في ظل التطورات السياسية المتسارعة في الشرق الأوسط، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس الكونغرس اليهودي العالمي، رونالد لاودر، في لقاء حضره رئيس المخابرات العامة المصرية، حسن رشاد.
وخلال اللقاء، شدد السيسي على أهمية التزام جميع الأطراف بالمسؤولية لضمان الحفاظ على وقف إطلاق النار، محذراً من أن استمرار الصراع وتوسيع نطاقه سيضرّ بجميع الأطراف دون استثناء.
يأتي هذا الاجتماع وسط تحركات دولية مثيرة للجدل، إذ تروّج إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ يناير/كانون الثاني 2025، لمخطط تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو المخطط الذي لاقى رفضاً من الدول العربية، إلى جانب منظمات إقليمية ودولية.
وعلى الرغم من الإجماع العربي والدولي الرافض لهذا المخطط، فإنه حظي بإشادة واسعة داخل الاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، أعلنت السلطات المصرية عزمها طرح تصور متكامل لإعادة إعمار غزة، بما يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، وبما يتوافق مع حقوقهم الشرعية والقانونية.
وبحسب بيان الرئاسة المصرية، فإن لقاء السيسي مع لاودر ناقش سبل استعادة الاستقرار في الشرق الأوسط، والجهود المصرية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بما في ذلك تبادل الأسرى، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
يأتي هذا اللقاء ليعيد تسليط الضوء على الكونغرس اليهودي العالمي، المنظمة التي تُقدم نفسها كحامية لحقوق اليهود، بينما تلعب دوراً محورياً في دعم الاحتلال الإسرائيلي، وتعزيز سياساته الاستيطانية، وتكريس نفوذه السياسي والاقتصادي عالمياً. فما هو الكونغرس اليهودي العالمي؟
الكونغرس اليهودي العالمي
الكونغرس اليهودي العالمي هو منظمة دولية تزعم، حسب موقعها الإلكتروني، أنها تمثل الجاليات اليهودية والمنظمات اليهودية في أكثر من 100 دولة حول العالم. وهو اتحاد دولي للمنظمات اليهودية مؤيد للحركة الصهيونية التي عملت على إقامة دولة إسرائيل على حساب العرب الفلسطينيين في فلسطين.
ويستند هذا الكونغرس إلى مزاعم صهيونية ودينية، ويدّعي أن الكونغرس يعتبر نفسه "الذراع الدبلوماسي للشعب اليهودي"، ويعمل في العديد من الحملات منذ تأسيسه.
أهداف الكونغرس اليهودي العالمي
بحسب موقعه الإلكتروني، يزعم الكونغرس اليهودي العالمي أن هدفه الأساسي هو حماية المجتمعات اليهودية عالمياً، وضمان تمكين اليهود حول العالم.
كما يشنّ الكونغرس اليهودي العالمي هجوماً متواصلاً على المؤسسات الدولية، مدعياً أن هناك تحيزاً ممنهجاً ضد الاحتلال الإسرائيلي داخل الأمم المتحدة ووكالاتها الدولية. وفي إطار هذا الخطاب، يطالب الكونغرس المنظمات اليهودية حول العالم باتخاذ إجراءات أمنية مشددة لحماية ما يسميه "المجتمعات اليهودية"، خاصة في أوروبا، حيث يروّج لفكرة أن اليهود يواجهون تهديداً مزدوجاً من تصاعد "حركات اليمين المتطرف" و"حوادث الجهاد الإسلامي"، في محاولة لتبرير سياسات الاحتلال العدوانية.
ويعلن الكونغرس دعمه المطلق للاحتلال الإسرائيلي، ويعمل بشكل ممنهج على إسكات أي انتقادات موجهة له، وعرقلة أي تحركات دولية لإدانته. ويعتمد في ذلك على شبكة واسعة من الاتصالات المباشرة مع قادة الدول الكبرى، إلى جانب لقاءات مكثفة مع رؤساء الحكومات والوزراء، بهدف فرض الأجندة الصهيونية، وضمان استمرار الحماية السياسية والدبلوماسية لدولة الاحتلال.
