- بين الترحيب بالاتفاق والإحباط بعدم استسلام إيران
- المعارضة تخشى عودة إيران لترميم مشروعها النووي
- كواليس الاتفاق والاتصالات بين الدوحة وتل أبيب وواشنطن
- قمة دولية لرعاية الاتفاق واستنساخ النموذج اللبناني
- التحذير من الاستكانة مع إيران وإعادة بناء وكلائها في المنطقة
- "شبكة الأعداء" لا تزال قائمة في الشرق الأوسط
- تأثير وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران على حرب غزة
خلف إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء 24 يونيو/حزيران 2025، وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، بعد 12 يوماً من المواجهة، ردود فعل متلاحقة داخل الساحة السياسية الإسرائيلية التي تعيش انقساماً منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران، وقبله الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
وشهدت الساحة السياسية الإسرائيلية ردود فعل متباينة بين إشادة بما تحقق من "إنجازات"، ومطالبات باستكمال وقف إطلاق النار ليشمل قطاع غزة وإعادة الأسرى، وتحذيرات من عدم استكمال أهداف الحرب بالقضاء الكامل على البرنامج النووي والصواريخ الباليستية الإيرانية، ومخاوف من اندلاعها مجدداً خلال سنوات معدودة.
من خلال هذا التقرير، نستعرض مختلف المواقف الصادرة عن السياسيين الإسرائيليين بعد إعلان ترامب وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، ومخاوف المعارضين للاتفاق، إضافة إلى احتمال عدم استمرار وقف إطلاق النار واندلاع مواجهة جديدة بين إسرائيل وإيران.
بين الترحيب بالاتفاق والإحباط بعدم استسلام إيران
بينما يروّج رئيس الوزراء الإسرائيلي وبعض أعضاء حكومته المتشددة أنهم حققوا "نصراً ساحقاً" على إيران، عبّر سياسيون عن مخاوفهم من عودة التهديد الإيراني مجدداً قريباً. "عربي بوست" رصد جملة من ردود الفعل الإسرائيلية على إعلان الاتفاق، على النحو التالي:
_ أكد نتنياهو أن "وقف إطلاق النار الثنائي مع إيران دخل حيّز التنفيذ، في ضوء تحقيق أهداف العملية، وبالتنسيق الكامل مع ترامب"، مهدّداً بالرد بقوة على أي خرق له، زاعماً النجاح في إزالة تهديد وجودي مزدوج مباشر: في المجال النووي والصاروخي الباليستي، وتمكن الجيش من السيطرة الكاملة على أجواء طهران، وأوقع أضراراً بالغة بقيادتها العسكرية، ودمر عشرات الأهداف الحكومية المركزية، ما أدى إلى القضاء على مئات من عناصر الباسيج.
_ وزير المالية بيتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب الصهيونية الدينية، رحّب بالاتفاق، زاعماً: "حققنا نصراً ساحقاً في الحملة ضد إيران، وأزلنا تهديداً وجودياً مباشراً لوجود إسرائيل الأبدي، وألحقنا أضراراً بالغة بها، بما فيها تدمير عشرات الأهداف في طهران، والآن، بكل قوتنا، نتوجه إلى غزة، لنكمل المهمة بالقضاء على حماس، وإعادة الرهائن، كي نضمن سنوات عديدة من الأمن".
_ وزير الشتات عميحاي شيكلي علّق على الاتفاق بقوله، موجهاً شكره للمقاتلين، وطواقم الطيران، وضباط المخابرات، ورجال الظل، الذين اتخذوا قرارات جريئة ستُحفر في صفحات التاريخ.
_ عضو الكنيست دان إيلوز من حزب الليكود ذكر أن "السؤال الأهم بعد وقف إطلاق النار مع إيران ليس ما إذا كنا قد تعاملنا مع التهديدات المباشرة على الدولة، بل ما إذا كان ابني، البالغ من العمر عاماً واحداً، سيواجه نفس التهديدات بعد بضعة عقود، في ضوء الألم الناجم عن كل هجوم على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهو ما لا يمكن تجاهله، فالصورة معقدة بالفعل".

