بينما يتم التركيز إعلامياً ودولياً على الدعم الأمريكي لإسرائيل منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، والذي بلغ حوالي 22 مليار دولار من المساعدات العسكرية والأمنية، إلا أن تل أبيب تتلقى أيضاً دعماً لافتاً من حليف غربي آخر وهو بريطانيا.
ورغم أن الدعم البريطاني لإسرائيل ربما لا يحظى بنفس التغطية الإعلامية والدعائية التي يحظى بها الدعم الأمريكي، إلا أن التقارير التي نشرت في هذا الشأن والمعلومات التي كشفتها تشير إلى أن المملكة المتحدة لم تتوان على مدار عام في تقديم يد العون لجيش وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، سواء كان ذلك خلال فترة حكومة حزب المحافظين السابقة أو إبان حكومة حزب العمال.
وقد تنوعت أشكال هذا الدعم لتشمل دعماً عسكرياً ومخابراتياً ولوجستياً بل وقانونياً أيضاً.
ونستعرض فيما يلي أبرز أشكال هذا الدعم البريطاني لإسرائيل:
رحلات إلى تل أبيب خلال فترة الحرب
كشفت تقارير أن 15 عضواً جديداً في البرلمان البريطاني حصلوا على تمويل من جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل قبل انتخابهم للبرلمان.
وقد تم تقديم التبرعات من قبل مجموعات أصدقاء إسرائيل المرتبطة بحزبي العمال والمحافظين، والتي تهدف إلى تعزيز مصالح إسرائيل في بريطانيا ولكنها لا تكشف عن مصادر تمويلها.
وبحسب التقرير، فقد نظمت مجموعات أصدقاء إسرائيل رحلات إلى تل أبيب بمشاركة 12 مرشحاً من حزب العمال وثلاثة مرشحين من حزب المحافظين في العام الذي سبق الانتخابات العامة في بريطانيا.
وبلغت التكلفة الإجمالية لهذه الرحلات أكثر من 30 ألف جنيه إسترليني (حوالي 40 ألف دولار)، وجرى البعض منها في خضم حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة، ووصفت بأنها مهام "تضامنية"، بحسب سجلات برلمانية صدرت هذا الشهر.
ولم تقتصر الزيارات إلى تل أبيب على النواب البريطانيين، بل شملت أيضاً رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك الذي توجه إلى تل أبيب بعد عدة أيام من بدء الحرب على غزة لتقديم الدعم لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تسيير رحلات جوية سرية أمريكية إلى تل أبيب من القاعدة البريطانية في قبرص
أرسلت القوات الجوية الأمريكية طائرات كانت تخفي بعض معلومات التسجيل الخاصة بها من القاعدة البريطانية في قبرص إلى تل أبيب منذ أن بدأت الحرب على غزة.
وأشارت تقارير بريطانية إلى أن الطائرات كلها كانت من طراز C-295 وCN-235، والتي يُعتقد أن القوات الخاصة الأمريكية تستخدمها.
وأضافت التقارير أن 18 طائرة من هذا النوع انطلقت من القاعدة الجوية البريطانية أكروتيري في قبرص إلى تل أبيب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وتشكل قاعدة أكروتيري نقطة محورية في الجهود الدولية لتسليح إسرائيل وتوفير الدعم اللوجستي للهجوم الذي تشنه على غزة.
لكن الحكومة البريطانية رفضت دائماً الكشف عن أي معلومات حول الأنشطة الأمريكية في أكروتيري، والتي من المعروف أنها تشمل نقل الأسلحة إلى إسرائيل.
شركات سلاح في بريطانيا تدعم إسرائيل بالسلاح
واصلت شركة دفاع إسرائيلية في بريطانيا تزويد تل أبيب بالأسلحة التي استخدمتها في حربها على غزة، في ظل مطالبات دائمة لبريطانيا بوقف تسليح إسرائيل.
وشهدت بريطانيا احتجاجات طالبت بإغلاق مصنعين لشركة "أنظمة إلبيط" (Elbit Systems) الإسرائيلية للإلكترونيات الدفاعية في بريستول، إذ يتهمها المحتجون "بالمشاركة في الإبادة الجماعية بغزة".
وقال ناشطون إن "شركة أنظمة إلبيط تخفي بشكل كبير أنشطتها في بريطانيا، وهي شركة إسرائيلية لصناعة الطائرات وشريكة مع الحكومة البريطانية، وزودت إسرائيل بأسلحة تُستخدم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة".
