حزب الله يرفض النقاش حول تسليم سلاحه ويضع خطوطاً حمراء.. والحكومة اللبنانية تضع 4 مسارات محتملة لتنفيذ الخطة الأمريكية

عربي بوست
تم النشر: 2025/09/02 الساعة 16:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/09/02 الساعة 16:04 بتوقيت غرينتش
اجتماع للحكومة اللبنانية والذي انتهى بقرار نزع سلاح حزب الله وحصره بيد الجيش (رويترز)

كشفت مصادر مقربة من حزب الله أن هذا الأخير يرفض أي نقاش حول تسليم سلاحه للجيش اللبناني ويضع خطوطاً حمراء، معتبراً أن الضغوط الدولية المفروضة على لبنان غير متوازنة، في ظل غياب أي التزام  من الطرف الإسرائيلي بالانسحاب من الجنوب أو بوقف الاعتداءات والاغتيالات.

وبحسب مصادر قريبة من الحزب، فإن الحزب تلقى اتصالات وعروضاً من أطراف خارجية، أبرزها من فرنسا وسلطنة عمان، تتناول أفكاراً لخفض التصعيد وترتيب قنوات حوارية حول الحدود والسلاح وتسليم الجيش اللبناني، بعض المواقع.

من جهة أخرى كشفت مصادر خاصة لـ"عربي بوست" أن جلسة مجلس الوزراء اللبناني المقررة في 5 أيلول/سبتمبر 2025 ستشهد استعراض الجيش خطة تنفيذية أولية لحصر السلاح بيد المؤسسة العسكرية، تشمل سيناريوهات لنزع سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية.

ووفق نفس المصادر، سيركّز العرض المرتقب على خطوات عملية مثل تضييق هامش حركة السلاح، تكثيف الحواجز الثابتة والطيّارة، مراقبة المستودعات المشتبه باستعمالها للتخزين، وتعزيز التنسيق الميداني مع القوى الأمنية وقوات "اليونيفيل" في المناطق الحسّاسة.

وسبق لـمجلس الوزراء اللبناني أن كلّف الجيش بإعداد خطة تنفيذية لحصر السلاح بيد الدولة في مهلة لا تتجاوز 120 يوماً، غير أنّ هذه الخطوة جاءت متزامنة مع مطالب أمريكية واضحة لبيروت بضرورة نزع سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية داخل المخيمات، دون أن ترافقها أي ضمانات أو وعود إسرائيلية بالانسحاب من الأراضي المحتلة أو بوقف الاعتداءات المتكررة.

السيناريوهات الحكومية أمام حزب الله

في نفس السياق كشفت مصادر دبلوماسية عربية لـ"عربي بوست" أنّ حكومة نواف سلام أمام أربعة مسارات محتملة خلال جلسة 5 أيلول/سبتمبر:

الأول: أخذ العلم بالخطة وتأجيل أي قرار تنفيذي ريثما تتضح الضمانات الدولية.

الثاني: تفويض تقني للجيش لاتخاذ تدابير فورية منخفضة الكلفة، مثل تكثيف الانتشار وإقامة الحواجز وضبط الظهور العلني للسلاح، مع تقديم تقرير دوري لمجلس الوزراء.

الثالث: قرار تنفيذي متدرّج يضع رزنامة زمنية محددة ويبدأ بإجراءات في مناطق مختارة.

الرابع: العودة إلى حوار وطني شامل حول استراتيجية دفاعية تؤطّر كل ذلك سياسياً، برعاية رئيس الجمهورية، لاسيما بعد تصريحات نائب رئيس الحكومة طارق متري الداعية إلى استئناف الحوار.

وبحسب نفس المصدر، فإن الخيارين الأول والثاني يبدوان الأقرب للتنفيذ، باعتبارهما يوفّران صورة عن فعل سياسي وأمني دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة قد تشعل الداخل، وهكذا يجد لبنان نفسه أمام قرار حكومي كبير يحتاج إلى تنفيذ ذكي يوازن بين الضغوط الدولية والتوازنات الداخلية.

