انتخابات مبكرة تلوح في الأفق.. مشاريع قوانين تُهدّد بحلّ الكنيست الإسرائيلي وسقوط حكومة نتنياهو

عربي بوست
تم النشر: 2025/10/22 الساعة 14:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/22 الساعة 14:29 بتوقيت غرينتش
أزمة تجنيد الحريديم ألقيت بظلالها إمكانية استمرار الكنيست وحكومة نتنياهو/ عربي بوست

كل المؤشرات تؤكد أن الساحة السياسية في إسرائيل على موعد مع هزّات سياسية قد تعصف بالكنيست وحكومة بنيامين نتنياهو، وأجمعت التقارير الإسرائيلية على أن الوضع السياسي في البلاد بعد اتفاق إنهاء الحرب على قطاع غزة "بات مشحوناً".

إذ افتتح الكنيست الإسرائيلي دورته الشتوية، وتخيّم على أجندته جملة من مشاريع القوانين التي يعكف الائتلاف اليميني الحاكم على طرحها لنيل الثقة، ومنها تجنيد الحريديم، وضمّ الضفة الغربية، ومسألة لجنة التحقيق الرسمية في إخفاق هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إلى جانب البحث عن صيغة ما لتبرئة نتنياهو من اتهامات الفساد الغارق فيها، وسط تقديرات بأنها قد تكون الدورة الأخيرة قبل حلّه، والدعوة إلى انتخابات مبكرة قد تُجرى في الصيف/تموز القادم على أبعد تقدير، مع إجراء تعديلات في الساعات الأخيرة تتمثل في إرجاء عدد من مشاريع القوانين.

التجنيد الإجباري للحريديم قد يُفجّر الحكومة

أمير أتينغر، الكاتب في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ذكر أنه بعد هتاف أعضاء الكنيست للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطابه التاريخي أمامهم، عادوا في الساعات الأخيرة إلى الجلسة الكاملة، وما وصفه بـ"واقع الشلل" الذي يعيشه البرلمان، خاصةً أن جملة قوانين ستُخيّم عليه في هذه الدورة الشتوية.

وحسب أتينغر فإن هذه القوانين قد تُجبر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على تحييد الألغام التي تنتظره، كون هذه القوانين مثيرة للجدل، وتتحدّى السلطة القضائية، وسط إدراك الجميع أن الكنيست الخامس والعشرين الحالي لن يتمّ يومه الأخير على الأرجح، حيث سيتم حلّه، والاتجاه إلى الانتخابات المبكرة.

ورغم أن الاتجاه إلى الانتخابات المبكرة يشكّل توصية قدّمها مستشارو نتنياهو فور انتهاء الدورة الصيفية، وعودة المختطفين من غزة، وإشادة ترامب به، معتبرينها خطوة إيجابية ستُجنّبه الانغماس في نقاشات الكنيست الجارية، والحفاظ على ائتلافه الذي يعاني جملة من الأزمات، لكنه قرّر في هذه الأثناء عدم إجراء انتخابات، لرغبته في إتاحة الوقت الكافي لتوسيع نطاق اتفاقيات التطبيع خلال هذه الفترة، وليس خلال حكومة انتقالية.

مع العلم أن الائتلاف سيفتتح الدورة دون أغلبية واضحة، لأن مصير الكنيست سيحدده مستقبل قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية الإلزامية، وهي القضية الأهم بالنسبة للحكومة، وليس واضحاً ما إذا كان نتنياهو يريد حقاً دفع القانون حتى النهاية.

لكنه يريد أن يُظهر لهم التقدّم في صياغته، بما يتيح لهم "سلّماً" عاماً للعودة إلى الحكومة، وتستند خطة الائتلاف إلى الوثيقة التي قدّمها رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن، الليكودي بوعاز بيسموت، عقب ما تم التوصل إليه في حواراته مع الحريديم، وفقاً لما ذكره إيلي هيرشمان، مراسل القناة 12.

