- ما هي الإجراءات التي اتخذتها فرنسا وبريطانيا وكندا تجاه إسرائيل؟
- كيف ردت إسرائيل؟
- لماذا تغير الموقف الأوروبي تجاه إسرائيل؟
- أولاً: الضغوط الشعبية المتزايدة
- ثانياً: التهديدات المتزايدة بالعواقب القانونية لدعم الاحتلال
- ثالثاً: التغير في موقف الولايات المتحدة تجاه إسرائيل
- رابعاً: التصريحات الإسرائيلية المتصاعدة بشأن احتلال غزة
حفّز الغضب الشعبي المتزايد، والتهديد المتنامي بالعواقب القانونية لدعم إسرائيل، والتغير في موقف الولايات المتحدة تجاه تل أبيب الدول الغربية، وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا وكندا، على تبني مواقف متصاعدة ضد الاحتلال في الآونة الأخيرة وصلت إلى حد التهديد بفرض عقوبات وتعليق اتفاقيات تجارية.
وكان موقف الدول الأوروبية مغايراً بشكل ملحوظ لمواقف سابقة اتخذتها هذه الدول على مدار 18 شهراً من الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، التي خلّفت الآلاف من القتلى والجرحى الفلسطينيين.
ووضعت هذه المواقف الدول الأوروبية في مواجهة مباشرة مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليمينية، في وقت يعاني فيه سكان القطاع الفلسطيني من مستويات غير مسبوقة من المجاعة بسبب التعنت الإسرائيلي في إدخال المساعدات الإغاثية اللازمة.

ما هي الإجراءات التي اتخذتها فرنسا وبريطانيا وكندا تجاه إسرائيل؟
هدد قادة بريطانيا وفرنسا وكندا باتخاذ "إجراءات ملموسة" ضد إسرائيل إذا لم توقف حملتها العسكرية التي استأنفتها على قطاع غزة وترفع القيود المفروضة على المساعدات.
وذكر بيان مشترك للدول الثلاث نشرته الحكومة البريطانية الإثنين الماضي: "منع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى السكان المدنيين أمر غير مقبول وينتهك القانون الإنساني الدولي".
وأضاف البيان: "إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري الجديد وترفع القيود التي تفرضها على المساعدات الإنسانية، سنتخذ إجراءات ملموسة أخرى رداً على ذلك".
وفيما يتعلق بالأنشطة الاستيطانية، قالت الدول الثلاث: "نعارض أي محاولة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية… ولن نتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات، بما في ذلك فرض عقوبات محددة الهدف".
وقال القادة الثلاثة في البيان المشترك: "دعمنا دوماً حق إسرائيل في الدفاع عن الإسرائيليين ضد الإرهاب، لكن هذا التصعيد غير متناسب على الإطلاق". وأضافوا أنهم لن يقفوا متفرجين بينما تواصل حكومة نتنياهو "هذه الأعمال الفظيعة".

ورحبت حماس بالبيان المشترك ووصفته بأنه "خطوة مهمة" في الاتجاه الصحيح نحو استعادة مبادئ القانون الدولي.
من جانبها، اتخذت حكومة حزب العمال البريطانية عدة إجراءات أخرى بجانب البيان المشترك مع فرنسا وكندا، من بينها:
- تعليق محادثات التجارة مع تل أبيب
- فرض عقوبات على مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة
- دراسة فرض عقوبات على سموتريتش وبن غفير
- بدء محادثات رسمية بشأن الاعتراف بدولة فلسطين
- تقديم مساعدات إنسانية لغزة بقيمة 5.3 مليون دولار
وفي بروكسل، أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن الاتحاد، المؤلف من 27 دولة، سيبدأ مراجعة رسمية لاتفاقية التجارة مع إسرائيل.
وقالت كالاس إن "أغلبية ساحقة" من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أيدوا مقترحاً لإعادة النظر في الاتفاقية، التي تتضمن أحكاماً تتعلق بالقانون الدولي لحقوق الإنسان.
كيف ردت إسرائيل؟
اتهم نتنياهو، الجمعة 23 مايو/أيار، زعماء فرنسا وبريطانيا وكندا بالرغبة في مساعدة حماس، بسبب بيانهم المشترك الذي دعا إلى اتخاذ "إجراءات ملموسة" ضد إسرائيل.
