صدع عبر الأطلسي.. كيف يحول ترامب حلفائه الأوروبيين إلى خصوم؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/02/25 الساعة 11:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/02/25 الساعة 12:20 بتوقيت غرينتش
ترامب وحلفائه.. إلى أين؟ - عربي بوست

في مقابلة مع قناة "روسيا 1" الحكومية قبل أسابيع، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن موقف أوروبا قائلاً: "سوف يقفون جميعاً عند أقدام السيد (ترامب) ويحركون ذيولهم قليلاً. كل شيء سيعود إلى مكانه الصحيح."

وبعد هذا التصريح، وقبل أن يمر شهر، أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مكالمة هاتفية استمرت 90 دقيقة مع الرئيس الروسي، ولكن لم تكن لتوبيخه. فعلى العكس من ذلك، طال الحديث بينهما عن "نقاط القوة" في كل من روسيا والولايات المتحدة، وعن "الفوائد العظيمة" التي يمكن تحقيقها بالتعاون بين البلدين. وبالطبع، لم تغب الحرب الأوكرانية عن النقاش، إذ تم الاتفاق على بدء مفاوضات حول مصير أوكرانيا، مع اختيار الرياض كمحطة أولى لاستضافة هذه المحادثات.

وبالفعل، شهدت العاصمة السعودية الرياض يوم الثلاثاء 18 فبراير/شباط اجتماعات جمعت مسؤولين أميركيين، لكن دون مشاركة الأوكرانيين أو الأوروبيين. وبعدها، وصف بوتين المفاوضات بأنها جرت في أجواء "ودية" وكانت نتائجها "إيجابية".

وقبل لقاء الروس والأميركيين بعيداً عن أوروبا، حضر نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس مؤتمر ميونيخ للأمن، وفي قلب أوروبا ألقى نائب ترامب خطاباً استفزازياً شبّه فيه القادة الأوروبيين بالحكام المستبدين الذين قادوا الأنظمة القمعية خلال الحرب الباردة. وبعد أسبوع فقط، صعّد فانس تهديداته، ملمحاً إلى إمكانية سحب القوات الأميركية من ألمانيا.

ومن هنا، هرع القادة الأوروبيون إلى عقد اجتماع طارئ في باريس في محاولة لاحتواء الصدمة. في الوقت ذاته، انطلقت موجة من التحليلات في الصحف الغربية، حيث بدأ المراقبون والمحللون في الحديث عن تصدّع غير مسبوق داخل حلف شمال الأطلسي، متسائلين: هل انتهى التحالف الغربي الذي استمر لأكثر من ثمانين عاماً؟

وقد لخّص المعلق جدعون راشمان من صحيفة فايننشال تايمز الموقف الأوروبي بقوله: "طموحات إدارة ترامب السياسية في أوروبا تعني أن الولايات المتحدة أصبحت، في الوقت الحالي، خصماً أيضاً." فهل نشهد بالفعل تحوّل حلفاء الأمس إلى خصوم اليوم؟

"أمريكا ترامب".. تنظر لأوروبا كمنافس اقتصادي!

وسط سيلٍ من التحليلات الصادرة عن النخب والمحللين الغربيين، باتت هناك قناعة متزايدة بأن العالم الذي عرفته أوروبا قد انتهى، وأن كل شيء قد أصبح جديداً. أوروبا أمام واقع مختلف، ويجب أن تواجه هذه الحقيقة قبل أن يفوت الأوان.

فمنذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني 2025، فاجأ العالم بسلسلة من القرارات التنفيذية والتصريحات الصادمة التي لم تُستثنَ منها حتى الحلفاء الأوروبيون، مما أدى إلى توتّر غير مسبوق في العلاقات بين الجانبين.

أحد أبرز هذه الملفات كان الملف التجاري، حيث هدد ترامب أحد أهم المسارات التجارية العالمية بفرض تعريفات جمركية عقابية، رغم أن حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يصل إلى 971 مليار دولار في قطاع السلع، وأكثر من 400 مليار دولار في قطاع الخدمات، وفق أحدث البيانات. كما تبلغ الاستثمارات الأوروبية المباشرة في أميركا حوالي 3.5 تريليون دولار، في حين تصل الاستثمارات الأميركية في أوروبا إلى نحو 4 تريليونات دولار.

الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب في قصر الإليزيه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون – shutterstock

لكن رغم هذا الترابط العميق، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات السيارات وأشباه الموصلات والأدوية القادمة من مختلف البلدان، ومنها دول الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة تصعيدية قد تهزّ أسواق التجارة العالمية، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 2 أبريل/نيسان المقبل.

ولم تقتصر تحركات ترامب على التصعيد التجاري، بل أعاد فتح ملف السيطرة على جزيرة غرينلاند، وهو الطموح الذي أثار دهشة العديد من المراقبين. وأكد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أن اهتمام ترامب بشراء الجزيرة "ليس مزحة". ورداً على هذه الضغوط، أعلنت الدنمارك تخصيص 14.6 مليار كرونة دنماركية (2.05 مليار دولار) لتعزيز وجودها العسكري في القطب الشمالي، لمواجهة أطماع ترامب في غرينلاند.

"أمريكا ترامب".. لا تأبه لأمن أوروبا!

كما يفعل المقامر الذي لا يتوقف عن المراهنة، يدير ترامب السياسة الدولية وكأنها سوق مالية مضطربة، حيث تُفضَّل المكاسب السريعة على الاستقرار طويل الأمد. لا يرى في التحالفات التقليدية الكثير من الفاعلية، وهو ما انعكس في تهديداته المتكررة بالانسحاب من حلف الناتو ما لم تَزِدْ أوروبا من إنفاقها العسكري.

وتحت شعار "أميركا أولاً"، لا يرى ترامب في الحرب الأوكرانية أي مصلحة استراتيجية مباشرة لبلاده، لذا يسعى بشكل واضح إلى خفض المساعدات الاقتصادية والعسكرية المقدمة لكييف، والتي بلغت منذ بداية الغزو الروسي في فبراير/شباط 2022 وحتى نهاية 2024 نحو 175 مليار دولار، أي ما يعادل 7% من إجمالي ميزانية الدفاع الأميركية خلال تلك الفترة.

وبالفعل، سار ترامب على النهج الذي وعد به خلال حملته الانتخابية: إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن. فقبل أن يمر شهره الأول في البيت الأبيض، بدأ مفاوضات مباشرة مع موسكو حول مصير أوكرانيا، متجاهلاً كييف وأوروبا بأكملها في تلك المحادثات.

"كابوس أوروبا" – هكذا عنونت مجلة الإيكونوميست البريطانية تقريرها، مشيرة إلى أن ترامب مستعد للتخلي عن أوكرانيا، حيث يُحمّلها مسؤولية استمرار الحرب. بل إنه لم يتردد في وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه "ديكتاتور"، محذراً إياه بصيغة تهديد واضحة: "من الأفضل له أن يتحرك بسرعة، وإلا فلن يبقى لديه بلد."

لكن الكابوس الأوروبي لا يتوقف عند أوكرانيا. فبجانب الإيكونوميست وعدد من المراقبين الغربيين، فإن التهديد الأكبر يكمن في نوايا ترامب إعادة تأهيل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، متخلياً بذلك عن سياسة أميركية طويلة الأمد تهدف إلى عزله دولياً، دون أي رؤية واضحة للولايات المتحدة. فخلال مفاوضات الرياض، التي شهدت تقديم تنازلات متبادلة، عبّر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن "الفرص الاقتصادية والاستثمارية التاريخية" التي يمكن أن تثمر عنها هذه العلاقة المستجدة مع موسكو.

أوروبا وأمريكا... كيف يحول ترامب حلفاء الأمس إلى خصوم اليوم؟
دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، خلال المؤتمر الصحفي في قمة حلف شمال الأطلسي 2018 – shutterstock

إذ يرى ستيفن م.، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، في مقاله بعنوان "نعم، أميركا هي عدو أوروبا الآن"، أن إدارة ترامب، التي تضم فانس وبيت هيغسيث وغيرهما، تجاوزت بكثير الجدل التقليدي حول تقاسم الأعباء داخل الناتو أو كيفية التعامل مع الحرب في أوكرانيا. هدفهم ليس مجرد إعادة تقييم التحالفات، بل إعادة صياغة العلاقة مع الحلفاء التقليديين، وإعادة كتابة القواعد العالمية، بل وإعادة تشكيل أوروبا وفق أيديولوجية "اجعل أميركا عظيمة مجدداً" (MAGA).

وهذا ما يتفق عليه أغلب المحللين، الذين يرون أنه إذا أصبحت أميركا خصماً لأوروبا، فعلى القادة الأوروبيين التوقف عن محاولة إرضاء واشنطن، والبدء في التفكير فيما يجب عليهم فعله لحماية أنفسهم.