يوفال سيغيف وليئور كينان، الكاتبان في القناة 13، أكّدا أن هذا القانون يشكّل معضلة للحكومة، وسيكون صعباً التوفيق بين رغبات الحريديم المؤيدين للإعفاء، وأعضاء الكنيست الذين يُصرّون على فرض عقوبات على المتهرّبين من التجنيد، وما دام لم يكن هناك اتفاق بينهما، فستستمر مقاطعتهم للتصويت على مشاريع قوانينها في الكنيست، ما يشلّ أي مبادرة ائتلافية تقريباً.

تجدر الإشارة إلى أن هذا القانون سيثير العديد من علامات الاستفهام، ويُهدّد سلامة الائتلاف، لأنه قد يستجلب اضطرابات في الشارع الحريدي والمحاكم الحاخامية، قد تخرج عن سيطرة السياسيين الذين يحاولون الحفاظ على الحكومة وكسب الوقت، كما أكّدت ذلك ديفنا ليئيل، مراسلة القناة 12 لشؤون الحريديم.

شيلو فيريد أوضح في مقاله بصحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الائتلاف يسعى لإضفاء طابع مؤسسي على التهرّب من الخدمة العسكرية، وإدامة الوضع القائم المتمثل بعدم تجنيد الحريديم، رغم أنه سيصطدم بجدار المحكمة العليا التي قد لا تجيز القانون، لأنه لا يُلبّي الاحتياجات الأمنية للدولة، ويُبقي الجيش دون أدوات إنفاذ حقيقية ضدّ المتهرّبين، ولا يفرض عقوبات عليهم، ما يجعله حبراً على ورق، ويبدو أن الهدف العملي منه كسب الوقت للائتلاف دون تجنيد إجباري.

اشتباكات سابقة بين الحريديم وشرطة الاحتلال/رويترز
اشتباكات سابقة بين الحريديم وشرطة الاحتلال/رويترز

قوانين أخرى تُهدد استمرار حكومة بنيامين نتنياهو

أكد بيني أشكنازي، مراسل صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن إقرار الميزانية يتطلب قرارات اقتصادية مهمة بسبب نفقات الحرب، وصولاً إلى المصالح السياسية المختلفة لشركاء الائتلاف، ويبدو مهماً إقرارها بحلول نهاية مارس/آذار 2026، وإلا سيتم حلّ الكنيست تلقائياً.

ومن أجل استقرار الائتلاف، يريد نتنياهو تبكير جدول إقرارها قبل يناير/كانون الثاني المقبل، رغم إدراكه أنه لن تكون هناك أغلبية للمضي قدماً بها قبل قبول الحريديم بقانون التجنيد، وهذا يعني أن يبقى الكنيست مشلولاً حتى عندما يتعلق الأمر بتقديم مشاريع قوانين خاصة في المراحل التشريعية المبكرة، وفي القراءة التمهيدية.

أما ديفير غيبرا، مراسل القناة 12 في الكنيست، فذكر أن الحكومة أمامها بضعة أشهر لإقرار ميزانية 2026، وليس مؤكداً قدرتها على تحصيل الموافقة عليها، لأنه سيتم حلّ الكنيست على أي حال بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل، رغم أن إحراز تقدم حقيقي في الميزانية يتطلب من الحكومة التوصل إلى حلّ وسط بشأن قانون التجنيد.

وهي خطوة يُرجّح أن تثير مطالب جديدة تتعلق بالميزانية من الفصائل الحريدية، ويبدو أن وزير المالية بيتسلئيل سموتريتش مُصمَّم على إقرار الميزانية، التي ستكون الأخيرة للحكومة الحالية، وتمثل اختباراً لبقائها، وقد أصدر تعليمات لموظفي الوزارة للعمل بسرعة على إنجاز بنودها.

هناك قانون آخر لا يقلّ إشكالية، يتعلق بتعيين مفوض الخدمة المدنية، ويجري إقراره على خلفية معركة الحكومة مع المحكمة العليا والمستشارة القانونية غالي بهاراف ميارا، وبعد أن قضت المحكمة بأن يتم ذلك بعملية تنافسية للحفاظ على استقلاله، يضغط نتنياهو على أعضاء الكنيست لدفع القانون إلى الأمام لتغيير طريقة اختياره، بحيث يتم دون عملية تنافسية، كي يُسهّل على الحكومة إجراء تعيينات عليا في الدولة، من المعروفين بمواقفهم اليمينية المتطرفة، والداعمين لنظرية "الدولة العميقة".

