قدّم المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط مقترحاً جديداً لوقف مؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة، يمتد إلى 60 يوماً، يتخلله محادثات إنهاء الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، وسط تهديد من وزراء اليمين المتطرف بتفكيك التحالف إذا تم المضي في الاتفاق.
ويختلف مقترح ويتكوف الجديد الذي قدّمه المبعوث الأمريكي إلى الاحتلال الإسرائيلي والوسطاء المصريين والقطريين لعرضه على حماس، عن المقترح الذي أعلنت الحركة موافقتها عليه أمس.
والأربعاء 28 مايو/أيار 2025، قالت حركة حماس إنها وافقت على مقترح ويتكوف الذي يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وتدفق المساعدات، وتولي لجنة مهنية إدارة شؤون القطاع فور الإعلان عن الاتفاق.
وأضافت الحركة أن الاتفاق يتضمن إطلاق سراح عشرة من الأسرى الإسرائيليين وعدد من الجثث، مقابل إطلاق سراح عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، وذلك بضمان الوسطاء، مشيرة إلى أنها تنتظر الرد النهائي على هذا الإطار.
لكن ويتكوف أعلن مساء الأربعاء، أن بلاده على وشك إرسال ورقة شروط جديدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، مشيراً إلى أن لديه شعوراً جيداً بإمكانية التوصل إلى اتفاق طويل الأمد.
وبالتالي، فإن العرض الجديد الذي وصل إلى الحكومة الإسرائيلية والوسطاء لتسليمه إلى حركة حماس، الليلة الماضية، يختلف عن المقترح الذي أعلنت حركة حماس موافقتها عليه.
ما هو مقترح ويتكوف السابق الذي وافقت عليه حركة حماس؟
خلال محاولات التوصل إلى وقف إطلاق النار بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دول خليجية قبل أسبوعين، أكدت حركة حماس على موقفها بأنها لن تقبل بأي صفقات جزئية إلا على قاعدة إنهاء الحرب بشكل كامل والانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
لكن بعد مباحثات عقدها رجل الأعمال الأمريكي بشارة بحبح مع قيادة حركة حماس، جرى التوصل إلى مقترح جديد يمهّد لوقف دائم لإطلاق النار، حيث سلّمت الحركة موافقتها عليه عبر بحبح، بحسب مصادر لـ"عربي بوست".

وعرض بحبح المقترح الجديد على مكتب ترامب، وويتكوف الذي قام بدوره بإرساله بعد ذلك إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي للرد عليه.
لكن وسائل إعلام إسرائيلية، نقلت عن مصدر إسرائيلي أن حكومة نتنياهو رفضت العرض الذي وافقت عليه حركة حماس.
وبحسب المصادر، فإن الاتفاق الذي وافقت عليه حركة حماس، يتضمن:
- الإفراج عن 10 أسرى وجثث إسرائيليين، مقابل أسرى فلسطينيين، بينهم محكوميات عالية ومؤبدات وأسرى من قطاع غزة.
- تفرج حركة حماس عن 5 أسرى إسرائيليين في اليوم الأول من الاتفاق، وعن 5 آخرين في اليوم الـ60 (الأخير من الاتفاق).
- سحب القوات الإسرائيلية من المناطق حتى حدود 2 مارس/آذار 2025، في اليوم الخامس من الاتفاق.
- تتعهد الولايات المتحدة بقيادة مفاوضات جادة تفضي إلى وقف شامل للحرب، وعدم العودة إلى الحرب في حال تعثرت المفاوضات.
- إدخال المساعدات بشكل غير مشروط وفق البروتوكول الإنساني الذي جرى الاتفاق بشأنه في هدنة المرحلة الأولى في 17 يناير/كانون الثاني 2025.
ونقل موقع "أكسيوس" الأمريكي، عن ويتكوف قوله إن "حماس شوّهت العرض الأمريكي، وإن موقفها مخيب للآمال وغير مقبول".
وذكر مصدر للموقع، أن الخلاف الذي وقع الإثنين الماضي، نابع من سوء تفاهم أدى إلى قيام حماس وإسرائيل والولايات المتحدة بتفسير المقترح بشكل مختلف.
واستؤنفت المحادثات يوم الثلاثاء سعياً للتوصل إلى "حل وسط"، وعقد بحبح اجتماعات أخرى مع كبار مسؤولي حماس في الدوحة، بينما التقى ويتكوف بوزير الشؤون الاستراتيجية والمقرّب من نتنياهو، رون ديرمر، في واشنطن.
