“غلوبال 195”.. مبادرة دولية قانونية لملاحقة جنود الاحتلال المتورطين في جرائم حرب بغزة، والبداية من رومانيا

عربي بوست
تم النشر: 2025/03/26 الساعة 12:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/03/27 الساعة 06:06 بتوقيت غرينتش
المحكمة الجنائية الدولية/ رويترز


قدمت مبادرة دولية قانونية تحمل اسم "غلوبال 195″، الثلاثاء 25 مارس/آذار 2025، شكوى جنائية إلى السلطات الرومانية للمطالبة باعتقال والتحقيق مع جندي إسرائيلي مشتبه به شارك في الحرب على غزة ومتواجد حالياً في رومانيا.

وقدّم المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين (ICJP)، الذي أطلق مبادرة "غلوبال 195″، الشكوى بالتعاون مع فريق قانوني روماني محلي.

وتأتي الشكوى الجنائية ضد الجندي الإسرائيلي ضمن الجهود القانونية الدولية التي تعكف عليها مؤسسات قانونية لملاحقة جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في الخارج مع استمرار الإبادة الجماعية التي تمارسها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في غزة.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 162 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

تبادل الأسرى
عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة/ رويترز

وتنضم مبادرة "غلوبال 195" إلى قائمة المبادرات الأخرى التي تستهدف ملاحقة الجنود الإسرائيليين في الخارج، وفي مقدمتهم مؤسسة هند رجب الحقوقية التي تتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقراً رئيسياً لها، والتي تأسست في فبراير/شباط 2024.

وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

ما هي مبادرة "غلوبال 195″؟

  • مبادرة "غلوبال 195" هي تحالف قانوني يُعنى بملاحقة الإسرائيليين ومزدوجي الجنسية المتورطين في ارتكاب جرائم الحرب بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
  • تم الإعلان عن تأسيس مبادرة "غلوبال 195" في 18 مارس/آذار 2025 في العاصمة البريطانية لندن، تحت إشراف المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين.
  • يستند التحالف القانوني "غلوبال 195" إلى إنشاء شبكة دولية للمساءلة تمتد عبر أربع قارات، وتستخدم الآليات القانونية الوطنية والدولية لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب في غزة، وتسعى إلى استصدار أوامر اعتقال وبدء الإجراءات القضائية بحقهم.
  • وتستهدف المبادرة جنوداً من جيش الاحتلال الإسرائيلي وكبار الضباط والمسؤولين السياسيين المتهمين بانتهاك القانون الدولي.
  • ومن خلال المبادرة يعمل المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين على تنسيق الجهود مع محامين ومؤسسات قانونية في دول عديدة، لضمان تقديم المسؤولين عن الجرائم إلى العدالة.
  • وحظيت المبادرة بدعم محامين ومنظمات مجتمع مدني من بريطانيا وكندا وتركيا والنرويج وماليزيا والبوسنة والهرسك، ما يعزز جهودها في تحقيق المساءلة القانونية على المستوى العالمي.
مبنى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي/رويترز