كما سيطرح سموتريتش قانون المزايا الضريبية لجنود الاحتياط، وسيطرح رئيس الائتلاف أوفير كاتس تشريعاً لتشديد العقوبات على قاطعي الطرق ومُشعلي الحرائق، وقانون مضاعفة ميزانية منازل المحاربين القدامى والجنود المعاقين إلى 150 مليون شيكل، وقانوناً لتمديد صلاحية تمويل شهادات البكالوريوس للمحاربين القدامى، ويعمل وزير الاتصالات شلومو كرعي على تعزيز الانقلاب في حقل الإعلام.

سموتريتش وبن غفير و"إعدام المقاومين"

تتزامن الدورة الشتوية للكنيست مع انتهاء الحرب على غزة، ما أثار غضب حزبين رئيسيين في الائتلاف: الصهيونية الدينية والعصبة اليهودية، لأنهما على مدار العامين الماضيين حدّدا هدفهما المركزي المتمثل في القضاء على حكم حماس في غزة: عسكرياً ومدنياً وحكومياً.

لكن إنهاء الحرب بالطريقة التي انتهت بها يُبقي الحركة في السلطة، ما يدفعهما إلى توجيه إنذار لرئيس الحكومة بانتظار انتهاك حماس للاتفاق، حتى يتلاشى وقف إطلاق النار، وإذا لم يستأنف الجيش عملياته الحازمة في غزة، فيُحتمل أن يسعيا إلى تنفيذ تهديدهما واستغلال الحدث في طريقهما إلى الانتخابات.

عميت سيغال وأنبار توايزر، مراسلا القضايا السياسية في القناة 12، كشفا أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير يعمل على دفع قانون يفرض عقوبة الإعدام على المقاومين الفلسطينيين، مُحذّراً من أنه إذا لم تُقرّ الحكومة القانون، فإن حزبه سيُعيد التفكير في مواصلة مساره في الائتلاف.

وزعم بن غفير أنه عندما شُكّلت الحكومة، تم الاتفاق على إقرار القانون دون جدوى، ودأب حزب الليكود على تأجيله بذَرائع مختلفة، منها الخشية على حياة المختطفين في غزة، أما اليوم فإذا لم يُطرح القانون للتصويت خلال ثلاثة أسابيع، فلن نكون مُلزمين بالتصويت في الائتلاف، كما ذكرت صحيفة "معاريف".

عميئيل يريخي، مراسل قناة "آي 24″، نقل عن أوساط بن غفير أنه بعد إطلاق سراح المختطفين، فقد انتهت كل الأعذار، ويعتبر إقرار القانون وسيلة ضغط على حماس، ويضع حدّاً لدوافع عناصرها لتنفيذ المزيد من العمليات المسلحة، ويجعلهم يفكرون ملياً قبل القيام بها.

كما يُروّج الائتلاف لقانون يسمح لوزير الحرب بإلغاء جلسات الاستماع في محاكمة نتنياهو في حالات الطوارئ أو الحرب، وقانون مقاضاة عناصر النخبة من حركة حماس منفّذي هجوم الطوفان، وهو مشروع قانون مشترك بين الائتلاف والمعارضة.

الكنيست الإسرائيلي - رويترز
الكنيست الإسرائيلي – رويترز

ضمّ الضفة الغربية واستئناف الانقلاب القضائي

أبراهام حسون، مراسل القناة 14، ذكر أن الائتلاف يسعى لإقرار قانون لتطبيق الضم في مناطق بالضفة الغربية، وأن عضو الكنيست الحاخام آفي ماعوز، رئيس حزب "نوعام"، يستعد لطرحه، فيما تسعى الحكومة لطرح نسخة مخففة من القانون خشية إغضاب الولايات المتحدة، لكنه لا ينوي التنازل عن دعوته.