وقال نتنياهو: "أنتم على الجانب الخطأ من الإنسانية والجانب الخطأ من التاريخ"، واتهم الدول الثلاث بدعم "مرتكبي جرائم القتل الجماعي، والمغتصبين، وقاتلي الأطفال، والخاطفين".
وقال نتنياهو إن الدولة الفلسطينية ستشكل تهديداً لإسرائيل، ووصف مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، الثلاثاء، على يد رجل تردد أنه كان يهتف "فلسطين حرة"، بأنه مثال واضح على هذا التهديد.
واستطرد يقول في بيان على منصة إكس: "إنهم لا يريدون دولة فلسطينية، إنهم يريدون تدمير الدولة اليهودية".
وأضاف: "لا أستطيع قط أن أفهم كيف يمكن أن تغيب هذه الحقيقة البسيطة عن زعماء فرنسا وبريطانيا وكندا وغيرها من الدول".

وذكر أن أي تحرك من دول غربية للاعتراف بدولة فلسطينية سيكون "مكافأة لهؤلاء القتلة بالجائزة الكبرى".
كما عبّر مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم تحديداً من الدعوات المتزايدة للدول الأوروبية، ومن بينها فرنسا، إلى السير على خطى دول أخرى مثل إسبانيا وأيرلندا، والاعتراف بدولة فلسطينية في إطار حل الدولتين لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود في المنطقة.
ورداً على بيان نتنياهو، وصف وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، ادعاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي بمعاداة السامية بأنها تشهيرية. وقال بارو في بيان نُشر على منصة إكس: "اتهام كل من يدافع عن حل الدولتين بتشجيع معاداة السامية أو دعم حماس أمر سخيف وتشهيري".
لماذا تغير الموقف الأوروبي تجاه إسرائيل؟
عزت تقارير عدة التغير الملحوظ في مواقف القادة الأوروبيين والدول الغربية الأخرى تجاه إسرائيل إلى أسباب عدة، من أهمها:
أولاً: الضغوط الشعبية المتزايدة
ساهمت الضغوط الشعبية المتزايدة، والتحولات التي شهدها الرأي العام الدولي والأوروبي تجاه إسرائيل، في تحفيز المواقف الأوروبية لتبني مواقف متصاعدة تجاه إسرائيل.
ومنذ أن شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت استطلاعات رأي أجرتها مؤسسات غربية بارزة عن ارتفاع وجهات النظر الداعمة لفلسطين، في مقابل انخفاض التأييد الدولي لإسرائيل، التي تواجه اتهامات في المحاكم الدولية بارتكاب إبادة جماعية في القطاع المحاصر.
وكان للارتفاع الكبير في أعداد الضحايا المدنيين في غزة جراء القصف الإسرائيلي المتواصل، الذي خلّف حوالي 160 ألفاً ما بين قتيل وجريح فلسطيني، دور بارز في تصاعد مشاعر الكراهية ضد تل أبيب وحربها على القطاع.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته قناة "زي دي أف" الألمانية العامة أن 80% من الشعب الألماني يرون الهجمات الإسرائيلية على غزة غير مبررة.
وكشف الاستطلاع أن هذا المعدل ارتفع بنسبة 11% مقارنة باستبيان في شهر مارس/آذار 2024.
كما أظهر استطلاع للرأي نشرته مؤسسة إيكو لمراقبة الشركات في الفترة من 5 إلى 10 يونيو/حزيران 2024 أن أكثر من 60% من الأوروبيين يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يعلق التجارة الحرة مع إسرائيل، التي تتيحها اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
⭕️ استطلاع رأي يكشف تزايد رفض الشعب الألماني لـ #إسرائيل (جيروزاليم بوست)
— عربي بوست (@arabic_post) May 10, 2025
▪️كشف استطلاع جديد أجرته مؤسسة بيرتلسمان الألمانية المستقلة، ونُشرت نتائجه الجمعة، أن الشعب الألماني أصبح أكثر انتقاداً لإسرائيل على مر السنين.