بالمقابل يشير المصدر أن الإدارة الأميركية تتصرف بمنطق الخطوة مقابل الخطوة ولكن بسلمٍ مقلوب: تريد انطلاق التطبيق من الجانب اللبناني قبل تظهير المقابل من الجانب الإسرائيلي. 

وأضاف المصدر نفسه أن هذا الانقلاب في التسلسل يقرأه حزب الله بوصفه محاولةً لتجريد لبنان من عنصر الردع مجاناً، ويقرأه رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس حركة أم كاختبارٍ قاسٍ للتوازن الداخلي والميثاق الوطني، عبر الدعوة للحوار والهدوء بدلاً من الصدام والاستفزاز. 

وأشار المصدر نفسه إلى أنه من حيث الشكل، تُحيل الرسالة الأميركية المسؤولية إلى الحكومة والجيش، ومن حيث المضمون، تُبقي إسرائيل مرتاحةً إلى مقعد المتفرّج في انتظار ما سيقدّمه الداخل اللبناني على الطاولة.

ووفق المصدر الحكومي فإن الحكومة مصرة على أنها لا تستهدف طرفاً بعينه، وأنّ ما يجري هو تنفيذٌ لمبدأٍ توافقي طال نقاشه؛ لكنها تُدرك أنّ القفز إلى إجراءاتٍ صلبة سيُنتج انقساماً داخلياً حاداً ويعرّض البلاد لهزّاتٍ أمنية واقتصادية. 

كيف يقرأ حزب الله الضغوط الجديدة؟

في الجهة الأخرى، كشفت مصادر مقربة من حزب الله لـ"عربي بوست" أن الحزب لم ولن يتنازل لكن لا مانع لديه في تشديد الانضباط الميداني، وتوسيع قنوات التنسيق مع الجيش لمنع الحوادث العرضية، لكن شبكات القيادة والسيطرة ووحدات النخبة تبقى خارج أي شروط رقابة مشتركة.

وأضاف المصدر نفسه أن حزب الله يسعى إلى تقديم مكاسب ملموسة للدولة والوسطاء من دون التنازل عن السلاح، ويعتبر أن أي تنازل لبناني لا يقابله تنازل إسرائيلي بوقف الخروقات والاغتيالات هو تفريط لبناني في الحقوق فقط.

من جهته عبّر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وهو رئيس حركة أمل الشيعية عن خيبةٍ واضحة مما آلت إليه الوساطة الأميركية، ويعتبر أن المدخل الواقعي هو حوارٌ داخلي يجنّب البلاد الانقسام الطائفي والسياسي ويعطي الجيش مساحاتٍ للعمل من دون أن يُدفع إلى مواجهةٍ تُحرجه وتستنزفه.

وقال مصدر "عربي بوست" أن بري على خفض التوتر وإبقاء جلسة 5 أيلول/سبتمبر 2025 ضمن سقفٍ يمكن احتواؤه، من خلال صياغة قرارٍ مرن يراعي أخذ العلم بالخطة ويؤجّل التنفيذ إلى حين توافر ظروفٍ سياسية وأمنية أفضل، أو ربط أي خطوةٍ عملية بتنازلٍ إسرائيلي.

خيارات الثنائي الشيعي

في ذات السياق: كشفت مصادر حكومية أن وزراء الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل، الذين تمسكوا بحضور جلسة مجلس الوزراء المقبلة، يسعون لتقديم مقترحين بديلين الأول يدفع نحو تجميد قرار نزع السلاح، والتراجع عن تبنّي أهداف الورقة الأميركية دون مقابل إسرائيلي والثاني عبارة عن تحركات احتجاجية منظّمة قد تتطوّر إلى إضرابٍ عام أو العصيان المدني إذا مضت الحكومة في تكليف الجيش بدء التطبيق.

