الأوروبيون يفعّلون “آلية الزناد” وأمريكا تضغط.. كيف يسعى الغرب إلى “خنق” إيران قبل مواجهة جديدة مع إسرائيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/09/01 الساعة 21:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/09/02 الساعة 09:08 بتوقيت غرينتش
المرشد الإيراني علي خامنئي - تسنيم

منذ المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل التي اندلعت في شهر يونيو/حزيران 2025، واستمرت اثني عشر يوماً صمدت فيها طهران أمام الضربات الإسرائيلية والأمريكية، تحاول إيران منذ أسابيع إعادة رص صفوفها، إلا أن المهمة لن تكون سهلة أمام القيادة الإيرانية، في ظل ضغوط هائلة تتعرض لها طهران.

وفق التقارير القادمة من طهران فإن الأخيرة تتعرض حالياً لضغوط هائلة من مختلف الاتجاهات، وهي ضغوط بدأت فعلاً دول أوروبية من الموقعة على الاتفاق النووي بتفعيل "آلية الزناد"، إلى جانب ضغوط أمريكية، ويتزامن ذلك مع احتمال اندلاع جولة ثانية من الحرب مع إسرائيل.

مسؤول إيراني كبير مقرب من دوائر صنع القرار في طهران قال لـ"عربي بوست"، "الجمهورية الإسلامية خرجت منتصرة من الحرب، لكن ما تتعرض له الآن يزيد من صعوبة محاولات طهران لاستعادة قوتها وتوازنها، الأمريكان بمساعدة الأوروبيين يحاولون خنق إيران من أجل إنهاء نفوذها وإضعافها قبل جولة أخرى من الحرب مع إسرائيل".

أوروبا تلجأ إلى تفعيل "آلية الزناد"

من الضغوط التي بدأت تمارس على إيران ما قامت به يوم 28 أغسطس/آب 2025 الدول الأوروبية الثلاث، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، الموقعة على الاتفاق النووي والمعروف رسمياً باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، بإعادة تفعيل آلية "سناباك".

وهو ما يعني استعادة كافة العقوبات الدولية المفروضة على طهران قبل إبرام الاتفاق النووي، بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، والتي تم رفعها في مقابل القيود التي يفرضها الاتفاق النووي على البرنامج النووي الإيراني.

قبل أسابيع من يوم 28 أغسطس/آب 2025، حاولت تلك الدول إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش المواقع النووية الإيرانية والوصول إلى مخزونات اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، والتي أخفتها طهران عن أنظار المراقبة الدولية بعد الهجمات الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية الثلاث في يونيو/حزيران، لكن طهران لم توافق.

آلية "سناباك" أو الضغط على الزناد أو استعادة العقوبات الدولية، هي آلية تم وضعها في بنود الاتفاق النووي لعام 2015 من أجل فض الخلافات المحتملة بين إيران والأطراف الموقعة على الاتفاق، وتهدف الآلية إلى تمكين أي طرف من أطراف الاتفاق النووي بإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران في حال تم إثبات أن إيران لا تقوم بالتزاماتها بموجب بنود الاتفاق النووي الإيراني.

كما تؤكد آلية "سناباك" على إعادة إيران إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة حيث التلويح باستخدام القوة لصد إيران عن مشاريعها النووية.

ويعلق على هذه المسألة سعيد شهابي المحلل السياسي المقرب من مكتب المرشد الأعلى الإيراني، فيقول لـ"عربي بوست"، "دائماً ما كانت آلية الزناد موضع خلاف ساخن داخل الأوساط السياسية في إيران، تكمن أهميتها في تأثيرها على الاقتصاد الإيراني بوصفها سيفاً مسلطاً على إيران دائماً".

وأضاف شهابي "لكن في الوقت الحالي أعتقد أن القيادة الإيرانية لم تعد تخشى آلية الزناد، فكل ما كانت طهران قلقة من حدوثه، حدث بالفعل، دخلنا في حرب مباشرة مع إسرائيل وقصف الأمريكان المواقع النووية في بلادنا، وحملة الضغط الأقصى مازالت مستمرة، لكن هذا لا يلغي تأثير تفعيل آلية الزناد".

