“خديعة ويتكوف”.. 5 قضايا شائكة في مقترح الهدنة تغضب حماس، والحركة تتجه لتقديم تصور مختلف

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/30 الساعة 13:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/30 الساعة 13:40 بتوقيت غرينتش
مقترح ويتكوف الجديد يختلف عمّا وافقت عنه حركة حماس/ عربي بوست

تفاجأت حركة حماس بمقترح جديد قدّمه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، يبتعد في جوهره عن الورقة التي قدّمها الوسيط الأمريكي ذاته إلى الحركة ووافقت عليها، وسط مخاوف من أن مقترح الهدنة قد لا يفضي إلى إنهاء الحرب، واستمرار الاحتلال في إبادته لقطاع غزة.

وأعلنت حركة حماس، الخميس 29 مايو/أيار 2025، أنها استلمت من الوسطاء مقترح ويتكوف الجديد، وتقوم بدراسته بمسؤولية وبما يحقق مصالح الشعب الفلسطيني وتحقيق وقف إطلاق النار الدائم في القطاع.

فيما اعتبر عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم أن الورقة الجديدة من ويتكوف هي الرد الإسرائيلي على المقترح الذي توافقت عليه مع ويتكوف الأسبوع الماضي.

وأضاف نعيم في تدوينة على "فيسبوك" أن الرد في جوهره تأييد الاحتلال واستمرار القتل والمجاعة، ولا يستجيب لأي من مطالب الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها وقف الحرب والمجاعة، مؤكداً أن حركته تدرس الرد على المقترح بكل مسؤولية وطنية.

وتقول مصادر لـ"عربي بوست" إن مقترح الهدنة الجديد صاغه وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر خلال لقائه ويتكوف قبل أيام.

وأكدت مصادر لـ"عربي بوست" أن الحركة تتجه للرد على مقترح الهدنة الجديد، في إطار صياغة مبادرة جديدة تُلغي المقترح الذي تصفه بالرد الإسرائيلي على المقترح الذي وافقت عليه.

ماذا يتضمن مقترح ويتكوف الجديد؟

  • وقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً، يضمن الرئيس ترامب التزام الاحتلال بوقف إطلاق النار خلال الفترة المتفق عليها.
  • إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء وجثمان 18 أسيراً، في اليومين الأول والسابع، مقابل 180 أسيراً فلسطينياً محكوماً عليهم بالمؤبد، و1111 أسيراً من قطاع غزة اعتقلوا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وجثامين 180 فلسطينياً من قطاع غزة.
  • إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دون عروض أو مراسم علنية.
  • في اليوم العاشر، تقدم حركة حماس معلومات كاملة عن الأسرى الإسرائيليين المتبقين، مقابل تقديم إسرائيل معلومات كاملة عن الأسرى المعتقلين في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعدد الشهداء المحتجزين منهم.
  • تلتزم حركة حماس بضمان صحة و"رفاهية" وأمن الأسرى الإسرائيليين المتبقين خلال فترة وقف إطلاق النار.
  • إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة فور موافقة حماس على الاتفاق، وسيتم توزيع المساعدات عبر "قنوات متفق عليها"، بما فيها الأمم المتحدة والهلال الأحمر.
  • تتوقف جميع الأنشطة العسكرية الهجومية الإسرائيلية في غزة عند دخول الاتفاقية حيز النفاذ.
المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف/ رويترز
المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف/ رويترز
  • خلال فترة وقف إطلاق النار، يوقف الطيران الجوي (العسكري والاستطلاعي) في قطاع غزة لمدة 10 ساعات يوميا، و12 ساعة يوميا خلال أيام تبادل الأسرى.
  • في اليوم الأول، بعد إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين (5 أحياء و9 أموات)، يتم إعادة انتشار القوات الإسرائيلية في الجزء الشمالي من قطاع غزة وفي ممر نتساريم، وعلى أساس خرائط يُتفق عليها.
  • في اليوم السابع، بعد إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين (5 أحياء و9 أموات)، يتم إعادة الانتشار في الجزء الجنوبي من قطاع غزة، بناء على خرائط يُتفق عليها.

