إسرائيل تخشى “عولمة الانتفاضة”.. هجوم واشنطن ينذر بغضب عابر للقارات احتجاجاً على “إبادة غزة”

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/22 الساعة 13:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/22 الساعة 13:51 بتوقيت غرينتش
الاحتلال يخشى من "عولمة الانتفاضة" مع تزايد الرفض الدولي لحرب غزة/ عربي بوست

"هذا ما كانوا يقصدونه بعولمة الانتفاضة".. كان التعليق البارز من زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، على هجوم واشنطن الذي أودى بمقتل إسرائيليين يعملان في السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة، والذي شكّل صدمة لدى السياسيين في دولة الاحتلال.

وقُتل اثنان من موظفي السفارة الإسرائيلية، بالقرب من المتحف اليهودي وكذلك المكتب الميداني لـ "إف بي آي" في واشنطن، وبحسب المسؤولين الأمريكيين فإن منفذ الهجوم يدعى إلياس رودريغيز (30 عاماً)، وصرخ أثناء توقيفه "فلسطين حرة".

كيف علّق القادة الإسرائيليون على هجوم واشنطن؟

وعقب هجوم واشنطن، سارع الساسة الإسرائيليون بإدانة الهجوم ووصمه بـ "معاداة السامية"، فيما أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أمراً إلى جميع البعثات الدبلوماسية في الولايات المتحدة بعدم إقامة أي فعاليات في المجتمع اليهودي، وتتضمن التوجيهات أيضاً توصية بمنع أي تجمعات في المعابد اليهودية حتى إشعار آخر.

ويوظّف الإسرائيليون مصطلح "معاداة السامية" كأداة لابتزاز العالم وإسكات المنتقدين والمعارضين لإسرائيل كدولة احتلال، رغم المجازر التي ترتكبها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وسياسة التجويع التي تُمارس ضدهم، الأمر الذي زاد من حدة "الأزمة الدبلوماسية" مع بعض الدول الأوروبية.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن هجوم واشنطن في الولايات المتحدة هو الأول منذ عام 2019، لكنه وقع بعد سلسلة من محاولات الهجوم ضد أهداف يهودية في السنوات الأخيرة.

  • وكان لافتاً تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، التي قال فيها إنه "لا يمر أسبوع دون وقوع حادث أو محاولة عمل ضد إحدى سفاراتنا".
من مكان مقتل الدبلوماسيين الإسرائيليين في واشنطن/ عربي بوست
من مكان مقتل الدبلوماسيين الإسرائيليين في واشنطن/ عربي بوست
  • علّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقول: "نشهد الثمن الباهظ لمعاداة السامية والتحريض الجامح ضد إسرائيل، وقد وجهتُ بتعزيز الأمن في البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية حول العالم ولممثلي الدولة".
  • قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، عبر بيان: "أشعر بصدمة بالغة، هذا عملٌ حقيرٌ ينم عن كراهية ومعاداة للسامية".
  • وربط وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الهجوم في واشنطن بـ "التحريض ضد إسرائيل" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
  • أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، فاعتبر أن ما جرى جزء من مساعي نفي وجود إسرائيل.
  • وقال زعيم حزب الديمقراطيين يائير غولان، والذي يشهد هجوماً من اليمين الإسرائيلي بسبب تصريحاته المتعلقة بقتل الأطفال في غزة، إن حكومة نتنياهو هي السبب في تغذية "معاداة السامية" و"كراهية إسرائيل"، مشيراً إلى أن النتيجة هي "خطر يهدد كل يهودي في العالم".
  • واعتبر زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد أن الهجوم هو نتيجة مباشرة لما أسماه "التحريض" الذي شهدته إسرائيل في المظاهرات حول العالم، مضيفاً: "هذا ما يقصدون به عولمة الانتفاضة".

