كشفت تقارير غربية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتمد في حربه على غزة على ما وصفته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية بـ"مصنع الذكاء الاصطناعي"، الذي أُطلق العنان له لتحديد الأهداف اليومية التي تستهدفها آلة القتل الإسرائيلية، ما ساهم في زيادة أعداد الضحايا الفلسطينيين في القطاع المحاصر بشكل غير مسبوق.
وكان من بين أبرز أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استعرضتها صحيفة واشنطن بوست نظام "هبسورا" أو "الإنجيل" الذي طورته إسرائيل واعتمدت عليه في جمع البيانات وتحديد بنك الأهداف في الحرب التي شنتها على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقد خلفت الحرب الإسرائيلية على غزة حتى الآن نحو 154 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
وقال تقرير واشنطن بوست: "بعد الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أمطرت قوات الدفاع الإسرائيلية غزة بالقنابل، مستفيدةً من قاعدة بيانات جُمعت بعناية على مر السنين، توضح عناوين المنازل والأنفاق والبنية التحتية الأخرى الحيوية للجماعة المسلحة".
⛔️ ميدل إيست آي: #إسرائيل تستخدم نظام أسلحة يعمل بالذكاء الاصطناعي منتج بالتعاون مع شركة هندية خلال الحرب على #غزة
— عربي بوست (@arabic_post) November 20, 2024
🔹 كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم نظام أسلحة يعتمد على الذكاء الاصطناعي في غزة، والذي تم إنتاجه بالاشتراك مع شركة دفاع هندية،… pic.twitter.com/8b5gkk0W5M
وأضافت الصحيفة: "ولكن بعد نفاد بنك الأهداف، وللحفاظ على وتيرة الحرب المحمومة، لجأ الجيش الإسرائيلي إلى أداة ذكاء اصطناعي معقدة تُسمى هبسورا أو 'الإنجيل'، التي كانت قادرة على توليد مئات الأهداف الإضافية".
وبحسب مصادر مطلعة، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة تعبئة بنك الأهداف لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي بسرعة سمح للجيش بمواصلة حملته دون انقطاع.
ولم يكن تقرير واشنطن بوست الأول من نوعه الذي يكشف عن توظيف جيش الاحتلال الإسرائيلي لأنظمة الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة، حيث أشارت تقارير عدة نشرتها صحف غربية، منها مواقع إسرائيلية وعبرية، إلى استخدام جيش الاحتلال الذكاء الاصطناعي لإعداد قوائم القتل في القطاع الفلسطيني المحاصر.
ما هو نظام الذكاء الاصطناعي "هبسورا" الذي وظفه الاحتلال في غزة؟
- نظام "هبسورا" هو برنامج للتعلم الآلي مبني على مئات من الخوارزميات التنبؤية، والذي يسمح للجنود بالاستعلام بسرعة عن مجموعة ضخمة من البيانات.
- بمراجعة كميات هائلة من البيانات المستمدة من الاتصالات التي تم اعتراضها، ولقطات الأقمار الصناعية، والشبكات الاجتماعية، تعمل الخوارزميات على استخراج إحداثيات الأنفاق والصواريخ وغيرها من الأهداف العسكرية.
- باستخدام تقنية التعرف على الصور في البرنامج، يمكن للجنود اكتشاف أنماط دقيقة، بما في ذلك تغييرات طفيفة جرت خلال سنوات، من لقطات الأقمار الصناعية لغزة تشير إلى أن حماس دفنت قاذفة صواريخ أو حفرت نفقاً جديداً في أرض زراعية.
- بدأ العمل على تطوير البرنامج منذ عام 2020 تحت قيادة يوسي سارييل، قائد وحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200، التي تعد العمود الفقري لمنظومة الاستخبارات الإسرائيلية، حيث تختص بالتجسس الإلكتروني وجمع الإشارات وتحليل البيانات.
ما هي الانتقادات التي وجهت إلى استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي؟
- كشف تقرير واشنطن بوست عن نقاش حاد جرى داخل أعلى مستويات جيش الاحتلال، بدأ قبل سنوات من السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حول جودة المعلومات الاستخباراتية التي جُمعت بواسطة الذكاء الاصطناعي، وما إذا كانت توصيات التكنولوجيات قد حظيت بتدقيق كافٍ، وما إذا كان التركيز على الذكاء الاصطناعي قد أضعف قدرات الاستخبارات في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
- عبر بعض المنتقدين داخل المؤسسة العسكرية عن أن برامج الذكاء الاصطناعي سرّعت من عمليات القتل في غزة، التي أودت بحياة 45 ألف شخص، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
- قال أشخاص مطلعون على ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الجنود الذين خدموا في غزة، إن جيش الاحتلال زاد بشكل كبير من نسبة عدد الضحايا المقبولة بين المدنيين مقارنة بالمعايير السابقة. وأوضح البعض أن الأتمتة، التي زادت من سرعة توليد الأهداف وتوسيع مداها، ساهمت بشكل كبير في هذا التحول.
