الساعات الأخيرة قبل سقوط النظام السوري.. أسرار الانهيار السريع لقوات الأسد تتكشف 

عربي بوست
تم النشر: 2025/01/30 الساعة 12:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/01/30 الساعة 12:38 بتوقيت غرينتش
أطلقت المعارضة السورية عملية "ردع العدوان" ضد مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري شمال شرق سوريا/ الجبهة الوطنية للتحرير على تويتر

رغم مرور أكثر من شهرين على سقوط النظام السوري السابق وإطاحة الفصائل المسلحة  بحكم عائلة الأسد، لا تزال تتكشف يوماً بعد يوم كواليس ما جرى داخل أروقة النظام خلال الأيام التي سبقت وصول قوات المعارضة إلى العاصمة دمشق، وكيف انهارت قوات جيش النظام بشكل سريع أمام زحف المعارضة.

وكشف تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، الخميس 30 يناير/كانون الثاني 2025، تفاصيل الرسائل والتقارير التي أصدرتها أجهزة الاستخبارات السورية التابعة لنظام الأسد بينما كانت قوات المعارضة تواصل تقدمها نحو المدن والبلدات السورية التي سقطت الواحدة تلو الأخرى بعدما أطلقت الفصائل السورية المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام عملية "ردع العدوان".

وقال تقرير الصحيفة الأمريكية:" توثّق الآلاف من الصفحات من وثائق الاستخبارات السرية للغاية – التي اكتشفها مراسلو صحيفة وول ستريت جورنال داخل مبنى الاستخبارات في ديسمبر/كانون الأول – الانهيار السريع وبشكل مذهل للنظام الاستبدادي الذي حكم سوريا بقبضة من حديد لعقود".

الاغتراب السوري - من الثورة إلى الدولة.. هذه أبرز التحديات الكبرى أمام سوريا جديدة 
صورة تعبيرية عن الثورة السورية/shutterstock

وأضاف التقرير أن الوثائق التي تركها عناصر النظام على عجل تُظهر  كيف كافح جهاز الاستخبارات الضخم التابع للنظام لفهم ووقف التقدم السريع للمعارضة.

وجاء الكشف عن هذه التقارير بعد ساعات من إعلان  المتحدث باسم إدارة العمليات العسكرية في سوريا، حسن عبد الغني، تعيين أحمد الشرع رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية.

وقال عبد الغني:"نعلن تولية السيد القائد أحمد الشرع رئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية، ويقوم بمهام رئاسة الجمهورية العربية السورية، ويمثلها في المحافل الدولية".

مشاهد من انهيار قوات الأسد قبل سقوط النظام السوري

سقوط حلب 

  • بعد أيام من نجاح الفصائل السورية المسلحة في هزيمة جيش النظام في مدينة حلب في شمال البلاد، وصل تقرير من خمس صفحات إلى مكتب ضباط الاستخبارات العسكرية في دمشق يحمل معلومات مثيرة للقلق.
  • فقد اضطرت قوات النخبة التي أُرسلت لتعزيز دفاعات حلب إلى التراجع عندما انسحب جيش النظام "بطريقة مجنونة وعشوائية". وفر الجنود "بطريقة هستيرية"، تاركين وراءهم الأسلحة والمركبات العسكرية، وفقاً لتقرير أعده ضابط بارز في الاستخبارات العسكرية في المدينة بتاريخ 2 ديسمبر/كانون الأول.
  • وتكشف الوثائق أيضاً أنه عندما اقتربت قوات المعارضة من حلب في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدرت إحدى المقرات الرئيسية تعميماً إلى جميع فروع أجهزة الاستخبارات هناك برفع حالة الاستعداد القتالي إلى 100%، وتعليق العطلات الرسمية حتى إشعار آخر. وبعد يومين، دخلت قوات المعارضة المدينة
  • ويبدأ التقرير الذي وثق انهيار الجيش في حلب بالإشارة إلى وصول طائرة نقل عسكرية من طراز إليوشن من دمشق وعلى متنها 250 عنصراً من الاستخبارات العسكرية، بما في ذلك عناصر من الفرع 215، مسلحين بقذائف صاروخية ورشاشات ثقيلة في محاولة أخيرة للسيطرة على المدينة. وفي غضون ساعات من انتشارهم في 29 نوفمبر/تشرين الثاني، تعرضوا لهجوم من طائرات بدون طيار.
  • وقال العميد نيقولا موسى، ضابط الاستخبارات الذي كتب التقرير، إن المحاولات المتكررة لحشد وحدات الجيش باءت بالفشل، حيث فر الجنود، تاركين أسلحتهم ومركباتهم العسكرية. وأضاف أن الافتقار إلى الدعم الجوي والغطاء المدفعي فاقم الوضع.

