أزمة تجنيد الحريديم في الجيش تهدد نتنياهو من جديد.. هل تطيح قريباً بالائتلاف اليميني؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/14 الساعة 13:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/14 الساعة 13:28 بتوقيت غرينتش
تهدد الأحزاب الحريدية بإسقاط الحكومة بسبب التجنيد بالجيش/ عربي بوست

عادت أزمة تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي إلى الواجهة عقب إطلاق حملة لتطبيق قانون ملاحقة واعتقال اليهود المتدينين الذين تهربوا من الخدمة العسكرية، في خطوة أثارت غضب الأحزاب الحريدية في الائتلاف اليميني، مهددين بإسقاط الحكومة خلال ساعات.

بعد عام وسبعة أشهر من الحرب، تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمرير قانون التجنيد، وقال الأحد الماضي: "سنعمل على تعبئة 10500 من الحريديم خلال عامين".
وكان الرقم قبل الحرب يصل إلى 1800 مجند من الحريديم في كل عام، وكان هدف الجيش الإسرائيلي للعام الحالي للتجنيد، الذي ينتهي في يوليو/تموز، هو تجنيد 4800 مجند منهم، ولكن في الواقع، انضم حتى الآن ما يزيد قليلاً على 2000 مجند فقط.

وبسبب الاحتياجات العملياتية للجيش الإسرائيلي، أصدر رئيس الأركان إيال زامير تعليمات جديدة لتوسيع إصدار أوامر التجنيد لليهود المتدينين، وذلك بعد أوامر سابقة بشأن تجنيدهم، في ظل نقص مستمر في القوى العاملة وحرب غزة المطولة.

وبالتوازي مع استعدادات الجيش الإسرائيلي لتوسيع نطاق إرسال أوامر تجنيد الحريديم، بدأت القوات بعملية إنفاذ ضد الهاربين الذين تلقوا أوامر التجنيد.

وقال الجيش الإسرائيلي إن "الشرطة العسكرية بدأت باتخاذ إجراءات ضد الأفراد المؤهلين للتجنيد الذين لم يُقدموا للخدمة بعد استلامهم أوامر التجنيد"، قائلاً إن تطبيق القانون يأتي بعد "استنفاد جميع الإجراءات اللازمة".

وذكر الجيش الإسرائيلي أن ضابط الخدمة العسكرية الذي تلقى أمراً ولم يستجب للتجنيد يعتبر مرتكباً جريمة التغيب غير المصرح به عن الخدمة.

وأضاف الجيش: "سنواصل تطبيق القانون واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتهربين من واجبهم".

جنود إسرائيليون من كتيبة المشاة
جنود إسرائيليون من كتيبة المشاة "نيتسح يهودا" الحريدية/ رويترز

وتقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن عملية التنفيذ تأتي بسبب نقص القوى البشرية واستمرار القتال، حيث يعتزم الجيش تطبيق الأوامر والعقوبات بشكل صارم ضد أولئك الذين لا يمتثلون لها، سواء في المجتمع الحريدي أو القطاع العام (في إشارة إلى جنود الاحتياط).

غضب في أوساط الحريديم

  • وشنت الأحزاب الحريدية هجوماً شرساً على الجيش الإسرائيلي، وقال مسؤول حريدي كبير لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "إذا تم بالفعل اعتقال طلاب المدارس الدينية، فهذه الأيام ستكون الأخيرة للحكومة".
  • كما قال مسؤولون في حزب "يهدوت هتوراه": "قرر رئيس الأركان الإطاحة بالحكومة".

ويتحالف حزب "ديغل هتوراه" (راية التوراة) الذي يمثل اليهود الليتوانيين مع حزب "أغودات يسرائيل" (رابطة إسرائيل) الذي يمثل اليهود الغربيين (الأشكيناز) لتشكيل كتلة برلمانية واحدة في الكنيست الحالي هي "يهدوت هتوراه" (التوراة اليهودية الموحدة). ويتمتع هذا التيار الحريدي بـ7 مقاعد في الكنيست، ويدعو لإقامة دولة يهودية تقودها القوانين الدينية، ويرفض المفاوضات مع الفلسطينيين.

ويتمتع هذا التحالف بتأثير كبير في استقرار حكومة نتنياهو التي تتمتع بأغلبية 68 صوتاً من أصل 120 في الكنيست.

