ترجيح بضربة إسرائيلية قريبة.. إيران ترفع مستوى التأهب الداخلي وتنسّق مع الفصائل الشيعية العراقية والحوثيين

عربي بوست
تم النشر: 2025/10/02 الساعة 06:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/10/02 الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش
ترجيحات بضربة إسرائيلية قريبة لإيران- عربي بوست

تتأهب إيران، وفقًا لمصادر تحدثت إلى "عربي بوست"، لما ترجحه من استهداف إسرائيلي–أمريكي لأهداف داخل أراضيها خلال الفترة المقبلة، وذلك عقب رفض مجلس الأمن الدولي مشروع قرار كان يهدف إلى منع تفعيل آلية "سناب باك" الخاصة بإعادة فرض العقوبات على طهران، وهو ما فتح الباب أمام عودة العقوبات تلقائيًا في حال عدم التوصل إلى اتفاق جديد أو تمديد المهلة النهائية.

وسبق أن أعلنت كل من فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، في 28 أغسطس/آب 2025، تفعيل آلية "السناب باك" المنصوص عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي لعام 2015)، متهمةً إيران بخرق التزاماتها، وذلك بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق بشكل أحادي. في المقابل، رفضت طهران الخطوة، حيث أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الدول الأوروبية فقدت صفتها كأطراف في الاتفاق، وبالتالي لا تملك أساسًا قانونيًا لتفعيل الآلية. كما اعتبرت روسيا والصين، في رسالة مشتركة إلى مجلس الأمن، أن خطوة الأوروبيين "غير قانونية" و"غير منطقية".

بالتوازي مع ذلك، دخلت الفصائل الشيعية المسلحة في العراق على خط التوقعات باقتراب ضربة إسرائيلية–أمريكية تستهدف إيران وكذلك الفصائل العراقية، متوعدةً بالتصدي لأي استهداف جديد سواء ضدها أو ضد الأراضي الإيرانية.

ضربات متزامنة للعراق وإيران واليمن

كشف مصدر إيراني يعمل مستشارًا لحكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أن هناك مؤشرات قوية على رغبة إسرائيل والولايات المتحدة في توجيه ضربة عسكرية جديدة إلى إيران خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن قرار مجلس الأمن الخاص بـ"سناب باك" وعودة العقوبات مجددًا على إيران يمهّدان الطريق لتضييق الخناق عليها ودفعها إلى "صفر حلول" في مسار التفاوض مع الغرب.

وأوضح المصدر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صرّح، خلال الأيام القليلة الماضية في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية، بأنه يعلم مكان اليورانيوم المخصب داخل إيران، وهي تصريحات تُشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية ترتّب للوصول إلى الموقع الجديد لليورانيوم المخصب واستهدافه بالكامل، بعد فشلها في تدميره في الضربة السابقة.

وأضاف المصدر أن طهران تتوقع أن تكون الضربة الإسرائيلية المقبلة "مختلفة عن سابقاتها"، مرجّحًا أن تسعى إسرائيل لتنفيذ هجوم متزامن ومتعدد الأوجه يشمل طهران وقواعد أو أهدافًا تابعة لحلفاء إيران في اليمن والعراق. وبحسب المصدر، فإن المخطط الإسرائيلي المحتمل لا يقتصر على استهداف إيران وحدها، بل يتضمن – في التوقيت ذاته – ضربات موجّهة ضد الحوثيين في اليمن وضد كافة الفصائل الشيعية المسلحة في العراق، مع محاولة تنفيذ اغتيالات تستهدف قيادات عسكرية من ثلاث جبهات (إيرانية وعراقية ويمنية)، كوسيلة لخفض القدرة على الرد وتسجيل نصر سياسي وعسكري.

