“ستعقّد مهمة “إسرائيل” في ضرب المنشآت النووية”.. ماذا سيعني حصول إيران على مقاتلة سو 57 الروسية؟

تم النشر: 2025/03/05 الساعة 12:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/03/05 الساعة 12:48 بتوقيت غرينتش
سوخوي 57 الشبحية - الصورة: تاس

كان رصد مقاتلة روسية من الجيل الخامس من طراز سو-57 الشبحية في إيران في 27 فبراير/شباط 2025 ولأول مرة، أمراً مثيراً وجديراً بالملاحظة لعدة أسباب، أولها أن موسكو لا تنشر مقاتلاتها الأكثر تطوراً في الجمهورية الإسلامية ولم يسبق لها فعل ذلك، وثانيها أن هذا المشهد يذكر الإيرانيين بحجم تأخرهم عن جيرانهم بامتلاك مقاتلات متطورة وحديثة، فما بالك إن كانت شبحية ومن الجيل الخامس أيضاً. 

وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرها موقع The War Zone طائرة Su-57 الروسية متوقفة في قاعدة جوية بمنطقة بندر عباس الساحلية في إيران يومي 19 و21 فبراير، حيث كانت الطائرة عائدة من معرض Aero India 2025 الذي عقد في الهند منتصف الشهر الماضي.

وترجح تقارير أمريكية أن طائرة سو-57 الروسية (التي يسميها حلف الناتو  "فيلون") قامت بزيارة مفاجئة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لأنها احتاجت إلى التزود بالوقود في طريق العودة من معرض Aero India 2025 ، حيث قدمت طائرة سو-57 عرضاً مثيراً للإعجاب للمشترين الأجانب المحتملين.

لكن في الوقت نفسه، هناك احتمال أن يكون الروس قد أتوا إلى إيران لعرض طائرة سو-57 لعرضها ومعاينتها تمهيداً لبيعها إلى طهران، كما تتحدث بعض التقارير الغربية، مما أثار تكهنات بأن طهران قد تكون مشغلاً مستقبلياً للطائرة الروسية التي يصفها الروس بـ"المعجزة"، ويعتبرها الرئيس فلاديمير بوتين "الأفضل في العالم" بين نظيراتها.

إيران بحاجة مُلحّة لترقية سلاح الجو الخاص بها.. هل تساعدها روسيا في ذلك؟

  • منذ وقت طويل، تسعى طهران لتطوير منظومات سلاحها الجوي القديم، حيث يعد سلاح الجو الإيراني -على الورق- أحد أكبر الأسلحة الجوية في العالم، إذ يضم تشكيل قواته حوالي 350 طائرة مقاتلة، أي أكثر من ضعف عدد الطائرات المُقاتلة الموجود لدى سلاح الجو الملكي البريطاني.
  • لكنَّ معظم طائرات إيران المُقاتلة قديمة وعفا عليها الزمن بسبب العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية منذ وقت طويل. أمَّا الطائرات غير القديمة، فهي مجرد نسخ جديدة من تصميمات قديمة، فأسراب القوات الجوية الإيرانية تضم مُقاتلات أمريكية من طراز F-14 وF-5 وF-4 يرجع تاريخها إلى سبعينيات القرن الماضي، وبعض الطائرات القديمة من طراز MiG-29 وقاذفات سوخوي المُقاتلة التي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، وبضع طائرات من طراز J-7 اشترتها الجمهورية الإسلامية من الصين في تسعينيات القرن الماضي. 
  • أما القطع الأخيرة التي انضمت إلى سلاح الجو الإيراني فهي نسخ محلية الصنع من طائرات F-5 صُنِعَت بأسلوب الهندسة العكسية. لكنَّ البلاد حاولت مراراً شراء طائرات مُقاتلة جديدة من الصين وروسيا لكنها لم تستطع الحصول عليها لوقت طويل. 
  • لكن التعاون العسكري بين روسيا وإيران شهد تصاعداً كبيراً خلال العامين الماضيين شمل توقيع اتفاقيات دفاعية مشتركة وإجراء مناورات عسكرية، وفي ظل الحرب المتصاعدة في الشرق الأوسط وفي أوكرانيا، أصبحت القوتين الحليفتين تتبادلان العديد من القدرات العسكرية مما يدعم مصالح كلٍ منهما سواء في الحرب الروسية الأوكرانية، أو المواجهة الإيرانية الإسرائيلية المتصاعدة.
  • حيث زودت طهران موسكو خلال حربها في أوكرانيا بآلاف الطائرات الهجومية مسيرة من طراز شاهد وغيرها من المساعدات العسكرية، بما في ذلك تزويد موسكو بمئات الصواريخ الباليستية قصيرة المدى بحسب تقارير استخباراتية أمريكية، وكذلك مساعدة روسيا في إنشاء مصنع للطائرات المسيرة على أراضيها، لانتاج الآلاف من طائرات "شاهد-136" الهجومية.
الطائرة الشبحية من الجيل الخامس سوخوي-57 / الصورة: سوخوي
  • وفي المقابل، عرضت روسيا على الجمهورية الإسلامية "تعاوناً دفاعياً غير مسبوق"، كما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي في عام 2023. ويشمل هذا بيعاً لطائرات مقاتلة روسية من طراز سوخوي-35 (يطلق عليها حلف الناتو اسم "فلانكر-إي") لإيران وقد يعني بيع طهران منظومة إس-400 الدفاعية القادرة على تهديد الطائرات الإسرائيلية.
  • وفي 27 يناير/كانون الثاني 2025 أعلن علي شادماني القائد البارز في الحرس الثوري الإيراني، أن بلاده اشترت طائرات مقاتلة روسية الصنع من طراز سوخوي-35. وهذه هي أول مرة يؤكد فيها مسؤول إيراني شراء طائرات سوخوي-35 منذ عام نوفمبر 2023 حينما قالت وكالة تسنيم الإيرانية إن طهران أتمت ترتيبات لشراء مقاتلات روسية. غير أن شادماني، الذي نقلت تصريحاته شبكة أخبار الطلبة (إس.إن.إن)، لم يفصح عن عدد الطائرات وما إذا كانت إيران قد شغلتها بالفعل.
  • ووقعت إيران وروسيا الشهر الماضي اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة لم تتطرق إلى نقل أسلحة، لكنها أشارت إلى توطيد "التعاون العسكري التقني" بين البلدين.