هذه الخيارات، حسب نفس المصدر ليست استعراض ولكنها رسالة تحذير لاتخاذ أي قرار أحادي، والذي ستكون تكلفته السياسية والاجتماعي عالية، وقضية نزع السلاح هي معركة على الشيعة في لبنان بالتوازي مع التوتر الإقليمي الذي تفرضه إسرائيل على المنطقة.

ويعتبر الثنائي الشيعي مع الطروحات الإسرائيلية حول منطقة عازلة بوصفها محاولةً لتثبيت واقعٍ جغرافي سكاني يمنع عودة الأهالي إلى أراضيهم ومنازلهم، يرى في ذلك تهديداً مضاعفاً: انتهاكاً للسيادة، ووسيلةً لخلق كيانٍ حدوديّ جديد يُقزّم دور الدولة ويجعل أي نقاشٍ داخلي حول السلاح شأناً ثانوياً أمام واقعٍ ميداني مفروض. 

في المقابل كشف مصدر مقرب من حزب الله، أن هذا الأخير مستعد لردع إسرائيل دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة، مع تشديد ضبط الواقع الداخلي، واعتماد سياسة عدم الانزلاق بمخاطر داخلية، عبر تنسيق ميداني يربط بين اي جبهة يمكن فتحها، و الحاضنة الشعبية للحزب. 

ويشير المصدر أن حزب الله يحرص على ضبط مسار التصعيد مع إسرائيل وفق معادلة دقيقة، بحيث يُبقي قراره العسكري محكوماً بسقف سياسي – إقليمي، وبإيقاع الضغط الدولي والاقتصادي على لبنان. 

وقد يعتمد الحزب، حسب المصدر ذاته على نهج "التصعيد المتدرّج" الذي يكشف قدرات محسوبة على مراحل ويوسّع زمن المواجهة من دون الانزلاق إلى الحرب الشاملة، التي تبقى خياراً ردعياً أكثر مما هي هدفاً بحد ذاته. 

وأشار المصدر نفسه إلى أن أي عودة إسرائيلية إلى استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت أو العمق اللبناني، من خلال التهديدات أو الضربات الفعلية، قد تفتح الباب أمام الحزب لتوسيع دائرة الرد، وصولاً إلى إدراج النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها إسرائيل جنوب الليطاني ضمن بنك أهدافه المباشر.

اتصالات مع الحزب

بحسب مصادر قريبة من الحزب، يتلقى حزب الله اتصالات وعروضاً من أطراف خارجية، أبرزها من فرنسا وسلطنة عمان، تتناول أفكاراً لخفض التصعيد وترتيب قنوات حوارية حول الحدود والسلاح وتسليم الجيش اللبناني، بعض المواقع.

وقدمت الدول الوسيطة من خلال هذه الاتصالات حوافز اقتصادية إذا مضت الدولة بخطوات تنظيم ملف السلاح، في المقابل يظهر الحزب مرونة إزاء أي شرط أن يراعي خطوطه الحمراء ويؤمّن التزاماً مقابلاً من الجانب الإسرائيلي. 

وتتجلى الخطوط الحمراء في نقطتين الأولى رفض تسليم السلاح بسقف زمني دون خطوات تبدأ بانسحاب إسرائيل من النقاط المحتلة وتسليم الأسرى، والثاني رفض الاصطدام بالجيش اللبناني لما يحمله من تبعات اجتماعية وأمنية واقتصادية على الداخل،

ويعوّل الحزب على وساطة دول فاعلة أخرى، كقطر وتركيا وروسيا، لرأب الصدع ومنع انزلاق التوتر إلى الشارع، انطلاقاً من قدرة هذه العواصم على التواصل المتوازي مع طهران وتل أبيب ودمشق وبيروت، وما تتيحه علاقاتهما العملية فرص تفاوض سريع وخريطة ضمانات متبادلة.

تحميل المزيد