“بقاؤه السياسي أهم”.. 6 مشاهد تُظهر كيف أطال نتنياهو أمد الحرب في غزة من أجل استمراره بالحكم

عربي بوست
تم النشر: 2025/07/12 الساعة 11:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/07/12 الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/رويترز

كشف تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية كيف تعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إطالة أمد الحرب في غزة من أجل بقائه السياسي، وكيف أجهض فرص التوصل إلى صفقة لوقف الحرب وسط تهديدات أعضاء حكومته من وزراء اليمين المتطرف بإسقاط الحكومة في حال تم التوافق على هدنة مع حماس.

وقال التحقيق: "يعتقد الكثيرون بشكل متزايد أن إسرائيل كان بإمكانها التوصل إلى اتفاق مبكر لإنهاء الحرب، ويتهمون نتنياهو – الذي يتمتع بالسلطة المطلقة على الاستراتيجية العسكرية لإسرائيل – بمنع التوصل إلى هذا الاتفاق".

وأضاف: "وجدنا أنه في المراحل الرئيسية من الحرب، أدت قرارات نتنياهو إلى إطالة أمد القتال في غزة لفترة أطول مما اعتبرته القيادة العسكرية الإسرائيلية العليا ضرورياً".

وتابع: "لقد واصل الحرب في أبريل/نيسان ويوليو/تموز 2024، حتى عندما أخبره كبار الجنرالات أنه لا توجد ميزة عسكرية أخرى للاستمرار. وعندما بدا أن الزخم نحو وقف إطلاق النار يتزايد، نسب نتنياهو أهمية مفاجئة للأهداف العسكرية التي بدا في السابق أقل اهتماماً بالسعي إليها، مثل الاستيلاء على مدينة رفح الجنوبية واحتلال الحدود بين غزة ومصر لاحقاً. وعندما تم التوصل أخيراً إلى وقف إطلاق نار ممتد في يناير/كانون الثاني، انتهك الهدنة في مارس/آذار جزئياً للحفاظ على ائتلافه سليماً".

وراجع التحقيق، الذي استند إلى مقابلات مع أكثر من 100 من المسؤولين في الولايات المتحدة وإسرائيل والعالم العربي، عشرات الوثائق، بما في ذلك محاضر اجتماعات الحكومة، والاتصالات بين المسؤولين، وسجلات المفاوضات، وخطط الحرب، وتقييمات الاستخبارات وسجلات المحاكم.

ولم يكن التحقيق الذي نشرته الصحيفة الأمريكية الأول من نوعه الذي يشير إلى أن نتنياهو أفشل محاولات الوصول إلى صفقة لإنهاء الحرب في القطاع الفلسطيني المحاصر، حيث كانت صحيفة هآرتس العبرية نشرت تقريراً مماثلاً في يوليو/تموز 2024.

يأتي ذلك بينما تزعم إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة مراراً وتكراراً بأن حماس هي من تقف عقبة أمام التوصل إلى تسوية بشأن الحرب في غزة، وهو ما تنفيه الحركة دوماً بشكل قاطع.

حماس
القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" خليل الحية/مواقع التواصل

كيف أطال نتنياهو أمد الحرب في غزة من أجل بقائه السياسي؟

استعرض تحقيق نيويورك تايمز عدداً من المشاهد التي تعكس حرص نتنياهو على بقاء ائتلافه السياسي قائماً حتى على حساب إطالة أمد الحرب في غزة، والتي توافق بعضاً منها مع ما رصدته صحيفة هآرتس العبرية، ومن أبرز هذه المشاهد:

1- أكتوبر/تشرين الأول 2023:

  • بعد أن شنّت إسرائيل اجتياحاً برياً لقطاع غزة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ضغطت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، وكبار القادة الإسرائيليين على نتنياهو لبدء التخطيط لكيفية حكم غزة بعد هزيمة حماس. 
  • ومع ذلك، تجنب نتنياهو مراراً وتكراراً في اجتماعاته مع المسؤولين الأمريكيين مناقشة تفاصيل خطته النهائية في غزة. 
  • وعندما التقى مسؤولون دبلوماسيون ودفاعيون أمريكيون متوسطو المستوى بنظرائهم الإسرائيليين، وجدوا أن الحكومة الإسرائيلية منعت الإسرائيليين من مناقشة مستقبل غزة على المدى الطويل.
  • وفي جلسات خاصة، قال الإسرائيليون إن نتنياهو يخشى أن تُزعزع هذه الخطط استقرار ائتلافه، وفقاً لنيويورك تايمز. 
  • فالحديث عن خطط ما بعد الحرب يعني مناقشة بدائل فلسطينية لحماس. لكن وزراء مثل وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، ايتمار بن غفير، رفضوا إعادة غزة إلى أي شكل من أشكال السيطرة الفلسطينية. 
  • وقال إيلان غولدنبرغ، مستشار نائبة الرئيس كامالا هاريس لشؤون الشرق الأوسط، والذي شارك في تلك المحادثات: "لم يكن نتنياهو مهتماً بإجراء محادثات جادة تتعلق باليوم التالي. وكان يمنع نظامه بأكمله من القيام بذلك لأنه كان يعلم أن ذلك سيفرض نوعاً من المحادثات حول سيطرة فلسطينية طويلة الأمد على غزة، مما قد يُسقط هذا الائتلاف".

