مهاجر مسلم يقترب من عمدة نيويورك.. لماذا تخشى إسرائيل صعود زهران ممداني؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/06/26 الساعة 17:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/06/26 الساعة 17:41 بتوقيت غرينتش
عربي بوست

في سابقة سياسية في الولايات المتحدة، وبينما الإبادة الجماعية في غزة لا تزال مستمرة بدعم أمريكي، فاز زهران كوامي ممداني، المرشح الاشتراكي المسلم والمهاجر من أوغندا، بالانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في سباق عمدة نيويورك، يوم الثلاثاء 25 يونيو/حزيران 2025.

حين أطلق حملته، لم يكن اسمه مطروحاً بين المرشحين الأقوياء. لكن بعد شهور من تنظيم شعبي غير مسبوق، وجهد ميداني قاده أكثر من 40 ألف متطوع، تمكّن مامداني من انتزاع فوز ساحق على الحاكم السابق أندرو كومو، الداعم لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمسنود بملايين الدولارات من أثرياء المدينة ونفوذ المؤسسة السياسية، ليضطر إلى الإقرار بالهزيمة قبل منتصف الليل.

بفوزه في الانتخابات التمهيدية، يكون زهران ممداني قد حقق اختراقاً سياسياً نادراً في قلب السلطة المحلية لنيويورك. وهو ما أثار القلق في تل أبيب؛ فالمسألة لا تتعلق فقط بكون مسلم يتقدّم بثبات نحو منصب عمدة واحدة من أهم المدن في الولايات المتحدة — في ولاية زرقاء عادةً ما تعني فيها نتائج الانتخابات التمهيدية الديمقراطية الفوز النهائي في اقتراع الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني القادم — بل لأن هذا الشاب اليساري لا يتردد في رفع صوته دفاعاً عن أبسط حقوق الفلسطينيين، دون مواربة، وبنبرة لم يعهدها الخطاب السياسي الأمريكي منذ عقود.

فمن هو زهران ممداني؟ ولماذا يبدو أن صعوده من أحياء كوينز إلى مشارف مكتب العمدة في سيتي هول، لم يُرعب فقط وول ستريت وملاك العقارات، بل دوائر النفوذ الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة نفسها؟

يساري مناصر لفلسطين

وُلد زهران مامداني في أوغندا لعائلة مثقفة من أصول جنوب آسيوية؛ والده هو أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة كولومبيا محمود مامداني، وأمه المخرجة السينمائية الهندية الشهيرة ميرا ناير. وُلد مامداني عام 1991 في العاصمة الأوغندية كامبالا لعائلة هندية الأصل، وانتقل إلى نيويورك مع أسرته وهو في السابعة من عمره، حيث نشأ في بيئة متعددة الثقافات، مشبعة بأسئلة العدالة، والانتماء، والهوية، وهي الأسئلة التي يبدو أنها شكّلت بوصلته السياسية والأخلاقية، وحصل على الجنسية الأمريكية عام 2018.

بدأ زهران ممداني نشاطه السياسي في سنوات دراسته الجامعية، حين أسس فرعاً لمنظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، وهو ما شكّل انطلاقة مبكرة لمسار التزامه بقضايا العدالة العالمية. وقد بنى تحالفاً متحمساً من شباب نيويورك التقدميين، المؤيدين للفلسطينيين بلا خجل، بالإضافة إلى المهاجرين والعديد من مسلمي المدينة، البالغ عددهم حوالي 800 ألف نسمة. بعد تخرجه، انخرط سريعاً في العمل الميداني، مشاركاً في حملات لإصلاح قوانين السكن، وإلغاء ديون الطلاب، وتنظيم المجتمعات المهمشة.

زهران ممداني - رويترز
زهران ممداني – رويترز

في عام 2020، انتُخب ممثلاً عن منطقة أستوريا في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك، ضمن موجة من المرشحين الشباب الذين انضموا إلى منظمة الديمقراطيين الاشتراكيين في أمريكا (DSA) عقب حملة بيرني ساندرز الرئاسية الملهمة، وانتخاب دونالد ترامب الذي شكّل صدمة سياسية للجيل الجديد من التقدميين. جاء فوز ممداني في أوج جائحة كوفيد-19، وتزامن مع اتساع حركة "حياة السود مهمة"، ما عزز حضوره السياسي كجزء من جيل جديد يسعى إلى تغيير جذري في بنية السلطة.

برز ممداني كأحد أبرز الأصوات اليسارية في الولاية، وخاصة في دعمه العلني والمستمر للقضية الفلسطينية. لم يكتفِ بالخطابات، بل خاض إضراباً عن الطعام تضامناً مع سائقي سيارات الأجرة المثقلين بالديون، وقدم مشروع قانون يطالب بوقف دعم ولاية نيويورك للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، كما شارك في فعاليات مناصرة لفلسطين في نيويورك، وصوّت لاحقاً ضد تشريعات يرى أنها تقيّد حرية التعبير الداعمة لحركة المقاطعة "بي دي إس".