وفي هذا السياق، كتب كيشور محبوباني، الدبلوماسي والزميل المتميز في معهد أبحاث آسيا التابع للجامعة الوطنية في سنغافورة، مقالاً بعنوان "لقد حان الوقت لأوروبا للقيام بما لا يمكن تصوره" في مجلة فورين بوليسي الأميركية، دعا فيه القادة الأوروبيين إلى التلويح بالانسحاب من الناتو ردّاً على الضغوط الأميركية. وأوضح أنه إذا قررت أوروبا الخضوع لاستفزازات ترامب، فهذا سيجعلها تبدو وكأنها "تواصل لعق الحذاء الذي يصفعها."

هل سيرد الأوروبيون؟ تصعيد أم احتواء؟

بالتزامن مع التسارع المحموم في تنفيذ السياسات الحمائية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، تبدو العلاقات بين واشنطن والعواصم الأوروبية على وشك الدخول في مرحلة جديدة من التوتر وعدم اليقين، قد تفضي إلى نفقٍ مظلمٍ من الضبابية والغموض. ومما يزيد المخاوف الأوروبية أن هذه السياسة قد تؤدي إلى إعادة تشكيل الخريطة الدولية وخلق توازنات قوى جديدة غير محسوبة العواقب.

ورغم التصعيد الأميركي، يدرك الأوروبيون أن ترامب ليس بالضرورة ملتزماً بتنفيذ كل تهديداته حتى النهاية. فقد اضطر في مرات سابقة إلى تعليق أو تجميد قراراته التجارية التصعيدية، كما حدث مع الرسوم الجمركية التي فرضها سابقاً على المكسيك قبل أن يتراجع عنها لاحقاً.

لكن القلق الأوروبي لا يزال قائماً، كما يشير يورن فليك، المدير الأول في مركز أوروبا التابع لمجموعة الأبحاث المجلس الأطلسي: "إنهم يريدون التوصل إلى صفقة، لكنهم ما زالوا غير متأكدين من الأهداف الحقيقية للولايات المتحدة."

إلى جانب ذلك، يعاني قادة الاتحاد الأوروبي من صعوبة في التواصل مع واشنطن، حيث تبدو سياسة ترامب غير واضحة المعالم، ما يجعل التفاوض معه محفوفاً بالمخاطر.

أوروبا تستعد لرد انتقامي!

وفقاً لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، لم يكن الاتحاد الأوروبي غافلاً عن احتمال التصعيد، بل أمضى العام الماضي في إعداد خطة سرية لمواجهة الرسوم الجمركية الأميركية المحتملة. ومع تحوّل هذه التهديدات إلى واقع وشيك، بدأت ملامح استراتيجية الرد الأوروبية تتضح.

استراتيجية الرد الأوروبية تشمل:

  • استهداف قطاعات أميركية حساسة سياسياً، من خلال فرض تعريفات جمركية على المنتجات المصنعة في الولايات الجمهورية، بهدف إلحاق ضرر اقتصادي محسوب بالمناطق التي يعتمد عليها ترامب سياسياً.
  • تجنب التصعيد إلى حرب تجارية مفتوحة إذا أمكن ذلك، مع الحفاظ على مساحة للمفاوضات.
  • التحرك بسرعة وحسم، وربما اللجوء إلى أساليب جديدة تشمل استهداف شركات التكنولوجيا الكبرى مثل عمالقة وادي السيليكون، وهو ملف حساس بالنسبة لواشنطن.

هذه الخطة، التي وصفها ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين رفضوا الكشف عن هوياتهم، تبقى خياراً أخيراً لا تفضّله أوروبا، إذ يسعى الاتحاد الأوروبي في المقام الأول إلى تفادي حرب تجارية مكلفة.

رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين في البرلمان الأوروبي في بروكسل – shutterstock

لكن الهدف الأول للأوروبيين تجنب المواجهة المباشرة، فوفقاً لتقرير واشنطن بوست، يحاول الاتحاد الأوروبي كسب الوقت والتفاوض قبل التصعيد. ومن بين الحلول المطروحة:

  • زيادة مشتريات أوروبا من الغاز الأميركي، وهو أحد المطالب التي يضغط ترامب لتنفيذها. إذ قالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بعد أيام من انتخاب ترامب: "ما زلنا نحصل على الكثير من الغاز الطبيعي المسال من روسيا، فلماذا لا نستبدله بالغاز الطبيعي المسال الأميركي؟"
  • تقديم تنازلات انتقائية في بعض المجالات التجارية مقابل تعليق الرسوم الجمركية. فقد أشار المسؤولون الأوروبيون أيضاً إلى أنهم مرجحون لشراء المزيد من المعدات الدفاعية الأميركية، مع زيادة الإنفاق العسكري عبر التكتل الأوروبي.
  • تحذير واشنطن من التداعيات الكارثية لحرب تجارية واسعة، حيث ستلحق الضرر بكلا الطرفين، بينما يستفيد منها المنافسون الجيوسياسيون، مثل الصين وروسيا.

انقسام بين واشنطن وحلفائها حول أوكرانيا في الأمم المتحدة

خلال الذكرى الثالثة لبدء الغزو الروسي لأوكرانيا، شهدت الأمم المتحدة، يوم الاثنين 24 فبراير/شباط، مواجهة دبلوماسية حادة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين حول أوكرانيا. وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فقد عارضت الولايات المتحدة الجهود الرامية إلى إدانة روسيا والدعوة إلى انسحاب فوري للقوات الروسية من أوكرانيا، مما أظهر صدعاً علنياً ملحوظاً بين الحلفاء الغربيين الذين وقفوا معاً عادةً عندما يتعلق الأمر بأمن روسيا وأوروبا.

إذ سعت إدارة ترامب إلى تخفيف لهجتها، فصوّتت ضد القرار المدعوم من حلفائها الأوروبيين، وقدمت بدلاً منه مشروع قرار خاص بها يقتصر على الدعوة إلى إنهاء الصراع دون الإشارة إلى روسيا أو إدانة الغزو. ورغم تمرير كلا القرارين، فإن هذا الموقف الأميركي عكس تحولاً جذرياً في نهج واشنطن، حيث اختارت الاصطفاف مع روسيا ضد معظم حلفائها التقليديين، وهو ما وصفته الصحيفة بأنه "قطع حاد مع الماضي."

أما القرار الذي اقترحته أوكرانيا، والمكون من ثلاث صفحات، فقد دعا إلى "سلام شامل وعادل ودائم،" مع تحميل روسيا مسؤولية جرائم الحرب التي ارتُكبت خلال النزاع. ونصّ القرار على أن الغزو "استمر لمدة ثلاث سنوات، ولا يزال يتسبب في عواقب مدمرة وطويلة الأمد، ليس فقط على أوكرانيا، بل أيضاً على الاستقرار العالمي." في المقابل، جاء القرار الأميركي مقتضباً، حيث اقتصر على ثلاث فقرات، ولم يشر إلى العدوان الروسي أو يدينه، مكتفياً بالتعبير عن الأسف على الخسائر البشرية من الجانبين والدعوة إلى إنهاء الصراع سريعاً وتحقيق السلام.

وذكرت واشنطن بوست، نقلاً عن ثلاثة دبلوماسيين غربيين ومسؤول كبير في الأمم المتحدة، أن إدارة ترامب حاولت إقناع أوكرانيا بسحب قرارها، وعندما لم تنجح في ذلك، سعت للتفاوض مع الحلفاء الأوروبيين على نصّ معدل يتماشى مع رؤيتها. إلا أنه بحلول مساء الجمعة، وفي خضم المفاوضات، أبلغت الولايات المتحدة شركاءها الأوروبيين بنيّتها تقديم مشروع قرار منافس، مما أثار استياء وغضب دبلوماسيي الدول الأوروبية، الذين رأوا في ذلك تخلياً عن موقف الحليف التقليدي.

وفي التصويت النهائي، تم اعتماد القرار الأوكراني بأغلبية 93 دولة مقابل 18 دولة معارضة، فيما امتنعت 65 دولة عن التصويت. وبحسب الصحيفة، فقد قوبل التصويت بالتصفيق الحار داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن بين الذين صوتوا ضد قرار أوكرانيا كانت روسيا والولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي والمجر وهايتي ونيكاراغوا والنيجر.

بينما تتجه الإدارة الأميركية تحت رئاسة دونالد ترامب نحو تبني سياسات جديدة ومربكة للساحة الدولية، تواجه العلاقات الأوروبية-الأميركية مرحلة من الغموض والتحدي. وخلال الفترة المقبلة، ستكشف الأحداث مدى تأثير هذه السياسات على الشراكة العابرة للأطلسي.

تحميل المزيد