حملات ونشاطات الكونغرس اليهودي العالمي
منذ تأسيسه في عام 1936 في جنيف، نفّذ الكونغرس اليهودي العالمي عدداً من الحملات والنشاطات التي تركزت على تعزيز الأجندة الصهيونية ودعم الاحتلال الإسرائيلي، وأبرزها:
- تشجيع هجرة اليهود السوفييت إلى فلسطين، بهدف احتلال أراضيها وتوسيع الاستيطان اليهودي في الأرض الفلسطينية.
- مناهضة ما يصفه بـ"اللاسامية"، مستخدماً هذا الادعاء كذريعة لتبرير الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، ومحاولة قمع أي انتقادات أو تحركات دولية تدينه.
- الضغط على البنوك السويسرية لاستعادة أصول مالية ضخمة، والاستيلاء على الأموال المودعة في حسابات "دورمانت" السويسرية (حسابات مصرفية غير نشطة منذ الحرب العالمية الثانية) لصالح أجندة ومصالح الكونغرس.
- الدفاع عن ذكرى الهولوكوست، ومنع التشكيك فيها.
رئاسة الكونغرس والشخصيات البارزة فيه
تتولى اللجنة التنفيذية للكونغرس اليهودي العالمي إدارة شؤونه وفقاً لقرارات الجمعية العامة ومجلس الإدارة، مما يمنحها سلطة واسعة في رسم سياسات المؤتمر وتوجيه أنشطته.
ويجتمع المجلس التنفيذي مرتين على الأقل سنوياً لمناقشة السياسات الاستراتيجية، وتحديد آليات دعم الاحتلال الإسرائيلي وتعزيز النفوذ الصهيوني عالمياً.
ويضم المؤتمر العديد من الشخصيات الصهيونية من مختلف أنحاء العالم، التي لا تكتفي فقط بدعم الاحتلال الإسرائيلي، بل تعمل على تعزيز استمراره وحمايته سياسياً واقتصادياً وإعلامياً.
يتولى الملياردير الأمريكي رونالد ستيفن لاودر رئاسة الكونغرس اليهودي العالمي منذ عام 2007. وكان قد شغل مناصب في الإدارة الأمريكية، منها نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون أوروبا والناتو (1983-1986)، ثم عُيّن سفيراً للولايات المتحدة لدى النمسا في عهد الرئيس رونالد ريغان.
وفي عام 1987، أسس مؤسسة رونالد لاودر، التي تموّل التعليم اليهودي في 16 دولة. ويُعرف عنه دعمه المطلق لدولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث يلتقي بانتظام برؤساء الدول والقادة العالميين لتعزيز مصالحها.
وخلال حرب الإبادة في غزة، هدّد بقطع تمويل جامعة بنسلفانيا الأميركية بسبب استضافتها مهرجاناً أدبياً فلسطينياً.
ويضم الكونغرس اليهودي العالمي شخصيات صهيونية لم تكتفِ فقط بدعم الاحتلال الإسرائيلي، بل شاركت بشكل مباشر في الآلة العسكرية التي استهدفت إبادة الفلسطينيين على مدى عقود، سواء من خلال الخدمة في جيش الاحتلال أو دعم مشاريعه الاستيطانية والتوسعية، منهم:
- جيل سيجال، الذي يشغل منصب نائب رئيس الكونغرس اليهودي العالمي – الفرع الإسرائيلي، وكان ضابطاً سابقاً في سلاح الجو الإسرائيلي برتبة عقيد.
- أنات فيدور، رئيسة منظمة النساء الصهيونية العالمية (WIZO)، التي تُعرف بنشاطها في دعم الاستيطان، وتنتمي إلى عائلة ذات جذور عميقة في الاستيطان الإسرائيلي المبكر.