لماذا تخشى إسرائيل من فوزه؟

شجاعته السياسية في تبني مواقف صريحة بشأن فلسطين لم تخفت حدّتها مع إعلان ترشحه، فبدون مواربة وصف ما يحدث في غزة بـ"الإبادة الجماعية"، وطالب بوقف الدعم للشرطة المتعاونة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وصوّت ضد قوانين تقيّد حركة المقاطعة. بل تعهّد ممداني، حال فوزه، باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا وطئت قدماه المدينة، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب.

وبينما يتوعّد ممداني بمحاسبة مجرمي الحرب، ينخرط منافسه في حمايتهم؛ فالحاكم السابق أندرو كومو — الذي استقال من منصبه عام 2021 بعد فضائح تحرش جنسي — قد انضم إلى الفريق القانوني للدفاع عن نتنياهو نفسه، المطلوب بموجب مذكرة توقيف دولية.

هذه المواقف وضعته في مرمى نيران اللوبيات الموالية لإسرائيل، التي حاولت، بكل الطرق، تحويل سباق العمدة إلى استفتاء على موقفه من إسرائيل. لقد وصل الأمر، كما وصفت صحيفة الغارديان، إلى أن "تحوّل السباق إلى نوع من الحرب بالوكالة بين إسرائيل وفلسطين، رغم رغبة الناخبين من الجانبين في إبقاء التركيز على القضايا المحلية." في كل مناظرة، كان السؤال الوحيد الموجَّه له يدور حول موقفه من زيارة إسرائيل، أو من "حقها في الوجود"، بينما تجاهلت نفس الجهات مواقفه من القضايا اليومية التي تهم سكان نيويورك.

وفي إحدى المقابلات، سُئل ممداني مباشرةً عمّا إذا كان سيزور إسرائيل كعمدة، بينما سُئل بقية المرشحين عن أولوياتهم المحلية. أجاب: "لست بحاجة إلى السفر إلى إسرائيل للدفاع عن يهود نيويورك". وعندما سُئل عن "حق إسرائيل في الوجود"، قال: "أؤمن بأن لإسرائيل الحق في الوجود كدولة تقوم على المساواة في الحقوق… أؤمن بأن كل دولة يجب أن تكون دولة مساواة في الحقوق."

أثارت إجاباته في آنٍ واحد موجة من الثناء والانتقاد، حتى من بعض اليساريين الذين رأوا في اعترافه بإسرائيل، ولو مشروطاً، نوعاً من التنازل. ومع ذلك، سرعان ما استُخدمت تلك التصريحات سلاحاً ضده، في سياق اتهامات معتادة ومكرّرة بـ"معاداة السامية". فقد اعتبر خصومه أن رفضه الاعتراف بإسرائيل بصيغتها الحالية كدولة عنصرية تُكرّس نظام فصل عنصري.

زهران ممداني - رويترز
زهران ممداني – رويترز

وبدأ كومو بتشويه ومهاجمة ممداني على أنه "خطير" على اليهود، ففي مدينة تضمّ قرابة مليون يهودي، وهي أكبر جالية يهودية خارج إسرائيل، لطالما كان إعلان الولاء لإسرائيل جزءاً شبه تلقائي من خطاب رؤساء بلدية نيويورك السابقين.

حتى إريك آدامز، العمدة الحالي الذي يترشح كمستقل بعد تآكل شعبيته، تبنّى بدوره تعريفاً مثيراً للجدل لمعاداة السامية، وبدأ يروّج لفكرة الترشح ضمن قائمة حزبية تحمل عنواناً تعبويّاً هو "إنهاء معاداة السامية"، في إشارة إلى سعيه لجذب الناخبين عبر خطاب هويّاتي قائم على التخويف لا البرامج.

المبالغة لم تقف عند حدود الخطاب؛ بل وصلت إلى أدوات التشويه، وجرى التلاعب بصوره لإثارة الخوف والشكوك – حيث سُرّب إعلان مُعدّل رقمياً يُظهره ممداني بلحية أكثر كثافة وسواداً، في محاولة مكشوفة لإثارة "الإسلاموفوبيا".

إلى جانب ذلك، شنّت الصحف الإسرائيلية حملة إعلامية على ممداني، مستخدمة لغة درامية تسعى إلى شيطنته، حيث ركزت على تصويره كرمز لليسار المتطرف. وقد تعمّدت هذه التغطيات الخلط بين معارضته للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه في غزة، وبين معاداة السامية، في محاولة لوسم كل نقد للسياسات الإسرائيلية باعتباره عداءً لليهود.