ماذا سيعني امتلاك مقاتلة سو 57 الروسية بالنسبة لإيران؟

  • إذا نجحت إيران في الحصول على Su-57 الشبحية من الجيل الخامس، فسيشكل ذلك ترقية كبيرة وغير مسبوقة لقواتها الجوية المتقادمة، والتي تتكون إلى حد كبير من الطائرات الأمريكية التي حصلت عليها قبل الثورة الإسلامية عام 1979 والنماذج الروسية القديمة. 
  • تشير تقارير إلى أن إيران وروسيا ناقشتا إمكانية شراء طائرات سو-57 من قبل، لكن هذه المحادثات لا تزال في مراحلها الأولية ولم تسفر بعد عن اتفاقات رسمية. وعلى الرغم من جاذبية طائرات سو-57، وخاصة في ظل المصالح الاستراتيجية لإيران في الهيمنة الإقليمية، لم تتحقق أي عملية شراء. ويكمن الحل في الوقت الحالي، بالصفقة التي أبرمتها إيران مع روسيا بشأن طائرات سو-35.
  • وباعتبارها طائرة مقاتلة من "الجيل الرابع++" ، تتمتع طائرة سو-35 بقدرة عالية على المناورة وكفاءة قتالية، على الرغم من أنها تفتقر إلى ميزات التخفي التي تتمتع بها طائرة سو-57، وهو ما تحتاجه طهران في أي حرب قادمة مع "إسرائيل" التي تمتلك سرباً من مقاتلات إف-35 الشبحية الأمريكية.
في الصورة التي نشرها موقع The War Zone، تم تحديد هوية الطائرة المقاتلة الروسية Su-57 Felon في بندر عباس، إيران، في 19 فبراير 2025 (مصدر الصورة: MAXAR Technologies)
  • تهدف طهران إلى تحديث قوتها الجوية وتعزيز قدراتها الدفاعية وسط التوترات الإقليمية المتزايدة وتهديدات "إسرائيل" بتوجيه ضربة للمفاعلات النووية الإيرانية لمنعها من امتلاك سلاح نووي. وتقول مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية إن بيع روسيا لطائرات سو-57 لإيران من شأنه أن يعقد بشكل أساسي فرص "إسرائيل" في ضرب المنشآت النووية الإيرانية.
  • ومن شأن الاستحواذ على مقاتلات متقدمة مثل سو-57 أن يعزز القوة الدفاعية الإيرانية بشكل كبير، لكنه قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الإقليمية مع دول أخرى، بما في ذلك "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية، اللتين تظلان حذرتين من القوة العسكرية الإيرانية المتنامية. ويقول أحد كبار المحللين العسكريين الإسرائيليين، لموقع bulgarian military العسكري "إن حصول إيران على مثل هذه الأنظمة المتقدمة من الممكن أن يشعل فتيل مستوى جديد من سباق التسلح في الشرق الأوسط".