ماذا تعني "عولمة الانتفاضة"؟

يخشى الإسرائيليون من أن ممارساتهم في قطاع غزة قد تؤدي إلى أن يتحول التعاطف مع الفلسطينيين إلى حراك مناهض ضد كافة المصالح اليهودية في العالم، لذلك ربط زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد بين المظاهرات وهجوم واشنطن.

ويعلّق وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قائلاً إن هناك خطاً مباشراً يربط بين التحريض الدولي وقتل موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن.

ولفت في تصريحات عقب الهجوم إلى أنه "نشهد موجة غير مسبوقة ضد اليهود في العالم، تتركز في أوروبا".

فيما علّق عمدة نيويورك إريك إدمز، المعروف بدعمه لإسرائيل، على الهجوم بقوله: إنه يعبر عن "عولمة الانتفاضة"، مضيفاً: "لا مكان للعنف المعادي للسامية في بلادنا" على حد قوله.

و"عولمة الانتفاضة" عبارة يستخدمها النشطاء المؤيدون للفلسطينيين، داعين إلى تبنّي أشكال المقاومة ضد إسرائيل ومن يدعمها.

وتزعم المنظمات اليهودية أن الشعارات والهتافات الداعية إلى "عولمة الانتفاضة" تحرّض على العنف السياسي.

و"الانتفاضة" هي حركة شعبية واسعة لمقاومة الاحتلال أو الظلم، وفي الحالة الفلسطينية تشير إلى محاولات التخلص من الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة في الانتفاضتين الأولى والثانية، وهي تُعتبر مقاومة "لا عنفية عدوانية".

مظاهرة مؤيدة لفلسطين في سويسرا/ رويترز
مظاهرة مؤيدة لفلسطين في سويسرا/ رويترز

واستخدم شعار "عولمة الانتفاضة" كهتاف في العديد من الاحتجاجات المناهضة للصهيونية، إلى جانب شعارات أخرى مشابهة مثل "لا حل إلا بالانتفاضة والثورة" أو "انتفاضة حتى النصر".

كما استُخدم شعار "عولمة الانتفاضة" ضد الإجراءات الإسرائيلية خلال حرب غزة، ووفقاً لمستخدميه، فقد اختير كصرخة حشد لمقاومة ما يرونه "قمعاً استعمارياً".

وفي أبريل/نيسان 2002، رفع المتظاهرون المناهضون للحرب في الولايات المتحدة لافتات تحمل هذا الشعار في أعقاب الانتفاضة الثانية وحرب العراق.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، هتف متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين "عولموا الانتفاضة" بالقرب من مبنى مكتبة كان يتواجد فيه بعض الطلاب اليهود في نيويورك.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قامت المجموعة المؤيدة للفلسطينيين "WOL" بنشر منشور بعنوان "عولمة الانتفاضة" مع خريطة للشركات الإسرائيلية والأمريكية ومراكز النقل.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، أدى استخدام لافتات تحمل شعار "عولمة الانتفاضة" إلى اعتقال تسعة أشخاص في لندن بموجب قانون النظام العام.

وفي مايو/أيار 2024، استخدم المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين في وسط لندن شعاراً مشابهاً، "الانتفاضة، الثورة"، مما دفع شرطة العاصمة إلى إجراء تحقيق.

"حرب غزة تنتقل إلى شوارع واشنطن".. ما علاقة "عولمة الانتفاضة"؟

في تقرير لها عقب هجوم واشنطن، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن واقعة مقتل الدبلوماسيين الإسرائيليين تنسجم مع ما كان يخشاه العديد من اليهود الأمريكيين، وسط تصاعد "الكراهية المعادية للسامية" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأضافت أن الدعوات إلى "عولمة الانتفاضة" تسببت في جعل وقوع هجوم واشنطن الذي طال الدبلوماسيين الإسرائيليين، مسألة وقت ومكان.