وأشار المصدر إلى أن هذه التقديرات دفعت طهران إلى اتخاذ إجراءات وقائية مكثفة؛ إذ شرعت في تنسيق أمني واسع مع الأطراف العراقية كافة من أجل تأمين قياداتها وتقليل احتمالات نجاح أي محاولة اغتيال أو ضربات مركّزة تستهدف مراكز القيادة. كما أفاد بأن إيران زوّدت حلفاءها في العراق، خلال الأشهر القليلة الماضية، بأسلحة ومعدات لوجستية محددة بهدف رفع جاهزيتهم وتمكينهم من التعامل مع تداعيات أي تصعيد إقليمي محتمل. وأوضح أن هذه التعزيزات جاءت ضمن حِزم دفاعية استباقية تهدف إلى ضمان استمرارية القيادة والقدرة القتالية في حال وقوع هجوم متعدد الجبهات.

وأشار المصدر إلى أن التنسيق الإيراني يشمل تدابير أمنية لحماية الشخصيات العسكرية والسياسية الحساسة، وتبادل معلومات استخباراتية لحظية مع الجهات العراقية المعنية، فضلًا عن إصدار تعليمات لتقوية نقاط الارتكاز الدفاعية والانتقال إلى أوضاع تأهب قصوى عند أي مؤشر تهديد. وفي السياق ذاته، أوضح المصدر أن طهران لا تستبعد سيناريوهات متعددة، لكنها تسعى إلى تقليل عنصر المفاجأة عبر نشر تحذيرات دبلوماسية وإعلامية، ورفع مستوى الجاهزية العسكرية لدى حلفائها الإقليميين. وأضاف أن الهدف من هذه التحركات ليس التصعيد بقدر ما هو "التأمين والردع" لمواجهة أي حملة إسرائيلية محتملة ضد محاورها الإقليمية.

موقف الفصائل العراقية المسلحة

الترجيحات الإيرانية بأن إسرائيل قد تستهدف قادة الفصائل العراقية المسلحة، تطرق إليها أبو رضا العنزي، قائد كتائب "جند الإمام" في الحشد الشعبي العراقي، الذي أكد أن "المقاومة" في العراق تمتلك القدرة على إلحاق الأذى بإسرائيل، وهو ما يفسر — حسب قوله — تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتكررة ضد فصائل المقاومة العراقية.

وأضاف العنزي أن المقاومة طوّرت قدراتها وأعادت بناء نفسها بعد معركة "طوفان الأقصى" وما تلاها، لتصبح اليوم أكثر قدرة على مواجهة أي اعتداء إسرائيلي. وأكد أن تهديدات نتنياهو لا تعكس إلا مخاوف حقيقية من تطور قدرات المقاومة. وردًا على التساؤلات بشأن احتمال عزل أو تهميش هذه الفصائل، أوضح أن المقاومة قد تواجه ضغوطًا، لكن معنوياتها العالية وعزيمتها الصلبة ستُمكّنها من تجاوز أصعب الظروف، ولن تُعزل أو تُهمّش أبدًا. ووصف نتنياهو بأنه رئيس وزراء "أكثر الأنظمة وحشية ودكتاتورية في العالم"، معتبرًا أن تهديداته طبيعية ومتوقعة في سياق مواجهة فصائل مقاومة قوية وفاعلة.

وفي السياق نفسه، قال السيد عباس موسوي، ممثل الأمين العام لحركة النجباء العراقية في إيران، إن تهديد نتنياهو لفصائل المقاومة العراقية خلال خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة جاء "بضوء أخضر أمريكي". وأضاف موسوي أن هذا التهديد يُمثّل اعترافًا بالأثر الكبير الذي أحدثته هجمات الفصائل العراقية ضد أهداف إسرائيلية خلال العامين الماضيين، حيث استهدفت مواقع عسكرية وأمنية وأهدافًا حيوية داخل كيان الاحتلال، ما جعل تلك الفصائل قوة مؤثرة في الحسابات الإقليمية.