في هذا الصدد، يقول مسؤول حكومي إيراني مقرب من مراكز صنع القرار في طهران لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، "إعادة تفعيل سناباك له تداعيات سيئة على إيران ومن يحاول أن يُنكر ذلك، فهو يحاول فقط التقليل من أهمية ما تتعرض له طهران من ضغوط".

وأوضح المتحدث أن أبرز هذه التداعيات "التعجيل بحدوث الجولة الثانية من الصراع مع إسرائيل، لأن الآن إسرائيل تتذرع بأن إيران تُخفي برنامجها النووي ومخزونات اليورانيوم المخصب وأن التهديد الإيراني مازال موجوداً ويحق لها الدفاع عن نفسها، صحيح أن إسرائيل لا تحتاج إلى ذرائع قانونية بالتأكيد ولكنها ستستخدم هذا الأمر بالضرورة".

وأشار المصدر ذاته قائلاً "أوروبا أرادت معاقبة طهران على مساعدتها لروسيا في حربها على أوكرانيا، ووجدت أن الوقت قد حان لهذا العقاب من أجل تضييق الخناق على إيران".

من مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي مع إيران- أرشيف
من مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي مع إيران- أرشيف

عندما سحب ترامب بلاده في ولايته الأولى من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018 وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، حاولت الدول الأوروبية أن تعالج هذه الأزمة، وعملت على ضمان التزام إيران ببنود الاتفاق النووي، وحتى عندما بدأت إيران تخفيف التزاماتها ببنود الاتفاق النووي في 2019 لم تلجأ الدول الأوروبية الثلاث إلى آلية الزناد ولم تستخدمها في تهديد إيران، لكن هذه المرة يبدو أن الأمور قد تغيرت.

يعلق المحلل السياسي سعيد شهابي المقرب من مكتب المرشد الأعلى لـ"عربي بوست"، "لقد تحالف الأوروبيون مع المتطرفين في إدارة ترامب لمعاقبة وخنق إيران، لكنهم لا يدركون أن هذه التصرفات قد تؤدي إلى حرب جديدة في أي وقت، فبدلاً من أن يتحملوا مسئوليتهم كأطراف أساسية في الاتفاق النووي ويحاولوا إنقاذ الأمور اختاروا العناد وزعزعة أمن واستقرار المنطقة".

ولخص شهابي التداعيات المتوقعة لتفعيل آلية الزناد من قبل الدول الأوروبية الثلاث في ثلاث نقاط كالآتي:

  • أولاً: عودة حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران ومن الممكن أن يؤثر هذا الأمر على قدرة إيران على بناء قوة الردع لمواجهة الهجمات الإسرائيلية المحتملة.
  • ثانياً: عودة العقوبات على القطاعات المصرفية الإيرانية وقطاع الملاحة البحرية والجوية ووضع حدود على تقديم الخدمات المصرفية واللوجستية للإيرانيين.
  • ثالثاً: التهديد الدائم باستخدام القوة العسكرية ضد إيران إذا استمرت في منع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تفتيش المواقع النووية الإيرانية.

في نفس الوقت أشار شهابي إلى أن العقوبات التي تضمنتها آلية الزناد ليست أقوى من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران منذ عقود، وقلل من تأثيرها في مقابل تأثير العقوبات الأمريكية ولكنه لم ينفِ تماماً تأثيرها المحدود.

تقول المصادر الإيرانية التي تحدثت لـ"عربي بوست" في هذا التقرير، إن رفض طهران لمطالب الدول الأوروبية الثلاث كان بسبب الكثير من الشكوك الإيرانية، التي منعت القيادة الإيرانية من الموافقة على مطالب الأوروبيين.

في هذا الصدد، يقول دبلوماسي إيراني مقرب من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، "لدى طهران تحفظات مشروعة منعتها من الموافقة على المطالب الأوروبية لمنع تفعيل آلية الزناد، أهمها أن المسؤولين الإيرانيين يرون أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد سربت معلومات حساسة إلى الموساد الإسرائيلي تمكن الإسرائيليين من اغتيال العلماء النوويين في يونيو/حزيران الماضي ولذلك فمن الصعب أن يتم السماح بعودة مفتشي الوكالة مرة أخرى رضوخاً لرغبة الأوروبيين".

