حدود دائمًا مهددة.. قصة 13 نقطة لبنانية في مرمى أطماع الاحتلال الإسرائيلي

عربي بوست
تم النشر: 2024/11/21 الساعة 12:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/11/21 الساعة 12:13 بتوقيت غرينتش
مراقبون عسكريون من هيئة مراقبة الهدنة التابعة للأمم المتحدة بدوريات في لبنان على طول الخط الأزرق- أرشيفية - shutterstock

في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، تتواصل المفاوضات السياسية لوقف إطلاق النار، بالتزامن مع العودة المكررة للمبعوث الأمريكي الخاص آموس هوكشتاين إلى المنطقة حاملاً مسودة مقترحات للتسوية. 

يحاول الاحتلال فرض الأمر الواقع بتحويل "الخط الأزرق"، الذي أُقر عام 2000 كخط مؤقت لوقف إطلاق النار، إلى حدود دائمة، بينما يتمسك لبنان بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 دون أي تحريف.

ويمتد الخط الأزرق على طول 120 كيلومتراً دون اعتراف دولي به كحدود رسمية، ويضم 13 نقطة خلافية تتحفظ عليها لبنان وتعتبرها أراضٍ محتلة. ورغم صدور القرار 1701 عام 2006 لإنهاء الحرب حينها، والذي دعا إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح جنوب نهر الليطاني، استمرت النقاط الخلافية بسبب الانتهاكات المتكررة للاحتلال عبر تجاوز الخط الأزرق، والاستيلاء على مناطق خارجه، رغم أنها موثقة رسمياً من قبل الأمم المتحدة كأراضٍ لبنانية.

فما هي النقاط الـ13 الخلافية التي يتحفظ عليها لبنان على طول الخط الأزرق، والتي يستولي عليها الاحتلال الإسرائيلي؟

تتمثل النقاط الخلافية الحدودية بين لبنان والاحتلال في 13 نقطة جغرافية موزعة على طول الحدود. تم التوصل إلى تفاهمات حول 7 نقاط، بينما تبقى 6 نقاط تشكل خلاف. وتتنوع هذه النقاط بين مساحات صغيرة جدًا وأخرى أكبر، تصل بعضها إلى 18 ألف متر مربع.

حدود دائماً مهددة.. قصة 13 نقطة لبنانية في مرمى أطماع الاحتلال الإسرائيلي

وتتوزع النقاط الـ13 على طول الحدود كالتالي: 