وتابعت بأن الهجوم لم يكن بمثابة "جرس إنذار" لليهود الأمريكيين، فقد حذّروا بالسابق من هذا الخطر المتصاعد المتعلق بـ "عولمة الانتفاضة" منذ زمن طويل.

وأوضحت أن الحوادث المناهضة للإسرائيليين تزايدت في الولايات المتحدة إلى مستويات غير مسبوقة، مضيفة أنه بعد 20 شهراً وصلت الحرب إلى قلب واشنطن، ولن تعود الحياة اليهودية في الولايات المتحدة إلى سابق عهدها أبداً.

"إسرائيل تتحول إلى دولة منبوذة"

تقول صحيفة "الغارديان" إنه بعد 19 شهراً على الحرب على غزة، تتعرض إسرائيل لموجة جديدة من الضغوط الدولية، وتزداد عزلتها عن شركائها وحلفائها.

ورداً على استمرار الحرب وتفشي المجاعة في غزة، أصدرت بريطانيا وفرنسا وكندا بياناً مشتركاً أعربت فيه عن استنكارها الشديد للسلوك الإسرائيلي في غزة، كما أعلن وزير خارجية بريطانيا، ديفيد لامي، عن تجميد المناقشات التجارية مع إسرائيل، وفرض عقوبات على المستوطنين والمنظمات المتورطة في أعمال العنف في الضفة الغربية.

وجاء ذلك في أعقاب دعوة وزير الخارجية الهولندي لمراجعة اتفاقيات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وأيّد هذه الدعوة عدد كبير من دول الاتحاد، وذهب رئيس الوزراء الإسباني إلى أبعد من ذلك، واصفاً إسرائيل بأنها دولة إبادة جماعية.

ومن اللافت للنظر أن حتى إدارة ترامب المؤيدة بشدة لإسرائيل تنأى بنفسها عن حكومة نتنياهو، حيث تجنّب دونالد ترامب التوقف في إسرائيل في جولته في الشرق الأوسط. كما اختار نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، تأجيل زيارته إلى إسرائيل، مما يشير إلى أن الإدارة تريد أن تنأى بنفسها عن مشهد هذه الحرب التي لا تنتهي، بحسب صحيفة "الغارديان".

مظاهرات مؤيدة لفلسطين في ألمانيا/ رويترز
مظاهرات مؤيدة لفلسطين في ألمانيا/ رويترز

وزعمت القناة 12 العبرية، في تقرير، أن حوادث "معاداة السامية" في جميع أنحاء العالم ما زالت مرتفعة بعد الحرب على غزة، وسط زيادة في تلك الحوادث في بعض الدول الغربية.

ويشير التقرير الإسرائيلي إلى أن ما يُسمى حوادث "معاداة السامية" شهدت ارتفاعاً حاداً بشكل خاص في أستراليا، كما تم تسجيل زيادة أيضاً في الولايات المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وكندا والأرجنتين والبرازيل.

وحذرت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها من أن تصبح إسرائيل دولة منبوذة بسبب الحرب على غزة.

تقول الصحيفة إن "إسرائيل تغرق في مستنقعها وتضع وصمة قابيل على جبينها ستبقى لأجيال، مع استمرار القصف في إزهاق أرواح العشرات، إن لم يكن المئات، من السكان (الفلسطينيين)، بمن فيهم الرضع والأطفال، وانتشار المجاعة (في غزة)".

وأشارت الصحيفة إلى أنه "لم يعد العالم يتحمل المشاهد القادمة من غزة: لا جثث النساء والأطفال، وبعضهم رضع؛ ولا حشود الجياع وهم يلوّحون بالأواني في نقاط توزيع الطعام؛ ولا أكوام الأنقاض".

كما أضافت أن "العالم أدرك أنه لا جدوى من انتظار إسرائيل حتى تستعيد صوابها، لقد أقنع سلوك الحكومة المتهور تجاه سكان غزة والرهائن حلفاء إسرائيل بأن السبيل الوحيد لوقف حملة الدمار والتجويع والقتل والتهجير هو العقاب".

