وصل إلى ذروته التاريخية في “طوفان الأقصى”.. ما حجم الإنفاق العسكري الأمريكي على “إسرائيل” منذ نشأتها؟

تم النشر: 2025/01/24 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/01/24 الساعة 12:16 بتوقيت غرينتش
الفاتورة العسكرية الأكبر في تاريخ العلاقات بينهما.. كيف ضخّت أمريكا 30 مليار دولار لدعم "إسرائيل" في الحرب على غزة؟ (عربي بوست)

خلال 15 شهراً من الحرب المفتوحة مع قطاع غزة، تكبدت دولة الاحتلال الإسرائيلي حتى نهاية عام 2024 خسائر غير مسبوقة بلغت إجمالياً نحو 250 مليار شيكل (67.57 مليار دولار) بحسب صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية. واستندت الصحيفة إلى تقديرات "بنك إسرائيل"، وأوضحت أن المبلغ يشمل "التكاليف الأمنية المباشرة، والنفقات المدنية الكبيرة والخسائر في الإيرادات، وليس كل شيء". حيث بلغ العجز في الموازنة 37.7 مليار دولار خلال 2024، فيما بلغت الخسائر اليومية في قطاع البناء 644 مليون دولار، كما اقترحت لجنة حكومية في دولة الاحتلال رفع ميزانية الدفاع إلى 74 مليار دولار خلال السنوات الـ10 القادمة.

ووصفت صحيفة كالكاليست كلفة الحرب على غزة بأنها "ثقيلة" وبأنها تعكس "الفشل" في الحرب على القطاع، موضحة أن ذلك يتطلب "الحاجة إلى زيادة كبيرة في ميزانية "وزارة الدفاع" خلال العقد المقبل". وقالت إن "الميزانية (العسكرية المستقبلية) تتمثل في شراء مزيد من الطائرات والمروحيات وناقلات الجنود المدرعة وكميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة والصواريخ من الحلفاء مثل الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر داعم لدولة الاحتلال.

لكن في الوقت نفسه، ما حجم المساعدات العسكرية الأمريكية والإنفاق الدفاعي الذي يوصف بأنه غير مسبوق تاريخياً، الذي بذلته إدارة جو بايدن لحكومة بنيامين نتنياهو وجيشه الذي تعرض لهجمات من جبهات عديدة خلال عام ونصف تقريباً من الحرب. وتاريخياً ما حجم الإنفاق العسكري الكلي الذي بذلته أمريكا لدولة الاحتلال منذ نشأتها في الشرق الأوسط؟

أمريكا تقتل الفلسطينيين
طائرة أمريكية من طراز C-17 متمركزة في قاعدة نيفاتيم الجوية في صحراء النقب في إسرائيل، يوم 13 أكتوبر 2023. محملة بصناديق ذخيرة أمريكية لإسرائيل/ Getty

