تقترب حركة حماس وإسرائيل من طي صفحة المرحلة الأولى، وسط مخاوف من تعثر تتعرض له المرحلة الثانية من اتفاق غزة بسبب الشروط التي وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والقضايا التي تم تأجيل النقاش بشأنها بين الجانبين.
ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أطلقت المقاومة الفلسطينية سراح 19 أسيراً إسرائيلياً، و5 عمال تايلانديين، وتبقى إطلاق سراح 14 أسيراً إسرائيلياً بينهم 8 ليسوا على قيد الحياة.
وتشمل المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى الإفراج عن 1737 أسيراً فلسطينياً، ضمت:
- 120 أسيراً من النساء والأطفال. 295 أسيراً محكوماً بالسجن المؤبد.
- 1000 أسير من قطاع غزة اعتقلوا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
- 47 أسيراً من محرري "صفقة شاليط".
ووفق الجدول الزمني للمرحلة الأولى، فإنها ستنتهي في الأول من مارس/آذار 2025.
ماذا تبقى من المرحلة الأولى؟
ووفقاً للاتفاق وتصريحات حركة حماس مؤخراً، فإنه:
- ستفرج حركة حماس يوم الخميس 20 فبراير/شباط 2025، عن جثامين 4 أسرى إسرائيليين، مقابل إفراج الاحتلال عن نصف عدد الأطفال والنساء الذين اعتقلوا من غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2025، وذلك يوم السبت 22 فبراير/شباط 2025.
- السبت 22 فبراير/شباط 2025، ستفرج حركة حماس عن الأسيرين الإسرائيليين هشام السيد وفيرا مانغيستو (أسرى منذ عام 2014)، مقابل الإفراج عن 46 أسيرًا ممن أعيد اعتقالهم من محرري "صفقة شاليط"، بشرط إبعادهم.
- السبت 22 فبراير/شباط 2025، تفرج حركة حماس عن أربعة إسرائيليين أحياء، مقابل 444 أسيرًا من قطاع غزة اعتقلوا بعد 7 أكتوبر، و48 أسيراً محكوماً بالمؤبد، و60 أسيرًا من أصحاب المحكوميات العالية.
- الخميس 1 مارس/آذار 2025، تفرج حركة حماس عن 4 جثث أسرى إسرائيليين، مقابل إفراج الاحتلال عن بقية الأطفال والنساء من غزة.
متى تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة؟
ولم يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بالموعد المحدد لبدء مفاوضات المرحلة الثانية بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
وبحسب الاتفاق، فإنه كان من المفترض أن تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى، على أن تنتهي قبل نهاية الأسبوع الخامس من المرحلة الأولى.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية، إن الكابينت الإسرائيلي اقترح توسيع المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، بما يشمل إدخال منازل متنقلة (الكرفانات) ومعدات هندسية مقابل الإفراج عن 6 أسرى إسرائيليين.
لكن حركة حماس سارعت بالإعلان عن الإفراج عن الأسرى الستة ضمن المرحلة الأولى السبت المقبل، رغبة منها بعدم تمديدها.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت بأن الحكومة الإسرائيلية كانت لديها رغبة بتوسيع المرحلة الأولى لتشمل كامل شهر رمضان الذي يبدأ مطلع مارس/آذار 2025.
وقالت حركة حماس في بيان لرئيسها بقطاع غزة خليل الحية، إن الاحتلال يماطل ويتهرب من الانخراط في مفاوضات المرحلة الثانية، مؤكدة على ضرورة إلزامه بتنفيذ جميع بنود الاتفاق كما وردت، دون استثناء أو مماطلة.
وتعتقد القناة 12 العبرية أن الأسباب الكامنة وراء إعلان حركة حماس تسريع صفقة تبادل الأسرى من المرحلة الأولى هي:
- الخشية من انفجار الصفقة، حيث لم تبدأ بعد رسمياً محادثات المرحلة الثانية من الاتفاق، وهو ما يجعل استمرارها في خطر.
- حركة حماس معنية بالإفراج عن أسرى "صفقة شاليط". إشارة للوسطاء وإسرائيل والعالم بأنها "أثبتت جديتها في تنفيذ الاتفاق بمسؤولية كاملة"، في حين تشير بإصبع الاتهام إلى إسرائيل بتأخير تنفيذ الشق الإنساني من الاتفاق.
وبعد إعلان حركة حماس الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين الستة السبت المقبل، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها قررت البدء رسمياً الأسبوع المقبل في محادثات المرحلة الثانية، ويأتي ذلك بالتزامن مع انتهاء المرحلة الأولى.
كما قرر نتنياهو إقصاء رئيس الموساد ديفيد برنياع ورئيس الشاباك رونين بار من فريق المفاوضات، وكلّف المقرب له وزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر بقيادتها.
ما هي شروط حركة حماس بشأن المرحلة الثانية؟
بحسب مسودة اتفاق 6 مايو/أيار 2024، التي تم الاستناد إليها في تطبيق مراحل اتفاق وقف إطلاق النار:
- لا تشكل مفاتيح الأسرى الخاصة بالمرحلة الأولى أساساً للتفاوض على مفاتيح التبادل للمرحلة الثانية.
- تفرج حركة حماس عمَّن تبقى على قيد الحياة من الرجال (المدنيين والجنود)، مقابل عدد من الأسرى في السجون الإسرائيلية ومراكز الاعتقال الإسرائيلية.
- الإعلان عن استعادة الهدوء المستدام (توقف العمليات العسكرية بشكل دائم) وسريانه قبل البدء بتبادل الأسرى بين الطرفين.
- الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