وأشارت إلى نقل صحيفة "واشنطن بوست" عن مصدر لم تُسمه قوله إن "جماعة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يُبلغون إسرائيل: سنتخلى عنكم إذا لم تنهوا هذه الحرب".

واعتبرت الصحيفة أنه "يمكن لإسرائيل أن تستمر في تجاهل الواقع، وكسب الوقت، والتمسك برواية 'الجميع معادون للسامية'. الثمن: أرواح الرهائن، وجنود الجيش الإسرائيلي، وعشرات الآلاف من الفلسطينيين، وتحول إسرائيل إلى دولة منبوذة".

الجوع يضرب قطاع غزة بسبب إغلاق المعابر والحرب - shutterstock
الجوع يضرب قطاع غزة بسبب إغلاق المعابر والحرب – shutterstock

ويقول المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، آفي اشكنازي، إنه في الأسابيع الأخيرة، فقدت إسرائيل المكاسب التي حققتها من تحركاتها في غزة، وحماس نجحت في تغيير الديناميكية وجعل إسرائيل "منبوذة" في العالم.

وفي تصريح لافت، قال سفير دولة الاحتلال في الاتحاد الأوروبي، حاييم ريجيف، إنه "على مدار عام ونصف، كررنا أمام الأوروبيين (قصة الأسرى الإسرائيليين)، إلى متى سنكرر قصة (عائلة) بيباس؟".

وتابع المسؤول الإسرائيلي بالقول: "الآن يرون دماراً كبيراً وأطفالاً، 70% من غزة مدمرة، وآلاف القتلى، ويقول الأوروبيون: تريدون تحرير الأسرى؟ أنهوا الحرب وحرروهم".

وشدد على أن المساعدات الإنسانية كانت القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وإذا لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة، واستمرت الحرب في جلب المزيد من الضحايا، سيكون هناك انزلاق في العلاقات".

وذكر أنه في إسرائيل يُستخدم مصطلح "معاداة السامية" أكثر بكثير من اللازم، مشيراً إلى أن دعم الفلسطينيين أصبح في العالم نوعاً من "الصيحة".

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تصاعدت الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل والمؤيدة للفلسطينيين في دول أوروبية والولايات المتحدة.

وفي الولايات المتحدة، رغم أن الأمريكيين ما زالوا يميلون أكثر للقول إن تعاطفهم ينصب لصالح الإسرائيليين، إلا أن نسبة 46% التي أعربت عن تأييدها لإسرائيل هي الأدنى منذ 25 عاماً، بحسب استطلاع رأي أجراه معهد غالوب مؤخراً.

وأظهر الاستطلاع، الذي أُجري في مارس/آذار 2025، ارتفاع نسبة الأمريكيين الذين أعربوا عن تعاطفهم مع الفلسطينيين بمقدار 6 نقاط مئوية عن العام الماضي إلى 33%، وهي أعلى نسبة على الإطلاق لهذا المقياس.

كما أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث في مارس/آذار الماضي أيضاً أن 53% من الأمريكيين أعربوا عن رأي سلبي تجاه إسرائيل، وهو ما يمثل زيادة قدرها 11 نقطة مئوية منذ المرة الأخيرة التي أُجري فيها الاستطلاع في عام 2022.

ويشير استطلاع للرأي نشرته مؤسسة "إيكو" لمراقبة الشركات في الفترة من 5 إلى 10 يونيو/حزيران 2024 إلى أن أكثر من 60% من الأوروبيين يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يُعلّق التجارة الحرة مع إسرائيل التي تتيحها اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.

وكشف استطلاع جديد أجرته مؤسسة بيرتلسمان الألمانية المستقلة، ونُشرت نتائجه مؤخراً، أن الشعب الألماني أصبح أكثر انتقاداً لإسرائيل على مر السنين.

تحميل المزيد