ما هي آلية عمل مبادرة "غلوبال 195″؟

  • قال مدير المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين، طيب علي، إن المركز عمل خلال الأشهر الـ18 الماضية على جمع الأدلة حول جرائم الحرب المرتكبة في غزة.
  • وأفاد بـ"امتلاك غلوبال 195 عدداً كبيراً من الأدلة التي تم توثيقها وفقاً للمعايير الجنائية البريطانية"، بما في ذلك 135 شهادة من شهود عيان من غزة، والتي أكدت المواد مفتوحة المصدر التي تم التقاطها عبر القطاع المحاصر.
  • وأضاف أن "هذه الأدلة توفر صورة واضحة للغاية حول الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، ما دفع المركز إلى إطلاق المرحلة الثانية من المساءلة عبر مبادرة غلوبال 195".
  • ومبادرة "غلوبال 195″، كما أوضح علي، "تسعى إلى تشكيل فرق قانونية مستقلة في كل دولة، وأطلقنا على المشروع اسم غلوبال 195 لوجود 195 دولة في العالم، وهدفنا هو أن يمتد نطاق المبادرة إلى جميع أنحاء العالم".
  • وأفاد بأن "المبادرة تهدف إلى تمكين المجموعات القانونية والمنظمات من استخدام الأدلة المتاحة لتقديم شكاوى قانونية إلى السلطات المحلية، والشروع في ملاحقات قضائية، لضمان محاسبة المتورطين في جرائم الحرب".
  • وتابع: "إذا لم تقم السلطات بفتح تحقيقات أو اتخاذ إجراءات قضائية، فستعمل فرقنا على إصدار أوامر اعتقال وإطلاق ملاحقات قضائية فردية".
  • ووقّعت 124 دولة، ليس بينها إسرائيل ولا الولايات المتحدة، على "ميثاق روما" المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، ولذلك فإن تلك الدول ملزمة باعتقال نتنياهو أو غالانت بمجرد وجود أحدهما داخل حدودها.
  • وقال علي إن بعض الدول قد تواصل حماية المشتبه بارتكابهم جرائم حرب، "فمثلاً، من المستحيل أن تفكر الإدارة الأمريكية الحالية (برئاسة دونالد ترامب) في ملاحقة أي إسرائيلي قضائياً".
  • واستدرك: "لكن هذا لا ينطبق على جميع الدول. سافرنا حول العالم والتقينا مسؤولين رفيعي المستوى من سفراء ووزراء خارجية وعدل وحتى رؤساء دول".
  • واستطرد: "يمكنني القول بوجود إرادة لاتخاذ إجراءات تفضي إلى ملاحقة مرتكبي جرائم حرب، لكن القدرة على التنفيذ ليست متاحة دائماً، ولهذا حظيت مبادرتنا بترحيب حكومات عديدة، وسنعمل معاً لضمان تحقيق العدالة".
  • ووفق مدير فرع المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين في كندا، شين مارتينيز، فإن الهدف الأساسي من المبادرة هو ملء الفراغ القانوني الذي تتركه الحكومات المترددة في اتخاذ الإجراءات اللازمة.
  • وأضاف مارتينيز للأناضول: "يذهب العديد من الأشخاص الحاملين لجنسيات أجنبية من بريطانيا وكندا وغيرها من الدول للانضمام إلى الجيش الإسرائيلي".
  • وتابع: "ورغم الاشتباه في تورطهم في جرائم حرب أو أنشطة غير قانونية، فإن حكوماتهم لا تتخذ أي إجراءات قانونية ضدهم".
  • وأوضح مارتينيز أن "مبادرة غلوبال 195 تسعى إلى دفع الدول باتجاه محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، عبر اتخاذ خطوات قانونية مستقلة".
  • وختم قائلاً: "سنلجأ إلى الملاحقات القضائية الخاصة، ونعمل مع الشركاء حول العالم على زيادة الوعي، والضغط على الحكومات المترددة لدفعها إلى التحرك لضمان تحقيق العدالة".

ما هي أبرز القضايا التي رفعتها  مبادرة "غلوبال 195" ضد جنود الاحتلال؟

  • تم تقديم شكوى جنائية إلى السلطات الرومانية للمطالبة بالتحقيق واعتقال جندي إسرائيلي مشتبه به موجود حالياً في رومانيا. 
  • وقدّم المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين الشكوى، الثلاثاء 25 مارس/آذار، بالتعاون مع فريق قانوني روماني محلي.
    وقدم المركز أدلةً على المشتبه به المذكور، بما في ذلك صورة له في غزة إلى جانب جندي آخر كان يرتدي ملابس مدنيين فلسطينيين
  • وقال الفريق القانوني لمبادرة "غلوبال 195"  إن هذا الشخص شارك في عمليات عسكرية إسرائيلية قد تُشكّل جرائم حرب بموجب القانونين الروماني والدولي. 
  • وأشارت المذكرة القانونية للمركز إلى مذكرات التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين كبار، وحثّت السلطات الرومانية على الالتزام بالتزاماتها بموجب نظام روما الأساسي الذي صادقت عليه رومانيا. كما أشارت إلى أحكام القانون الجنائي الروماني المتعلقة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. 
  • وقال المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين إنه بموجب القانون المحلي والدولي، إذا تواجد مجرم حرب مشتبه به على الأراضي الرومانية، فيجب على النظام القانوني للبلاد الرد. 
  • وطلب الفريق القانوني التابع للمركز من الشرطة الرومانية احتجاز هذا الفرد، ومصادرة أجهزته الإلكترونية لإجراء الفحص الجنائي عليها، وبدء تحقيق جنائي كامل. 
  • وقال طيب علي، مدير المركز الدولي للعدالة والسلام: "لا ينبغي أن يُسمح لأي شخص يرتكب جرائم دولية بالسفر حول العالم دون عقاب". وأضاف: "يتوجب على رومانيا الآن اتخاذ إجراء قانوني وأخلاقي. يجب أن تُقابل جرائم الحرب بالعدالة".
متظاهرون مؤيدون لغزة أمام محكمة العدل الدولية/الأناضول