ما حجم الإنفاق العسكري الأمريكي على "إسرائيل" خلال "طوفان الأقصى"؟

  • بحسب دراسة نشرتها جامعة براون الأمريكية حول تكاليف الحرب في المنطقة، فإن الولايات المتحدة أنفقت رقماً قياسياً لا يقل عن 17.9 مليار دولار على المساعدات العسكرية لـ"إسرائيل" خلال عام فقط منذ هجوم طوفان الأقصى، أي من أكتوبر 2024 وحتى أكتوبر 2024. فيما قال الباحثون الذين أعدوا التقرير إن 4.86 مليارات دولار إضافية ذهبت إلى تكاليف الحملة التي تقودها البحرية الأمريكية ضد الحوثيين لحماية إسرائيل، والتي لا تزال مستمرة حتى الآن.
  • ورغم أن هذا الإنفاق هو الأعلى من أي سنة أخرى منذ أن قدمت أمريكا دعمها السنوي المخصص لـ"إسرائيل" بعيد نشأتها، فإن التقرير يقول "إن هذا المبلغ لا يمثل سوى جزء من الدعم المالي الأمريكي الحقيقي المقدم خلال هذه الحرب. كما أن هذا التقرير تم الانتهاء منه قبل أن تصعّد دولة الاحتلال حملتها ضد حزب الله اللبناني أواخر سبتمبر/أيلول الماضي.
  • قال الباحثون إنه على عكس المساعدات العسكرية الأمريكية الموثقة علناً لأوكرانيا، كان من المستحيل الحصول على التفاصيل الكاملة لما شحنته الولايات المتحدة لإسرائيل منذ طوفان الأقصى، وبالتالي فإن مبلغ 17.9 مليار دولار لهذا العام هو رقم جزئي. واتهم الباحثون إدارة بايدن ببذل جهود لإخفاء كميات المساعدات الكاملة المقدمة لإسرائيل وأنواع الأنظمة من خلال "المناورة البيروقراطية".
  • بحسب التقرير، تشمل المساعدات الأمريكية منذ بدء الحرب التمويل العسكري ومبيعات الأسلحة وما لا يقل عن 4.4 مليارات دولار في شكل سحب من المخزونات الأمريكية وتسليم المعدات المستعملة.
  • كان كثير من الأسلحة الأمريكية التي تم تسليمها في العام عبارة عن ذخائر، من قذائف المدفعية إلى القنابل خارقة للتحصينات التي يبلغ وزن الواحدة منها 2000 رطل، بالإضافة إلى القنابل الموجهة بدقة. وتتراوح النفقات لتجديد أنظمة القبة الحديدية وأنظمة الدفاع الصاروخي ووقود الطائرات، أكثر من 4 مليارات دولار، كما تقول الدراسة.
  • في الوقت نفسه، تقول صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن إدارة بايدن عززت قوتها العسكرية في الشرق الأوسط منذ بدء الحرب، وقال التقرير إن هذه العمليات الإضافية ونشر القوات، كلف الولايات المتحدة ما لا يقل عن 4.86 مليارات دولار، ولا تشمل زيادة المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر والأردن وشركاء آخرين في المنطقة.
  • وبحسب الصحيفة، كان لدى الولايات المتحدة 34 ألف جندي في الشرق الأوسط في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وارتفع هذا العدد إلى حوالي 50 ألفا في أغسطس/آب الماضي، عندما كانت حاملتا طائرات في المنطقة، بهدف تثبيط الانتقام بعد اغتيال "إسرائيل" رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في إيران. فيما يبلغ مجموع الجنود الأمريكيين الآن حوالي 43 ألفاً.
  • في المحصلة، وبحسب إحصاءات جامعة براون، أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 22 مليار دولار على العمليات العسكرية الإسرائيلية بين أكتوبر 2023 وأكتوبر 2024.
  • وفي 4 يناير 2025، أبلغت وزارة الخارجية الأمريكية الكونجرس عن خطتها لبيع حزمة أسلحة لـ"إسرائيل" بقيمة 8 مليارات دولار ستشمل ذخائر طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر هجومية وقذائف مدفعية وقنابل مختلفة. ومن شأن حزمة الأسلحة هذه أن تضاف إلى رقم قياسي يبلغ 22 مليار دولار على الأقل من المساعدات العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل حتى أكتوبر/تشرين الأول 2024، بالتالي فإنه وبحسب المعلن فقط أو (الحقيقي بحسب توصيف دراسة جامعة براون فقد بلغ مجموع النفقات العسكرية الأمريكية على "إسرائيل" خلال هذه الحرب نحو 30 مليار دولار أمريكي.