وأوضح موسوي أن الشعب العراقي وفصائل المقاومة يعتبرون تهديد نتنياهو "مدعاة للفخر"، لأنه يعكس حجم التأثير الذي بلغته المقاومة. وأكد أن الفصائل العراقية الإسلامية ماضية في تطورها وتماسكها، ما يجعلها تهديدًا حقيقيًا لاستراتيجيات الاحتلال التي تسعى منذ عقود إلى تحقيق مشروع "من النيل إلى الفرات". وأضاف أن تل أبيب فشلت في تحقيق هذا الهدف بفضل صمود المقاومة العربية والإسلامية.

أما بشأن مستقبل الفصائل العراقية بعد هذه التهديدات، فقد اعتبر موسوي أن المواجهة المباشرة مع إسرائيل ستُكسبها خبرة وكفاءة أكبر، وتجعل مستقبلها "مشرقًا وواعدًا". وأشار إلى أن سقوط بعض القادة أو استشهادهم أمر طبيعي في المعارك ضد ما وصفه بـ"قوى الشر"، لكنه شدد على أن النصر في النهاية سيكون حليف الفصائل، مؤكدًا أن عقيدتها تنظر إلى دماء الشهداء كـ"نور يقوي عزيمتها ويمدها بالاستمرار".

وفي سياق متصل، قال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، خلال لقائه رئيس جهاز المخابرات في القوات المسلحة الإيرانية قبل يومين، إن العراق لن يسمح لإسرائيل باستخدام مجاله الجوي لمهاجمة إيران مجددًا. وأفادت وكالة "مهر" الإيرانية بأن الأعرجي أكد أن بغداد ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع أي انتهاك جديد لأجوائها من جانب إسرائيل، مشيرًا إلى أن العراق قدّم بالفعل شكوى رسمية ضد تل أبيب إلى مجلس الأمن الدولي.

تحركات أمريكية

يتزامن حديث الجانب الإيراني عن "ترجيحات" بنشوب حرب قادمة مع أمريكا وإسرائيل، مع ما نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية من أن متتبعي الرحلات الجوية رصدوا أسطولًا من طائرات التزويد الجوي الأميركية يعبر المحيط الأطلسي. وكان حوالي اثنتي عشرة طائرة من طراز KC-135R/T Stratotankers في الرحلة مساء الأحد، وأغلبها متجه إلى قاعدة ميلدنال الجوية الملكية البريطانية، وهي قاعدة رئيسية في إنجلترا وفق تقارير استخباراتية مفتوحة المصدر (OSINT) على منصة X.

وجود هذه الناقلات قد يشير إلى استعداد الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي لمعالجة متطلبات عسكرية عاجلة، بما يخص قدرة الطائرات المقاتلة على التزود بالوقود، وهو ما يثير تكهنات حول احتمالية تنفيذ عمليات عسكرية وشيكة.

ثلاثة مصادر في وزارة الدفاع الأميركية – اثنان سابقان وثالث حالي – تحدثوا لصحيفة ديلي ميل شريطة عدم الكشف عن هويتهم، وأشاروا إلى أن آخر مرة نشرت فيها الولايات المتحدة ناقلات وقود بهذه الأعداد كانت قبل خمسة أيام من قصف منشآت نووية إيرانية.

بهنام طالبلو، المدير الأول لبرنامج إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قال: "رغم أن الارتباط لا يعني السببية، فإن الأذهان تتجه فورًا إلى آخر مرة نشرت فيها الولايات المتحدة ناقلات وقود ضخمة قبل عملية عسكرية كبرى".

تأتي هذه التحركات في وقت تتصاعد فيه التوترات في الشرق الأوسط، مع تزايد التكهنات حول احتمالية ضربة أميركية محتملة لإيران، ما يثير القلق حول إمكانية اندلاع صراع جديد في المنطقة.