فرار عناصر الفرع 215 

  • ومع سيطرة قوات المعارضة على مزيد من الأراضي بعد سقوط حلب، تدفقت التقارير إلى مقر الفرع 215، وهو مبنى خرساني مكون من ثمانية طوابق، وهو جزء من جهاز الأمن الضخم التابع للأسد، في وسط دمشق. وفصلت التقارير سرعة واتجاه تقدم قوات المعارضة، والخطط والأوامر المحمومة على نحو متزايد بهدف إبطاء تقدمهم.
  • وبينما كانت قوات هيئة تحرير الشام تتقدم عبر سوريا، قللت الحكومة عبر تصريحاتها العلنية من أهمية مدى تقدم قوات المعارضة وسعت إلى إظهار جو من الثقة. ومع ذلك، اتسمت الاتصالات الداخلية بين القوات التي تحاول حماية النظام بالقلق المتزايد.
  • وتخلى ضباط وعناصر الفرع 215 عن مواقعهم أيضاً، تاركين وراءهم كومة من الملابس العسكرية والأسلحة والذخيرة، إلى جانب زجاجات الويسكي الفارغة والسجائر المطفأة وكميات هائلة من تقارير الاستخبارات، بعضها مدوَّن في ملفات، وبعضها الآخر مكدس في أكوام.
الأسد
بشار الأسد/shutterstock

محاولة يائسة لشن هجوم خاطف

  • وبعد الاستيلاء على حلب، ومع تقدم المعارضة نحو مدينة حماة، اقترح تقرير استخباراتي أن يشن جيش النظام هجوماً مفاجئاً خلف خطوط هيئة تحرير الشام، فيضرب قاعدتهم القريبة في إدلب، مستغلاً دفاعاتها المتفرقة. وأضاف التقرير أن العملية قد تؤدي إلى الفوضى وتخفيف الضغط على قوات النظام حول حماة. 
  • وحذّر تقرير استخباراتي في الرابع من ديسمبر/كانون الأول، من أن قوات النخبة في هيئة تحرير الشام، المعروفة بـ"الألوية الحمراء"، ستتسلل إلى حماة تلك الليلة وفي اليوم التالي، سقطت حماة بيد المعارضة ولم يعد يفصلهم عن العاصمة سوى مدينة حمص.

الفوضى في درعا

  • وجاء في تقرير صادر في 6 ديسمبر/كانون الأول أن "الوضع في محافظة درعا مضطرب". وقال ضابط استخبارات يعمل في درعا إن الفوضى كانت تتزايد مع تدفق التقارير عن مكاسب قوات المعارضة. وأضاف أن سيطرة النظام على الجنوب كانت هشة حتى قبل الهجوم. وكانت نقاط التفتيش والمنافذ العسكرية لا تزيد عن كونها بياناً رمزياً لوجود النظام، ومصدراً للدخل للأفراد الذين يمكنهم انتزاع الرشاوى لتكملة رواتبهم الضئيلة. 