أضاف المصدر ذاته قائلاً "طلبت الدول الأوروبية الثلاث من طهران العودة إلى المفاوضات مع واشنطن، قلنا لهم لابد من الحصول على ضمانات أمنية بعدم استهداف إيران مرة أخرى سواء من قبل واشنطن أو تل أبيب، لكن الأوروبيين لم يهتموا كثيراً بمطالبنا وبالتالي كان الرفض هو أفضل رد من الجانب الإيراني".

سواء كانت القيادة الإيرانية ترى أن استعادة الدول الأوروبية الثلاث آلية الزناد سيكون له تأثير كبير أم لا، إلا أنها تشعر بالقلق من انهيار الدبلوماسية مع الغرب في هذا الوقت الحساس.

ويقول المسؤول الإيراني المقرب من دوائر صنع القرار في طهران لـ"عربي بوست"، "تعثر المسار الدبلوماسي ليس بالأمر الجيد في مثل هذه الأوقات الصعبة، اختيار أوروبا للإكراه بدلاً من نافذة الدبلوماسية، سيترك إيران أمام المزيد من العزلة وضغط البعض من المقربين من القيادة الإيرانية لامتلاك سلاح نووي لحماية البلاد من أي استهداف أمريكي إسرائيلي أوروبي في المستقبل".

ممر "ترامب للسلام" يهدد نفوذ إيران في القوقاز

يدور نقاش ساخن داخل الأوساط السياسية الإيرانية حول ممر زنغزور أو "ممر ترامب للسلام" الذي كان نتاج اتفاق السلام الذي أُبرم في 8 أغسطس/آب 2025 بين أذربيجان وأرمينيا في واشنطن بوساطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويقول سعيد شهابي المحلل السياسي المقرب من مكتب خامنئي لـ"عربي بوست"، "هذا الممر يمثل قلقاً استراتيجياً خطيراً للقيادة الإيرانية، فإن أي تهديد للنفوذ الإيراني في جنوب القوقاز يعني خنق إيران وخنق الاقتصاد الإيراني وإحباط كل المحاولات الإيرانية لإيجاد بدائل اقتصادية للهروب من العقوبات الاقتصادية".

وأضاف شهابي قائلاً "ممر زنغزور يشغل بال القيادة الإيرانية منذ أكثر من عقد من الزمن، ولكن الآن بعد تدخل الأمريكان في الأمر أصبحت خطة واشنطن لاحتواء إيران أكثر شراسة".

يتضمن اتفاق السلام الأذري الأرمني بوساطة أمريكية تنفيذ إنشاء ممر زنغزور الذي كان موضع خلاف بين باكو ويريفان لنقله من مجرد ممر إقليمي إلى ممر دولي، ومنح الشركات الأمريكية حق إدارته لمدة 99 عاماً، وبحسب ما ورد فإن الممر سيحمل الكثير من المكاسب الاقتصادية لكل من باكو ويريفان وواشنطن والاتحاد الأوروبي، مع استبعاد طهران وموسكو.

يقول جواد مالكي الخبير السياسي والاستراتيجي المتخصص في ملف القوقاز والمقرب من الحرس الثوري الإيراني لـ"عربي بوست"، "جنوب القوقاز تمثل أهمية استراتيجية وأمنية واقتصادية كبيرة لإيران، ولا يمكن التخلي عنها بسهولة، ممر زنغزور الآن هو الهاجس الأكبر لدى القيادة الإيرانية السياسية والعسكرية".

ولخص مالكي أهمية جنوب القوقاز بالنسبة لإيران في ثلاث نقاط كالآتي:

  • أولاً: ممر زنغزور والتقارب الإسرائيلي الأذربيجاني يقلقان طهران بشدة، ويفسر القادة الإيرانيون أن تل أبيب تهدف من وراء هذا التقارب مع باكو إلى خنق إيران وفتح جبهات إسرائيلية على الحدود الإيرانية.
  • ثانياً: زيادة النفوذ التركي في منطقة جنوب القوقاز، بالإضافة إلى رغبة أذربيجان في وضع المنطقة تحت حماية حلف الناتو.
  • ثالثاً: المخاوف من فقدان المكاسب الاقتصادية من وراء تحول المنطقة إلى منطقة ممرات دولية، فحفاظ إيران على علاقة جيدة بأرمينيا كان نابعاً من رؤيتها لمستقبل اقتصاد الممرات واستفادة طهران من هذه المسألة، فتحول أرمينيا من جارة إلى منطقة استراتيجية لربط إيران بروسيا سيضمن لإيران الكثير من المكاسب الاقتصادية.