  • ولمقاومة أوامر التجنيد، قام "فصيل القدس" التابع للحاخام تسفي فريدمان، بتفعيل خط ساخن يهدف إلى مساعدة الشباب الحريديم الذين تلقوا أوامر الإبلاغ على التهرب منها دون المخاطرة بالاعتقال.
  • حيث يتواصل الخط الساخن بشكل استباقي مع أولئك الذين تلقوا أوامر، ويقنعهم بعدم القيام بذلك، ومؤخراً قام نشطاء من منظمات مناهضة لتجنيد الحريديم بتوزيع منشورات وإعلانات ضد الخدمة في الجيش الإسرائيلي.
  • وقال الحاخام الأكبر لطائفة اليهود الشرقيين، يتسحاق يوسف: "إذا فُرض اعتقال طلاب المعاهد الدينية الحريديم لرفضهم التجنيد، فلن نبقى هنا، لا توجد أي شرعية للبقاء هنا من دون دراسة التوراة".

ما موقف المعارضة من تجنيد الحريديم؟

ولقي قرار رئيس الأركان بتوسيع نطاق إصدار أوامر التجنيد للحريديم ردود فعل مرحبة من المعارضة.

  • رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، أكد أنها خطوة طال انتظارها، مشدداً على المساواة بين الجميع بشأن التجنيد.
  • رئيس حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس، شدد على أن أزمة الائتلاف الجديدة مقلقة، لأنها تأتي جزءاً من مفاوضات لمواصلة إعفاء الحريديم من التجنيد الإجباري في أوقات الحرب.
  • كتب رئيس حزب "الديمقراطيين"، يائير جولان، على شبكة إكس: "القانون هو القانون. التجنيد هو التجنيد، والمساواة هي المساواة، لا تتوقفوا، جنّدوا الجميع".
  • طالبت ما يسمى حركة "جود الحكم" بالخطوة، وطالبت بتطبيق عقوبات على من يتخلف عن التجنيد.

كم يحتاج الجيش لتعويض نقص القوى البشرية؟

قال رئيس قسم تخطيط القوى العاملة في الجيش الإسرائيلي، العميد شاي طيب، إن الجيش يحتاج إلى 12 ألف جندي في التشكيل النظامي وحده، منهم 7 آلاف مقاتل، والبقية أفراد دعم قتالي.


وبحسب قوله، فإن توسيع نطاق التجنيد من القطاع الحريدي ضروري، نظراً للاستنزاف الكبير لمقاتلي الاحتياط، الذين تم استدعاء العديد منهم منذ فترة طويلة للجولة السادسة وحتى السابعة منذ بداية الحرب.

بحسب معطيات الجيش الإسرائيلي، فقد تم حتى الأسبوع الماضي إرسال 18900 أمر إلى الشبان الحريديم، 8900 منها خلال الربع الثالث.

ومن بين المدعوين للحضور إلى مكاتب التجنيد، صدر حتى الآن أكثر من 2500 "أمر 12" يقيّد مغادرتهم البلاد بسبب رفضهم الحضور، كما تم إعلان 960 آخرين متهربين من الخدمة العسكرية، وهو ما يعني أن أي اتصال لهم بالشرطة قد يؤدي إلى اعتقالهم.

وإلى جانب تهرب الحريديم من الخدمة، يعاني الجيش الإسرائيلي أيضاً من عدم رغبة الآلاف من جنود الاحتياط في العودة إلى الخدمة والقتال في قطاع غزة.

"بالون اختبار".. هل هدأت العاصفة فعلاً؟

استمر نتنياهو، الذي تعهد بتمرير قانون التجنيد في المحادثات مع الأحزاب الحريدية لتشكيل الحكومة في أواخر عام 2022، في تأجيل المسألة، والتخفيف من حدة الأزمات الدورية والتهديدات بإسقاط الحكومة في خضم الحرب.

ومع ذلك، يبدو أن التهديدات التي تواجه الائتلاف أصبحت الآن أكثر جدية، مع عدم وجود حل في الأفق وتصعيد الخصوم السياسيين المحتملين لهجماتهم على الحكومة بشأن هذه القضية، بحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل".

في مارس/آذار الماضي، تواصلت المستشارة القضائية للحكومة مع وزير الجيش، وطلبت تعزيز أدوات التنفيذ وحرمان الحريديم الذين يتهربون من التجنيد من المزايا الاقتصادية، لكنه لم يستجب حتى الآن.

وتحث المستشارة القضائية الجيش الإسرائيلي على تطبيق العقوبات ضد الحريديم الذين لا يتطوعون، وتدعو إلى إرسال الأوامر إلى جميع الحريديم الذين هم في سن الخدمة العسكرية، وشددت على أن الأمر الصادر عن المحكمة العليا الشهر الماضي، والذي يطالب الحكومة الإسرائيلية بتوضيح سبب عدم تجنيد الحريديم، يُعد "مؤشراً خطيراً".

في يونيو/حزيران 2024، قضت المحكمة العليا بالإجماع بوجوب تجنيد الحريديم في الجيش، وعدم منح المدارس الدينية تمويلاً حكومياً إذا لم يلتحق طلابها بالجيش.