وسيُطرح مشروع قانونه للتصويت، بزعم أن مثل هذه القوانين خطوة تاريخية يجب اتخاذها الآن، ومهمة للجمهور اليميني قبل حلّ الكنيست، والدعوة إلى انتخابات مبكرة، بغضّ النظر عن الحساسية السياسية مع الأمريكيين.

لأن القانون في حال إقراره سيُوجّه رسالة واضحة للعالم بأنه لن تكون هناك سوى سيادة واحدة بين النهر والبحر، وهي لإسرائيل، وأن الوقت الحالي هو الأمثل لإقرار هذا القانون، لأنه الردّ الناجع على هجوم حماس في 2023.

تزامن هذا التوجّه في الكنيست مع تحركات تشريعية وسياسية تهدف إلى دفع مسار الضم تدريجياً، من خلال التصويت الرمزي في يوليو/تموز، حين وافق على اقتراح غير ملزم يطالب بضم الضفة، بزعم أنها "جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل"، كما أقرّ مشروع قانون يهدف إلى فرض الضم على أراضيها، ومرّر في مايو/أيار 2024 قراءة أولية لمشروع قانون يسمح بضم 15 مستوطنة فيها.

في سياق متصل، كشفت سيفان يحزكيلي، مراسلة القناة 14 التابعة للمستوطنين، أن وزير القضاء ياريف ليفين دعا إلى تعزيز قوانين الانقلاب القضائي الذي توقّف مؤقتاً مع اندلاع الحرب على غزة، لا سيما المتعلقة بتشكيل القضاة والمستشارة القانونية، وإزالة مكتب المدعي العام.

وطالب وزير القضاء أعضاء الائتلاف بوضع خلافاتهم جانباً، والعمل معاً لاستكمال تشريع عدد من مشاريع القوانين المهمة التي كان يُفترض استكمالها في الدورة السابقة للكنيست. مع العلم أن مشروع قرار استئناف الانقلاب القانوني من شأنه إعادة الاحتجاجات الحاشدة من قبل معارضيه في جميع أنحاء إسرائيل.

هذا الأمر دفع يائير غولان، رئيس حزب الديمقراطيين المعارض، إلى التحذير من أي خطوة في هذا الاتجاه، متهماً الحكومة بالهجوم على الأمن وسيادة القانون من خلال هذا التوجّه الجديد، "لكننا مستعدون وعازمون وجاهزون للمواجهة"، كما نقل إلينور شيركاني-كوفمان، مراسل صحيفة "إسرائيل اليوم".

بينما أكّد بيني أشكنازي، مراسل صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن الائتلاف أزال مشروع قانون ضمّ الضفة الغربية من جدول أعمال الكنيست تفادياً لإحراج نتنياهو بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، وكذلك الحال مع معظم مشاريع القوانين، وأرجأها للأسبوع المقبل على الأقل، خشية عدم تحقيق الأغلبية بعد مقاطعة الفصائل الحريدية التي لم تكن مستعدة للتصويت مع الائتلاف دون إحراز تقدم في أزمة التجنيد.

"السابع من أكتوبر".. حقل الألغام الذي يهرب منه نتنياهو

أكد بيني أشكنازي، مراسل صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي يرمز إلى نهاية الحرب، أعاد إشعال الصراع الإسرائيلي الداخلي لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في هجوم "طوفان الأقصى"، حيث يريد نتنياهو تشكيل لجنة تحقيق حكومية قبل الانتخابات المقبلة، أو لجنة تحقيق تُنشأ بموجب تشريع خاص.

ولن يُعيّن رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت رئيسها كما يقتضي قانونها، حتى يتمكن الائتلاف من التحكم في تشكيلها وإجراءاتها، وتجنّب المخاطرة بتشكيل الحكومة القادمة لجنة تحقيق حكومية تُدين الحكومة الحالية ورئيسها، ويدرس نتنياهو وحلفاؤه الأسماء المرشحة لعضويتها، دون اتخاذ أي قرار بشأنها بعد.