على ضوء هذه الخلفية، فإن تدخل واشنطن في ممر زنغزور واستبعاد طهران زاد من قلق المؤسسات الإيرانية التي تعمل الآن على إيجاد خطط للتعامل مع الوضع الجديد.

وفي هذا الصدد، يقول مصدر مقرب من الحرس الثوري الإيراني، مفضلاً عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية الموضوع، لـ"عربي بوست"، "إنشاء ممر زنغزور بالطريقة التي تحدث عنها ترامب تعني وجود الناتو وتعزيز الوجود الإسرائيلي على الحدود الشمالية الغربية لإيران، ولا يمكن أن تنتهي الأمور بهذا الشكل، فهذا تهديد صريح لمصالح إيران وأمنها القومي".

وأشار المصدر ذاته إلى احتمالية الحل العسكري، قائلاً "لا تستبعد المؤسسة العسكرية الإيرانية اللجوء إلى حل عسكري وإن كانت لا تفضله بالطبع، ولكن المخاطر عالية وتهديد أمننا وحدودنا لا يمكن التهاون فيه".

صورة للقاء سابق بين ترامب ونتنياهو/ رويترز
صورة للقاء سابق بين ترامب ونتنياهو/ رويترز

وأضاف المصدر السابق قائلاً "ترى إيران في المخطط الذي تعمل عليه واشنطن في ممر زنغزور أنه خطوة كبرى لتحويل منطقة جنوب القوقاز إلى سياج أمني يعزز وجود إسرائيل على مقربة من إيران وإنشاء قواعد عسكرية إسرائيلية على الحدود الإيرانية".

كما أشار المتحدث إلى أن إنشاء الممر بصورته المتصورة من قبل واشنطن "سيقوم بتعزيز النفوذ التركي لمواجهة النفوذ الإيراني في هذه المنطقة وخلق مشروع إقليمي بديل مناهض للمشروع الإيراني الإقليمي، وهذا ما ترفضه القيادة الإيرانية وتعمل على إجهاضه بشتى الطرق".

وثمة أمر آخر يقلق طهران على أثر إنشاء ممر ترامب للسلام في جنوب القوقاز وهو إثارة أذربيجان وتركيا للنزعة الانفصالية لدى الأقلية الأذرية في إيران، التي تسكن المحافظات الشمالية الغربية في إيران.

وفي حديثه لـ"عربي بوست"، قال المصدر المقرب من الحرس الثوري، "ستحاول إيران أن تجد أكثر من طريق لمواجهة هذا المشروع، تارة بالتعاون مع الحليف الروسي الذي يرفض أيضاً تنامي النفوذ الأمريكي في القوقاز على حساب النفوذ الروسي، وتارة بمحاولات التفاوض مع كل من باكو ويريفان لضمان مصالح إيران في هذا الممر، والحل الأخير هو اللجوء إلى العمليات العسكرية وهو الحل الأسوأ لجميع الأطراف بما فيهم إيران".

وأضاف المصدر ذاته قائلاً "إن إثارة عدم الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز سيكون لها رد فعل سلبي على الأمن القومي الإيراني ولكن السماح للنفوذ الإسرائيلي والتركي والأمريكي بالتواجد على حدودنا هو الأسوأ".

خطر فقدان محور المقاومة بسبب الضغوط الأمريكية

تتعرض إيران لضغوط أخرى فيما يتعلق بمحور المقاومة، فالضغوط الأمريكية التي تتعرض لها حكومتا بيروت وبغداد لنزع سلاح حلفاء إيران في البلدين غير مسبوقة، وعلى ما يبدو أن واشنطن عازمة على وضع نهاية لهذه المسألة أكثر من أي وقت مضى.

في 13 أغسطس/آب 2025 قام علي لاريجاني السياسي المعتدل المخضرم والذي يحظى بثقة المرشد الأعلى الإيراني، بزيارة كل من بغداد وبيروت على التوالي، لإيجاد حل لأزمة نزع سلاح حزب الله والفصائل المسلحة الشيعية العراقية.

