إسرائيل تحصي خسائرها.. هذا ما فعلته صواريخ إيران الباليستية باقتصاد تل أبيب

عربي بوست
تم النشر: 2025/06/25 الساعة 12:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/06/25 الساعة 12:59 بتوقيت غرينتش
إسرائيل تحصي خسائرها.. هذا ما فعلته صواريخ إيران الباليستية باقتصاد تل أبيب /عربي بوست

ألحقت الحرب التي بدأتها تل أبيب بشن هجوم ضد إيران، والتي امتدت 12 يوماً، خسائر فادحة باقتصاد إسرائيل، وباتت البلاد تواجه عواقب وخيمة على الصعيدين المدني والاقتصادي وسط تقديرات بأن تبلغ تكلفة الأضرار التي لحقت بالممتلكات حوالي 5 مليار شيكل (حوالي 1.4 مليار دولار).

وشملت الكلفة التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي خسائر في الممتلكات وتراجعاً في النشاط الاقتصادي ومطالبات التعويض عن الأضرار المادية المباشرة، جراء سقوط الصواريخ الإيرانية الباليستية داخل المدن والبلدات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفق وسائل إعلام عبرية.

وتضع هذه التكاليف والخسائر الاقتصاد الإسرائيلي أمام تحديات صعبة، خاصة في ظل استمرار الحرب على غزة، والتي كلفت الاحتلال حوالي 40 مليار دولار حتى نهاية عام 2024 فقط، فيما تلقت قطاعات عديدة، وفي مقدمتها البناء والسياحة والطيران، خسائر فادحة أيضاً منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

نستعرض في هذا التقرير أبرز الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها إسرائيل خلال 12 يوماً من الحرب مع إيران، والتي وضعت أوزارها، الثلاثاء 24 يونيو/حزيران، بعدما توصل الجانبان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة أمريكية قطرية.

أولاً: 39 ألف طلب للتعويض عن أضرار مادية

تلقى صندوق التعويضات في سلطة الضرائب الإسرائيلية نحو 39 ألف طلب للتعويض عن أضرار مادية مباشرة، جراء سقوط صواريخ إيرانية داخل إسرائيل، وفق إعلام عبري.

وبحسب صحيفة كالكاليست الاقتصادية العبرية، تلقى صندوق التعويضات حوالي 38 ألفاً و700 طلب تعويض منذ بداية الحرب الإسرائيلية الإيرانية في 13 يونيو/حزيران الجاري.

ونقلت الصحيفة عن الصندوق أن بين تلك الطلبات 30 ألفاً و809 طلبات تعويض عن أضرار لحقت بمبانٍ مباشرة، و3713 طلباً عن أضرار بمركبات، و4085 طلباً عن أضرار بمعدات وغيرها.

وتابعت: "هناك تقديرات بتضرر آلاف المباني الأخرى، ولم تُقدَّم أي طلبات تعويض عنها حتى الآن".

تل أبيب بعد وصول الصواريخ الإيرانية – رويترز

من جانبه، أفاد الموقع الإلكتروني "بحديري حريديم" العبري، الثلاثاء 24 يونيو/حزيران، بأن أكثر من 24 ألفاً و932 طلباً تم تقديمها في مدينة تل أبيب (وسط) وحدها، تليها مدينة أشكلون (عسقلان/جنوب) 10 آلاف و793 طلباً.

ووفقاً للهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ الإسرائيلية، فقد أكثر من 11 ألف ساكن منازلهم، وتم إجلاء حوالي 10,400 منهم إلى الفنادق، بينما يقيم الباقون مع أقاربهم. وإجمالاً، تضررت أكثر من 30 ألف وحدة سكنية، ومن المقرر هدم حوالي ثلثها بالكامل.

وتُقدَّر تكلفة الأضرار التي لحقت بالممتلكات بنحو أربعة مليارات شيكل، وسط توقعات بأن التكلفة النهائية ستتجاوز 5 مليارات شيكل (1.4 مليار دولار)، أي ضعف تكلفة الأضرار المباشرة جراء الحرب على غزة، والتي بلغت حوالي 2.6 مليار شيكل (750 مليون دولار)، بحسب القناة 13 العبرية.

وقال شاي أهرونوفيتش، مدير سلطة الضرائب، في مؤتمر صحفي، الثلاثاء 24 يونيو/حزيران: "هذه تحديات لم نشهدها من قبل. لم يسبق أن شهد تاريخ دولة إسرائيل مثل هذا القدر من الضرر".