آفي سلومون، مراسل موقع "ويللا"، نقل عما يُعرف بـ"قيادة مجلس أكتوبر"، التي تضم العائلات التي قُتِل أبناؤها في هجوم حماس في السابع من أكتوبر، أنه على مدار عامين ادّعى رئيس الوزراء استحالة التحقيق في ظل استمرار الحرب.

والآن، وبعد انتهائها، فقد اختار شنّ حرب على عائلات قتلى الطوفان، وتبرئة نفسه، وإخفاء هويته، وتعيين المحققين بنفسه، ولذلك سيتم تحديد خطوات الاحتجاج الفورية، لأننا حذرناه مراراً وتكراراً من أنه إذا عرقل تشكيل لجنة تحقيق رسمية فلن نصمت، وسنُكثّف النضال.

أما آنا بارسكي، المراسلة السياسية لصحيفة "معاريف"، فقد كشفت أن الائتلاف يخطط لسنّ قانون لإنشاء لجنة تحقيق لإخفاق أكتوبر 2023، تخضع لقانون محدد، ولن تُعرّف كلجنة تحقيق رسمية، بل سيتم إنشاؤها بقرار حكومي، وتشكيلتها تُحدّدها هي، وليس رئيس المحكمة العليا.

كما ستُمنح لها صلاحيات محدودة، دون استدعاء الشهود قسراً، أو إجبار المسؤولين على الإدلاء بشهاداتهم، مما دفع المعارضة إلى الردّ بحدّة لأن القانون يهدف إلى طمس المسؤولية، ونقل مركز الثقل من المستوى السياسي إلى العسكري، وجاءت انتقاداتها على النحو التالي:

  • رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، اعتبر أن لجنة تحقيق رسمية تعني أن "تُحقق مع الجميع، كلّ الجميع، فهي وحدها القادرة على استخلاص الدروس ومنع الكارثة القادمة".
  • اعتبرت منظمة "إخوان السلاح" أن "هذه ليست لجنة تحقيق، بل لجنة تستّر".
  • اتهم نفتالي بينيت، رئيس الحكومة السابق، أن "مشروع القانون يشكّل هجوماً جديداً هدفه الوحيد تجديد الحرب الأهلية بين الإسرائيليين، لأنه بجانب لجنة التحقيق السياسية يتم الترويج لقوانين دينية غير ضرورية، وإعفاء شامل للحريديم من التجنيد، هذه حكومة ميؤوس منها".
  • غادي آيزنكوت، قائد الجيش الأسبق، أكد أن "المسؤولين عن الإخفاق لا يمكنهم تعيين المحققين، ولن تكون هناك نهضة لإسرائيل دون إنشاء لجنة تحقيق حكومية".
  • حركة جودة الحكم رأت أن القانون "محاولة وقحة للتهرب من تحقيق حقيقي في فشل أكتوبر، لأن اللجنة خاضعة لسيطرة سياسية تقوّض استقلاليتها، وتحول مسار التحقيق ليخدم مصالح الحكومة، مع أن المطلوب هو لجنة حكومية مستقلة توجه أصابع الاتهام مباشرةً إلى المستوى السياسي".

لكن الساعات الأخيرة، وقبل انعقاد جلسة الأربعاء 22 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شهدت حراكاً من نتنياهو للإسراع بتشكيل لجنة تحقيق على "مقاسه"، خشية حلّ الكنيست إثر خطوة غير متوقعة من شركاء الائتلاف، مما قد يُفقده السيطرة على تشكيلها في حال جرّ إسرائيل إلى انتخابات دون اتخاذ قرار بشأنها.

وأكدت موران أزولاي، مراسلة الشؤون الحزبية بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنه تقرّر الدفع بصياغة تنصّ على أن يكون ممثلو أعضاء اللجنة مناصفة بين المعارضة والائتلاف، وقاضٍ متقاعد مقبول منهما.