2- أبريل/نيسان 2024:

  • ألغى نتنياهو اتفاق هدنة في غزة كان من شأنه أن يضمن إطلاق سراح ما لا يقل عن 30 من الرهائن الإسرائيليين بسبب تهديد سموتريتش بإسقاط الحكومة.
  • وبحسب نيويورك تايمز، فإن اقتراح الهدنة في غزة الذي أجهضه نتنياهو في أبريل/نيسان من العام الماضي كان سيخلق فرصة لإنهاء الحرب بشكل دائم  وإطلاق سراح الرهائن المتبقين، على غرار الاتفاق الذي يجري مناقشته حالياً ضمن محادثات الدوحة.
  • وذكرت نيويورك تايمز أن المضي قدماً في الاتفاق كان من شأنه أن يزيد من فرص التوصل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية التي كانت تبدي استعدادها لتسريع محادثات السلام مع إسرائيل إذا انتهت الحرب على غزة.
  • ولكن إنهاء الحرب في ذلك الوقت كان يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو، التي تضم وزراء من تيار اليمين المتطرف بقيادة سموتريتش وبن غفير، والذي كان يسعى إلى إنشاء مستوطنات في غزة وتطهير القطاع من أكبر عدد ممكن من سكانه الفلسطينيين.
  • وأبقى نتنياهو خطة الهدنة بعيدة عن حكومته حتى اللحظة الأخيرة، على أمل تمريرها في اجتماع مجلس الوزراء قبل أن يتوفر لشركائه في الائتلاف اليميني المتطرف الوقت الكافي لتنسيق رد بشأنها.
  • وقال التحقيق: "بينما كان مجلس الوزراء يناقش مسائل أخرى، سارع أحد مساعدي نتنياهو إلى قاعة الاجتماعات حاملاً وثيقة تُلخص موقف إسرائيل التفاوضي الجديد، ووضعها بهدوء أمام نتنياهو. قرأها قراءة أخيرة، مُعلقاً على نقاط مُختلفة بقلمه. وكان الطريق إلى الهدنة محفوفاً بالمخاطر، لكنه بدا مُستعداً للمضي قدماً".
  • ولكن قبل أن يتمكن نتنياهو من عرض الاتفاق، دخل سموتريتش الغرفة وأعلن أنه "إذا تم طرح اتفاقية استسلام كهذه، فلن يكون لديك حكومة بعد الآن"، حسبما نقلت الصحيفة الأمريكية عن محاضر اجتماع مجلس الوزراء.
  • وبعد أن أثار رد سموتريتش استياء نتنياهو، اضطر رئيس الوزراء للاختيار بين فرصة الهدنة وبقائه السياسي، وأكد لوزير المالية أن مثل هذه الخطة غير مطروحة على الطاولة.
  • ثم همس رئيس الوزراء بهدوء لمستشاريه الأمنيين قائلاً: "لا تعرضوا الخطة".
إنهاء الحرب على غزة
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش مع نتنياهو/ رويترز

3- يوليو/تموز 2024:

  • وخلال المفاوضات التي جرت في شهر يوليو/تموز في روما، وقبل أن يتم تقديم المطالب الإسرائيلية الجديدة رسمياً، كان فريق التفاوض الإسرائيلي يجري محادثات مع الوسطاء حول انسحاب الجيش الإسرائيلي من ممر فيلادلفيا وتركيب آليات أمنية لمنع تهريب الأسلحة من مصر إلى غزة، وفقاً لأحد المسؤولين.
  • إلا أن الوسطاء فوجئوا بسماع نتنياهو بعد ذلك يتحدث علناً عن الحاجة إلى بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أجل غير مسمى في الممر.
  • ونقلت تقارير عن مسؤول قوله إن "المفاوضين الإسرائيليين كانوا يقولون للوسطاء شيئاً ما في الغرفة، ثم يقول نتنياهو العكس علناً".
  • وقال مسؤولون أيضاً آنذاك إنه في حين شعر الوسطاء في الربيع بأن حماس هي العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق، فإن الإجماع الحالي هو أن نتنياهو أصبح العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق.