في سياق متصل، قالت وسائل إعلام عراقية متنوعة نقلاً عن مصدر أمني في محافظة أربيل إن القاعدة شهدت حركة جوية غير مسبوقة تمثلت بإقلاع وهبوط طائرات أمريكية، دون الكشف عن طبيعة حمولتها، مضيفًا أن "الطائرات غطّت سماء المناطق القريبة من محيط القاعدة وذلك يوم 28 أغسطس/آب 2025".

وقالت التقارير العراقية إن ثلاث طائرات شحن عسكرية أمريكية عملاقة هبطت داخل القاعدة وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذتها القوات الأمريكية، لافتةً إلى أن "سماء المحافظات الشمالية شهدت أيضًا تحليقًا كثيفًا للطيران الحربي الأمريكي باتجاه العمق السوري، في تحركات ما تزال دوافعها غير واضحة"، وقالت إن مطار حرير يشهد في الفترة الأخيرة نشاطًا جويًا استثنائيًا للطائرات الأمريكية القادمة من خارج العراق، ما أثار تساؤلات حول طبيعة وأهداف هذه التحركات العسكرية.

إجراءات جديدة لاستهداف الجواسيس داخل إيران وتحركات تخص المفاوضات

في سياق مواز، قال الدبلوماسي الإيراني السابق محمد مهدي شريعتمداري إن إيران تعتبر أن الحرب مع إسرائيل لم تنته بعد، وأن ما حصل في الفترة الأخيرة لم يكن أكثر من وقف مؤقت لإطلاق النار. وأوضح شريعتمداري أن طهران تراقب عن كثب تحركات إسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة، وتستعد لمواجهة أي سيناريو محتمل، سواء كان تصعيدًا عسكريًا أو قصفًا لأهداف داخل الأراضي الإيرانية.

وأشار شريعتمداري إلى أن إيران كانت تتابع قرار مجلس الأمن حول تمديد آلية "سناب باك" الخاصة بالعقوبات، مؤكداً أن طهران تدرك أن هذا القرار يهدف إلى "خنق" البلاد قبل أي اندلاع محتمل للصراع مع إسرائيل. ويعكس هذا التوجه الحذر استراتيجية إيران في مواجهة الضغوط الدولية، مع التركيز على الحفاظ على سيادتها وقدرتها على الردع.

وأضاف الدبلوماسي السابق أن إيران منفتحة على الحوار مع دول الترويكا الأوروبية بما يضمن حقوقها، لكنه لفت إلى أن هذه الدول تراجعت عن تنفيذ الاتفاقات السابقة تحت الضغوط الأميركية، ما جعلها في نظر طهران أشبه بـ "ذراع للولايات المتحدة في إضاعة الوقت" والتأجيل المتعمد للتفاوض مع إيران.

وفيما يخص الملف النووي، قال شريعتمداري إن مجلس الأمن القومي الإيراني يدرس اتفاق إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالكامل في ضوء اتفاق القاهرة السابق، مؤكدًا أن لدى طهران قناعة بأن الوكالة تنقل جميع تفاصيل المنشآت النووية الإيرانية إلى إسرائيل، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الإيراني ويزيد من حساسيات طهران تجاه أي إشراف دولي على برامجها النووية.

ويعكس موقف شريعتمداري ما وصفه بـ "التوازن الحذر" بين الانفتاح الدبلوماسي والاستعداد العسكري، حيث تحاول إيران حماية مصالحها الإقليمية والنووية في ظل ضغوط متصاعدة من الولايات المتحدة وإسرائيل، مع الحرص على الحفاظ على قدرة الردع والمناورة السياسية في آن واحد.

يأتي ذلك تزامنًا مع تصويت هيئة الإشراف العليا في مجمع تشخيص مصلحة النظام على عدم تعارض كلٍّ من مشروع قانون تنظيم الطائرات المُسيّرة (الدرونز) غير العسكرية ومشروع قانون تشديد عقوبة التجسس والتعاون مع إسرائيل والدول المعادية ضد الأمن والمصالح الوطنية مع السياسات العامة للنظام.

