المنطقة العازلة وجبل الشيخ والجولان في صلب المفاوضات.. مصادر: اتصالات متقدمة بين سوريا وإسرائيل لـ”تطبيع” العلاقات

عربي بوست
تم النشر: 2025/07/05 الساعة 10:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/07/05 الساعة 11:25 بتوقيت غرينتش
تسعى إسرائيل من خلال تدخلها في سوريا إلى زيادة المساحات التي تحتلها وخلق واقع أمني جديد - عربي بوست

تتواصل النقاشات الإسرائيلية حول مستقبل الاتفاق المحتمل مع سوريا، بين من اعتبره اتفاق تطبيع كامل، وهذا فرصه ضعيفة الآن، ومن قدّر أنه سيكون اتفاقاً أمنياً يضمن عدم ممارسة الأعمال العدائية بين الجانبين.

وتشمل هذه النقاشات إزالة تصنيف الدول المعادية عن بعضهما، كما هو الحال مع عديد من الدول العربية، وما يعنيه ذلك من تسوية لموضوع الجولان السوري المحتل، وسط أحاديث تتناول البحث في صيغ مقبولة، مع اتفاق إسرائيلي سوري أردني حول حوض اليرموك.

الاتفاق بين إسرائيل وسوريا

ينطلق الإسرائيليون من اندفاعهم نحو إبرام اتفاق مع سوريا من نظرية "السلام البارد أفضل من الحرب الساخنة"، ولا يخفون أنهم سيستفيدون كثيراً منه، لا سيما في المجال الأمني، والضمانات التي سيحصلون عليها من الضامن الأمريكي، مع الاعتراف بأن جماعات الضغط السورية تعمل في الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية القوية لعودة سوريا إلى الأسرة الدولية.

تتحدث الأوساط الإسرائيلية أن المحادثات مع سوريا تجري منذ عدة أشهر، وعلى مستويات مختلفة: أمني، وعسكري، وسياسي، فيما تعتمد سوريا على مواقف ترامب الأخيرة الموجهة لإسرائيل والطلب منها عدم التصعيد العسكري ضدها، لأن "هناك فرصة سانحة، يجب عليها استغلالها، وإلا فسترتكب خطأً فادحاً".

في نفس السياق أكد مصدر رسمي سوري لـ"عربي بوست" أن الحديث عن توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل في المرحلة الراهنة "سابق لأوانه"، لأن أي حديث عن تفاوض جديد "لن يكون مطروحاً قبل التزام الاحتلال باتفاقية فكّ الاشتباك لعام 1974، وانسحابه من المناطق التي توغل فيها مؤخراً".

كما توقف الإسرائيليون عند نتائج آخر استطلاع للرأي العام بين السوريين، كشف صورة مخيّبة لآمالهم عن مواقفهم من إسرائيل، فقد أيّد الاتفاق معها 40% منهم، فيما عارضه 46%، واحتفظ غالبيتهم بموقف عدائي واسع النطاق تجاهها.

وكشف نفس استطلاع الرأي أن 76% من السوريين يرون أن "تطبيع العلاقات مع إسرائيل" يشكّل التهديد الرئيسي لأمن بلادهم، وعارض 60% منهم فتح بعثة دبلوماسية لها في دمشق، وحذر 62% منهم أن السلام معها قد يؤدي إلى توسيع احتلالها لأراضيهم.

حوافز إسرائيلية

كشفت المحافل السياسية الإسرائيلية أن الولايات المتحدة وسوريا تُفضّلان نهجاً تدريجياً من شأنه أن يبني العلاقات بين دمشق وتل أبيب ببطء، لكن الأخيرة بعكسهما تريد أن تعرف مسبقاً أنه في نهاية العملية سيكون هناك اتفاق سلام يتضمن التطبيع الكامل.