4- أغسطس/آب 2024: 

  • وخلال المفاوضات التي جرت في أغسطس/آب 2024، ذكرت تقارير نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين كبار أن نتنياهو رفض منح مفاوضيه مساحة كافية للتوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى في غزة ووقف إطلاق النار، رغم تصريحاته مع وزير الخارجية الأمريكي السابق، أنتوني بلينكن، بأنه ملتزم بالتوصل إلى اتفاق.
  • وقبل يومين من عقد جولة مفاوضات في منتصف أغسطس/آب في الدوحة، كشفت وثائق استعرضتها صحيفة نيويورك تايمز أن إسرائيل كانت أقل مرونة في محادثات وقف إطلاق النار. 
  • ووفقاً للوثائق، فقد أضافت إسرائيل قائمة بشروط جديدة في أواخر شهر يوليو/تموز إلى وسطاء أمريكيين ومصريين وقطريين.
  • وأوضحت الوثائق أن المناورات التي قامت بها حكومة نتنياهو خلف الكواليس كانت واسعة النطاق، وتشير إلى أن التوصل إلى اتفاق قد يكون بعيد المنال.
حي سكني بمحيط مستشفى
خيام النازحين في مدينة رفح/ رويترز

5- مارس/آذار 2025:

  • وبحلول مارس/آذار 2025، تغيرت حسابات نتنياهو السياسية مجدداً. وهدد أعضاء الائتلاف اليهودي المتشدد بإسقاط الحكومة، غاضبين من عدم تقديم تنازلات لمجتمعهم في الميزانية الوطنية الجديدة. 
  • فيما عرض بن غفير العودة للحكومة بعدما كان قد استقال منها في أعقاب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة في يناير/كانون الثاني 2025، للحفاظ على تحالف نتنياهو، شريطة استئناف الحرب. 
  • وفي 18 مارس/أذار 2025، شنّ سلاح الجو الإسرائيلي قصفاً مكثفاً على غزة، منتهكاً بذلك وقف إطلاق النار. وفي اليوم التالي، عاد بن غفير إلى الائتلاف وأُقرّت ميزانية نتنياهو لتنجو الحكومة وتستمر الحرب، وفق ما ذكرت نيويورك تايمز.

6- يونيو/حزيران 2025

  • وفي يونيو/حزيران، بدا أن جهود نتنياهو للحفاظ على ائتلافه في السلطة قد فشلت عندما بدا أن شركائه في الائتلاف من المتشددين الدينيين على وشك الإطاحة بالحكومة.
  • وقد أثارت مسألة إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية غضب الأحزاب المتشددة، إذ لم تقم الحكومة بعد بإقرار قانون ينظم ذلك، بعد مرور عام على حكم المحكمة العليا بأن إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية ليس له أساس قانوني.
  • وفي التاسع من يونيو/حزيران، وقبل يومين من التصويت على مشروع قانون مدعوم من المعارضة لحل الكنيست والدعوة إلى انتخابات مبكرة، استدعى نتنياهو موشيه غافني ــ الذي يقود فصيل "ديجل هاتورا" في حزب "يهودت هتوراة المتحدة" الأرثوذكسي المتطرف ــ لحضور اجتماع في مقر جيش الاحتلال الإسرائيلي في تل أبيب.
  • وفي بداية الاجتماع، طلب نتنياهو من غافني التوقيع على اتفاقية سرية، وبعد ذلك تم إعطاؤه تفاصيل الهجوم الإسرائيلي المخطط له على الأهداف النووية والعسكرية الإيرانية، والذي سيتم إطلاقه بعد أربعة أيام، في 13 يونيو/حزيران.
  • وبحسب نيويورك تايمز، غادر غافني الاجتماع وهو يشتبه في أن نتنياهو ربما كان يحاول التلاعب به للتخلي عن التهديد بحل الحكومة، لكنه كان قلقاً أيضاً من أنه إذا تم تمرير مشروع القانون، فقد يتعارض مع العملية الإسرائيلية المخطط لها في إيران.
  • وفي نهاية المطاف، سحب فصيل "ديجل هاتوراه" دعمه لمشروع القانون الهادف إلى حل الكنيست، والذي فشل في جمع الأصوات الكافية للموافقة عليه.
  • وقال إسرائيل كوهين، معلق إذاعي من أتباع التيار الحريدي ومقرب من غافني: "كانت خطة ضرب إيران هي الشيء الوحيد الذي منع الحريديم من حل الحكومة. وكان بيبي يعلم ذلك".
من يُسّلح إسرائيل
قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي/shutterstock

تحميل المزيد