تفعيل سناب باك

في سياق مواز، أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، أن تفعيل آلية "سناب باك" سيؤدي إلى تعليق التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشددًا على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية. وجاءت تصريحات لاريجاني خلال مقابلة مع شبكة PBS الأمريكية، حيث أشار إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية سبق أن أكدت التزام إيران بعدم تطوير أي سلاح نووي.

وأوضح لاريجاني أن الإجراءات التي اتخذتها إيران لمنع تفعيل "آلية الزناد" تضمنت تقديم مقترحات لحل القضية، فيما قدم الأوروبيون أيضًا بعض الآراء. لكنه شدد على أن أي إعادة فرض للعقوبات ستدفع إيران لتعليق تعاونها مع الوكالة، وفق قرار مجلس الشورى الإسلامي، مع الإشارة إلى أن التعاون قد يُستأنف إذا صححت الأطراف الأخرى سلوكها.

وحول منع مفتشي الوكالة من دخول المنشآت النووية، أوضح لاريجاني أن المفتشين لم يُطردوا، بل كانوا خائفين من اندلاع حرب، مشيرًا إلى أن القصف الذي طال منشآت نووية إيرانية يستلزم بروتوكولات جديدة لضمان سلامة عمليات التفتيش. وأضاف أن هذه البروتوكولات نوقشت مع المدير العام للوكالة خلال اجتماع عقد في القاهرة، وتم الاتفاق على منهجية جديدة لزيارة المنشآت المتضررة.

وأشار لاريجاني إلى المفاوضات مع الأطراف الأوروبية حول "آلية الزناد"، موضحًا أن إيران قبلت العديد من الشروط الأوروبية لتوفير ذريعة، لكنها رفضت شروطًا اعتبرتها غير منطقية. ولفت إلى مقترحات روسيا بتأجيل التفعيل ستة أشهر وموافقة إيران عليها، بينما اقترحت الدول الأوروبية شروطًا تشمل التفاوض مع الولايات المتحدة، وهو ما قبلته إيران بصيغة 5+1. كما شدد على أن أي شروط تتعلق بقدرات إيران الصاروخية غير مقبولة لأنها خارج نطاق البرنامج النووي.

آلية "سناب باك" هي إجراء ضمن الاتفاق النووي الإيراني، يتيح للدول الموقعة على الاتفاق، وفي مقدمتها أعضاء مجلس الأمن الدولي، إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران في حال خالفت التزاماتها النووية، دون الحاجة إلى التصويت أو الموافقة الجماعية لمجلس الأمن. تم تصميم هذه الآلية لضمان قدرة المجتمع الدولي على الرد بسرعة وفعالية على أي خرق للاتفاق، ولتوفير ضمانات بأن الالتزامات النووية الإيرانية لن تُهمل.

تعمل آلية "سناب باك" من خلال إشعار رسمي من أي دولة تريد تفعيلها، يطلب من مجلس الأمن إعادة فرض العقوبات خلال فترة محددة، عادة 30 يومًا، ما لم يقرر المجلس بشكل جماعي رفض الإجراء. وقد أثارت هذه الآلية جدلًا كبيرًا، إذ ترى إيران أنها تُستخدم أحيانًا كأداة ضغط سياسي من قبل الدول الغربية، بينما تؤكد هذه الدول أن الهدف منها حماية الاستقرار النووي ومنع أي تجاوزات محتملة من جانب إيران.

في السياق نفسه، أكّد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن إيران لم تتمكن من التوصل إلى حل حول القضية النووية بسبب المطالب الأمريكية المفرطة ومواكبة الدول الأوروبية لها، مشيرًا إلى أن بلاده لا تقبل أي اتفاق لا يراعي مصالحها الوطنية. وأضاف عراقجي أن الاجتماعات المكثفة في نيويورك شملت لقاءات مع وزراء خارجية أكثر من 31 دولة، بالإضافة إلى مناقشات حول إعادة فرض العقوبات وآلية "سناب باك"، مؤكّدًا أن إيران قدمت مقترحات عادلة ومعقولة رفضتها الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية.