- يذكر أن "نسبة الضحايا المدنيين المقبولة لدى الجيش الإسرائيلي في عام 2014 كانت مدنياً واحداً لكل إرهابي رفيع المستوى"، حسب ما قاله تال ميمران، المستشار القانوني السابق لجيش الاحتلال الإسرائيلي. وفي الحرب على غزة، ارتفع العدد إلى 15 مدنياً لكل عضو منخفض المستوى من حماس، و"أعلى بشكل كبير" بالنسبة للأعضاء من المستوى المتوسط والعالي، حسب منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "كسر الصمت". وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير نشرته في وقت سابق أن النسبة بلغت 20 مدنياً.
- نقل تقرير واشنطن بوست عن ستيفن فيلدشتاين، الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي، المتخصص في استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب: "إن ما يحدث في غزة هو نذير لتحول أوسع في كيفية خوض الحرب". وأشار إلى أن جيش الاحتلال خفض عتبة معدل الإصابات المدنية المقبولة خلال الحرب على غزة.
- أعرب العديد من ضباط الوحدة 8200 عن مخاوفهم من أن تكنولوجيا التعلم الآلي، التي سرّعت عملية اتخاذ القرار، أخفت عيوباً أساسية. ووجدت مراجعة داخلية أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي لمعالجة اللغة العربية تعاني من أخطاء، حيث فشلت في فهم الكلمات والعبارات العامية الرئيسية، حسب مسؤولين عسكريين سابقين.
- تثير تهم الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي تساؤلات بشأن ما إذا كانت القرارات الحاسمة بشأن قصف الأهداف في غزة قد اتخذت بواسطة برامج. ويُتوقع أن يعجل هذا التحقيق بإجراء نقاش عالمي حول دور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الحروب، وفقاً لما ذكرته واشنطن بوست.
ما هي أنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى التي اعتمدت عليها إسرائيل؟
1- نظام أربيل
- كشفت وثائق أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم نظام أسلحة يعتمد على الذكاء الاصطناعي في غزة، تم إنتاجه بالاشتراك مع شركة دفاع هندية، وأطلق عليه اسم أربيل.
- التقارير أضافت أن النظام يحول المدافع الرشاشة والبنادق الهجومية إلى آلات قتل محوسبة، مع تعزيز القدرة على ضرب الأهداف بدقة وكفاءة أكبر باستخدام الخوارزميات.
- يُروَّج لنظام أربيل باعتباره "نظاماً ثورياً يغير قواعد اللعبة ويحسن من قدرة المشغل على القتل والقدرة على البقاء ".
- يعمل النظام على تحسين قدرة المدافع الرشاشة والأسلحة الهجومية ــ مثل تافور وكارمل ونيجيف التي تنتجها إسرائيل ــ وتحويلها إلى سلاح يستخدم الخوارزميات لتعزيز فرص الجنود في ضرب الأهداف بدقة وكفاءة أكبر.
2- نظام لافندر
- التقارير بشأن توظيف إسرائيل لبرنامج ذكاء اصطناعي يُدعى "لافندر" جاءت من خلال تحقيق استقصائي مشترك أجراه موقع +972 Magazine وموقع Local Call الناطقان بالعبرية.
- بحسب التحقيق، اعتمد برنامج لافندر على معايير واسعة من أجل تحديد الأهداف المحتملة، واختار نحو 37 ألف شخص للاستهداف بالقصف الجوي المحتمل.
- ورد أن البرنامج استخدم التعلُّم الآلي لتحديد سمات المسلحين، وكان يمنح الناس درجةً من 1 إلى 100 بحسب المصادر العسكرية، وذلك بناءً على عوامل تشمل العلاقة بمسلحين مشتبه بهم أو تغيير الهاتف باستمرار.
3- نظام غوسبل
- استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي نظاماً قائماً على الذكاء الاصطناعي يسمى "غوسبل" في الحرب على غزة "لتحديد الأهداف بوتيرة سريعة".
- من خلال الاستخراج السريع والآلي للمعلومات الاستخباراتية، يصدر "غوسبل" توصيات مستهدفة لباحثيه "بهدف المطابقة الكاملة بين توصية الآلة والتعرف الذي يقوم به الشخص".
- أكدت مصادر متعددة مطلعة على عمليات الاستهداف التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي وجود برنامج "غوسبل"، قائلة إنه استُخدِمَ لإصدار توصيات آلية لمهاجمة الأهداف، مثل المنازل الخاصة للأفراد المشتبه في أنهم نشطاء بـ"حماس" أو "الجهاد الإسلامي".