ما هو مقترح ويتكوف الجديد الذي قدّمه إلى الأطراف؟
بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن المقترح الجديد لا يختلف كثيراً عن المقترح السابق، لكنه، وفقاً لموقع "أكسيوس" الأمريكي، يتضمن "تلاعباً بالألفاظ" في محاولة للحصول على موافقة الأطراف عليه.
ويتضمن المقترح الجديد:
- إطلاق سراح تسعة أسرى إسرائيليين و18 جثماناً، مقابل 125 محكوماً بالسجن المؤبد و1111 معتقلاً من غزة، و180 جثماناً من قطاع غزة، على مرحلتين خلال أسبوع.
- الالتزام بوقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 60 يوماً، يتم خلاله إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب.
- إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في نهاية المفاوضات، فقد تعود إسرائيل إلى القتال أو تواصل المفاوضات مقابل إطلاق سراح المزيد من الأسرى الإسرائيليين.
- انسحاب قوات الاحتلال من المناطق التي سيطرت عليها بعد استئناف الحرب في مارس/آذار 2025.
- المساعدات الإنسانية التي كانت توزع عبر الشركة الأمريكية ستعود لتكون تحت مسؤولية الأمم المتحدة.
- في اليوم العاشر لوقف إطلاق النار، ستقدّم حماس قائمة كاملة تتضمن تقريراً مفصلاً عن حالة جميع الأسرى الإسرائيليين في غزة.
- وفي حال تنفيذ الخطة، سيعلن الرئيس ترامب وقف إطلاق النار، وستكون الولايات المتحدة وقطر ومصر ضامنة للاتفاق.

وتقول القناة 12 العبرية، إن المقترح يعني:
- الجيش الإسرائيلي سوف يتخلى عن محور موراج، وينسحب من شمال القطاع وشرق مدينة غزة.
- انسحاب الجيش الإسرائيلي من رفح والبقاء في محور فيلادلفيا.
ما الذي تغيّر عن المقترحات السابقة؟
ويتضمن مقترح ويتكوف الأول، والذي عُرض في مارس/آذار 2025:
- تفرج حماس في اليوم الأول عن 5 من الأسرى الأحياء، بمن فيهم عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، مقابل إطلاق سراح سجناء وفقاً لصيغ سابقة.
- وقف إطلاق النار لمدة 50 يوماً.
- بعد إتمام عملية تبادل الأسرى الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، يتم الشروع في مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين، تحت رعاية الوسطاء الضامنين، بشأن الترتيبات اللازمة للوقف الدائم لإطلاق النار في القطاع، والتوصل إلى اتفاق بشأن مفاتيح تبادل الأسرى الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، على أن يتم استكمال هذه المفاوضات خلال 50 يوماً.
- تعمل الولايات المتحدة خلال فترة تمديد وقف إطلاق النار على التوصل إلى حل دائم لهذا الصراع.
ويظهر من بنود مقترح ويتكوف الأصلي أنه يتعارض مع جوهر اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم في 17 يناير/كانون الثاني 2025، ويتماشى مع الرغبة الإسرائيلية في تمديد المرحلة الأولى للاتفاق رغم انتهائها، بدلاً من الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، كما هو متفق عليه في الأصل.
ويقول موقع "أكسيوس" إن التغييرات الرئيسية في المقترح الجديد عن سابقيه، تتركز على:
- البند المتعلق بالضمانات التي تريدها حركة حماس من أجل ضمان إجراء مفاوضات جادة بشأن وقف إطلاق النار الدائم خلال الـ60 يوماً.
- ويزعم الموقع الأمريكي أنه ما دامت هذه المحادثات مستمرة، فإن إسرائيل لن تنتهك وقف إطلاق النار من جانب واحد كما فعلت في مارس/آذار الماضي، لكن وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت أن المقترح الجديد يعطي إسرائيل إمكانية استئناف القتال.
وهناك إشكالية لم يتم حلّها تتعلق بالتسلسل والجدول الزمني لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، بحسب الموقع الأمريكي:
- تريد إسرائيل إطلاق سراح الأسرى في الأيام الأولى من الاتفاق، خوفاً من أن حماس قد لا تفي بالتزاماتها لاحقاً.
- تريد حماس إطلاق سراح الأسرى على مراحل لضمان عدم انتهاك إسرائيل للاتفاق واستئناف القتال قبل انتهاء المهلة المحددة بـ60 يوماً.
ما موقف حركة حماس من مقترح ويتكوف الجديد؟
أكد مصدر من حركة حماس لـ"عربي بوست"، أن المقترح الجديد سيئ، ويلتف على ما وافقت عليه حركة حماس مؤخراً.
