دعم حزب الله في قضية نزع السلاح.. كواليس زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لبيروت

عربي بوست
تم النشر: 2025/08/15 الساعة 19:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/08/15 الساعة 19:22 بتوقيت غرينتش
لاريجاني رفقة الرئيس اللبناني جوزف عون (مواقع التواصل الاجتماعي)

كشفت مصادر "عربي بوست" أن رئيس الجمهورية اللبناني جوزيف عون أكد خلال لقائه مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن الدولة اللبنانية ومؤسساتها، والتي يشارك حزب الله كحزب داخلها، حريصة على فتح باب الحوار بخصوص ملف نزع السلاح من الحزب، وحصره بيد الجيش اللبناني فقط. 

وأضاف الرئيس اللبناني أنه من غير المنطقي أن يتم إقصاء حزب الله من أي نقاش وطني، لكن في المقابل، أركان الدولة مصرة على إجراء حوار مباشر وصريح والتفاهم في طرق تسليم السلاح، وهذا لن يُقصي الحزب من مكانته السياسية في لبنان.

ووصل أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى العاصمة بيروت قادماً من العاصمة العراقية بغداد، وذلك لمناقشة قرار الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله من خلال تكليف الجيش بوضع خطة.

لقاءات وسط بيروت

في ذات السياق، كشفت مصادر "عربي بوست" أن المسؤول الإيراني التقى رئيس الحكومة نواف سلام في السراي الحكومي وكان معه أكثر صرامة وسأل ضيفه مباشرة: "إذا كانت إيران تؤكد احترامها لسيادة لبنان، فلماذا تصدر تصريحات تتدخل في شؤونه الداخلية؟".

وأضافت المصادر نفسها أن المسؤول الإيراني حاول أن يخفف التوتر، فكرر أن طهران تدعم الجيش اللبناني وتدعم القرارات "الميثاقية" للحكومة، لكنه أوضح في المقابل أن حزب الله "جزء لا يتجزأ من معادلة الردع، ولا يمكن القفز فوقه".

بالجهة الأخرى، وحسب مصادر برلمانية لـ"عربي بوست" فإن لارجاني نقل لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري "كلمة السر" الإيرانية حول المرحلة المقبلة، وأنه أكد أمامه استمرار إيران بدعم حزب الله والمكوّن الشيعي، وناقلاً رسائل مباشرة من القيادة الإيرانية حول تطورات المفاوضات النووية، وموقفها من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين. 

ووفق المصادر فإن اللقاء لم يكن مجرد استعراض، بل تضمن نقاشاً معمقاً حول ما وصفته المصادر بـ"الهواجس الإيرانية" من خطط أميركية لإعادة رسم موازين القوى في المنطقة، بما يشمل العراق ولبنان معاً، وكذلك التطورات الحاصلة في سوريا.

وخرجت صور من القصر الجمهوري والسراي الكبير عكست ملامح فتور واضحة، إلى حد أن بعض المسؤولين كان يفكر فعلياً بعدم استقباله التزاماً بنصائح سياسية، قبل أن يُستدعى اللقاء لتثبيت موقف لبناني حازم بوجه طهران.

والمسؤولون الذين التقوا لاريجاني حرصوا على تكرار رسائلهم الاعتراضية، فرئيس الجمهورية جوزيف عون شدد أمامه على أن قرار الحكومة سيادي ونهائي، وأن الدولة لن تقبل بأن يبقى لبنان ساحة لصراعات الآخرين. 

أما رئيس الحكومة نواف سلام كان أكثر مباشرة، إذ اعتبر أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين الأخيرة "تجاوزت الحدود المقبولة" وأعطت انطباعاً وكأن طهران تملي على بيروت قراراتها، حتى في الكلمات البروتوكولية، كان واضحاً أن اللبنانيين أرادوا تحويل المناسبة إلى فرصة لإظهار رفضهم لأي تدخل خارجي، وللتأكيد على أن لبنان ليس ساحة مفتوحة بلا ضوابط.