▪️وفي الاستطلاع الذي أُجري قبيل الذكرى الستين لإقامة… pic.twitter.com/kYn4ZhW1mM
وقبل عدة أيام، تظاهر عشرات آلاف الأشخاص في لاهاي احتجاجاً على سياسة الحكومة الهولندية إزاء إسرائيل والحرب في غزة، في أكبر تجمّع في البلد منذ 20 عاماً، بحسب القائمين على هذه المبادرة. وارتدى المتظاهرون اللون الأحمر لرسم خط رمزي بهذا اللون، وحضّوا الحكومة على اتخاذ تدابير ضد إسرائيل التي ترتكب، في نظرهم، "إبادة جماعية" في غزة.
وأشار تقرير لموقع غلوبس الإسرائيلي إلى أن الحكومات الغربية، التي أبدت سابقاً دعمها لإسرائيل، تتعرض لضغوط شعبية متواصلة منذ أكثر من عام "لفعل شيء" من أجل الفلسطينيين.
وأضاف التقرير أن الأيام القليلة الماضية شهدت انهيار ما تبقى من الدعم للحكومة الإسرائيلية في معظم أنحاء أوروبا.
وبحسب استطلاعات رأي لمؤسسة يوجوف البريطانية:
- طالب 50% من الإسبان مدريد "ببذل المزيد من الجهود لكبح جماح إسرائيل".
- أعرب 56% من السويديين عن وجهات نظر سلبية تجاه إسرائيل.
- يعتقد 60% من الإيطاليين أن الهجوم الإسرائيلي على غزة "غير مبرر".
ثانياً: التهديدات المتزايدة بالعواقب القانونية لدعم الاحتلال
يُضاف إلى ذلك التهديدات المتزايدة في الدول الأوروبية، وخاصة في بريطانيا، بالعواقب القانونية لدعم حكومة الاحتلال الإسرائيلي عسكرياً.
وفي مايو/أيار 2025، كشفت تقارير أن الشركات البريطانية صدّرت آلاف المعدات العسكرية، بما في ذلك الذخائر، إلى إسرائيل، على الرغم من تعليق الحكومة تراخيص تصدير الأسلحة الرئيسية إلى البلاد في سبتمبر/أيلول الماضي، وفقاً لتحليل جديد لبيانات التجارة البريطانية.
وأثارت البيانات تساؤلات حول ما إذا كانت المملكة المتحدة قد استمرت في بيع مكونات من طائرة F-35 مباشرة إلى إسرائيل، في انتهاك لتعهدها ببيعها فقط إلى شركة لوكهيد مارتن الأمريكية كوسيلة لضمان عدم تعطيل سلسلة التوريد العالمية للطائرة المقاتلة، وهو أمر قالت الحكومة إنه ضروري للأمن القومي وحلف الناتو.
وكانت صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل محوراً أساسياً للاحتجاجات المستمرة والقوية المؤيدة لفلسطين، والتي أُقيمت في المملكة المتحدة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق وكالة الأناضول.
كما قام النشطاء برفع دعوى قضائية ضد الحكومة، متهمين إياها بالفشل في الوفاء بالتزاماتها القانونية المحلية والدولية من خلال توفير الأسلحة والمكونات المستخدمة في الحرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على غزة.
🎥 برلمانية فرنسية لـ #نتنياهو: "غزة الجائعة الشهيدة لن تكون يوماً إسرائيلية"
— عربي بوست (@arabic_post) May 24, 2025
رئيسة كتلة "فرنسا الأبية"، ماتليد بانوت، خاطبت رئيس الوزراء الفرنسي، في كلمتها في البرلمان عن #غزة وحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية
قالت بانوت له: "على #فرنسا وأوروبا أن تتوقفا عن التواطؤ في حرب… pic.twitter.com/JeArL0Hadq
وطالبت الدعوى أيضاً بتعليق جميع تراخيص تصدير الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل على الفور، مشيرة إلى "الخطر الواضح" المتمثل في استخدام مثل هذه الأسلحة لتسهيل انتهاكات القانون الدولي، بما في ذلك جرائم الحرب المحتملة والإبادة الجماعية.
