أغنى إسرائيلية بالعالم.. من هي ميريام أديلسون المليارديرة اليهودية التي تؤثر في السياسة الخارجية لترامب؟ 

عربي بوست
تم النشر: 2024/11/20 الساعة 13:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/11/20 الساعة 14:11 بتوقيت غرينتش
ميريام أديلسون، المليارديرة اليهودية الداعمة لترامب/رويترز

في الوقت الذي تلقت فيه حملة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مئات الملايين من الدولارات من المتبرعين الداعمين للمرشح الجمهوري، كان هناك اسم بارز لمتبرعة يهودية من أصل إسرائيلي، لا يخفى على الجميع وهي ميريام أديلسون، الداعمة لتل أبيب والمستوطنات.

فقد شهدت الانتخابات الأمريكية لعام 2024 تدفق أكثر من 20 مليار دولار إلى الحملة الرئاسية لعام 2024، محطمة الرقم القياسي للإنفاق السياسي في انتخابات واحدة. وجمع ترامب وكامالا هاريس وحلفاؤهما مبالغ ضخمة من المال من المليارديرات. 

وكانت أغلبية هؤلاء المتبرعين الكبار من الجمهوريين، وفقاً لمنظمة "أوبن سيكريتس" غير الربحية، وهي منظمة مراقبة غير حزبية تتعقب تأثير المال على السياسة. 

ومن بين أبرز الداعمين لترامب، الذين كثر الحديث عنهم في الآونة الأخيرة كانت ميريام أديلسون، أرملة رجل الأعمال الراحل شيلدون أديلسون، التي صنفتها مجلة فوربس الأمريكية بأنها واحدة من أغنى النساء في الولايات المتحدة.

ووصفتها مجلة نيويورك الأمريكية أيضاً بـ "الملكة" التي تبلغ صافي ثروتها 30 مليار دولار، وهي خامس أغنى امرأة في أمريكا وأغنى إسرائيلية في العالم.

ورغم أنها ظلت بعيدة عن الأضواء طيلة حياتها، وكانت تعمل في الظل بينما كان زوجها يكتسب شهرة وطنية، ذكرت العديد من التقارير أنها لعبت دوراً محورياً ومؤثراً في تطوير المسار السياسي للزوجين على مدى العقود العديدة الماضية.

وخلال العقد الماضي، صعدت أديلسون في الدوائر الجمهورية في الولايات المتحدة وفي المشهد السياسي في إسرائيل، حيث نشأت.

وأصبحت المليارديرة الإسرائيلية الأمريكية "صانعة ملوك في السياسة الأمريكية المحافظة"، وسارت على خطى زوجها شيلدون أديلسون الذي توفي في عام 2021، بحسب تقرير لموقع ميدل إيست آي البريطاني.

وكان تبرعها بمبلغ 100 مليون دولار لحملة  ترامب 2024 بمثابة لحظة فاصلة. وأشارت تقارير إلى أن هذا الرقم تخطى 132 مليون دولار.

ومع فوز ترامب، باتت الأنظار تتجه إلى أديلسون وتأثيرها المحتمل على قراراته السياسية المستقبلية، وأبرزها ما يتعلق منها بإسرائيل.

نلقي في هذا التقرير نظرة أكثر تفصيلاً لأديلسون ومساهماتها في دعم حملة ترامب الانتخابية ودعم الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإلى أي مدى ستؤثر في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط في السنوات الأربع المقبلة.

من هي ميريام أديلسون؟

  • ولدت أديلسون (79 عاماً) التي حملت اسم فاربشتاين قبل الزواج، في تل أبيب عام 1945 بينما كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني بعد فرار والديها من بولندا في ثلاثينيات القرن العشرين.
  • عملت كضابطة أبحاث طبية في جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1972.
  •  حصلت لاحقاً على شهادة طبية واهتمت بعلاج إدمان المخدرات في أحد المستشفيات بتل أبيب.
  • انتقلت أديلسون بعد طلاقها من زوجها الأول عام 1986 إلى مدينة نيويورك للعمل في جامعة روكفلر، ولكنها بقيت هناك بعدما كانت تنوي البقاء لفترة قصيرة.
  • تزوجت أديلسون من الملياردير شيلدون في عام 1991. 
  • كانت برفقة زوجها من بين كبار المانحين الجمهوريين في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث أنفقا نصف مليار دولار على المرشحين الجمهوريين في الانتخابات البرلمانية ومجلس الشيوخ والرئاسية.
  • تمتلك عائلتها صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية ذات الميول اليمينية والأكثر انتشاراً في إسرائيل. ولسنوات، كانت الصحيفة داعمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. 
  • بعد وفاة زوجها في عام 2021، تولت أديلسون مسؤولية مصالحه التجارية وتوقعاته السياسية، سعياً إلى تشكيل رؤيتها للسياسة الأمريكية ودولة إسرائيل.
  • تشغل أديلسون منصب أمينة فخرية في جامعة جنوب كاليفورنيا.
  • تولت ملكية إمبراطورية الكازينو الخاصة بزوجها بعد وفاته، وأصبحت مالكة شركة لاس فيغاس ساندز، ثالث أكبر شركة كازينو في العالم من حيث الإيرادات.
  • اشترت أديلسون حصة أغلبية في فريق كرة السلة الأمريكي للمحترفين، دالاس مافريكس في وقت سابق من هذا العام.