ثانياً: تكاليف غير مباشرة

أضفت المواجهة العسكرية مع طهران مزيداً من الضغوط على الاقتصاد الإسرائيلي، وسط مؤشرات على تباطؤ الاستثمارات وتراجع حركة التجارة والسياحة، فضلاً عن تذبذب أداء سوق المال وتزايد التكاليف الأمنية، وفق تقرير لوكالة الأناضول.

وقال أستاذ العلوم المالية في الجامعة العربية الأمريكية في فلسطين، نصر عبد الكريم، للأناضول، إنه بجانب تكاليف الذخائر العسكرية المستخدمة وتعطل حركات الطيران واعتراض الصواريخ الإيرانية، توجد تكاليف غير مباشرة.

وأرجع هذه التكاليف إلى تعطل الحياة الإنتاجية تقريباً، واضطرار معظم السكان للدخول إلى الملاجئ أكثر من مرة يومياً، ما يحدث نوعاً من التقطع في الإنتاج محلياً.

عبد الكريم رأى أن الحكومة الإسرائيلية أمام ثلاثة خيارات لمواجهة العجز المالي: "إما خفض النفقات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، ما قد يثير احتجاجات شعبية بين الفئات المتضررة، أو رفع الضرائب".

واستطرد: "أو اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، ما قد يدفع نسبة الدين العام لتتجاوز 75% من الناتج المحلي، وهو مستوى غير مسبوق في تاريخ إسرائيل".

مدينة
مدينة "تل أبيب" العاصمة الاقتصادية لدولة الاحتلال/ أرشيفية (رويترز)

ثالثاً: الشيكل

وحول تأثير الحرب على الأسواق المالية، قال عبد الكريم إن الشيكل الإسرائيلي أظهر قدراً من التماسك، حيث عاد إلى مستويات ما قبل الحرب عند 3.50 مقابل الدولار، بعد أن تراجع إلى 3.70 مع بدء الضربات الإيرانية.

وأرجع أمين سر الاتحاد العام للاقتصاديين الفلسطينيين، نصر عطياني، استقرار الشيكل الإسرائيلي في الأيام الأولى من الحرب بشكل رئيسي إلى التدخل المباشر لبنك إسرائيل المركزي.

ولفت إلى أن البنك ضخ نحو 8.5 مليارات دولار في سوق الصرف، لدعم الشيكل مع بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأوضح عطياني للأناضول أن هذا التدخل ساهم في الحفاظ على تماسك الشيكل مقابل الدولار وباقي العملات الأجنبية، رغم الضغوط الناتجة عن تصاعد التوترات الأمنية وانعكاساتها على الأسواق.

وأردف أن "الشيكل لم يُظهر حتى الآن تذبذباً كبيراً في قيمته، لكن استمرار استقراره مرهون بقدرة الحكومة على مواصلة دعمه، وهو أمر يضع عبئاً مالياً متزايداً".

عطياني رأى أن الحفاظ على استقرار الشيكل يُعد أولوية قصوى لصُنّاع القرار في إسرائيل، لكونه العملة الوطنية التي تُقَيَّم بها معظم الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك الأسعار والأجور والمعاملات التجارية.

وشدد على أن أي انهيار في قيمته قد يؤدي إلى اضطرابات تضخمية أوسع تؤثر على الاقتصاد الكلي.

رابعاً: ذعر المستثمرين

    ورداً على الهجوم الإسرائيلي، استهدفت إيران البنية التحتية الحيوية في إسرائيل، وفي مقدمتها مدينة حيفا، رئة الاقتصاد الإسرائيلي.

    وزاد ذلك من الضغوط، إذ أسفرت تلك الهجمات عن توقف مصفاة "بازان" لتكرير النفط، وهي أكبر مصفاة نفط إسرائيلية، ما كبّد اقتصاد البلاد 3 ملايين دولار يومياً، حسب تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.

    كما طالت هجمات طهران مطار بن غوريون قرب تل أبيب (وسط)، ما أدى إلى إغلاقه طوال فترة الحرب، مما يُنذر بمزيد من الخسائر في مطار تستقبل وتُقلع منه نحو 300 رحلة طيران، بمعدل 35 ألف مسافر يومياً.