الفاتورة العسكرية الأكبر في تاريخ العلاقات بين أمريكا و"إسرائيل"

رسم بياني لحجم الانفاق العسكري الأمريكي على إسرائيل خلال 75 عاماً وصل ذروته في معركة طوفان الأقصى (عربي بوست)
رسم بياني لحجم الانفاق العسكري الأمريكي على إسرائيل خلال 75 عاماً وصل ذروته في معركة طوفان الأقصى (عربي بوست)
  • تعتبر "إسرائيل" أهم حليف للولايات المتحدة منذ تأسيسها عام 1948، حيث كان الرئيس الأمريكي هاري ترومان أول زعيم عالمي يعترف بتأسيسها. وتعد دولة الاحتلال أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأمريكية في التاريخ.
  • قدمت حكومة الولايات المتحدة لـ"إسرائيل" مساعدات أكبر من أي مساعدات قدمتها لأي دولة أجنبية أخرى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بما فيها الحلفاء الغربيين، بلغت 310 مليار دولار (المعدلة حسب التضخم) منذ تأسيس دولة الاحتلال وحتى اليوم.
  • وفي الفترة ما بين عامي 2001 و2020، تلقت "إسرائيل" مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة أكثر من كل الدول الأخرى التي تحصل على دعم أمريكي مجتمعة.
  • وقدمت الولايات المتحدة لـ"إسرائيل" مساعدات اقتصادية كبيرة من عام 1971 إلى عام 2007، ولكن معظم المساعدات الأمريكية تذهب اليوم لدعم الجيش الإسرائيلي وقوته الدفاعية، ليكون الأكثر تقدما في المنطقة بين القوى الأخرى في الشرق الأوسط.
  • في عام 1999، وفي عهد الرئيس كلينتون، وقعت حكومة الولايات المتحدة التزاماً بتزويد "إسرائيل بما لا يقل عن 2.7 مليار دولار أمريكي كمساعدات عسكرية سنوياً لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد، وفي عام 2009 تم رفعها إلى 3 مليارات دولار في عهد جورج بوش الإبن؛ وفي عام 2019 تم رفعها إلى 3.8 مليار دولار أمريكي كحد أدنى في عهد باراك أوباما.
  • وخلال معركة "طوفان الأقصى"، وكما ذكرنا سابقاً تجاوزت الأموال التي صرفتها أمريكا على التمكين الدفاعي والعسكري الإسرائيلي 22 مليار دولار خلال عام 2024، وهي الأعلى في تاريخ الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال منذ نشأتها.