ونقلت وكالة الأناضول عن إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة العمل ضد العنف المسلح، قوله: "إن التحول الخطابي الملحوظ الذي شهدته الحكومة البريطانية مؤخراً… يعكس على الأرجح تلاقي عوامل: الغضب المحلي المتزايد إزاء الكارثة الإنسانية في غزة، والضغط المستمر من المجتمع المدني وأعضاء البرلمان من مختلف الأحزاب، والقلق المتزايد بشأن مكانة المملكة المتحدة العالمية إذا ما اعتُبر أنها تساعد على ارتكاب جرائم الحرب من خلال التقاعس".
وحذر أوفيرتون من أن إسرائيل كانت أكبر مرتكب للأضرار المدنية الناجمة عن الأسلحة المتفجرة في عام 2024، وبالتالي فإن "الاستمرار في ترخيص الأسلحة في هذا السياق لا ينطوي على مخاطر التواطؤ فحسب، بل قد يؤدي أيضاً إلى انتهاكات محتملة للإطار القانوني للمملكة المتحدة".
ثالثاً: التغير في موقف الولايات المتحدة تجاه إسرائيل
شكّل الموقف الأمريكي المتغير تجاه إسرائيل مؤخراً العامل الخارجي الأكثر حسماً الذي أثّر على التحول الأوروبي والكندي تجاه تل أبيب، بحسب محللين.
ومن خلال اختياره عدم زيارة إسرائيل في جولته الخليجية الأخيرة، واتخاذه قرارات تتعارض مع تفضيلات نتنياهو، منح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، غطاءً سياسياً لحلفاء الولايات المتحدة لإعادة تقييم مواقفهم، وفقاً لما نقلته وكالة الأناضول عن سيرين كينار، مستشارة الشؤون الخارجية المقيمة في لندن.
وأضافت سينار أنه مع امتداد التوترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى مناطق مثل إيران واليمن، يبدو أن مركز الثقل الدبلوماسي الأمريكي يتحول، وأن الحلفاء يلاحظون ذلك.
واعتبر تقرير موقع غلوبس الإسرائيلي أن الانتقادات الأوروبية الأخيرة لإسرائيل، واللغة القاسية، والتهديدات، والمطالبات، ليست وليدة الرأي العام المحلي فحسب، بل تحظى أيضاً بدعم ضمني من واشنطن.
وقال رائد جرار، مدير المناصرة في منظمة "الديمقراطية في العالم العربي الآن"، لموقع ميدل إيست آي البريطاني، تعليقاً على الموقف الكندي الأخير تجاه إسرائيل: "إن الخطاب الأكثر جرأة في كندا يرسل رسالة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل مفادها أن كندا، إلى جانب دول أخرى في المجتمع الدولي، لن تقف على الهامش بعد الآن".
وقال جرار إن تصرفات ترامب الأخيرة في "الانفصال" عن إسرائيل ربما منحت حلفاء الولايات المتحدة مجالاً أكبر للانتقادات.
وتابع جرار: "تاريخياً، كان حلفاء الولايات المتحدة مترددين للغاية… لأنهم كانوا يعلمون أنهم سيدفعون الثمن، ليس فقط من خلال الانتقام الإسرائيلي، بل والانتقام الأمريكي أيضاً".

رابعاً: التصريحات الإسرائيلية المتصاعدة بشأن احتلال غزة
دفعت التصريحات الإسرائيلية عن احتلال طويل الأمد لقطاع غزة بأكمله، والتصريحات المتطرفة لوزراء إسرائيليين حول "الإبادة" والترحيل، والجوع الذي يُعاني منه سكان غزة، والقصف المستمر، الدول الأوروبية إلى تغيير نهجها مع تل أبيب، بحسب ما ذكره موقع غلوبس.
والإثنين الماضي، أكد نتنياهو إصراره على مواصلة إبادة واحتلال غزة، وأقر بوجود ضغوط خارجية خلف اعتزامه السماح بإدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
وقال نتنياهو في تسجيل مصور بثّه على منصة تلغرام: "سنسيطر على (نحتل) جميع أراضي قطاع غزة، هذا ما سنفعله".
ولطالما قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتشدد، إيتمار بن غفير، إن الحرب على حماس يجب ألا تتوقف.
وطالب الوزير المنتمي لليمين المتطرف بعدم السماح أيضاً بدخول المساعدات إلى القطاع الفلسطيني.