ولا تخفي الأوساط الإسرائيلية إحباطها من أن التوصل إلى اتفاق مع سوريا ليس في الأفق، وأن تحقيقه سيستغرق وقتاً، حيث لا يبدو السلام الشامل مع إسرائيل مسألة مُلِحّة لديها في هذه المرحلة، بل يبدو مبكراً للغاية، لأن أولوياتها أكثر إلحاحاً، وهناك قرارات أممية عديدة تحدد حقوق الشعب السوري، وأي طرف يحتل أراضي الطرف الآخر، والتوجه إلى القانون الدولي هو الخيار الأمثل والأقل كلفة على جميع المستويات.

في الوقت ذاته، تدرك إسرائيل أن سوريا اليوم تحوز على علاقات وثيقة مع دول إقليمية وازنة، ومنها تركيا، التي لا تريد أن تخضع للنفوذ الإسرائيلي الأمريكي، ما يجعل أي اتفاق ثنائي لا يخص سوريا وحدها، بل مرتبطاً بالتفاهمات الإقليمية التي لا تريد من واشنطن وتل أبيب الاستفراد بها في عهدها الجديد.

في المقابل، يعتقد الإسرائيليون أن إبرام أي اتفاق ما مع سوريا من شأنه أن يحقق عدداً لا بأس به من المزايا، لعل أهمها ربط دمشق بالمحور المعتدل في المنطقة مقابل المحور المعادي لهم ممثّلاً بتركيا وقطر، والانفصال النهائي عن إيران، وهذه الميزة بالذات تجعل أي ثمن ستدفعه إسرائيل مقابل الاتفاق زهيداً.

كما يُتوقّع في الاتفاق المزمع التعاون في الجوانب الاقتصادية، وبحث إمكانية تصدير الغاز الإسرائيلي إلى سوريا، ووضع إدارة مشتركة ثلاثية بين إسرائيل وسوريا والأردن لنظام المياه في حوض اليرموك، وحديث عن تحويل جبل الشيخ، بجزئيه، إلى منتجع كبير للتزلج.

ورغم المؤشرات الإيجابية، فإن الجدول الزمني لتطبيع العلاقات لا يزال غامضاً، وفيما تشير بعض المصادر الإسرائيلية إلى أن هذه العملية تسير بوتيرة متسارعة، فإن أوساطاً أخرى تتوقع تأخيرها حتى العام المقبل على الأقل، لأن أي انفراجة ستتطلب تنازلات إسرائيلية كبيرة، ويُتوقّع أن تحقق سوريا، في حال نضوج المفاوضات، عدداً من الإنجازات الكبرى، ومنها:

انسحاب قوات الاحتلال من الأراضي السورية التي سيطرت عليها بعد سقوط النظام السابق، رغم المزاعم الإسرائيلية بانتهاء عصر "الأرض مقابل السلام"، والزعم بأن المناطق التي استولى عليها الجيش حيوية للدولة، ولن تتركها في المستقبل المنظور.

التزام إسرائيلي بوقف عملياتها العسكرية العدوانية داخل سوريا، خاصة في المناطق الآمنة في محافظة القنيطرة جنوب غربها.

توافق على ترتيبات أمنية للمناطق الجنوبية من البلاد، خاصة قرب مرتفعات الجولان، وعلى الحدود الأردنية.

أبرز التحديات التي تُعيق التوصل إلى اتفاق سوري إسرائيلي

فيما تدفع الإدارة الأمريكية بسوريا وإسرائيل لإنجاز اتفاق ما، لم تُعرف صيغته بعد، لكن الإسرائيليين، ورغم حماسهم الكبير لإنجازه، يعتقدون أن طريقه ليست مُعبّدة، بزعم ما تضعه من شروط ومطالب، يعتبرونها خطراً على أمنهم.

هذا التخوف يعيق مسار الاتفاق، الذي قد يشمل إعلاناً مشتركاً بأنهما لم يعودا في حالة حرب، كما أنهم لم يترددوا في الإعراب عن انزعاجهم من الخطوة الأمريكية برفع العقوبات عن سوريا، لأنها أرادت استخدامها كوسيلة ضغط عليها للموافقة على التطبيع الكامل.