وتعد "أنظمة إلبيط" أكبر شركة أسلحة إسرائيلية مملوكة للقطاع الخاص في بريطانيا، وأكبر عميل منفرد لها هو وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وتمتلك الشركة 9 مصانع في أنحاء بريطانيا، 4 منها مخصصة للأسلحة، بعد إغلاق مصنعها في مدينة أولدهام بمانشستر الكبرى تحت ضغط نشطاء.
وتزود الشركة الجيش الإسرائيلي بنحو 85% من الطائرات المُسيّرة التي يستخدمها في المراقبة اليومية والهجمات المنتظمة، بالإضافة إلى ذخائر وجميع مكونات الطائرات.
"بشكل روتيني، تستخدم إسرائيل أسلحة شركة أنظمة إلبيط في ارتكاب جرائم حرب في حق الفلسطينيين"، بحسب تقرير لمنظمة "لجنة أمريكا لخدمات الأصدقاء"، العاملة في مجال العدالة الاجتماعية والإغاثة والسلام.
تسيير رحلات تجسسية فوق غزة
شمل الدعم البريطاني أيضاً تسيير رحلات تجسسية فوق قطاع غزة لمساعدة الاستخبارات الإسرائيلية. وكشفت تقارير أن حكومة حزب العمل أمرت بتسيير 100 رحلة تجسسية فوق قطاع غزة.
وقد بدأت رحلات التجسس البريطانية في ديسمبر/كانون الأول في عهد الحكومة المحافظة السابقة، واستمرت بوتيرة سريعة.
رغم أن وزارة الدفاع رفضت تقديم تفاصيل، فقد وجد موقع ديكلاسيفايد الاستقصائي البريطاني أن الرحلات الجوية المغادرة من أكروتيري – القاعدة الجوية البريطانية في قبرص – تحلق فوق غزة أثناء ولاية ستارمر.
وخلال الشهر الأول من ولاية حزب العمل البريطاني في أغسطس/آب، نفذ سلاح الجو الملكي البريطاني 42 رحلة جوية فوق الأراضي الفلسطينية.
ومن المرجح أن تثير المعلومات الجديدة المزيد من المخاوف بشأن التواطؤ البريطاني في جرائم الحرب في غزة.
شحن أسلحة لإسرائيل سراً عبر المجال الجوي البريطاني
كشف موقع ديكلاسيفايد البريطاني أن أسلحة موجهة إلى إسرائيل تم شحنها بهدوء عبر المجال الجوي البريطاني وسط حرب الإبادة الجماعية في غزة.
وتضمنت الشحنات المرسلة على متن الطائرات المتجهة إلى إسرائيل ذخيرة قناصة ومتفجرات تستخدم في الطائرات العسكرية وأجهزة تفجير. ويبلغ الوزن الإجمالي للشحنة أكثر من 55 طناً.
وقد غادرت جميع الرحلات الجوية الثماني التي حددها موقع ديكلاسيفايد مطار جون إف كينيدي الدولي في نيويورك، ودخلت المجال الجوي السيادي البريطاني فوق ويلز وخرجت منه فوق دوفر.
ثم مرت الرحلات عبر لييج في بلجيكا، قبل أن تصل إلى وجهتها النهائية في تل أبيب. وكانت جميعها تديرها مجموعة Challenge Airlines، التي لديها قاعدة في إسرائيل.
يذكر أن الرحلات الجوية التي تحمل بضائع خطرة أو ذخائر حربية عبر المجال الجوي البريطاني تتطلب عادة تصريحاً خاصاً من هيئة الطيران المدني.
ويشير هذا إلى أن الحكومة البريطانية أعطت الضوء الأخضر لمرور عدد كبير من شحنات الأسلحة إلى إسرائيل منذ بدء الحرب على غزة.
دعم الدفاعات الجوية الإسرائيلية لصد الهجمات الإيرانية
قدمت الدفاعات الجوية البريطانية الدعم لجيش الاحتلال الإسرائيلي لصد كلا الهجومين اللذين شنتهما إيران ضد إسرائيل في أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول.
وقد أشار رئيس الوزراء البريطاني، جون هيلي، إلى أن القوات البريطانية شاركت في إحباط الهجوم الصاروخي الإيراني ضد إسرائيل قبل عدة ايام.
وقال هيلي: "لقد لعبت القوات البريطانية هذا المساء دورها في محاولات منع المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط".
حتى أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أكد على أن بلاده تقف مع إسرائيل وتعترف بحقها في الدفاع عن النفس في مواجهة ما وصفه بالـ "العدوان"، في إشارة إلى الهجوم الإيراني الذي استهدف مواقع إسرائيلية وشمل اطلاق نحو 250 صاروخاً باليستساً.
وفي أبريل/نيسان الماضي، وافق رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك على مشاركة أربع طائرات مقاتلة بريطانية للدفاع عن إسرائيل.