معلومات جديدة: تفاصيل موقع “القاعدة الأمريكية” المزمع إنشاؤها بسوريا وكواليس المفاوضات

عربي بوست
تم النشر: 2025/11/09 الساعة 09:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/11/09 الساعة 09:00 بتوقيت غرينتش
أحمد الشرع- الأناضول

كشفت مصادر سورية مطّلعة لـ"عربي بوست" عن تفاصيل جديدة حول الخطوة "المثيرة للجدل" التي تستعد الولايات المتحدة لتنفيذها، والمتمثلة في إنشاء قاعدة عسكرية داخل أحد المطارات السورية الواقعة في العاصمة دمشق، في تطور يُعدّ الأبرز منذ سنوات في العلاقات بين واشنطن ودمشق.

وبحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من مصادر سورية متطابقة، فإن المفاوضات حول هذا المشروع بدأت قبل نحو ثلاثة أشهر، في أغسطس/آب 2025، عندما تم طرح الملف من خلال قنوات اتصال مباشرة بين مسؤولين من الإدارة الأمريكية والحكومة السورية لبحث إمكانية إنشاء وجود عسكري محدود للولايات المتحدة داخل الأراضي السورية.

مفاوضات سرّية وزيارة أمريكية رفيعة

أكد مصدر مطلع يعمل مستشارًا في وزارة الدفاع السورية أن المباحثات بدأت بشكل غير معلن في نهاية شهر أغسطس، وشهدت نقاشات مطوّلة بين الطرفين حول تفاصيل المهام والضمانات والسيادة. ومع بداية سبتمبر/أيلول 2025، وصل إلى دمشق قائد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، الجنرال براد كوبر، في زيارة غير معلنة مسبقًا، لبحث الملف مباشرة مع مسؤولين سوريين بارزين.

وأوضح المصدر أن الزيارة تطرقت إلى ملفات أمنية وعسكرية حساسة، على رأسها ملف تنظيم "داعش"، وكيفية تسريع العمليات الموجهة ضد فلوله في البادية السورية والمناطق الحدودية الشرقية. وخلال تلك المباحثات، طُرحت فكرة أن يكون هناك تعاون أمريكي–سوري مباشر في مجال مكافحة الإرهاب، عبر وجود غرفة عمليات مشتركة داخل سوريا تتيح تبادل المعلومات والتنسيق الميداني.

مهام القاعدة: مكافحة الإرهاب وضبط الحدود

وبحسب المصدر ذاته، فإن القاعدة الأمريكية الجديدة ستتولى مجموعة من المهام المحددة ضمن إطار التعاون الأمني بين واشنطن ودمشق.

المهمة الأولى تتعلق بإنشاء آلية تنسيق دائمة حول ملف تنظيم "داعش" والجماعات المسلحة الأخرى التي لا تزال تعمل خارج سيطرة الدولة السورية ولم تنخرط ضمن إطار هيئة تحرير الشام. وترى الحكومة السورية في تلك الجماعات تهديدًا أمنيًا متزايدًا، فيما ترى واشنطن في التعاون الميداني وسيلة للحد من نشاط التنظيمات المتشددة وإعادة ضبط المشهد الأمني في الشمال والبادية.

أما المهمة الثانية فتتمحور حول ضبط عمليات تهريب السلاح عبر الحدود السورية–اللبنانية، وبالتحديد من منطقة القصير التي تُعدّ إحدى النقاط الحساسة التي تمر عبرها شحنات سلاح متجهة إلى حزب الله في لبنان. ووفقًا للمصدر السوري، فإن الأمريكيين عرضوا إنشاء منظومة مراقبة متقدمة، تشمل طائرات استطلاع وتقنيات استشعار حديثة، لتعزيز الرقابة على الحدود ومنع أي نشاط تهريبي خلال المرحلة المقبلة.

إسرائيل في خلفية المشهد

ورغم أن الوجود العسكري الأمريكي الجديد لا يرتبط رسميًا بملف المفاوضات السورية–الإسرائيلية، إلا أن المصادر أوضحت أن القواعد الأمريكية في دمشق ستكون بطبيعتها قريبة من محور الأحداث السياسية الجارية، وأنها قد تتابع بشكل غير مباشر مسار التفاهمات الأمنية بين دمشق وتل أبيب، التي بدأت تبرز برعاية واشنطن وعدد من الوسطاء الإقليميين.