صحيح أن مباحثات بين دمشق وتل أبيب تجري في أكثر من عاصمة، وعلاقاتهما قد تتطور تدريجياً، مع إمكانية وضع أسس اتفاق بحلول نهاية عام 2025، في ضوء الضغط الأمريكي بقيادة الرئيس دونالد ترامب، بجانب التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، لكن الطريق إلى الاتفاق مليء بالتحديات التي تتطلب تنازلات، لا سيما من إسرائيل.

وفيما تبدي محافل دبلوماسية إسرائيلية أن القيادة السورية الجديدة تسعى لتثبيت حدودها، واستكشاف علاقات جديدة ومختلفة معها، من خلال عدد من الإيماءات الملموسة التي أشارت إلى تحوّل استراتيجي نحو خفض التصعيد بعد عقود من العداء المفتوح، في ضوء ما خلقه الواقع الجيوسياسي اليوم من تقارب في مصالحهما، لكنها في الوقت ذاته تخشى من حصول تطورات مفاجئة داخل سوريا وخارجها تُشكّل انتكاسة لهذه الجهود.

يمكن وضع جملة من التحديات التي تعترض تمرير الاتفاق بين سوريا وإسرائيل، أهمها:

  • إبرام اتفاق أمني يحترم اتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974، التي أنهت حرب أكتوبر 1973، وفترة الاستنزاف التي تلتها، وحددت الحدود، ونشر القوات، وآليات الرقابة، مع إمكانية تحديثها.
  • بدء المحادثات حول مستقبل مرتفعات الجولان السورية، والإبقاء عليها حالياً منزوعة السلاح، دون اتخاذ قرار نهائي بشأنها، في إطار وضع مؤقت يسمح بالتقدم في المناقشات.
  • أن يشمل الاتفاق مراعاة حقوق السوريين، وانسجامه مع التوافق الإقليمي، وتلبيته لشروط معينة.
  • اضطرار إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها بعد سقوط الأسد، ووقف الهجمات على سوريا، والاعتراف بوحدة البلاد دون التدخل في شؤون الدروز، أو العلويين، أو الأكراد.
  • ترتيبات أمنية جنوب سوريا من خلال آلية تنظم الواقع العسكري والأمني، خاصة في المناطق القريبة من الجولان، والحدود مع الأردن، مع ضمانة أمريكية للاتفاق.

عقدة الجولان.. العقبة أمام الاتفاق

كان وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر أكثر المتحدثين الإسرائيليين في الملف السوري، بالقول إن "إسرائيل مهتمة بتوسيع اتفاقات أبراهام، ولدينا مصلحة في ضم دول مثل سوريا ولبنان، مع الحفاظ على مصالحنا الحيوية والأمنية، لأن إسرائيل طبّقت قوانينها على الجولان منذ أربعين عاماً، وفي أي اتفاق سلام، سيبقى جزءاً منها".

صحيح أنه لا يوجد حالياً أي نقاش حقيقي حول مرتفعات الجولان، رغم المواقف السياسية الإسرائيلية الأخيرة بعدم الانسحاب منها، لكن التقدير السائد أن المباحثات حولها سيُبقي عليها في حالة مؤقتة منزوعة السلاح، دون التوصل إلى تفاهم نهائي بشأنها، بحيث ستبقى عالقة لبعض الوقت.

ولكن مع مرور الوقت يتضح أن نقطة الخلاف الأساسية في أي محادثات مستقبلية بين إسرائيل وسوريا تتمثل في مرتفعات الجولان، ورغم أن ترامب اعترف بها في ولايته الأولى كجزء من إسرائيل، ولم تسحب إدارة بايدن هذا الاعتراف.

ورغم التصريحات الإسرائيلية المتتالية عن استمرار السيطرة عليها، لكن الأجواء السائدة في غرف التفاوض بوساطة أمريكية تؤكد أن تفاصيل الاتفاق المزمع ستشمل ترسيم الحدود، ومرتفعات الجولان، وسط حديث إسرائيلي أمريكي عن تحويلها إلى "حديقة سلام"، دون توضيح تبعيتها السيادية.