ماذا يتضمن مقترح الهدنة الجديد بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار الدائم؟

بحسب مقترح الهدنة الجديد، فإن مفاوضات وقف إطلاق النار ستبدأ في اليوم الأول للهدنة، وتتضمن ترتيباتها:

  • مفاتيح وشروط تبادل جميع الأسرى الإسرائيليين المتبقين مقابل عدد يُتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين.
  • قضايا تتعلق بإعادة انتشار القوات الإسرائيلية وانسحابها، والترتيبات الأمنية طويلة الأمد داخل قطاع غزة.
  • ترتيبات "اليوم التالي" في قطاع غزة التي سيُثيرها أيٌ من الجانبين.
  • إعلان وقف إطلاق نار دائم.

ماذا سيحدث إذا لم تفضِ مفاوضات إنهاء الحرب إلى نتيجة خلال الـ60 يوماً؟

بحسب مقترح الهدنة ويتكوف الجديد، فإنه في حال عدم اختتام المفاوضات بشأن ترتيبات وقف إطلاق نار دائم خلال الفترة الزمنية المذكورة، فإنه:

  • يجوز تمديد وقف إطلاق النار المؤقت بشروط ولمدة يتفق عليها الطرفان، ما داما يتفاوضان "بحسن النية".
  • يضمن الوسطاء أي تمديد يتفق عليه، وإجراء مناقشات جادة حول الاتفاقيات اللازمة لوقف إطلاق نار دائم.

ما هي الفروقات الجوهرية التي تثير مخاوف حماس من "فخ ويتكوف"؟

أثار انقلاب ويتكوف على مقترحه، والذي وافقت عليه حماس، مخاوف الحركة من عدم جدية الوسيط الأمريكي في إنهاء الحرب.

وينقل موقع "وللا" العبري عن مسؤول إسرائيلي كبير ومصدر آخر مطلع على التفاصيل، أن مقترح الهدنة الجديد صيغ بالتنسيق الكامل مع إسرائيل، عقب اجتماع المبعوث الأمريكي مع ديرمر في البيت الأبيض، الثلاثاء الماضي.

وتالياً أبرز الفروقات التي تثير مخاوف حماس من "فخ ويتكوف":

أولاً: التسلسل الزمني ومعايير تسليم الأسرى:

وفقاً للاتفاق السابق، فقد جرى التوافق مع ويتكوف على الإفراج عن خمسة أسرى إسرائيليين أحياء في اليوم الأول، وخمسة آخرين في اليوم الـ60 من الهدنة.

وكان هذا الطرح من حركة حماس يأتي في سياق إلزام الاحتلال ببنود الهدنة والحيلولة دون الالتفاف عليها.

لكن الاحتلال الإسرائيلي، بحسب مقترح الهدنة الجديد الذي تم تنسيقه مع الحكومة الإسرائيلية، ينص على الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين الـ10 على مرحلتين مع نهاية الأسبوع الأول من الهدنة.

وتكمن المخاوف داخل حركة حماس في أن عملية تسليم الأسرى في الأسبوع الأول من الهدنة قد تسهم في تنصل الاحتلال من الالتزام باستحقاقات الهدنة، والمتعلقة بإدخال المساعدات والانسحاب الإسرائيلي، بحسب مصدر لـ"عربي بوست".

كما أن عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين في الأسبوع الأول، مع إمكانية وضع عراقيل تتعلق بمفاوضات إنهاء الحرب من خلال شروط تعجيزية تنسف المفاوضات، قد تمهد لعدم التزام الاحتلال بالاستمرار في الهدنة واستئناف الحرب.

ثانياً: الانسحاب الإسرائيلي

كان المقترح السابق، والذي وافقت عليه حركة حماس، ينص على انسحاب إسرائيلي من المناطق التي سيطر عليها بعد استئناف الحرب في مارس/آذار 2025، من اليوم الأول للهدنة، وقبل استكمال عملية تسليم الأسرى.

لكن مقترح الهدنة الجديد يشير إلى أن عملية الانسحاب من المناطق يتم استكمالها بعد تسليم الأسرى الإسرائيليين الـ10، ووفقاً لخرائط جديدة يتم التوافق بشأنها.

جيش الاحتلال في قطاع غزة / الأناضول
جيش الاحتلال في قطاع غزة / الأناضول

وكان من المفترض أن ينسحب الاحتلال من محور فيلادلفيا في اليوم الـ50 من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 17 يناير/كانون الثاني 2025، لكنه لم يلتزم بذلك، وبدأ عمليات برية شملت كل مناطق رفح، والمناطق الشرقية لمدينة خان يونس، والمناطق الشرقية لمدينة غزة، والشمالية والشرقية من شمال القطاع، إلى جانب تقدمه في "ممر نتساريم".