وأوضح المصدر أن "الملف الإسرائيلي لا يحتاج إلى رعاية عسكرية ميدانية من داخل سوريا، لكن بما أن القاعدة ستكون في العاصمة دمشق، فمن الطبيعي أن تتابع تطورات هذا المسار ضمن اهتمامها العام بالأمن الإقليمي".

مطار السين

وكشف مصدر سوري مطلع في وزارة الخارجية السورية أن إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية سيتم داخل مطار "السين" العسكري في دمشق، وهو من أهم القواعد الجوية في دمشق، ويتميز بموقعه الاستراتيجي القريب من مراكز القرار والحياة المدنية في العاصمة السورية. المفاوضات بدأت فعليًا خلال الأشهر الأخيرة، واشتملت على سلسلة اجتماعات بين المسؤولين الأمريكيين والسوريين.

وأوضح المصدر أن اللقاءات بين الجانبين الأمريكي والسوري بدأت على أعلى المستويات السياسية، حيث التقى براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأمريكية، بالرئيس السوري في سبتمبر الماضي. هذا اللقاء ركز على دراسة جدوى إنشاء قاعدة أمريكية داخل المطار، والتباحث حول الضوابط والشروط المتعلقة بهذا التواجد العسكري على الأراضي السورية.

في أكتوبر الماضي، وحسب المصدر السوري، تواصلت المفاوضات داخل الحكومة السورية، بين الرئاسة ووزارتي الدفاع والخارجية، حيث تم بحث الجوانب الفنية والاستراتيجية والتشريعية لهذا المشروع. وتركزت المناقشات على الآثار الأمنية والسياسية لإنشاء قاعدة أمريكية على الأراضي السورية، بالإضافة إلى تقييم المخاطر والتحديات المحتملة.

زاد الملف أهميةً مع زيارة المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم باراك، في النصف الأول من أكتوبر 2025، فوفق كلام المصدر السوري لـ"عربي بوست"، ناقش باراك مع الحكومة السورية تفاصيل إنشاء القاعدة وسبل تعزيز التعاون العسكري بين الطرفين.

وأكد المصدر أن هناك اهتمامًا أمريكيًا كبيرًا بهذا المشروع، وأن المباحثات شملت زيارات متكررة لممثلين أمريكيين إلى دمشق من أجل تسريع العملية وطرح الترتيبات اللوجستية والاستراتيجية للقاعدة.

وأشار المصدر إلى أن المناقشات لم تكن محصورة بجهة واحدة، بل شملت أطرافًا أمريكية متعددة، ما يعكس جدية الإدارة الأمريكية في متابعة الملف، رغم التعقيدات السياسية والأمنية المحيطة بهذا التواجد العسكري في سوريا.

الوجود الأمريكي في سوريا

بالعودة إلى الوجود الأمريكي في سوريا، فقد دخلت القوات الأمريكية الأراضي السورية عام 2015، استنادًا إلى تفويضَي استخدام القوة العسكرية الصادرين عامي 2001 و2002، واللذين خُصِّصا في الأساس لشن الحرب ضد تنظيم القاعدة في أفغانستان وغزو العراق للإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين. وقد رأى الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما أن من الممكن استخدام هذين التفويضين أيضًا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

في حين تنتشر القوات الأمريكية في سوريا ضمن 17 قاعدة و13 نقطة عسكرية ثابتة، تُمارس فيها القيادة الأمريكية صلاحيات كاملة وتتمركز معظم هذه المواقع في شمال شرق البلاد، وتُعدّ قواعد ارتكازية لدعم عمليات "قوات سوريا الديمقراطية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك وفق دراسة نشرها مركز جسور السوري.

وتُوزَّع القواعد والنقاط الأمريكية على المحافظات السورية على النحو الآتي: 17 موقعًا في الحسكة، و9 في دير الزور، و3 في الرقة، وموقع واحد في كل من حمص وحلب وريف دمشق.

ومن أبرز القواعد الأمريكية في سوريا:

  • قاعدة كوباني (عين العرب) في ريف حلب الشمالي.
  • قاعدة تل أبيض على الحدود السورية – التركية.
  • قاعدة رميلان شرق القامشلي.
  • قاعدة تل بيدر شمال الحسكة.
  • قاعدة الشدادي قرب المدينة النفطية في ريف الحسكة الجنوبي.
  • قاعدة عين عيسى شمال سوريا.
تحميل المزيد