وأضاف أن هناك حقيقة مفادها أن إيران لا يمكن عقد الاتفاقيات معها، "الاتفاق الوحيد الذي يمكن توقيعه معها هو الاستسلام، صحيح أننا انتصرنا في الحرب، لكن السؤال: هل استسلم العدو، أم أنها مجرد جولة فزنا فيها بالنقاط؟ لأن الأمر لا يقتصر على الأسلحة النووية، أو الصواريخ، أو تمويل الخلايا المسلحة، فهذه مجرد وسائل، وصراعنا في الحقيقة ضد أيديولوجية تهدف للقضاء علينا، وإن لم تُهزم، فستجد وسائل جديدة".
_ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أشاد بالإنجازات التي تحققت مع إيران، لكنه استدرك بالقول إن انهيار النظام كان يجب أن يكون بمثابة هدف آخر للعملية، من خلال تمديدها لبضعة أيام أخرى، بعد أن أتيحت هنا فرصة تاريخية لتوجيه ضربة قاتلة للوكلاء المتبقين في غزة ولبنان والضفة الغربية، الذين يعتمدون على إيران.
_ عضو الكنيست يتسحاق كرويزر من العصبة اليهودية رفض اتفاق وقف إطلاق النار، ودعا لاستبداله بإطلاق النار بلا توقف.
_ عضو الكنيست تسفي سوكوت من الصهيونية الدينية أيّد وقف إطلاق النار، مع بعض التحفظات، ومنها أننا سنُطبّقه بأنفسنا مثل لبنان، للحفاظ على إنجازات المجالين النووي والصاروخي.
المعارضة تخشى عودة إيران لترميم مشروعها النووي
على صعيد المعارضة، فقد رحّبت بالاتفاق، لكنها وضعت جملة من المخاوف التالية أمام الحكومة:
- دعا زعيم المعارضة يائير لابيد الحكومة إلى التركيز على القتال في غزة، لأنها اللحظة المناسبة لإنهائه هناك أيضاً، من خلال عودة الرهائن، وإنهاء الحرب، حيث تحتاج إسرائيل إلى البدء في إعادة البناء.
- رئيس الحزب الديمقراطي يائير غولان، دعا إلى استكمال المهمة، وإعادة جميع الرهائن، وإنهاء الحرب في غزة، وإيقاف الانقلاب القانوني الذي يهدد بجعل الدولة ضعيفة ومنقسمة، وعرضة للخطر مرة واحدة وإلى الأبد. لقد انتهت الحملة ضد إيران بإنجاز أمني كبير، لكن يجب التدقيق في اتفاق وقف إطلاق النار: فهل سيمنعها من امتلاك أسلحة نووية في المستقبل؟ وما هي العقوبات المفروضة عليها في هذه الحالة؟ وما مصير العمليات ضدها في حال انتهاكها للاتفاق؟
- رئيس حزب "يسرائيل بيتنا"، عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، أكد أنه في ظل الإنجازات العسكرية المذهلة التي حققها الجيش والموساد في الحرب ضد إيران، فمن الواضح أننا سندخل في مفاوضات صعبة ومملة معها، لأنها لا تنوي التنازل، لا عن تخصيب اليورانيوم على أراضيها، ولا عن إنتاج وتجهيز الصواريخ الباليستية، ولا عن دعم وتمويل الجماعات المسلحة في المنطقة وحول العالم.
وأضاف: "لقد حذرتُ في بداية الحرب من أنه لا يوجد ما هو أخطر من ترك أسد جريح، ووقف إطلاق النار دون اتفاق واضح لا لبس فيه، سيقودنا حتماً إلى حرب أخرى خلال عامين أو ثلاثة، وفي ظروف أسوأ بكثير".