وفي الوقت الذي تعتقد فيه المحافل الدبلوماسية في تل أبيب أن أي اتفاق مع سوريا، سواء كان أمنياً فقط، أو تطبيعاً كاملاً، يتطلب تقديم تنازلات مشتركة، فإنها تُوقِن أن الطريق لتحقيقه ما زال مليئاً بالألغام، ولعل الخطوة الأولى التي بدأت تظهر هي توقيع اتفاقية أمنية وعسكرية تتضمن التزاماً باحترام اتفاقية فصل القوات لعام 1974، على أن يتبعها بدء محادثات حول مستقبل مرتفعات الجولان، وسط تقدير إسرائيلي بالأهمية الاستراتيجية لمثل هذا الاتفاق بالنسبة لها.

وتعتبر إسرائيل أن سيطرتها على المنطقة العازلة مع سوريا، والمناطق داخلها، بما فيها الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي، أداة ضغط رئيسية في المفاوضات، وسط قناعة سائدة لديها بأنها ستنسحب منها في حال إنجاز سلام كامل، وتطبيع شامل معها.

ويسعى التطلّع الإسرائيلي لإنشاء منطقة عازلة جديدة، فيما بدأت أجهزة الأمن السورية استعداداتها لنشر قوات في جنوب البلاد، تحت ضغط أمريكي، ما سيجعل أي اتفاق قادم، على الأقل حتى الآن، ذا طبيعة أمنية من شأنه تنظيم ميزان القوى بين إسرائيل وسوريا، وليس اتفاق سلام، وهو ما اتضح في المباحثات الأخيرة التي أجراها وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر مع المسؤولين في واشنطن.

قراءات إسرائيلية متشائمة من إنجاز الاتفاق

الانطباع الإسرائيلي السائد اليوم أن المباحثات الجارية لا تتعلق بسلام دافئ، وفتح سفارات، بل باتفاقية أمنية، حتى لو تم توقيعها، فهي ليست تطبيعاً كاملاً، حتى أن أحدهم قال: "على عكس ما قد يرغب بعض الإسرائيليين، فليس مؤكداً أننا سنتمكن من قضاء إجازتنا على ضفاف نهر الفرات في سوريا، ولن نتناول الحمص في دمشق، ومن يحلم بذلك، فليستمر في الحلم".

ورغم الآمال الإسرائيلية المُعلّقة على إنجاز الاتفاق، فإن البروفيسور أمتسيا برعام، خبير شؤون الشرق الأوسط بجامعة حيفا، قدّر أن مثل هذا الاحتمال، ولو كان واقعياً ومرغوباً فيه إسرائيلياً، إلا أن هناك حالة من عدم اليقين بحدوثه، محذّراً من المخاطر الكامنة على طول الطريق، لأن الواقع المعقد في الشرق الأوسط لا يسمح بالتفاؤل الساذج.

وقال إن هناك مشكلات ما زالت قائمة، أكبرها أن بعض القوات المسلحة التي تدعمها سوريا تنحدر من خلفية جهادية واضحة، ويبدو الأمر دائماً وكأن "سيفاً جهادياً مسلطاً على رؤوسنا"، ولذلك فإن نموذج التنسيق الأمني، وليس التطبيع الكامل، هو المسار الأكثر واقعية، في ظل الصعوبات الإضافية المتمثلة بالتطبيع، وإقامة السفارة، والتعاون في المجالات العلمية والسياحية والتجارية.

أما الحاخام الأمريكي اليهودي أبراهام كوبر، الذي التقى الرئيس السوري، برفقة القس جوني مور، المقرّب من الرئيس ترامب، ونقل رسائل بين الجانبين، فاعتقد أن الطريق لإنجاز اتفاق بينهما لا يزال غير ممهّد.

