دخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة مرحلة "الغموض" مع انتهاء المرحلة الأولى منه، السبت 1 مارس/آذار 2025، وسط تعنت إسرائيلي في البدء بالمفاوضات المتعلقة بالمرحلة الثانية.
ولم تخلُ المرحلة الأولى، التي بدأت في 19 يناير/كانون الثاني وانتهت السبت 1 مارس/آذار 2025، من الانتهاكات الإسرائيلية، حيث لم يلتزم الاحتلال بعدة بنود تم إقرارها في الاتفاق.
ما البنود التي لم يلتزم الاحتلال بتنفيذها خلال المرحلة الأولى؟
- إدخال البيوت المتنقلة، والبالغ عددها 60 ألف، إلى قطاع غزة خلال المرحلة الأولى.
- لم يلتزم الاحتلال بالكمية المحددة من الخيام اللازم إدخالها إلى قطاع غزة.
- منع الاحتلال إدخال المعدات اللازمة لإعادة تأهيل البنية التحتية في القطاع وإزالة الركام.
- لم يدخل الاحتلال المعدات اللازمة لإعادة تأهيل القطاع الصحي والمستشفيات.
- تدخل الاحتلال في اختيار المساعدات اللازمة، وركز على المساعدات غير العاجلة تاركاً المواد الضرورية.
- عطّل الاحتلال إخراج الجرحى والمرضى عبر معبر رفح أكثر من مرة، ومنع العشرات منهم من السفر.
- واصل الاحتلال استهداف الفلسطينيين في القطاع، ومنع العودة السلسة للنازحين من الجنوب إلى الشمال.
كما لم يلتزم الاحتلال بالموعد المحدد لمفاوضات المرحلة الثانية، التي كان من المفترض أن تبدأ في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى وتنتهي قبل نهاية الأسبوع الخامس.
ماذا يريد الاحتلال الإسرائيلي؟
وأعلن الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام أنه لا ينوي البدء بالانسحاب من محور فيلادلفيا بموجب الاتفاق.
إذ ينص الاتفاق على أن الجانب الإسرائيلي يقوم بتقليص القوات تدريجياً في محور فيلادلفيا خلال المرحلة الأولى.
وبعد إطلاق آخر رهينة من المرحلة الأولى (في اليوم 42)، تبدأ القوات الإسرائيلية انسحابها وتستكمله بما لا يتجاوز اليوم الـ50.
وقال وزير الجيش الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن محور فيلادلفيا سيبقى "منطقة عازلة"، تماماً كما هو الحال في (حدود إسرائيل مع لبنان وسوريا).

وبحسب ما نشرته هيئة البث الإسرائيلية، فإن تل أبيب تسعى إلى تمديد وقف إطلاق النار لمدة 42 يوماً، ولكن دون مناقشة إنهاء الحرب.
وكانت القناة 14 العبرية قد نقلت عن مسؤول سياسي كبير أنه لن تكون هناك مرحلة ثانية في الصفقة، وأن التوجه العام هو تمديد المرحلة الأولى وإطلاق سراح المزيد من الأسرى الإسرائيليين مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر مصرية أن إسرائيل تحاول في المحادثات تمديد المرحلة الأولى 42 يوماً، تفرج خلالها حركة حماس عن 3 أسرى إسرائيليين مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
وكانت صحيفة "هآرتس" قد ذكرت أن وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، أبلغ الولايات المتحدة أن إسرائيل غير ملتزمة بالخطة المكونة من ثلاث مراحل.
لماذا لا يريد الاحتلال الانتقال إلى المرحلة الثانية؟
تشمل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار:
- الإعلان عن استعادة الهدوء المستدام (توقف العمليات العسكرية بشكل دائم) وسريانه قبل البدء بتبادل الأسرى بين الطرفين.
- الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
وكما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، فإن نتنياهو لا يريد مناقشة إنهاء الحرب على قطاع غزة خلال المرحلة الثانية.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن موقف إسرائيل بشأن المرحلة الثانية يتعلق بـ 4 شروط، وهي:
- عدم استمرار حركة حماس بالسيطرة على قطاع غزة.
- نزع السلاح من قطاع غزة.
- إخراج قادة حماس من القطاع.
- عدم نقل السيطرة على غزة إلى السلطة الفلسطينية.