وهكذا، تحوّلت مواقفه المبدئية في رفض العدوان والإبادة إلى تهمة جاهزة، تكشف عن تحالف غير معلن بين بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية وحملات التشويه التي يشنها ساسة أميركيون داعمين للاحتلال، بهدف نزع الشرعية عن أي صوت يُجاهر بالانتصار للعدالة الفلسطينية.

لكن، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية، الحرب على غزة قلبت المعادلة، وقلبت ما كان يُعد من المسلّمات السياسية. فالموقف الصريح الذي اتخذه زهران ممداني دعماً للفلسطينيين — والذي كان من شأنه في السابق كفيلاً بنسف حظوظه وطموحه السياسي — ساعده هذه المرة على تحفيز قاعدة جماهيرية واسعة.

ورغم الاتهامات المتكررة ومحاولات التشويه، ظل ممداني ثابتاً على مواقفه، لم يتراجع خطوة، بل تضاعفت شعبيته مع كل هجمة ضده. وعلى الرغم من أن بعض استطلاعات الرأي أظهرت تفوّقاً لكومو، إلا أن نتائج التصويت سارت في اتجاه معاكس تماماً، فبحلول صباح الأربعاء، وبعد فرز 93% من الأصوات، كان في الصدارة بنسبة 44%، مقابل 36% لأندرو كومو.

وبالنظر إلى طبيعة نظام التصويت التفضيلي المعتمد في المدينة، ومع توجّه كتلة كبيرة من مؤيدي المرشح الثالث، براد لاندر، لصالح ممداني، بدا واضحاً منذ الساعات الأولى أن النتيجة حُسمت لصالحه. وبالفعل، اعترف كومو بالهزيمة قبل منتصف الليل. ويُذكر أن الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي هذا العام شهدت تنافس 11 مرشحاً على منصب عمدة مدينة نيويورك، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

ترامب يهاجم زهران ويصفه بالمتطرف

في ذروة الزخم الذي أحدثه فوز زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة نيويورك، سارع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى مهاجمته بلغة حادة وشخصية، على طريقته المعهودة. ففي منشور على منصته "تروث سوشال"، وصف ممداني بأنه "شيوعي مهووس تماماً"، مضيفاً: "تجاوز الديمقراطيون الحدود… مظهره بشع، صوته مزعج، ليس ذكياً… جميع الحمقى يدعمونه."

تغريدة تساوي المليارات.. هل قدم ترامب هدية لأصدقائه أم رضخ لغضبهم؟
الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في البيت الأبيض – shutterstock

ويرى مراقبون أن هذا الهجوم يعكس قلق المؤسسة المحافظة من الصعود اللافت لمرشح تقدمي يساري يتحدّى الخطوط التقليدية للسياسة الأمريكية، لا سيما في ملف السياسة الخارجية. فممداني، المعروف برفضه الجريء للتدخلات العسكرية الأمريكية، لم يتبنَّ خطاباً مهادناً رغم حساسية اللحظة السياسية. وعلى الرغم من أن كثيرين كانوا يتوقعون أن يتحلى مرشح بحجم ممداني، الساعي إلى تحقيق نصر انتخابي محوري للمدينة ولتيار اليسار التقدمي، بشيء من الحذر في التعامل مع تصعيد قرار رئاسي بهذا الحجم، فقد اختار أن يعبّر عن موقفه بوضوح وصرامة، ووجّه انتقاداً لاذعاً للحرب على إيران التي أطلقها ترامب، واصفاً إياها بأنها "تصعيد غير دستوري يفتح فصلاً مظلماً جديداً من خيانات ترامب التي لا تنتهي." وفي خطاب له، أضاف: "ترشح ترامب للرئاسة واعداً بإنهاء الحروب، لا بإشعال حروب جديدة… والآن يهدد بإغراق العالم في فوضى عارمة."

كيف هزم ممداني كومو… ولماذا يُعد فوزه مهماً؟!

وصفت ليزا فيذرستون، في مجلة جاكوبين الأميركية، فوز زهران ممداني بأنه "انتصار مباشر للشعب على المال" — ذلك النوع من الانتصارات الذي تبذل النخب الرأسمالية قصارى جهدها لإقناع الناس بأنه مستحيل.

فبحسب ليزا، لم يتغلب ممداني على المال كما اعتدنا في بعض الحملات التقدمية فحسب، بل انتصر على تعبئة مالية استثنائية وغير مسبوقة. إذ تذكر ما تلقّته حملة كومو من تمويل ضخم بلغ 25 مليون دولار من بعض أسوأ الجهات الفاعلة في الحياة الأميركية، منها أكثر من 8 ملايين دولار من الملياردير وعمدة مدينة نيويورك السابق مايكل بلومبرغ، و2.5 مليون دولار من مجموعة من مُلّاك العقارات، ومليون دولار من DoorDash، وهو تطبيق لتوصيل الطعام يعتمد بشكل كبير على استغلال العمال ذوي الأجور المنخفضة، ونصف مليون دولار من بيل أكمان، وهو مستثمر تحوطي مؤيد لترامب يحاول تدمير حركة التضامن مع فلسطين في الحرم الجامعي (ومعها، التعليم العالي الأميركي بأكمله) — في المجموع، تضم أكبر لجنة عمل سياسي في تاريخ حملات عمدة مدينة نيويورك.