في الوقت ذاته، تعتقد الأوساط الإسرائيلية مراراً وتكراراً أن الجذور الجهادية للنظام السوري الجديد، وارتباطه الأيديولوجي المستمر بالحركات الإسلامية، والدعم الذي يحظى به من تركيا برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان، معطيات قائمة، ولا يمكن إنكارها، وقد تجعل الإسرائيليين لا يثقون كثيراً به، بل إنها زعمت أنه إذا سنحت للدولة السورية الجديدة فرصة الإضرار بإسرائيل، أو الاستيلاء على أرض منها، فلن تُفوّتها.

كما تتزايد الشكوك السياسية والأمنية الإسرائيلية حول مدى استقرار الدولة السورية، استناداً لما حصل في مصر من انهيار حكم الإخوان المسلمين بعد عام ونصف فقط، وبالتالي يمكن للنظام الإسلامي القوي في سوريا أن يسقط بين عشية وضحاها، ما يجعل إسرائيل في حالة تروٍّ تجاه تقديم التنازلات له ضمن اتفاق ما، سواء كان أمنياً أو تطبيعاً كاملاً، ما يزيد من الأسباب الوجيهة لاستبعاد أي اتفاق معه، على الأقل حالياً، رغم توفر العديد من الاعتبارات الإيجابية في المقابل.

المصالح الأمنية لسوريا وإسرائيل قد تُحبط أي اتفاق قادم

خلف الكواليس، تُجري إسرائيل محادثات غير مباشرة مع السوريين من خلال أربع قنوات على الأقل: مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، ورئيس جهاز الموساد ديفيد برنياع، ووزير الخارجية غدعون ساعر، والثلاثة يجرون محادثات سياسية واستراتيجية، أما القناة الرابعة، فهم كبار قادة الجيش الذين يجرون محادثات مع نظرائهم السوريين لغرض التنسيق العسكري التكتيكي اليومي.

وفيما سيقوم بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، بزيارة في الأيام القادمة للولايات المتحدة، وستكون العلاقات مع سوريا محور الاهتمام، فإن هناك ترتيباً إسرائيلياً أمريكياً لأن تشمل زيارته التالية في سبتمبر/أيلول المقبل للمشاركة في الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، لقاء مع الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي سيقوم بزيارة تاريخية إلى نيويورك.

ورغم اللقاءات الجارية بين حين وآخر، فإن مسؤولاً إسرائيلياً وصف الاختراقات التي قد تحصل بأنها أشبه بـ"تقشير البصلة"، حيث يتم إزالة طبقة تلو أخرى، وتحدثت أوساط إسرائيلية أن اللقاءات جرت في أذربيجان والإمارات العربية المتحدة، وأحياناً في المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا.

ترصد إسرائيل حالة التنافس العلني بين مختلف قوى المنطقة لزيادة نفوذها في سوريا الجديدة، ولعل مصلحتها تكمن في وضعها ضمن "الشرق الأوسط الجديد"، في المكان المناسب لمصالحها، كما أن أي اتفاق معها سيجعل من الأسهل كثيراً على لبنان أن يتقدم على هذا المسار، ما سيشكّل ضربة أخرى للرأس في إيران.

يتوقف الإسرائيليون عند الثمن الذي سيُطلب من إسرائيل دفعه مقابل هذا الاتفاق مع سوريا، ويعتقدون بوجود مخاطرة معينة، ومنها الانسحاب من الأراضي التي استولى عليها الجيش بعد سقوط النظام السابق، وهذا مطلب الدولة السورية اليوم.

صحيح أن إسرائيل قد تخاطر بهذا الانسحاب، لكن لا بد لها من القيام بذلك، باستثناء جبل الشيخ السوري، الذي قد يبقى فيه الجيش عاماً أو أكثر، لأنهم ببساطة لا يعرفون ما سيحدث في سوريا، والمستقبل غامض للغاية، لكنهم ملزمون بأنه في النهاية، وإذا تم الحفاظ على كل ما تم الاتفاق عليه، فإنهم سيقومون بإخلائه.