كواليس الاتفاق والاتصالات بين الدوحة وتل أبيب وواشنطن
يارون أبراهام، مراسل القناة 12، كشف عما أسماها محادثات خاصة "تأسيسية" أجراها وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، أمين سر نتنياهو، مع وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو، بعد ظهر الإثنين 23 يونيو/حزيران 2025، قبل الهجوم الإيراني على القاعدة العسكرية الأمريكية في قطر، تم استكمالها بمحادثة مباشرة بين ترامب ونتنياهو، اتفقا فيها على تفاصيل الاتفاق، الذي جاء بوساطة قطرية حصلت على موافقة الإيرانيين.
وفيما أوضح روبيو أن الأميركيين يريدون إنهاء الحرب بعد هجومهم الناجح على المنشآت النووية، فقد أبلغه ديرمر أن إسرائيل أصبحت قريبة من تحقيق كل الأهداف التي حددتها لنفسها في هذه المواجهة.
جاءت الخطوة التالية في إبلاغ ترامب أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بموافقة إسرائيل على الاتفاق، وطلب منه إقناع إيران بالموافقة ذاتها، حيث اتصل رئيس وزرائه محمد آل ثاني بنظرائه في طهران، واتفق معهم على التفاصيل، كما أجرى روبيو وستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، اتصالات مباشرة وغير مباشرة مع الإيرانيين.
فيما أعلن نائب الرئيس، جيه. دي. فانس، أن مساعينا تهدف إلى التوصل إلى اتفاق سلام إقليمي طويل الأمد، بينما علقت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الاتفاق قائلةً إن الرئيس حقق ما لم يتخيله أي رئيس آخر في التاريخ. وذكر السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، أننا "عشنا 12 يوماً من الحرب كأنها 12 شهراً".

إيتمار آيخنر، مراسل الشؤون السياسية بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، كشف أن قطر وقفت وراء وساطة وقف إطلاق النار خلال محادثة أميرها مع ترامب ونائبه فانس، عقب الهجوم الإيراني على قاعدة العديد، فيما عقد مجلس الوزراء السياسي والأمني اجتماعاً استمر أربع ساعات، بمشاركة الوزراء: يسرائيل كاتس، رون ديرمر، إيتمار بن غفير، بيتسلئيل سموتريتش، غدعون ساعر، وأرييه درعي، لإقرار الاتفاق، بحضور رئيس أركان الجيش إيال زامير، ورئيس الموساد ديدي برنياع.
قمة دولية لرعاية الاتفاق واستنساخ النموذج اللبناني
العقيد دورون هدار، القائد السابق لوحدة المفاوضات في هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال، دعا إلى تتويج الاتفاق بعقد قمة في السعودية أو تركيا، تضم قادة الدول الأوروبية الرائدة: ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، بهدف عدم الانجرار إلى حرب استنزاف، والحفاظ على مصالح الأطراف، في ضوء التحدي النفسي الذي يميز قادتها.
وقال دورون: "ترامب شخصية نرجسية متسرعة في اتخاذ القرارات، ذو كاريزما قوية، أما خامنئي، فشخصية تطغى عليها سمات البارانويا، والحساسية العالية للتهديدات والمؤامرات، والكاريزما الهادئة، فيما نتنياهو يشعر بنشوة لم تصاحبه منذ سنوات بسبب إنجازاته خلال العامين الأخيرين".
وطالب بأن تتمخض الاتفاقية عن هذه القمة جانباً علنياً، وملاحق سرية، مع ترجيح تنفيذ الاتفاق على عدة مراحل، تحدد أولها وقف إطلاق النار المؤقت، والتزام الأطراف الكامل بالمحادثات.
مائير بن شبات، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ورئيس معهد "ميسغاف" للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، أكد أن إعلان وقف إطلاق النار مع إيران، وبعد تحقيق إسرائيل لأهدافها في المجالين النووي والصاروخي، فإنها ستواجه تحديين كبيرين: الحفاظ على الإنجاز، وتجنب حرب استنزاف.