كيف تحولت علاقة أديلسون مع ترامب من الرفض إلى الدعم السخي؟

كانت عائلة أديلسون من أكبر داعمي ترامب في حملته الرئاسية عام 2016، رغم أنهم لم يكونوا أول المتبرعين الذين دعموا المرشح الجمهوري خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. 

فقد كان شيلدون يميل إلى دعم ماركو روبيو، الذي كان سيناتوراً عن ولاية فلوريدا في ذلك الوقت، وكانت أديلسون تفضل السيناتور تيد كروز.

حتى أن ترامب هاجم عائلة أديلسون، واتهمها بمحاولة شراء روبيو.

ولكن عائلة أديلسون غيرت موقفها الرافض لدعم ترامب في ديسمبر/كانون الأول  2015، بعد اجتماع مع ترامب دار فيه الحديث حول إسرائيل. ووصفت أديلسون ترامب آنذاك بأنه كان "ساحراً للغاية".

وبعد ذلك، تعززت العلاقة، وأصبحت عائلة أديلسون في نهاية المطاف من أبرز المؤيدين لترامب.

وقد تبرع الزوجان بمبلغ 20 مليون دولار لحملة ترامب في عام 2016. وبعد عامين، تبرعا بمبلغ 113 مليون دولار للمجموعات والمرشحين الجمهوريين والمحافظين خلال دورة انتخابات التجديد النصفي لعام 2018.

كما خصصت العائلة مبلغ 5 ملايين دولار لاحتفالات تنصيب ترامب في يناير/كانون الثاني 2017، وشغلت أديلسون منصب نائب رئيس الشؤون المالية لهذا الحدث، فضلاً عن التبرع بـ 500 ألف دولار دعماً للجنة الدفاع عن ترامب أثناء التحقيق معه بشأن التدخل الروسي المزعوم في انتخابات عام 2016.

كما منح ترامب أديلسون وسام الحرية الرئاسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وهو أعلى وسام مدني في البلاد.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، وصفت  أديلسون ترامب بأنه "صديق حقيقي للشعب اليهودي" أثناء تقديمه في حدث في لاس فيغاس ركز على معاداة السامية.

وفي عام 2020، قدمت عائلة أديلسون 75 مليون دولار إلى لجنة "الحفاظ على أمريكا"، وهي لجنة عمل سياسي تدعم ترامب.

وفي منتصف شهر مارس/آذار الماضي، أخبرت أديلسون أحد المقربين منها، وهو مورت كلاين، رئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية التي تمولها أديلسون، أنها تخطط لتقديم هدية "سخية للغاية" لدعم جهود إعادة انتخاب ترامب، حسبما نقلت تقارير عن كلاين.

فعالية تسوق لعقارات في القدس والضفة
المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية / رويترز

ما علاقة أديلسون بقرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس؟

بعد أن تبرعت عائلة أديلسون بعشرات الملايين من الدولارات لمساعدة ترامب على الفوز بالبيت الأبيض في عام 2016، أعلن الرئيس الجديد أن الحكومة الأمريكية ستعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقال إنه سينقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. 

وأشارت تقارير إلى أن أديلسون وزوجها الملياردير الراحل كانا مؤثرين في قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، بل وعرضت عائلة أديلسون دفع تكاليف بناء السفارة الجديدة.

وكان دعم عائلة أديلسون لقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واضحاً، حيث دفع التحالف اليهودي الجمهوري -الذي تموله العائلة- قيمة إعلان على صفحة كاملة في صحيفة نيويورك تايمز يصور ترامب وهو يرتدي القلنسوة اليهودية ويضع يده على حائط البراق، مع نص يقول "الرئيس ترامب. وعد فأوفى".

وكانا الزوجان حاضرين في حفل الاحتفال بنقل السفارة في الصف الأمامي في نفس اليوم الذي قتل فيه جنود إسرائيليون  58 فلسطينياً يحتجون على نقل السفارة إلى القدس.

وفي مقال نشرته عام 2019 في صحيفة إسرائيل هيوم، أشادت أديلسون بدعم ترامب لإسرائيل من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في عام 2017 وانسحابه من الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015.

 يذكر أن عائلة أديلسون قامت أيضاً بشراء أغلى منزل في إسرائيل مقابل 67 مليون دولار من الحكومة الأمريكية، والذي كان مقر إقامة السفير الأمريكي السابق في هرتسليا، خارج تل أبيب.

فريق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للسياسة الخارجية/عربي بوست

كيف تدعم أديلسون المستوطنات والمنظمات اليهودية؟

تعد أديلسون من أكبر المتبرعين للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وقد واجه زوجها دعوى قضائية بقيمة 34 مليار دولار في عام 2016 بسبب دعمه للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي. 

