمت لهذا القسم، كان واضحاً أن هناك ظروفاً صعبة جداً". وشددت على أن "المعلومات لا تزال ضئيلة حول هذا القسم، وحتى خلال الزيارة بقي السجان موجوداً في الغرفة".
  • ​​​​​​​ووفق سراحنة، يوجد أسرى من غزة ولبنان في معسكرات إسرائيلية أخرى، وبعضهم في معتقل ومعسكر عوفر غرب رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة. وقالت إن "الإجراءات على كافة معتقلي غزة شديدة جدا وصعبة للغاية. رقابة عالية". وتابعت: "في إحدى الزيارات لهذا القسم ذكر أحد المعتقلين أنه ليس لديهم قدرة على معرفة الوقت. فقدان تام للزمن. ويُسمح لهم بالخروج لساحة الفورة (التريض) ساعة واحدة، وهي تحت الأرض ولا يعلمون متى تغرب الشمس ومتى تشرق".
  • سراحنة أضافت أن "أحد المعتقلين عند زيارته كان لديه شكوك أن الزائر محامٍ. لكنه انهار باكيا بعد أن أخبره المحامي معلومات عن عائلته التي كان (قد) أُخبر (من الاحتلال على غير الحقيقة) أنها قُتلت". وتابعت: "حينها تدخل السجان، ومنع إعطاء أي معلومة عن عائلات الأسرى". تقول سراحنة: "إدارة السجون تعمل قدر الإمكان على فصل المعتقلين عن العالم الخارجي، وتتشدد في نقل أي معلوم خاصة بعائلاتهم". وقالت إن "الضباط يزودون المعتقلين بمعلومات عن عائلاتهم غير صحيحة".

ماذا نعرف عن سجن أيالون الذي يحتوي على جناح "راكفيت" السري؟

  • هو سجن قديم أنشأته بريطانيا عام 1934 خلال فترة الانتداب على فلسطين. ومنذ عام 1953 بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدام قسم منه لاحتجاز الفدائيين الفلسطينيين.
  • تحوّل أيالون إلى سجن مركزي عام 1967، وأُطلق عليه حينها اسم "معتقل أيالون" واحتجز فيه المعتقلون الجنائيون الإسرائيليون، إضافة إلى الأسرى الفلسطينيين من منطقة القدس خاصة.
  • ألحق بالسجن قسم خاص بالنساء عام 1968، أُطلق عليه "سجن نفي تيرتسا" ضم -إلى جانب المعتقلات الجنائيات الإسرائيليات- أسيرات فلسطينيات. وعام 1978 تم توسيع السجن بإضافة جناح جديد حمل اسم "معتقل نيتسان".
تحميل المزيد