مع أنه من الناحية الظاهرية، من المفترض أن يكون الترتيب الدبلوماسي الدولي بمثابة استجابة لهذين التحديين، لكن عندما يتعلق الأمر بإيران المحكومة بنظام ديني، زادت دوافعه للانتقام من إسرائيل، واستعادة شرفها المفقود، وفي هذه الحالة، فإن الترتيب الدبلوماسي قد يكون حجر عثرة أمام إسرائيل والولايات المتحدة في سعيهما لمنع إيران من استعادة ردعها.
التحذير من الاستكانة مع إيران وإعادة بناء وكلائها في المنطقة
رأت محافل إسرائيلية أن النتيجة المترتبة على الاتفاق أنه لا يمكن أن يعالج مخاوف إسرائيل إلا إذا سُمح بالإشراف الدقيق والتنفيذ الفعال، على غرار ما هو موجود في لبنان، مع أنه من الصعب افتراض أن إيران ستوافق على مثل هذا المطلب.
مما قد يستدعي من إسرائيل الحفاظ على الظروف التي تضمن حرية نشاطها الجوي في المستقبل في الأجواء الإيرانية، وصولاً إلى فقدان إيران للقدرات التي تسمح لها بتشكيل تهديد استراتيجي لإسرائيل، ومنع استعادتها على مر السنين.
المخاوف الإسرائيلية من استعادة إيران لقدراتها بعد انتهاء الحرب ربما تمت معالجتها ضمن حفاظها على حرية العمل ضد إيران، مما قد يكون بملاحق سرية بين واشنطن وتل أبيب، كما هو في لبنان، على غرار الاتفاق مع حزب الله، وبالتالي فإن وقف إطلاق النار في الساعات الأخيرة لا يعني التنازل عن حق العمل في المستقبل.
صحيح أن الاتفاق وضع نهاية للعملية العسكرية، لكنها ليست نهاية السياسة المتبعة ضد إيران في مواجهة التصعيد النووي والصاروخي الإيراني، حتى في اليوم التالي، لأنه من الصعب افتراض أن أي مسؤول إسرائيلي يعتقد حقاً أن المشكلة مع إيران قد تم حلها أخيراً، حتى لو تم تدمير المنشآت النووية، وتعطيل البرنامج الباليستي، لأن نواياها لم تتغير.
آفي أشكنازي، خبير الشؤون العسكرية في صحيفة "معاريف"، حاول إجراء "حوصلة" للمواجهة الأخيرة مع طي صفحتها بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، بالإشارة إلى أن العدوان الإسرائيلي لم يشمل فقط الأهداف النووية، وقاذفات الصواريخ، والمستودعات، ومصانع إنتاج الأسلحة.
بل ركّز على أهداف الحكومة، وأنظمة الأمن الداخلي، وأنظمة السيطرة التي تمارسها الحكومة، وبصورة إجمالية، القضاء على ثلثي قوتها العسكرية التي اعتمدت على إطلاق صواريخ بعيدة المدى قادرة على ضرب أي نقطة في الشرق الأوسط وأفريقيا وحتى أوروبا.
تخوفات أخرى تحدث عنها الإسرائيليون تتعلق بأن اتفاق وقف إطلاق النار لا بد أن يشمل توقف إيران عن بناء جيوش "الوكلاء" في المنطقة، وهي التشكيلات المسلحة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان والأردن وغزة والضفة الغربية، تحقيقاً لخطتها باستهداف إسرائيل بهذه الوسائل العسكرية، والصواريخ، والكتائب التي شكلت التشكيل الرئيسي لقواتها.
حيث دمّر جيش الاحتلال الإسرائيلي، عبر سلاح الجو والاستخبارات العسكرية والموساد، نحو 70% من منصات إطلاق الصواريخ، مما أثر على جميع أنظمة الإنتاج تقريباً، بدءاً من المصانع التي تنتج محركات الصواريخ، والوقود الصلب، وصناعة القذائف.