سقوط دمشق 

  • ومع استمرار قوات المعارضة في الضغط على الحكومة، ركزت أجهزة الاستخبارات بشكل متزايد على الأمن في العاصمة.
  • وأفاد أحد فروع الاستخبارات أن عدة أفراد انتقلوا مؤخراً من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال الغربي إلى إحدى ضواحي دمشق، محذرين من أنهم قد يكونون خلايا نائمة. ووفقاً لتقرير استخباراتي آخر، أصدرت هيئة تحرير الشام تعليمات لعملائها في ريف دمشق بالاستعداد لتنفيذ عمليات.
  • وأوصت مذكرة داخلية لجهاز الاستخبارات بفحص لقطات كاميرات المراقبة لدى أصحاب المتاجر التجارية بالعاصمة "لمراجعة أي حركة مشبوهة".
  • وحاول بعض أفراد النظام حشد قوات للدفاع عن العاصمة. وفي منتصف ليل الخامس من ديسمبر/كانون الأول، صدر أمر باسم الرئيس بعودة وحدة مدرعة إلى دمشق من دير الزور في شرق البلاد.
  • وقبل أيام قليلة من سقوط دمشق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، صدرت أوامر بنقل القوات والمعدات لمواصلة القتال. وكان من المقرر أن تنقل فرقة الدبابات الثالثة 400 بندقية آلية و800 مخزن ذخيرة و24 ألف رصاصة إلى كتيبة في منطقة طرطوس على الساحل، موطن قاعدة بحرية روسية رئيسية ومعقل للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وكان من المقرر أن تغادر التعزيزات لقاعدة الفرقة الرابعة عشرة للقوات الخاصة غربي دمشق في منتصف نهار السابع من ديسمبر/كانون الأول.
  • وفي عشية انهيار النظام، تناول تقرير استخباراتي الطريق المتوقع لقوات المعارضة تجاه دمشق، وتوقع وصولهم إلى الضواحي في غضون يومين والاستيلاء على سجن صيدنايا، حيث تم سجن المعارضين السياسيين وتعذيبهم.
  • كان التوقيت الوارد في التقرير خاطئاً، لكن التوقع الأخير ثبتت صحته، حيث اقتحمت قوات المعارضة السجن وأطلقت سراح المعتقلين بعد ساعات من فرار الأسد من البلاد. 
  • وانتهى التقرير بعبارة لطالما استخدمها ضباط الاستخبارات حتى آخر لحظة، وهي تعكس إصرارهم على إبقاء النظام قائماً:"راجع وافعل ما هو ضروري".
  • وفجر الأحد 8 ديسمبر 2024 أعلنت المعارضة المسلحة أنها بدأت دخول العاصمة دمشق، بينما نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين سوريين رفيعي المستوى أن الأسد غادر دمشق إلى وجهة غير معلومة. 
غرفة عمليات الجنوب سوريا
فصائل المعارضة تتقدم نحو العاصمة السورية دمشق من الشمال والجنوب/ رويترز

ولكن كيف استعدت المعارضة هي الأخرى للإطاحة بالنظام؟

استعنّا في الإجابة على هذا السؤال بما كشفته تقارير غربية وعربية عن كواليس ما جرى خلال أعوام سابقة داخل فصائل المعارضة السورية المسلحة، التي نجحت في تجميع صفوفها، وحصلت على العتاد العسكري اللازم لإطلاق عمليتها العسكرية، فضلاً عن عوامل أخرى ساهمت في تمهيد الطريق أمام الإطاحة بالأسد.

التخطيط بدأ قبل عام: حسبما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن أبوحسن الحموي، القائد العسكري لهيئة تحرير الشام، فقد بدأت الفصائل المعارضة في التخطيط لعملية "ردع العدوان" قبل عام، في عملية محكمة تم خلالها نشر وحدة جديدة متخصصة في الطائرات بدون طيار، وكان هناك تنسيق وثيق بين جماعات المعارضة في جميع أنحاء البلاد.

ويمكن رصد أبرز ما كشف عنه الحموي في النقاط التالية:

  • إنشاء غرفة حرب موحدة 
  • تطوير العقيدة العسكرية 
  • توحيد القيادة السياسية 
  • إنشاء وحدة طائرات بدون طيار 
  • تعزيز القدرات العسكرية  
  • إنشاء أكاديمية عسكرية
  • الحماية العملياتية واستغلال عامل المفاجأة 

 

تحميل المزيد