أما ممداني، كاشتراكي ديمقراطي، فقد خاض حملته بوعد واضح: الاهتمام الحقيقي بالمهمّشين وقضايا الناس. أصرّ على طرح سياسات جريئة تهدف إلى جعل المدينة أكثر عدلاً وقدرة على الاستيعاب، من بينها: توفير النقل العام مجاناً، وتجميد زيادات الإيجارات في الشقق الخاضعة للرقابة، وفرض ضرائب أعلى على ذوي الدخول المرتفعة.

ويشير إريك بلانك، الأستاذ المساعد بجامعة روتجرز، إلى أن ممداني قاد واحدة من أكثر الحملات الانتخابية إلهاماً في تاريخ سباقات العمدة في نيويورك. حيث كان الشباب في صلب هذه الحملة، ولعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في إيصال الرسالة إلى شرائح جديدة من الناخبين. فعلى سبيل المثال، نشر ممداني مقطع فيديو على "إنستغرام" تجاوزت مشاهداته 1.8 مليون، دعا فيه الناس إلى التوقف عن التبرع بالمال والتبرع بوقتهم بدلاً من ذلك. ونجح في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم طلباته وتنظيم مجموعة مخصصة من المتطوعين الذين انخرطوا من خلال حركته عبر الإنترنت ثم نفّذوا تكتيكات حملة واقعية ومجربة وحقيقية.

وقدّرت حملته عدد المتطوعين بـ40,000، انتشروا في أرجاء المدينة، وطرقوا أكثر من مليون باب، ووزعوا منشورات في الشوارع ومراكز الاقتراع المبكر، بل حتى أبحروا في نهر إيست رافعين لافتات الحملة. بينما كانت تجمعاته الانتخابية مفعمة بالحيوية، وإعلاناته الرقمية لافتة ومبتكرة.

بالإضافة إلى ذلك، تشير ليزا إلى أن الأهم من كل ذلك أن ممداني لم يبقَ حبيس دوائر اليسار الجامعي. فلقد اخترق خريطة المدينة السياسية بأكملها، وحقق انتصارات في مناطق مثل سانست بارك وودهافن، وهي أحياء مالت نحو التصويت لترامب في انتخابات 2024. وفي ذلك، ترى ليزا أن ما أنجزه ممداني يمثل برهاناً على أن الشعبوية الاقتصادية — حين تُصاغ بذكاء ومصداقية — هي الوسيلة الأنجع لاستعادة الطبقة العاملة وكسر موجة الترامبية.

إضافة إلى ذلك، تلفت ليزا إلى أن فوز ممداني لم يكن مجرد انتصار انتخابي، بل تكذيب صارخ لرؤية المؤسسة الديمقراطية حول الاحتلال الإسرائيلي وحدود النقد المسموح به. فها هو المرشح الذي تعهّد علناً، خلال مناظراته، باعتقال بنيامين نتنياهو إذا زار نيويورك، والذي أعلن رفضه القيام بزيارة رسمية إلى إسرائيل في حال انتخابه، يتفوّق على محامي نتنياهو نفسه — أندرو كومو، الذي انضم إلى فريق الدفاع عن نتنياهو المتهم بجرائم حرب.

بينما يرى الكاتب برانكو مارسيتيك أن فوز ممداني، إن تحقق في الانتخابات العامة، لن يكون مجرد لحظة رمزية. فهو لن يصبح فقط أول عمدة مسلم في تاريخ مدينة نيويورك، بل سيتحقق ذلك في وقت تتصاعد فيه موجات "الإسلاموفوبيا"، وسيمثّل فوزه، في هذا السياق، تحولاً تاريخياً يحدث بعد خمسة عشر عاماً فقط من اللحظة التي بلغت فيها الإسلاموفوبيا المؤسسية ذروتها في المدينة.

ففي مطلع العقد الثاني من الألفية، كُشف عن برنامج التجسس الصادم الذي نفذته شرطة نيويورك ضد المساجد والمجتمعات المسلمة، وقد تعرّض عدد كبير من الرجال المسلمين في المدينة لحملات استهداف من عملاء فيدراليين، سعت لإيقاعهم في تهم "إرهاب" ملفقة، في واحدة من أكثر الفصول سوداوية في علاقة الدولة بالمجتمع المسلم في أميركا.

تحميل المزيد