وفي 27 فبراير/شباط 2025، تحدث وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، عن 4 شروط للانسحاب من محور فيلادلفيا، وهي:
- إعادة الأسرى الإسرائيليين.
- طرد حماس.
- نزع السلاح من غزة.
- السيطرة الأمنية الكاملة على قطاع غزة.
ونقلت القناة 12 العبرية عن مصدر إسرائيلي مسؤول أنه "لا يوجد التزام بإطار الاتفاق دون اتفاقات واضحة حول مستقبل غزة، وتفكيك حماس وإبعادها عن السلطة"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بشكل كامل في طرحها.
ما موقف حركة حماس من تمديد المرحلة الأولى؟
قالت حركة حماس، مع انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، إنها تؤكد التزامها الكامل بتنفيذ كافة بنود الاتفاق بجميع مراحله وتفاصيله.
وطالبت الحركة الوسطاء والضامنين والمجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال للالتزام بدوره في الاتفاق بشكل كامل، والدخول الفوري في المرحلة الثانية منه دون أي تلكؤ أو مراوغة.
كما أكد المتحدث باسم حركة حماس، حازم قاسم، في تصريحات صحفية نشرها حساب الحركة على "تيليغرام"، أنه لا توجد حتى الآن أي مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية.
وأضاف أن الاحتلال يريد من تمديد المرحلة الأولى استعادة أسراه مع إمكانية استئناف العدوان على القطاع، وهذا عكس نص الاتفاق.

وشدد على أن تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي يطرحها الاحتلال مرفوض بالنسبة لحركة حماس، مشيراً إلى أن الاحتلال يحاول إعادة الأمور إلى نقطة الصفر من خلال خلط الأوراق وطرح تمديد المرحلة الأولى.
ما هي خطط نتنياهو في قطاع غزة؟
يحاول نتنياهو فرض أمر واقع ينسجم مع طرح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المتعلق بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
حيث كشفت صحيفة "هآرتس" أن نتنياهو ينتظر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، إيال زامير، لتولي منصبه وصياغة خطة مفصلة بشأن قطاع غزة، إذ من المقرر أن يتسلم مهامه في 6 مارس/آذار القادم، خلفاً لهرتسي هاليفي.
وتشير الصحيفة إلى أن الخطة الإسرائيلية هي نسخة من "خطة الجنرالات"، حيث سيعود الاحتلال إلى الحرب المكثفة، وإنشاء مناطق إيواء للمدنيين، والسماح بتوزيع الغذاء من قبل المنظمات الدولية في هذه المناطق وحدها.
في هذا الإطار، كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، نقلاً عن مسؤولين دوليين في أعمال الإغاثة، أن الجيش الإسرائيلي قدّم للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة خطة لإدارة غزة تتضمن فرض سيطرة إسرائيلية أكثر صرامة مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب.
وفي اجتماعات مع ممثلي الأمم المتحدة، الأربعاء 26 فبراير/شباط 2025، ومع مسؤولين من وكالات أخرى، الخميس 27 فبراير/شباط 2025، حددت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق خطة لتوزيع المساعدات من خلال مراكز لوجستية خاضعة لإدارة مشددة إلى المستفيدين الفلسطينيين الذين تم التحقق منهم.

ويبدو أن المخطط نسخة من مخطط تم تجريبه قبل أكثر من عام في غزة، والمعروف باسم "الفقاعات الإنسانية"، والذي ينطوي على توزيع المساعدات في مناطق صغيرة خاضعة لسيطرة شديدة، على أن تتوسع بمرور الوقت.
ولكن تم التخلي عن التجربة بعد بضع محاولات في شمال غزة، وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وبحسب مصادر إغاثية مطلعة على الخطة، فإن "المراكز الإنسانية" نفسها يمكن تأمينها من قبل شركات أمنية خاصة، لكنها ستقع في مناطق "تحت السيطرة الكاملة للجيش الإسرائيلي".
وسيكون المدخل الوحيد إلى غزة، الذي يسمح بمرور المساعدات بموجب الخطة، هو معبر كرم أبو سالم، الذي تسيطر عليه إسرائيل، بينما سيظل معبر رفح بين مصر وغزة مغلقاً بشكل دائم.
كما سيتعين على المنظمات غير الحكومية المسموح لها بالعمل في غزة أن تكون مسجلة في إسرائيل، ويتعين فحص جميع الموظفين العاملين لديها أو لدى وكالات الأمم المتحدة.
وبما أن المساعدات لن يُسمح بها إلا عبر معبر إسرائيلي وليس من خلال رفح، فإن ذلك سيجعل العمل في غزة مستحيلاً تقريباً بالنسبة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وتتضمن الخطة إنشاء قطاع في غزة، حيث يتم توزيع الضروريات الأساسية على الفلسطينيين المعتمدين في نقاط توزيع محدودة تحت سيطرة إسرائيلية مشددة.