وشدد المصدر على أن المقترح يتبنى بالكامل المطالب والشروط التي يفرضها الاحتلال، ولا سيما المتعلقة بعدم إنهاء الحرب، كما أنه انحاز للرؤية الإسرائيلية في ملف الأسرى ومعادلات وأثمان التبادل.
وفيما يخص المساعدات الإنسانية، فجاء طرحها مشروطاً "بما يتم الاتفاق عليه"، وليس استناداً إلى البروتوكول الإنساني كما في الاتفاق الأول في يناير/كانون الثاني 2025، والاتفاق الأخير مع ويتكوف، في محاولة واضحة لشرعنة التجويع واستمرار الحصار.
وأكد المصدر أن الورقة لم تتضمن أي ضمانة واضحة لإنهاء الحرب، بل تركت الأمر لاتفاق "الطرفين"، ما يعني عملياً ترك القرار في يد نتنياهو الذي يتهرب من أي التزام حقيقي.
أما وقف إطلاق النار، فهو مؤقت لمدة 60 يوماً فقط، مع إمكانية التمديد بالاتفاق، أي من دون أي التزام أو ضمانة من الولايات المتحدة والوسطاء لاستمرار التهدئة ودخول المساعدات حتى يتم التوصل إلى وقف شامل للحرب وانسحاب كامل لقوات الاحتلال.
وأكد المصدر أن حركة حماس ستدرس المقترح الجديد وترد عليه رسمياً في الوقت المناسب.
ما موقف الاحتلال الإسرائيلي من مقترح ويتكوف الجديد؟
تقول صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن إسرائيل تلقت المقترح الجديد، لكنها لم تعرب حتى الآن عن موقفها منه، ومع ذلك فمن المقدّر أنها لن ترفضه لأنه ليس بعيداً عن الخطة الأصلية التي وضعها ويتكوف.
من جهتها، ذكرت القناة 14 العبرية، أن الخطة تتضمن بنوداً إشمالية، ومن الصعب قبولها، أبرزها:
- توزيع المساعدات عبر الأمم المتحدة، وليس الشركات الأمريكية، وهذا يعني عودة المساعدات إلى أيدي حركة حماس.
- القضاء على الإنجاز الميداني الذي تم تحقيقه بتقسيم القطاع، والسيطرة على نحو 40% من مساحته.
- الخطة لا تضمن إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين مرة واحدة، بل تقسم العملية إلى مراحل، ما يعطي حماس الفرصة لمواصلة ابتزاز إسرائيل.
فيما نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصدر إسرائيلي أن الإدارة الأمريكية وضعت صيغة غامضة بشأن مسألة إنهاء الحرب حتى تكون مقبولة من الجانبين.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن نتنياهو سيعقد مساء الخميس اجتماعاً لبحث المقترح الجديد.

لكن عدداً من وزراء الحكومة الإسرائيلية أكدوا في تصريحات علنية رفضهم للمقترح الجديد، مهددين بالانسحاب من الائتلاف، أبرزهم:
- وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، قال: "يعارض بشدة طوق النجاة الذي يُمنح لحماس. في اللحظة التي أتيقن فيها أن حكومة إسرائيل تتنازل عن النصر وترفع الراية البيضاء، سأُسقط الحكومة بأسرع ما يمكن".
- وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، قال: "لا يجوز لنا التراجع، وسيكون إيقاف القتال خطأ تاريخياً، وسأنسحب من الحكومة إذا تجاوزت خطي الأحمر الذي يدركه نتنياهو جيداً".
- وزيرة الاستيطان أوريت ستروك، قالت: "يُمنع تماماً الموافقة على أقل من الإفراج عن جميع الأسرى، والانسحاب من المناطق التي سيطرنا عليها، وإعادة الحكم لحماس".
- وزيرة حماية البيئة عيديت سيلمان، قالت: "ثمن الصفقة باهظ، لكننا نعمل على إعادة مزيد من الأسرى".
- وزير التراث عميحاي شيكلي، قال: "على حماس أن ترفع الراية البيضاء وتُلقي سلاحها. يجب أن يكون الإفراج عن جميع الأسرى مقابل السماح بخروج من تبقى من قادة حماس".
فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر: "إذا وُجدت فرصة للإفراج عن الأسرى، فمن المناسب اغتنامها، وهذه هي رغبة الغالبية الساحقة في إسرائيل"، مضيفاً: "يجب العمل وفقاً للمصالح الوطنية، وليس بناءً على ضغوط وتهديدات سياسية".