ما مستقبل الانفاق العسكري الأمريكي على "إسرائيل" مع عودة ترامب؟

  • تقول صحيفة كالكاليست العبرية في تقرير نشر مؤخراً، إن حجم المساعدات الأمنية لإسرائيل سيعتمد على استجابتها لمخططات ترامب للشرق الأوسط خلال السنوات القادمة، وفي السنتين المقبلتين، سيكون على ترامب اتخاذ قرار بشأن مستقبل الاتفاق على المساعدات الأمنية الأمريكية والذي سينتهي في عام 2028.
  • وتقول الصحيفة إن "إسرائيل" تعتبر الدولة "المفضلة" في تلقي المساعدات العسكرية من دافعي الضرائب الأمريكيين، مما ضمن لها تفوقها العسكري والتكنولوجي الواضح على جيرانها وعلى دول أخرى في المنطقة. ومن خلال هذه الأموال، اشترت "إسرائيل" من الصناعات العسكرية الأمريكية الطائرات المقاتلة الأكثر تقدماً، من طراز F-16 وF-15 وصولًا إلى الطائرات الشبحية F-35، بالإضافة إلى مروحيات أباتشي، وطائرات النقل (C-130)، وطائرات التزويد بالوقود، وغيرها.
  • وبينما كانت "إسرائيل" غارقة في حرب ممتدة استمرت 15 شهراً، وكانت في خضم فوضى الانقلاب القضائي الداخلي، إلا أنها لم تبدأ بعد العمل التحضيري الذي من المفترض أن يجهزها للتفاوض على اتفاق المساعدات الأمنية الرابع مع الإدارة الأمريكية الذي سيستمر لـ10 سنوات. بحسب تقديرات مسؤولين كبار لصحيفة كالكاليست، من المتوقع أن يبدأ العمل التحضيري لهذا الملف خلال العام الجاري 2025.
  • ويقول شاي هرتسفي، رئيس قسم الشؤون الدولية والشرق الأوسط في معهد السياسات والاستراتيجيات بجامعة ريخمان، لموقع "كالكاليست" إن "الدعم الأمريكي لإسرائيل في عهد ترامب لا يواجه شكوكاً، لكن السؤال الكبير يتعلق بحجمه. مشيراً إلى أن ترامب يريد ترتيباً في الشرق الأوسط يتيح له التركيز على القضايا الداخلية، وخارجياً الصعود الصيني، ولا يرغب في خوض حروب قد تجذب الولايات المتحدة إلى أزمات".
ترامب ونتنياهو، أرشيفية، رويترز
  • وتشير تقديرات مسؤولين إسرائيليين إلى أن الاتفاق المستقبلي قد يستمر على نفس نهج الاتفاق الحالي، مما قد يمنع إسرائيل من شراء الأسلحة من الصناعات العسكرية المحلية باستخدام الأموال الأمريكية. في حين أن الاتفاق بين 2009-2018 الذي تم توقيعه في فترة إدارة بوش مع رئيس الوزراء آنذاك إيهود أولمرت، سمح بتحويل 26.3% من المساعدات المالية من الدولار إلى الشيكل لشراء الأسلحة من الصناعات المحلية، فإن الاتفاق الحالي يتضمن إلغاء تدريجي لهذا الخيار.
  • وفي العامين المقبلين، سيتم إلغاء إمكانية تحويل الدولارات إلى شيكلات من الأموال السنوية التي تبلغ 3.8 مليار دولار، وبالتالي سيتم شراء جميع الأسلحة والمعدات العسكرية التي ترغب فيها "إسرائيل" فقط من شركات الصناعات الأمريكية. وهذا يعني نحو 800 مليون دولار لن تذهب لشراء أسلحة من شركات "رافال" و"إلبِت سيستمز" والصناعات الجوية الإسرائيلية، بل ستوجه إلى منتجات من صناعة الأسلحة الأمريكية. 
  • لكن كإعداد لذلك، أسست الشركات العسكرية الكبرى الإسرائيلية فروعاً في الولايات المتحدة لتمكين وزارة الدفاع الإسرائيلية من شراء الأسلحة باستخدام الأموال الأمريكية. ومع ذلك، جاءت حرب أوكرانيا في وقت لاحق، تلتها الحرب المستمرة في "إسرائيل"، مما زاد النشاط في الصناعات العسكرية المحلية إلى مستويات غير مسبوقة.
  • وتقول الصحيفة العبرية إن "إسرائيل" تسعى لزيادة استقلاليتها في الإنتاج العسكري في إطار مساعيها لتقليل الاعتماد على الأسلحة المستوردة، بما في ذلك من الولايات المتحدة. وهذه الطموحات تأتي ردًا على الحظر المفروض على الأسلحة من قبل بعض الموردين العالميين، بالإضافة إلى القيود التي فرضها الرئيس الأمريكي الأسبق جو بايدن بشأن توريد القنابل الثقيلة لاستخدام سلاح الجو الإسرائيلي.
  • ويُعتقد في "إسرائيل" أن ترامب سيفضل تعزيز الصناعات الأمريكية للأسلحة، مما قد يضع تحدياً أمام قدرة إسرائيل على الالتزام على المدى الطويل برؤيتها لتعزيز استقلالها في الإنتاج الدفاعي. وقال مسؤول في وزارة الدفاع لموقع "كالكاليست": "ترامب في كل الأحوال سيظل في البيت الأبيض لمدة أربع سنوات فقط، والطلبات التي صدرت بالفعل للصناعات الإسرائيلية هي في مرحلة التنفيذ، ومن غير المرجح أن تؤدي تحركاته إلى إحداث تغيير كبير في جهود إسرائيل لتعزيز استقلالها في الإنتاج العسكري"، على حد تعبيره.
تحميل المزيد