أصدر محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، مرسوماً جديداً يحدد آلية الخلافة في حال شغور منصب الرئاسة، مما قد يؤدي إلى تولي أحد الموالين له منصب الرئيس المؤقت. ينص المرسوم، الذي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" الأربعاء 27 نوفمبر 2024، على أن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وهو المنصب الذي يشغله حالياً روحي فتوح القيادي في حركة فتح، سيتولى رئاسة السلطة الفلسطينية بشكل مؤقت في حال غياب الرئيس. وسيستمر الرئيس المؤقت في منصبه لمدة 90 يوماً فقط، حتى يتم إجراء الانتخابات الرئاسية وفقاً للقانون الفلسطيني.
ماذا وراء اختيار عباس لروحي فتوح؟
- مصدر رفيع في حركة فتح قال لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إن هذه الخطوة جاءت نتيجة "ضغوط أميركية هائلة". ووفقاً للمصدر نفسه، هناك خطة لتشكيل لجنة لإدارة شؤون غزة بعد الحرب، لكن السلطة الفلسطينية لن تتمتع بأي سلطة داخل هذه اللجنة. كما أشار إلى أن الإدارة الأميركية القادمة مهتمة بمسألة ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، ما قد يؤدي إلى تقليص دور عباس والسلطة الفلسطينية.
- جاء في المرسوم أن الرئيس المؤقت سيتولى منصبه لمدة 90 يوما إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية وفقا للقانون الانتخابي الفلسطيني.
- بحسب المصدر فإن هناك خطة لتشكيل لجنة لإدارة الشؤون المدنية في غزة بعد الحرب، وسيتم الإعلان عن هذه اللجنة من قبل عباس، ولكن لن يكون للسلطة الفلسطينية أي سلطة داخلها.
- بالإضافة إلى ذلك، ستعمل إدارة ترامب القادمة على ضم الضفة الغربية المحتلة أو أجزاء منها. ومع أخذ هذين العاملين في الاعتبار، قال المصدر إن دور عباس – وبالتالي دور السلطة الفلسطينية – سوف يتم تهميشه.
- قال المصدر إن "الإدارة الأميركية المقبلة مهتمة بالفعل بالضم، وبالتالي لا أعتقد أن بقاء السلطة الفلسطينية يخدم مصالحها".
هل يتجه عباس للاستقالة؟
- في الوقت نفسه، قالت مصادر فلسطينية رفيعة لصحيفة "هآرتس" إن عباس تعرض لضغوط لإعلان اعتزاله أو اختيار بديل له إذا لم يعد قادرا على أداء مهامه. ويحل هذا المرسوم محل القانون الحالي، الذي ينص على أن رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني يصبح رئيساً في حالة حدوث فراغ في السلطة. لكن المجلس التشريعي الفلسطيني تم حله منذ سنوات، وكان آخر رئيس منتخب له من حركة حماس، منافسة حركة فتح.
- نفى مسؤولون في رام الله أن تكون صحة عباس دفعت إلى إصدار المرسوم، لكنهم اعترفوا بأن الضغوط الخارجية أثرت على القرار. وصرح مسؤول كبير في منظمة التحرير الفلسطينية أن عباس يهدف إلى منع فراغ القيادة وتجنب أي فرض خارجي لزعيم جديد دون انتخابات.
- بحسب "هارتس" حذر مسؤولون في فتح من أنه إذا تم تنفيذ المرسوم، فإنه سيجبر الفصائل الفلسطينية والأطراف الدولية والعربية على تنظيم انتخابات سريعة لكل من الرئاسة والبرلمان. لكن البعض يرى في هذه الخطوة تكتيكاً للسماح للدائرة الداخلية لعباس بالاحتفاظ بالسيطرة، مع عمل فتوح كرئيس صوري.
- قال أحد كبار أعضاء فتح لصحيفة هارتس: "لا يمكنك معرفة ما يهدف إليه عباس على وجه التحديد. لقد بدأ الضغط عليه منذ فترة طويلة، مما أدى إلى إقالة الحكومة السابقة لمحمد اشتية. ولكن بدلاً من أن يؤدي ذلك إلى تغيير جوهري، اختار رجله الموثوق به، محمد مصطفى، وشكل حكومة من التكنوقراط لم تتمكن من إحداث أي تغيير إيجابي".|
- وعلى الرغم من عدم شعبيته، ظل عباس البالغ من العمر 89 عامًا رئيسًا للسلطة الفلسطينية لمدة عقدين من الزمن. وفي عام 2021، أرجأ إجراء أول انتخابات فلسطينية منذ 15 عاماً.
- كما تعرض عباس والسلطة الفلسطينية لانتقادات بسبب الفساد المستشري وعدم قدرتهم على الحد من تعديات المستوطنين الإسرائيليين المتزايدة على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
من هو روحي فتوح؟
- من مواليد عام 1949، وهو الرئيس الحالي للمجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي الفلسطيني منذ 7 فبراير 2022، ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني سابقاً، كما عين خلفاً للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رئيسًا للسلطة الوطنية الفلسطينية بحسب القانون الفلسطيني، حيث تولى مسؤليات الرئاسة لمدة 60 يوماً تبعها انتخابات لاختيار الرئيس والتي نجح فيها محمود عباس.
- انضم روحي فتوح إلى صفوف حركة فتح منذ بدايات 1968 حيث التحق بقوات العاصفة "فتح" في الأردن ليبدأ عمله في صفوف حركة فتح، وتلقى تدريبه العسكري في الكلية العسكرية في العراق ليلتحق بعدها بقواعد الثورة في الأردن ولبنان وسوريا.
- بدأ عمله السياسي في حركة فتح (إقليم سوريا) حيث كان أمين سر التنظيم والمكتب الحركي للطلاب ورئيس الهيئة الإدارية في فرع الاتحاد العام لطلبة فلسطين في سوريا ليصل في نهاية السبعينات إلى منصب عضو الهيئة التنفيذية لاتحاد طلبة فلسطين.
- انتخب في المؤتمر العام الخامس لحركة فتح عام 1989 عضواً في المجلس الثوري. تولى من بعدها مناصب عدة، وبعد عودته إلى أرض الوطن كان من المشرفين على تنظيم فتح في فلسطين وفي عام 2005 تسلم مفوض عام مكتب المنظمات الشعبية.
- تورط فتوح في فضيحة فساد في عام 2008 عندما تم القبض عليه عند معبر اللنبي بين الأردن وإسرائيل وبحوزته 3000 هاتف محمول في سيارته. وبحسب صحيفة جيروزاليم بوست ، فإن فتوح كان يقوم بتهريب الهواتف، التي تبلغ قيمتها مئات الآلاف من الدولارات ، واستخدم بطاقة VIP التي أصدرتها له "إسرائيل" لتسهيل مروره عبر المعبر مع الهواتف. ونفى فتوح الاتهامات الموجهة إليه وقت الحادث، وألقى باللوم على سائقه في محاولة تهريب الهواتف.
- ينظر إلى فتوح، وهو عضو في الجيل المؤسس للسلطة الفلسطينية، على أنه "شخصية منخفضة المستوى". ويفسر قرار عباس على أنه جهد لتجنب صراع الخلافة، وخاصة مع شخصيات رئيسية مثل أمين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ وكبار أعضاء فتح جبريل الرجوب ومحمود العالول.