وكشفت ميراف سافار، مراسلة صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن أعضاء الائتلاف أسقطوا في اجتماع لجنة المراقبة البرلمانية صباح اليوم الأربعاء اقتراح تشكيل لجنة تحقيق حكومية في أحداث أكتوبر اقترحته المعارضة.

تأثير القوانين المذكورة على استقرار الحكومة

موران أزولاي، محللة الشؤون الحزبية بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكدت أن نتنياهو يرغب في استغلال شعبيته بتوقيع اتفاق وقف الحرب في غزة، ودعم ترامب له، وعودة جميع المختطفين الأحياء، بالتوجه إلى الانتخابات، لكنه في الوقت ذاته لا يريد التنازل عن يوم واحد في ولايته الحالية، مع محاولات مستمرة في الخلفية لوقف محاكمته.

أي إنه يُفضّل عدم الذهاب إلى الانتخابات قبل انتهائها، فيما يشهد ائتلافه فترة هي الأكثر حساسية في ضوء جملة التحديات التي تواجه الكنيست في دورته الحالية، سواء بسبب قانون إعفاء الحريديم أو وقف حرب غزة، وهما مسألتان تُلقيان بظلالهما على الكنيست، فضلاً عن التوترات الشخصية بين أعضاء الائتلاف الذين يشعرون باقتراب نهاية ولايتهم، ويتشدّدون في مواقفهم.

ورغم أن نتنياهو لا يريد انتخابات مبكرة، فإن من الواضح لجميع شركاء الائتلاف أن فرص النجاة من الدورة الشتوية الطويلة للكنيست تبدو ضئيلة، ولذلك يسعى كلّ منهم إلى فرض مسار الانتخابات وتشديد مواقفه إذا رأى أن الائتلاف ينهار، وسيرغب رئيس الوزراء في حلّ الحكومة وفقاً لجدوله الزمني، وهذا هو الأرجح.

فإذا رأى نتنياهو أن الائتلاف ينهار على أي حال، فسيرغب في تحديد التاريخ والتوقيت، رغم أن هذه الدورة ستشهد الكثير من الأحداث الدرامية والتقلّبات السياسية مع وقف الحرب، وعودة الأسرى الأحياء، وانطلاق الجميع في حملة سياسية طويلة، بعضهم من أجل الانتخابات التمهيدية في حزبه، وبعضهم على رأس الأحزاب لتحقيق أقصى قدر من المقاعد، في وقت بات واضحاً للجميع أن الانتخابات مسألة وقت لا أكثر.

آرييه كالمان، مراسل القناة "آي 24″، أكد أن الأجواء في الكنيست مشحونة بالفعل، فالجميع يعلم أن هذه الدورة ستُقرّر ما إذا كانت الحكومة ستصمد حتى نهاية ولايتها في أكتوبر/تشرين الأول 2026، أم أنها ستقود إسرائيل إلى انتخابات مبكرة.

فإذا نجح الائتلاف في إقرار القوانين الأساسية، فقد يستمر حتى نهاية ولايته، وإن لم ينجح، فسيُحلّ الكنيست الخامس والعشرون، وستتجه الدولة رسمياً إلى الانتخابات، ولعل السؤال الحقيقي هو: متى سيُريد رئيس الوزراء إجراءها؟

كل ذلك يؤكد أن النظام السياسي الإسرائيلي دخل في أجواء من نهاية المسار، والتقدير السائد أن الانتخابات ستُجرى في ربيع 2026، أو على أبعد تقدير في صيفه/تموز، لذلك سنشهد في الأسابيع المقبلة تزايداً في موجة مشاريع القوانين الأكثر تطرفاً.

لأن أجواء الانتخابات مُسيطرة بالفعل، وملموسة بوضوح في أروقة الكنيست، من خلال مشاريع قوانين مطروحة على الطاولة تسعى إلى تقليص صلاحيات المستشارين القانونيين، وتغيير تشكيل لجنة اختيار القضاة، ومنح رئيس الوزراء الحالي طبقة فعالة من الحماية السياسية، وفقاً لما ذكرته آنا بارسكي، محررة الشؤون السياسية بصحيفة "معاريف".

تحميل المزيد