وقد أدى التوسع الاستيطاني إلى زيادة هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين والطرد القسري للفلسطينيين من منازلهم.

وأفاد تقرير لمجلة نيويورك في مايو/أيار الماضي بأن العائلة كانت تشترط دعمها للرئيس ترامب خلال ولايته الأولى مقابل السماح لإسرائيل بضم الضفة الغربية المحتلة رسمياً.

وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فقد أمضت أديلسون في الآونة الأخيرة وقتاً أطول في إسرائيل مقارنة بالولايات المتحدة.

وتبرعت هي وزوجها الراحل  بحوالي نصف مليار دولار لمؤسسة Birthright Foundation، وهي منظمة تشرف على إعداد رحلات مجانية إلى إسرائيل للشباب اليهودي من جميع أنحاء العالم في محاولة لتعزيز ارتباطهم بالبلاد.

وتعرضت المنظمة لانتقادات من قبل الجماعات اليهودية التقدمية بسبب دعمها للدعاية الإسرائيلية وتبييض احتلال الأراضي الفلسطينية.

وبالإضافة إلى دعم المستوطنات الإسرائيلية، قدمت عائلة أديلسون  25 مليون دولار لجامعة أرييل، وهي مدرسة إسرائيلية تقع على أرض مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. وقد أشار شيلدون إلى المدرسة باعتبارها "جداراً صهيونياً". ووصفتها زوجته أديلسون بأنها هدية "لتعزيز المستوطنين في يهودا والسامرة".

كما أست "مؤسسة أديلسون" في عام 2007، والتي تهدف إلى "تعزيز دولة إسرائيل والشعب اليهودي"، وفقاً لموقعها على الإنترنت.

ويعتقد العديد من خبراء جمع التبرعات السياسية، بما في ذلك كريج هولمان، كبير مسؤولي الضغط الأخلاقي في منظمة Public Citizen، أن أديلسون بخلاف الدعم غير المشروط للحرب على غزة، ستضغط من أجل تنفيذ البنود غير المكتملة من أجندة ترامب الإسرائيلية. وعلى رأس هذه القائمة يأتي ضم إسرائيل للضفة الغربية واعتراف الولايات المتحدة بسيادتها هناك.

البؤر الاستيطانية في الضفة والحواجز
البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية والحواجز الإسرائيلية/ بتسيلم

ما موقف أديلسون من الحرب الإسرائيلية على غزة؟

نشرت أديلسون مقالاً في صحيفة إسرائيل هيوم في نوفمبر/تشرين الأول 2023، هاجمت فيه التظاهرات المناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة، ووصفت المحتجين المناهضين لإسرائيل بالأعداء.

وقالت أديلسون: "إذا كنت تصرخ من تكتيكات الهجوم المضاد الإسرائيلي… فأنت ميت بالنسبة لنا".

وأضافت:"إذا أدنت حماس ثم أضفت "ولكن" متبوعة بإدانة إسرائيل، فأنت ميت بالنسبة لنا".

ويبدو أن الدعم البالغ 100 مليون دولار من أديلسون أدى إلى تغيير في خطاب ترامب بشأن الحرب على غزة.

ففي شهر مارس/آذار الماضي، أجرى ترامب مقابلة مع صحيفة إسرائيل هيوم، وقال إن إسرائيل يجب أن "تنهي" حربها على غزة، مشيراً إلى أنها تفقد مصداقيتها الدولية.

وقال ترامب: "عليكم أن تنهو حربكم، عليكم أن تنهوها، عليكم أن تنجزوها".

وأضاف:"لا يمكن أن يستمر هذا الوضع. وأود أن أقول إن إسرائيل لابد أن تكون حذرة للغاية لأنها بذلك تخسر الكثير من العالم، وتخسر ​​الكثير من الدعم".

وبعد تبرع أديلسون لحملة ترامب الرئاسية، بدأ ترامب في مهاجمة إدارة بايدن والديمقراطيين، قائلاً إنهم يعملون على عرقلة جهود الحرب الإسرائيلية. وخلال المناظرة الرئاسية مع نائبة الرئيس كامالا هاريس في سبتمبر/أيلول الماضي، قال ترامب إن هاريس "تكره إسرائيل".

عن توحش الاحتلال وصمت العالم
قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة – shutterstock

كما كانت العديد من ترشيحات ترامب لمناصب إدارية رئيسية تحظى بدعم عائلة أديلسون، ومن بينها مايك هاكابي الذي كلفه ترامب بمنصب السفير الأمريكي لدى إسرائيل، الذي حصل في عام 2013 على جائزة أديلسون لدفاعه عن إسرائيل في حفل عشاء استضافته المنظمة الصهيونية الأمريكية.

كما حصلت عضوة الكونغرس إليز ستيفانيك، التي اختارها ترامب لمنصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، على نفس الجائزة من أديلسون في مارس/آذار الماضي.

حتى أن مرشح ترامب لمنصب وزير الخارجية، ماركو روبيو، أشير إليه في عام 2015 بأنه "دمية في يد شيلدون أديلسون".

تحميل المزيد