وأكدت حركة حماس في بيانها أمس الثلاثاء، على ثلاثة محددات للمرحلة الثانية، وهي:
- الوقف التام لإطلاق النار والوصول إلى الهدوء المستدام.
- الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من القطاع.
- إنجاز صفقة تبادل الأسرى مرة واحدة، أو رزمة واحدة.
ما هي شروط نتنياهو لبدء المرحلة الثانية؟
لكن نتنياهو، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، أضاف شرطين للتقدم في المرحلة الثانية، هما:
- نزع السلاح من قطاع غزة.
- إبعاد حركة حماس عن إدارة القطاع.
- مغادرة كبار المسؤولين في الجناح العسكري والسياسي لحماس في غزة إلى خارج القطاع.
التحديات التي تواجه المرحلة الثانية من الاتفاق:
- محور فيلادلفيا: رغم أن مسودة مايو/أيار 2024 تنص على انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، فإن مسألة الانسحاب من المحور على الحدود مع مصر ما زالت غامضة.
- "الفيتو الإسرائيلي" على إطلاق سراح بعض الأسرى الفلسطينيين من أصحاب المؤبدات، وخاصة قادة الحركة الأسيرة: مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وإبراهيم حامد، وعباس السيد، وحسن سلامة، وعبد الله البرغوثي.
- مصادقة سموتريتش على المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

هل يذهب نتنياهو إلى المرحلة الثانية؟
ونقل موقع "وللا" عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن تعيين دريمر رئيساً لفريق التفاوض الإسرائيلي "جاء انطلاقاً من حقيقة أن محادثات المرحلة الثانية ستتركز على إنهاء الحرب في غزة، وبالتالي فهي ذات طابع سياسي استراتيجي".
ووفق المصدر ذاته، أوضح نتنياهو خلال اجتماع "الكابينت" أن مواقف إسرائيل بشأن المرحلة الثانية من الصفقة ستعتمد على أهداف الحرب التي حددتها الحكومة.
فيما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصدر قوله إن "إسرائيل سترفع مطالبها الأمنية خلال المفاوضات بناء على أهداف الحرب التي حددها المجلس السياسي الأمني"، وأنها قد تعود إلى القتال في غزة إذا رفضت حركة حماس شروطها.
أما المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، فذكر أن نتنياهو يقول خلف الكواليس أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين، وقد خلص شريكه من اليمين المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، من محادثات معه بأن الجيش سيعود قريباً إلى القتال الشامل في قطاع غزة.
لكن الأميركيين، في الوقت ذاته، يبحثون مع نتنياهو بشكل جدي الانتقال إلى المرحلة الثانية، بحسب هارئيل.
ورأى أن نتنياهو قد يستجيب لضغوط واشنطن، ويحاول تعويض سموتريتش بخطوات الضم والتصعيد العسكري في الضفة الغربية، كما أنه يأمل في تشتيت انتباه أنصاره بالوعود المتعلقة بتسريع تشريعات التعديل القضائي.

وأشار المحلل العسكري في "هآرتس" إلى أن نتنياهو مشغول أيضاً بقراءة استطلاعات الرأي، التي تشير إلى دعم شعبي واسع النطاق لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار حتى عودة آخر الأسرى الإسرائيليين أحياءً وأمواتاً.
ومن المتوقع أن يثير انهيار المفاوضات وترك الأسرى الإسرائيليين للموت في الأنفاق بغزة ردود فعل قاسية في الرأي العام الإسرائيلي، خاصة وأن شهادات العائدين من هناك تلفت انتباه الرأي العام للمرة الأولى إلى ظروف الأسر القاسية في القطاع، بحسب هارئيل.