  •  رأس الناقورة (النقطة B1): وهي نقطة ساحلية ذات أهمية استراتيجية كبيرة.
  • بلدة علما الشعب، وتشمل ثلاث نقاط خلافية. وتعتبر واحدة من أجمل القرى اللبنانية، وهي منطقة سياحية ذات أغلبية مسيحية.
  • بلدة البستان: وهي بلدة التي لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن مواقع الاحتلال الإسرائيلية المقابلة عند الحدود، وتقع على الخط الأزرق مباشرة و تبعد البلدة عن بيروت 140 كم وعن مركز المحافظة في صيدا 98 كم وعن مركز القضاء في صور 36 كم. ارتبط اسمها ببركة المياه الزراعية الضخمة والتي تعرف ببركة ريشا.
  • بلدة مروحين: آخر بلدة في قضاء صور لجهة بنت جبيل و لا تبعد سوى 30 مترا عن فلسطين حدود فلسطين المحتلة. وقريبة جدًا من مستوطنة زرعيت الإسرائيلية.
  • بلدة رميش: والتي تقع بمحاذاة الحدود الفلسطينيّة جنوبًا، وتلُفّها بلدات يارون شرقًا وعيتا الشعب غربًا وعين إبل ودبل وحنين شمالًا، وتبلغ مساحتها 14 كيلومترًا مربّعًا ويراوح ارتفاعها عن سطح البحر ما بين 570 مترًا في المرج و730 مترًا في قطمون، وتتميز بتربتها الصالحة لزراعة التبغ والزّيتون والحبوب والكرمة والتين.
  • مارون الراس: وتعد بلدة مارون الراس إحدى القرى اللبنانية التي تتبع لقضاء بنت جبيل في محافظة النبطية، وتقع على بعد كيلومترين من الحدود اللبنانية الفلسطينية. وتأتي أهميتها العسكرية من كونها تقع على تلال مرتفعة تطل على العديد من المناطق المهمة في الجنوب اللبناني وشمال فلسطين، وتبعد 120 كم عن العاصمة بيروت.
  • بليدا: وهي بلدة يفتخر أهاليها بصدارتهم للشهداء والزود عن الجنوب، إلى جانب بلدات وقرى أخرى، فمنذ بدايات الاحتلال للأراضي الفلسطينية كان شباب أهل بليدا من بين الذين قاوموا عصابات الهاغانا الإسرائيلية عام 1948.
  • ميس الجبل: والتي تعرف بخصوبة أرضها، وهي إحدى أكبر بلدات قضاء مرجعيون، في محافظة النبطية، ويأتي اسمها من شجر الميس، الذي كان يغرس فيها، جنباً إلى جنب مع بيوتها العتيقة، المبنية بحجارة صخرية رخامية، يطلق عليها الحجر "الميسي"، تيمناً، الذي يحضر في كثير من أدراج وبلاط البيوت وقوائم الأبواب والنوافذ، ويصدَّر منه إلى الخارج.
  • العديسة: وهي البلدة التي ليست بعيدةً عن أحداث غزة، وعن حرب الاحتلال على القطاع -ولم تكن يوماً- حالها حال جميع القرى المجاورة. فهذه البلدة الجنوبية هي أقرب نقطة لبنانية إلى فلسطين المحتلة من جهتها الشرقية، ولطالما كانت في مرمى نيران الاحتلال الإسرائيلي. كانت العديسة آخر قرية يخرج منها الاحتلال الإسرائيلي بعد التحرير عام 2000، ولكن آثار الاحتلال بقيت على أراضيها حتى اليوم، من خلال آلاف الألغام المزروعة في تلالها التي أصابت وتصيب عدداً كبيراً من أهلها وتعيق الوصول إليها. وفي حرب يوليو/تموز 2006 التي شنّتها إسرائيل على لبنان، كانت العديسة أولى القرى التي حاول العدو احتلالها، لكنه فشل وعرف خسائر بشرية وصل عددها إلى 12، أجبرت الاحتلال على قصف البلدة وإدخال طيرانه لتأمين انسحاب جنوده.
  •  كفركلا: وهي أحد معابر الجنوب إلى سهول فلسطين. ففي بلدة كفركلا، التي يلامس عدد أبنائها 15 ألف نسمة، على مساحة واسعة من الأراضي والمرتفعات الكاشفة للأراضي الفلسطينية على مد العين والنظر وشهرة كفركلا بالزيتون والزيت لا تضاهيها أي بلدة لبنانية. فهي تتربع على عرش هذه الزراعة المنتشرة في عموم أراضيها، إلى جانب زراعة الحبوب، التي تتركز في منطقة السهل.
  • الوزاني: وهي بلدة تتبع قضاء مرجعيون، وتعداد سكانها نحو 300 نسمة يمتهنون الزراعة وتربية المواشي، وتبعد عن العاصمة بيروت نحو 120 كم، وهي بلدة سياحية وذات مناظر طبيعية خلابة. وفيها نهر الوزاني هو أنظف نهر في لبنان، ويشكل النهر الحدود الجغرافية بين جنوب لبنان والجولان السوري المحتل وقد عمد بعض سكان المنطقة لإقامة منشآت سياحية فيها.
خريطة تفاعيلية موضح فيها المناطق التي فيها نقاط الخلاف في الجنوب اللبناني

مناطق إستراتيجية

وتتفاوت مساحة هذه النقاط وأكبرها في بلدات رميش والعديسة والوزاني، فيما يرى لبنان أن لديه بالإجمال مساحة 485 ألفا و39 مترا مربعا مقتطعة من أراضيه.