ما مميزات مقاتلة سوخوي 57 الشبحية؟

  • تم تصميم Su-57 لضمان التفوق الجوي وتنفيذ الضربات الدقيقة، ودمج قدرات التخفي المتقدمة، والقدرة الفائقة على المناورة، ومحركات الدفع الموجه. وهي مجهزة برادار N036 Byelka AESA، ومجموعة التدابير الإلكترونية المضادة L402 Himalayas، ونظام 101KS Atoll الكهروضوئي، والذي يتضمن مستشعر البحث والتتبع بالأشعة تحت الحمراء (IRST) والتدابير المضادة بالليزر.
  • يشمل تسليح طائرة س 57 الشبحية صواريخ جو-جو بعيدة المدى مثل R-37، وصواريخ جو-أرض مثل Kh-38M وKh-59MK2، وصواريخ مضادة للإشعاع مثل Kh-58UShK. بالإضافة إلى ذلك، فهي تتميز بمدفع داخلي عيار 30 ملم من طراز GSh-30-1 للمواجهات القتالية القريبة.
  • ومن المتوقع أن الطائرة سوخوي 57 تحمل مجموعة من الأسلحة الروسية الحديثة، بما في ذلك صاروخ جو-أرض الفرط صوتي Kh-47M2 Kinzhal، وتوفر الصواريخ فرط صوتية نقطة تفوق كبيرة للطائرات الروسية بصفة عامة على غيرها من المقاتلات الأخرى.
  • تم تصميم الطائرة سوخوي 57 أيضاً لتوفير قدرة فائقة على المناورة، مع تقنية توجيه الدفع الخاصة بها. حيث يزيد تصميمها من حالة عدم الاستقرار الثابت الذي يعزز القدرة على المناورة، ولديها وحدات تحكم دوامية متقدمة قابلة للتعديل مصممة للتحكم في الدوامات المولدة ويمكن أن توفر لها قدرة على تنفيذ زاوية عالية للهجوم، بما في ذلك التعافي السريع في حالة فشل نظام توجيه الدفع.
  • ويؤكد الخبراء العسكريون الروس أن تصميم سو-57 يركز على تقليل مدى الرؤية الرادارية والمرونة العالية في السرعات العالية، وهو ما من شأنه أن يمنح إيران ميزة حاسمة في الحرب الجوية الحديثة، مع العلم أن معظم المعلومات حول طائرة "سو -57" سرية، ولهذا فإن المعروف حالياً هو الخصائص التقريبية عنها. ومع ذلك، تأتي هذه الفوائد بتكلفة عالية، حيث لا يزال إنتاج سو-57 بطيئاً ومكلفاً، لكن ليس بكلفة الطائرات الشبحية الأمريكية.
  • ومنذ دخول الطائرة سو-57 الخدمة في عام 2019، لم يتم إنتاج سوى عشرات منها، مع إعطاء الأولوية للاحتياجات العسكرية الروسية. ويشير المحللون إلى أن تركيز روسيا على الإنتاج من المرجح أن يستمر في تفضيل قواتها على المشترين الأجانب، مما يعني أن إيران ستواجه تحديات في الحصول على سو-57 بالكميات اللازمة للتحديث الكامل. كما يتطلب الاستحواذ الإيراني استثمارات كبيرة في تدريب الطيارين والدعم الفني للطائرة، وهو مسعى من شأنه أن يضغط على الميزانية العسكرية لطهران.
  • ولكن حتى لو قررت روسيا في نهاية المطاف السماح بتصدير كميات محدودة من طائرات سو-57، فإن التحديات لا تزال قائمة. ذلك أن العقوبات المفروضة على إيران تجعل المعاملات المالية معقدة، والتي قد تجد لها روسيا حلولاً بالطبع. ومن ضمن التحديات الأخرى، يتطلب الحصول على هذه الطائرة استثماراً كبيراً في البنية الأساسية للصيانة وتدريب الطيارين. ومن المرجح أن تكون هناك حاجة إلى متخصصين روس لتدريب الطيارين الإيرانيين والفرق الفنية، مما يؤخر جاهزية الطائرة للعمليات، بحسب مجلة national interest الأمريكية.
  • في النهاية، إن الهدف الأوسع لإيران المتمثل في التحديث التكنولوجي في جيشها لا يقتصر على الطائرات وحدها. فقد ركزت البلاد مؤخراً على تقنيات الحرب غير المتكافئة، مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية، والتي توفر مزايا استراتيجية. ومع ذلك، فإن الحصول على طائرة شبحية من الجيل الخامس مثل Su-57 من شأنه أن يمثل تحولاً كبيراً نحو التفوق الجوي التقليدي بالنسبة لطهران.
تحميل المزيد