ولن تمتلك حركة حماس أي أوراق قوة خلال الهدنة لإلزام الاحتلال باستكمال عملية الانسحاب بعد تسليم الأسرى.

ثالثاً: المساعدات الإنسانية

وفقاً لمقترح ويتكوف السابق، فقد جرى الاتفاق على دخول ما يقارب 1000 شاحنة مساعدات يومياً إلى قطاع غزة، بحسب البروتوكول الإنساني المتفق عليه في اتفاق المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وينص البروتوكول الإنساني ضمن اتفاق وقف إطلاق النار على إدخال الوقود والمساعدات بشكل كافٍ، ما يسهم في تسريع التعافي المبكر للقطاع المدمر.

ويدعو البروتوكول الإنساني إلى:

  • بدءاً من اليوم الأول، يُسمح بدخول كميات مكثفة ومناسبة من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والوقود، بما في ذلك اللازم لتشغيل محطة الكهرباء والتجارة والمعدات اللازمة لإزالة الركام.
  • إعادة تأهيل وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز في جميع مناطق قطاع غزة.
  • البدء في إعادة تأهيل البنية التحتية (الكهرباء والماء والصرف الصحي والاتصالات والطرق) في جميع أنحاء قطاع غزة.
  • إدخال كميات متفق عليها من المعدات اللازمة للدفاع المدني لإزالة الركام والأنقاض.
  • تسهيل إدخال المستلزمات والمتطلبات اللازمة لإيواء النازحين داخلياً ممن فقدوا بيوتهم خلال الحرب.
  • إدخال ما لا يقل عن 60 ألف بيت مؤقت (كرفان) و200 ألف خيمة.
  • الشروع في وضع الترتيبات والخطط لإعادة الإعمار الشاملة للبيوت والمنشآت المدنية والبنية التحتية التي تم تدميرها خلال الحرب، بإشراف عدد من الدول والمنظمات، بما في ذلك مصر وقطر والأمم المتحدة.

لكن مقترح الهدنة الجديد، فإن صياغته ضبابية تفتح الباب أمام تحكم الاحتلال بنوعية وكمية المساعدات، بما في ذلك إدخال الطعام "يوماً بيوم"، في إطار "هندسة التجويع"، بحسب مصدر لـ"عربي بوست".

ومارس الاحتلال الإسرائيلي ضغطاً على قطاع غزة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، شمل إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات، ومحاولة خلق آليات تنتهك حقوق الإنسان.

يعتمد أهالي القطاع المحاصر على المساعدات بسبب شح المواد الغذائية والأساسية/ رويترز
يعتمد أهالي القطاع المحاصر على المساعدات بسبب شح المواد الغذائية والأساسية/ رويترز

رابعاً: "الترتيبات الأمنية" و"اليوم التالي"

واستحدث الاحتلال في المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار، في مقترح الهدنة، بند "ترتيبات أمنية طويلة الأمد في غزة"، وعليه يُفتح المجال أمام أربع قضايا، اثنتان منها أثيرتا سابقاً، وهي:

  • المطالبة بنزع سلاح المقاومة.
  • إبعاد المقاتلين من قطاع غزة.
  • التحكم في حياة الفلسطينيين وحرية تنقلهم.
  • منح الاحتلال حرية العمل في غزة بحجة "الأسباب الأمنية".

وكان الطرح السابق لمقترح ويتكوف، الذي وافقت عليه حركة حماس، يتضمن تولي جهة فلسطينية مستقلة من التكنوقراط مسؤولية إدارة قطاع غزة، وتكون مسؤولة عن إدارة الإعمار.

خامساً: إنهاء الحرب

ولا يضمن مقترح الهدنة الجديد لويتكوف منع استئناف الحرب بعد 60 يوماً من الهدنة، وترك الأمر لاتفاق "الطرفين"، ما يعني ترك القرار في يد نتنياهو الذي يتهرب من أي التزام حقيقي، بحسب المصدر.

ويشير مقترح الهدنة الجديد لويتكوف إلى إمكانية تمديد الاتفاق في ظل وجود مفاوضات، وذلك يعني أن تعثرها أو انسدادها يمنح الاحتلال الحق في استئناف الحرب مجدداً.

تحميل المزيد