يرفع لبنان مطلباً ثابتاً باسترجاع الجزء الشمالي من بلدة الغجر، إلى جانب أراضٍ حدودية تشمل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وتُعد مزارع شبعا منطقة استراتيجية محتلة من قبل الاحتلال، بينما يتمسك لبنان بحقه السيادي عليها، في حين تصر الأمم المتحدة على اعتبارها جزءاً من الأراضي السورية التي احتلتها إسرائيل عام 1967.

أما كفرشوبا، والتي تقع عند السفوح الغربية الجنوبية لجبل الشيخ، ضمن مثلث الحدود الذي يربط لبنان وسوريا وفلسطين. هذه البلدة ذات الموقع الاستراتيجي المميز، انسحبت منها إسرائيل عام 2000 لكنها لا تزال تمثل نقطة قوة ورقابة جغرافية حاسمة. كفرشوبا تتربع على إحدى الروابي الغربية المنحدرة من جبل الشيخ، مطلة على سهل الحولة والجليل الأعلى في عمق الأراضي الفلسطينية التاريخية، كما تحيط بها قمم جبل عامل جنوباً وغرباً.

تكمن الأهمية العسكرية لكفرشوبا في هيمنتها الطبيعية على المواقع الإسرائيلية الحساسة، مثل تلال الرمثا، السماقة، ورويسات العلم. هذه الإطلالات الحاكمة من الشمال والشرق تمنح البلدة دوراً استراتيجياً بارزاً في مواجهة أي تحركات عسكرية إسرائيلية، ما يجعلها نقطة محورية في الصراع الحدودي.

مساعي الاحتلال لابتلاع الأراضي اللبنانية

قبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر العام الماضي، اشتعلت حدّة التوترات بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، بعدما أقدم الاحتلال على انتهاك القسم الشمالي من بلدة الغجر الحدودية باتخاذه إجراءات خطيرة، تمثّلت في إنشاء سياج شائك وبناء جدار إسمنتي حول كامل البلدة، امتداداً لسياسات الاحتلال التوسعية على الحدود مع لبنان وفلسطين المحتلة.

بلدة الغجر مقسمة إلى قسمين، شمالي يقع ضمن الأراضي اللبنانية، وجنوبي ضمن الجولان السوري المحتل منذ عام 1967. منذ إعادة احتلال القسم الشمالي من البلدة خلال حرب تموز 2006، يطالب لبنان باستعادته. وفي 4 يوليو 2023، أصدرت وزارة الخارجية اللبنانية بياناً شديد اللهجة، وصفت فيه محاولة إسرائيل ضم القسم الشمالي بـ"الخرق الواضح لقرار مجلس الأمن 1701″، الذي أنهى حرب 2006.

تسعى إسرائيل حالياً إلى فرض الأمر الواقع عبر تحويل الخط الأزرق، الذي أُقرّ كإجراء مؤقت بانتظار ترسيم رسمي للحدود، إلى حدود دائمة، وهو ما يرفضه لبنان. منطلق هذا الخط الأزرق هو نقطة B1، التي تبعد ما بين 30 و40 متراً عن رأس الناقورة. تُعد هذه النقطة بؤرة نزاع رئيسية، حيث يسعى الاحتلال لإزاحة الخط نحو 20 إلى 30 متراً داخل الأراضي اللبنانية.
ونقطة B1 تحمل أهمية استراتيجية بالغة للطرفين؛ فهي ليست مجرد حدود جغرافية، بل مرتفع أرضي يطل على مناطق واسعة، ما يمنحها أهمية عسكرية كبيرة. من جانب الأراضي الفلسطينية المحتلة، تؤمن هذه النقطة إشرافاً بصرياً يصل إلى مدينة حيفا، ما يجعل الاحتلال متمسكاً بها. ويتمسك بها لبنان، لأنها جزءاً أصيلاً من أراضيه و عنصراً محورياً لترسيم الحدود البحرية.

تحميل المزيد