في الوقت نفسه، أعلن اللواء عبد الرحيم موسوي، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، عن ارتقاء ملحوظ في قدرات القوات البحرية لدى الجيش والحرس الثوري، استجابة لطبيعة عمل الأعداء خلال الحرب الأخيرة. جاء ذلك خلال زيارته لتفقد القدرات الهجومية والدفاعية للقوات البحرية في محافظة هرمزكان، مؤكدًا أن القوات ركّزت على دراسة أداء الأعداء خلال الحرب السابقة واستعدّت لمواجهة أي تهديد محتمل في المستقبل. وذكر موسوي أن ما اطلع عليه يعكس "جاهزية استثنائية للتصدي لأي صدام محتمل"، موضحًا أن رفع القدرات البحرية والدفاعية لم يكن محدودًا بفترة الحرب الماضية، بل يهدف إلى التحضير لأي تصعيد محتمل في المستقبل القريب.

في حين أكد اللواء رحيم صفوي، مساعد ومستشار القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية، أن إيران كانت تواجه ضعفًا في الدفاع الجوي خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، لكنها تعمل حاليًا على إعادة بناء وتعزيز قدراتها الدفاعية. وأضاف أن نجاح العمليات بعد تحرير محاصرة أهواز (حصر آبادان) شمل عشر عمليات أخرى نجحت جميعها بالكامل.

وأشار صفوي إلى أن المعدات كانت محدودة مقارنة بعدد المقاتلين، لكن ذلك لم يضعف إرادة الشعب ومقاومته. كما أبرز أن التنسيق الكامل بين الجيش والحرس الثوري عزز القدرة على العمل بفعالية، وأسفر عن أسر أكثر من 2500 جندي عراقي، وهو ما كان صادمًا للقيادة العراقية وقتها.

وأكد أن مواقع إيران استُهدفت عن بعد بواسطة طائرات B52 مع تنسيق روسي، وأن الدعم الإقليمي والداخلي ساهم في نجاح العمليات. كما أشار إلى إسقاط أكثر من 16 طيارًا إسرائيليًا خلال الأيام الأولى من الحرب، وأن 60% من المصادر الأجنبية اعتبرت أن إيران خرجت منتصرة وقادرة على السيطرة على الميدان. وفيما يخص مخزون الصواريخ الإسرائيلي، قال صفوي: "جميع مخزون الصواريخ الإسرائيلي نفد في الحرب الأخيرة"، محذرًا من أنه إذا ارتكب العدو أي حماقة، ستدخل إيران بقدرة أكبر من الحرب السابقة. وأكد صفوي أن الدولة أدارَت البلاد بشكل جيد أثناء الحرب، مع إشادة بدور قائد الثورة الإيرانية في قيادة العمليات العسكرية.

في حين توقع العميد حسين علائي، القائد السابق للبحرية في الحرس الثوري ورئيس هيئة الأركان المشتركة السابقة، احتمال اندلاع حرب جديدة بين إيران وإسرائيل، مؤكدًا أن "الحرب لم تُحذف من أجندة ترامب ونتنياهو". وفي مقابلة مع صحيفة "غوزغارغاه"، أوضح أن المفاوضات مع الولايات المتحدة انتهت لصالح الحكومة الإيرانية لدى الرأي العام، قائلاً: "ماذا قدمنا وماذا حصلنا في المفاوضات؟ لن نتفاوض مع الأمريكيين على المدى القريب!" وأشار إلى أن الاستراتيجية الأمريكية للمنطقة تقوم على محاولة تحقيق السلام بالقوة، مع استمرار التوتر الإقليمي واحتمالية اندلاع صراع جديد ضمن أولويات صناع القرار الأمريكي والإسرائيلي.

علامات:
تحميل المزيد