وانتقدت الحكومة بشدة، مؤكدة أن تعاملها مع انتهاء صلاحية قانون الخدمة العسكرية الإسرائيلي غير قانوني.

احتجاجات للحريديم ضد التجنيد/ رويترز
احتجاجات للحريديم ضد التجنيد/ رويترز

وقالت المدعية العامة إن قرارها بشأن الحريديم اتُّخذ "على خلفية انخفاض معدلات التجنيد بين طلاب المدارس الدينية، وعدم المساواة المتزايدة الناجمة عن العبء المتزايد على أولئك الذين يخدمون في الخدمة الفعلية والاحتياط".

وبعد التهديدات التي وجهتها الأحزاب الحريدية بإسقاط الحكومة، إذا تم اعتقال شخص واحد من الحريديم، زعمت مصادر منها أن هذا كان "بالون اختبار" للجيش الإسرائيلي، وأشاروا إلى أن "الأزمة أصبحت خلفنا"، وأضافوا: "أرادوا أن يروا كيف سنرد، وماذا سيحدث"، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وبحسب صحيفة "معاريف"، فإن المسؤولين الأمنيين أوضحوا لمسؤولي الائتلاف أنه لن يتم اعتقال الشبان الحريديم، وبالتالي هدأت العاصفة.

ولكن منذ أسابيع، واصلت الأحزاب الحريدية مخالفة انضباط الائتلاف فيما يتعلق بالتصويت في الكنيست كل يوم أربعاء، والسبب في ذلك هو اتهام الحريديم للائتلاف بالمماطلة في المضي قدماً نحو سن قانون التجنيد الذي من شأنه أن ينظم تهرب الحريديم من التجنيد في الجيش الإسرائيلي.

وتُعرض مشاريع القوانين بالعادة يوم الأربعاء في الكنيست الإسرائيلي ليتم اعتمادها بالقراءات التمهيدية، ورغم ذلك، يلتزمون بالحضور يوم الإثنين لأنه يتم رفع مشاريع قوانين أكثر أهمية تتعلق بالحكومة.

وتقول صحيفة "معاريف" إن الحريديم يدركون أن عدم استقرار التصويت أيام الإثنين قد يعرضهم للأذى، لأنه يتم الترويج لقوانين لصالح الحكومة التي يشكّل الحريديم جزءاً منها، وإذا تم المساس بها، فإن مصالح الحريديم ستكون معرضة للخطر.

والأسبوع الماضي، اضطر الائتلاف إلى سحب مشاريع قوانينه من جدول الأعمال، بما في ذلك اقتراح تقسيم منصب المستشار القضائي للحكومة.

ورغم اللقاء الذي عُقد بين نتنياهو وزعماء الأحزاب الحريدية، فإن الأزمة لم تُحلّ بعد.

والتقى رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين، الليلة الماضية، مع اللجان العسكرية المختصة التي تعمل من أجل المساواة في التجنيد.

وفي ختام الاجتماع قال: "من الممكن أن ينفجر الأمر برمّته خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة"، وذلك على خلفية اختتام مناقشات اللجنة والانتقال إلى مرحلة كتابة القانون من قبل الفريق القانوني.

بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي/رويترز
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي/رويترز

ويرفض إدلشتاين، وهو عضو في حزب الليكود، تقديم مشروع الإعفاء للحريديم من خلال لجنته، متعهداً بأن أي قانون بشأن هذه المسألة يجب أن "يزيد بشكل كبير من قاعدة التجنيد في الجيش".

إلى ذلك، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو قد يدعو إلى انتخابات جديدة قريباً إذا شعر أن شركاءه الحريديم يعتزمون الإطاحة بالحكومة بسبب قانون التجنيد.

وقال وزير رفيع المستوى لموقع "زمان يسرائيل" التابع لـ "تايمز أوف إسرائيل" باللغة العبرية، إن "نتنياهو سيسعى إلى إنقاذ أصوات الناخبين الذين أصبحوا يعتبرون إعفاء عشرات الآلاف من طلاب المعاهد الدينية الحريدية أمراً غير مقبول".

وأكد الوزير الإسرائيلي أن "نتنياهو يعلم أنه لا يوجد حل لمسألة تجنيد الحريديم. إنه ينتظر الوقت المناسب، وسيقول في النهاية: في هذه المسألة المهمة، لم أستسلم"، وبهذه الطريقة، سيحصل على الأقل في الانتخابات على دعم جنود الاحتياط الإسرائيليين الآخرين الذين لا يقبلون بعدم المساواة في التجنيد العسكري".

تحميل المزيد