ما هي المخاطر التي تشكلها ملاحقة جنود الاحتلال الإسرائيلي في الخارج؟

  • 1- خيارات قليلة: لدى حكومة الاحتلال خيارات قليلة للتعامل مع ملاحقة جنودها الذين شاركوا في حرب الإبادة الجماعية في غزة، وحتى هذه الخيارات لا يتم استخدامها بشكل صحيح حالياً، وفق ما نقلته صحيفة هآرتس العبرية عن مصدر رفيع المستوى في الخارجية الإسرائيلية.
  • وتحدث المصدر، الذي لم تسمه الصحيفة، عن "أهمية إقناع أكبر عدد ممكن من الدول بأن إسرائيل تجري تحقيقات صادقة وجريئة في المخالفات التي تحدث في صفوفها".
  • ولكنه استدرك معرباً عن "قلقه من أن الحكومة الحالية تفعل العكس تماماً عبر مهاجمة النيابة العسكرية (الإسرائيلية) لاتخاذها إجراءات ضد الجنود المشتبه في اعتدائهم جسدياً على المعتقلين الفلسطينيين".
  • 2- قرار العدل الدولية: يقدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي بإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت سيعطي زخماً للاعتقالات والإجراءات الجنائية الأخرى في جميع أنحاء العالم ضد كبار الضباط في الجيش.
  • وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن الوضع سيكون أكثر صعوبة بعد نهاية الحرب في غزة وتراجع حدة القتال وفتح المنطقة أمام جولات منظمات حقوق الإنسان والصحفيين الأجانب بحرية.
  • 3- مبدأ الولاية القضائية العالمية: وهو أحد مبادئ القانون الدولي التي تسمح نظرياً لأي محكمة وطنية بمحاكمة المتهمين في جرائم ذات تداعيات جسيمة بغض النظر عن مكان ارتكابها.
  • وقد اعتمدت دولة الاحتلال نفسها على هذا المبدأ القانوني لمحاكمة أدولف آيخمان، وهو مسؤول نازي كبير، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أثناء الهولوكوست.
  • وتعزز وسائل التواصل الاجتماعي بجانب التكنولوجيا الرقمية الآن الأدلة التي يمكن تقديمها بالاعتماد على مبدأ الولاية القضائية لتقديم شكاوى جنائية ضد جنود وضباط الاحتلال ممن شاركوا في الحرب على غزة، سواء من المستويات العليا في الجيش أو المستويات الأدنى.
  • ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن يوفال شاني، أستاذ القانون الدولي في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، قوله: "تأتي التكنولوجيا لسد الفجوة، لأنه بمجرد تصويرك وتوثيقك لنفسك أثناء ارتكاب جريمة حرب، يصبح من الأسهل بكثير مقاضاتك، حتى في محكمة بعيدة في نصف الكرة الأرضية الآخر".
  • ورغم أن مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تُنتزع من سياقها أو تُفسَّر بشكل خاطئ، فإن "بعضها يبدو سيئاً للغاية"، على حد قول شاني الذي أضاف أن "هناك درجة محتملة من المساءلة لم نشهدها من قبل في الحروب، وذلك ببساطة لأنه كان من الصعب للغاية توليد الأدلة".
  • 4- الحصانة الدبلوماسية: على النقيض من القادة الأكثر خبرة، لا يتمتع جنود الاحتلال من المستويات الأدنى عادة بالحصانة الدبلوماسية، أو الموارد اللازمة للبحث في الولايات القضائية التي قد تجعلهم عرضة لشكاوى جرائم الحرب، وفق نيويورك تايمز.
  • 5- حظر السفر: يشكل السفر إلى الخارج أهمية بالغة بالنسبة للإسرائيليين، وفق ما ذكره شاني، أستاذ القانون الدولي في الجامعة العبرية. وأضاف: "لذا أعتقد أن هناك فكرة مفادها أن هذا يشكل خطراً غير مقبول، وأن على الحكومة والجيش أن يتخلصا منه".

تحميل المزيد