إيران تجمع أوراقها التفاوضية

وبحسب المعلومات فإن لاريجاني لم يأتِ لبحث ملف سلاح حزب الله فقط، فالموقف الإيراني في هذا الشأن معروف وثابت وكان قد أعلن عنه قبيل وصوله لبيروت، وهو معارضة قرار الحكومة اللبنانية بشأن نزع سلاح حزب الله.

وقالت مصادر دبلوماسية لبنانية لـ"عربي بوست" إن زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني جاءت لاستخدام بيروت كمنصة لإيصال رسائل سياسية إلى الخارج، بعدما خسرت الساحة السورية لا تريد خسارة الساحة اللبنانية.

وأضافت المصادر نفسها أن زيارة لاريجاني جاءت في وقت عاد فيه التواصل بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف عبر وسطاء عرب وأوروبيين، في محاولة لإحياء المفاوضات النووية.

وأكدت المصادر أن المعلومات المتوافرة تفيد بأن طهران أبدت استعداداً لتقليص بعض أنشطتها النووية مقابل رفع جزئي للعقوبات، وأنها تبحث خيارات لعقد جولة تفاوضية جديدة إما في مسقط أو في أوسلو، مؤكدة على أن طهران ليست في موقع ضعف.

وجاءت الزيارة قبل أيام من عودة الموفد الأميركي توماس باراك إلى بيروت لبحث خطة الجيش اللبناني المتعلقة بحصر السلاح بيد الجيش، وقبل أيام أيضاً من اللقاء المرتقب بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين.

وبالنسبة لإيران، فإن الملف النووي ومعه ملف نفوذها الإقليمي سيكون حاضراً على طاولة الرئيسين، ولهذا أرادت أن تُظهر أنها ما زالت قادرة على التحكم في مسرح العمليات من القوقاز حتى سواحل المتوسط، وأنها تملك أوراقاً لا يمكن تجاوزها.

وحملت لقاءات لاريجاني الكثير من المداولات الحساسة،  ففي قصر رئاسة الجمهورية، حاول الموفد الإيراني أن يُظهر تفهماً لخصوصية الوضع اللبناني، لكنه شدد على أن "المقاومة" تمثل "رأس مال قوة لبنان" في مواجهة إسرائيل.

لكن الرئيس اللبناني وبحسب مصادر حكومية لـ"عربي بوست" أعاد التأكيد أن ما أقرته الحكومة ليس موجهاً ضد أي طرف بعينه، بل هو مسعى لتثبيت سلطة الدولة وفرض المساواة بين جميع اللبنانيين.

السيناريوهات المحتملة

وقال الصحفي جاد يتيم لـ"عربي بوست" أن زيارة لاريجاني فتحت الباب أمام سلسلة من السيناريوهات وهي:

  • الأول: تثبيت القرار اللبناني، وأن يتمكن لبنان من تنفيذ خطته لحصر السلاح، بما يعني مواجهة مباشرة مع حزب الله، وفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع الداخلي. وفي هذه الحالة، سيجد الحزب نفسه أمام تحدي وجودي داخلي، فيما سيواجه لبنان ضغوطاً إقليمية ودولية لدعم هذا التوجه.
  • الثاني: تعطيل أو تأجيل القرار وأن ينجح حزب الله مدعوماً من طهران في تعطيل القرار أو تأجيل تنفيذه، مستفيداً من الانقسامات الداخلية والتوازنات الدقيقة. وهذا السيناريو يعني استمرار الوضع القائم، مع تصعيد سياسي لكنه من دون تطبيق عملي لخطة الجيش.
  • الثالث: المساومة الدولية وأن يُدرج الملف اللبناني ضمن صفقة تفاوضية أوسع بين واشنطن وطهران، بحيث يصبح قرار السلاح جزءاً من التسويات الكبرى في المنطقة. وهذا السيناريو سيبقي لبنان رهينة الانتظار، مع استمرار الضغوط والرسائل المتبادلة إلى حين اتضاح الصورة.
تحميل المزيد