    وتزامن إغلاق المطار مع نقل شركة "إلعال" للطيران الحكومية الإسرائيلية 48 طائرة إلى قبرص واليونان والولايات المتحدة (خشية استهدافها)، ما قد يترتب عليه تحمّل تكاليف تشغيلية تُقدَّر بنحو 6 ملايين دولار.

    إسرائيل
    خارطة لأهم المنشآت والمصانع الحساسة في ميناء حيفا (عربي بوست)

    كما أن أسواق المال لم تكن بمنأى عن تداعيات التصعيد العسكري، إذ طالت الصواريخ الإيرانية بورصة الألماس الإسرائيلية، في وقت سجلت فيه صادرات البلاد من الماس تراجعاً بنسبة 35% على أساس سنوي خلال عام 2024.

    وتشكل هذه الصناعة 8% من إجمالي صادرات إسرائيل، حسب معهد الماس الإسرائيلي.

    واعتبر عطياني أن مثل هذه الضربات "تثير ذعراً بين المستثمرين، وتدفع المساهمين إلى الانسحاب وبيع أسهمهم بشكل جماعي، ما يُسرّع وتيرة الانهيار ويُهدد الاستقرار الاقتصادي على المدى القريب، ويُلقي بظلاله على مستويات الاستثمار والتشغيل والنمو".

    ورأى أن تحول الحرب إلى استهداف البنية الاقتصادية والمدنية يعكس خروج النزاع عن الطابع العسكري البحت، ليدخل في مرحلة جديدة تستهدف الأعمدة المالية والاقتصادية للدولة.

    وأوضح عطياني أن ذلك يضع الاقتصاد الإسرائيلي أمام تحديات مضاعفة، تتطلب إجراءات عاجلة لإعادة بناء الثقة واستقرار التداول والحركة النقدية.

    خامساً: نقص وشيك بغاز الطهي

    حذرت وزارة الطاقة الإسرائيلية، الأربعاء 25 يونيو/حزيران، من "نقص وشيك" في غاز الطهي بعد تضرر مصفاة بازان في حيفا شمال إسرائيل، إثر الهجمات الصاروخية الإيرانية رداً على هجمات تل أبيب.

    وكانت إسرائيل أقرت بأن صاروخاً أطلق من إيران سبب أضراراً كبيرة لمصفاة بازان التي تعد المصدر الرئيسي للغاز المسال في السوق المحلية الإسرائيلية.

    ونقلت صحيفة كالكاليست عن وزارة الطاقة تحذيرها من أن "الأضرار الجسيمة التي لحقت بمصفاة بازان الأسبوع الماضي، والتي أدت إلى إغلاق جميع الأنشطة في المصفاة، يمكن أن تتسبب في نقص حاد في الغاز الهيدروكربوني المكثف، وغاز البترول المسال (يستخدم في الطهي والوقود وقطاع الصناعة)".

    عائلات الأسرى الإسرائيليين نتنياهو المرحلة الثانية من الصفقة
    رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/رويترز

    وأشارت الصحيفة إلى أن التحذير جاء في رسالة وجهتها الوزارة إلى مديري شركات الغاز في إسرائيل.

    وأضافت: "نتيجة لذلك، أصدرت الوزارة إجراء لتحديد أولويات توزيع الغاز المسال بين مختلف المستهلكين في حالة حدوث نقص".

    ولفتت إلى أن الأولوية في الإمداد بالغاز ستمنح للمستشفيات والمغاسل التي تخدم المستشفيات ودور رعاية المسنين ومرافق المعيشة المساعدة والمخابز ومصانع المواد الغذائية والملاجئ ومصانع التصنيع الأساسية.

    يأتي المستهلكون المحليون سواء في مخازن الغاز المركزي في المباني أو في أسطوانات الغاز في آخر ترتيب أولوية الحصول على الغاز، وفق الصحيفة.

    وقالت: "في حالة وجود نقص فعلي في غاز البترول المسال، ستحصل الفئة الأولى في الأولية على ما يصل إلى 60% من الطلب بشكل روتيني، أما الأولوية الثانية فهي السجون وأقفاص الدجاج والمفرخات والفنادق وخدمات تقديم الطعام الذين سيحصلون على ما يصل إلى 30 في المئة".

    ونقلت "كالكاليست" عن وزير الطاقة إيلي كوهين قوله إن عودة مصفاة بازان للعمل ستستغرق حوالي شهر، حتى تتمكن المنشأة من العودة بكميات تلبي جميع احتياجات الاقتصاد المحلي.

    تحميل المزيد