وبحسب المصادر الإيرانية التي تحدثت لـ"عربي بوست"، فبينما يسعى فيلق القدس التابع للحرس الثوري لإحياء محور المقاومة الذي تعرض لضربات قاتلة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 جراء الهجمات الإسرائيلية والضغوط الأمريكية، فإن القيادة السياسية الإيرانية تفكر في سيناريو آخر يمكنها من خلاله الحفاظ على ما تبقى من نفوذها في بيروت وبغداد.

وفي هذا الصدد، يقول مصدر أمني مقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لـ"عربي بوست"، "الضغوط الأمريكية على حزب الله والفصائل العراقية كبيرة، وخامنئي حريص على عدم خسارة الفصائل العراقية على وجه التحديد، لأنها مازالت تتمتع بالتماسك والقوة العسكرية والاقتصادية لمساعدة إيران في أي صراع جديد مع إسرائيل".

وأضاف المصدر ذاته قائلاً "أبلغ لاريجاني الحكومة العراقية واللبنانية أنه من الأفضل دمج حزب الله والفصائل العراقية في مؤسسات الدولة العسكرية مع الاحتفاظ بتمثيل سياسي لكلا منهما وهامش من الاستقلالية، وهذا هو أفضل حل لمواجهة تراجع النفوذ الإيراني الحالي في بيروت وبغداد".

عناصر من حزب الله اللبناني/رويترز
عناصر من حزب الله اللبناني/رويترز

تظهر المعطيات الحالية أن الذراع الأيديولوجي العسكري الذي كانت تستخدمه إيران منذ سنوات لممارسة نفوذها الإقليمي في عدة دول عربية بدأ في الانهيار جراء الضغوط الأمريكية ورغبة حكومتي بغداد وبيروت في التخلص من النفوذ الإيراني أيضاً.

وفي حديثه لـ"عربي بوست"، يقول محلل سياسي إيراني مقرب من دوائر صنع القرار في طهران ويترأس إحدى مراكز الفكر التابعة لمكتب خامنئي، "لابد من تقديم تنازلات في الوقت الحالي لعدم خسارة حلفاء إيران في بيروت وبغداد، فالضغوط هائلة وهناك رغبة كبيرة من إدارة ترامب للتخلص من حلفاء إيران في كل من العراق ولبنان، ووسط هذه الضغوط التي هدفها في النهاية خنق إيران، تحاول المؤسسة السياسية الإيرانية إيجاد بدائل استراتيجية للمقاومة".

وأضاف المصدر ذاته قائلاً "دمج حزب الله والفصائل العراقية في المؤسسات الرسمية وتأسيس أحزاب سياسية تمثلهم يعني تحول النفوذ العسكري إلى نفوذ سياسي وهو أقل الخسارات، ولكن هذا يعد خسارة كبيرة للاستراتيجية الإيرانية، لكن أعتقد أنه إذا نجح الأمر ستكون المسألة مؤقتة لحين استعادة محور المقاومة بشكله الأساسي".

وأشار المصدر قائلاً "لكن حتى هذا التنازل غير مضمون، فمن خلال ما وصلنا من حكومتي بغداد وبيروت فإن الأطراف المتمسكة بنزع سلاح حزب الله والفصائل العراقية تعمل بكامل جهدها لتنفيذ أوامر إدارة ترامب".

وبحسب المصادر الإيرانية فإنه إلى الآن لا يوجد ضامن لدى طهران بأنها ستنجح في خطتها للحفاظ على ما تبقى من حلفائها في بيروت وبغداد أمام الضغوط الأمريكية.

وفي ختام حديثه قال المحلل السياسي المقرب من دوائر صنع القرار في طهران لـ"عربي بوست"، "التنازلات المطلوب تقديمها سواء من حزب الله أو الفصائل العراقية أو حتى طهران كبيرة، وليس من السهل تحقيقها، إنها فترة صعبة للغاية ويجب العمل فيها بحذر وقبول فكرة تراجع النفوذ الإقليمي لإيران من أجل الاستعداد لمرحلة جديدة".

علامات:
تحميل المزيد