بعبارة أخرى، حتى لو حاولت إيران استعادة هذه الأنظمة المتضررة، فسيتطلب ذلك قدراً كبيراً من الموارد الاقتصادية والتكنولوجية والمعرفية، ومن المشكوك فيه أن يكون متاحاً لها، وفق المزاعم الإسرائيلية.
"شبكة الأعداء" لا تزال قائمة في الشرق الأوسط
دورون كوهين، رئيس تحرير صحيفة "معاريف"، قلّل من الاتفاق مع إيران، لأنه يشبه اتفاقات سابقة مع حماس، لم تمنعها من التجهيز والتسليح والتعزيز وتنفيذ الهجمات كما يحلو لها، حتى وصلت أخيراً إلى طوفان السابع من أكتوبر 2023، مما يجعل من هذا الاتفاق مع إيران خداعاً كبيراً للذات، لأنه وفقاً للتجربة المريرة، فسيؤدي إلى جولة أخرى من إراقة الدماء في المستقبل، أكثر شدة وعنفاً.
يستحضر الإسرائيليون في هذه اللحظات اتفاق وقف إطلاق النار مع مصر بعد حرب الاستنزاف 1970، بعد أن حققت إسرائيل نصراً باهراً في 1967، وتمتعت بالسيطرة الجوية الكاملة على الأجواء المصرية، حتى حققت مصر إنجاز حرب أكتوبر 1973، وألحقت خسائر فادحة بإسرائيل، ولئن كان وقف إطلاق النار مع إيران اليوم خبراً سعيداً، فإن الخبر السيئ أن حرب يوم الغفران معها لا تزال أمامنا.
رصدت الأوساط الإسرائيلية في الساعات الأخيرة ما قالت إنه الإنجازات الرئيسية التي سجّلتها في هذه الحملة ضد إيران، على النحو التالي:
- التغيير الجذري في الوعي، وكسر حاجز الخوف من العمل العسكري المباشر ضد إيران، سواء من قبل إسرائيل نفسها أو المجتمع الدولي، بل العمل في عمقها، وصولاً للسيطرة الواسعة على مجالها الجوي، دون الانجرار بالضرورة إلى حرب شاملة.
- خلق مساحة مستقبلية للعمل بعد أن مهّدت التفجيرات الأخيرة الطريق لعمليات إضافية، إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
- استعادة مستوى الردع الإقليمي لإسرائيل بشكل كبير، الذي تآكل بشكل خطير منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر، على أن تكون الرسالة الموجهة إلى بيروت ودمشق وطهران بعد هذا الاتفاق واضحة، ومفادها أن إسرائيل مستعدة لكسر أي قاعدة من قواعد اللعبة.
في الوقت ذاته، تدرك ذات المحافل الإسرائيلية أن التهديدات باقية كما هي، والعدو لم يُهزم بعد، ولا يزال النظام الإيراني قائماً، وحزب الله على حاله، وحماس لم تختفِ من المشهد، صحيح أنهم قد يكونون مردوعين أكثر، لكنهم لم يُهزموا، ولئن كانت الجبهة الشمالية هادئة في الوقت الراهن، فإن احتمالات تجدد تصعيدها لا تزال مرتفعة.
هذا يعني أن التحدي الرئيسي أمام إسرائيل سيبقى ماثلاً، وهو أن محور المقاومة لا يزال قائماً، ربما يكون "رأس الأفعى" قد اهتز بالفعل، لكن الأفعى نفسها لا تزال على قيد الحياة، ولا يزال اللاعبون في ساحات: العراق، حزب الله، حماس، الحوثيون، يشكلون تهديداً أمنياً حقيقياً.

تأثير وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران على حرب غزة
زاوية أخرى في نقاش تبعات اتفاق وقف إطلاق النار مع إيران تتعلق بمستقبل الحرب على غزة، والمطالبات المتزايدة لإسرائيل بأن توجه اهتمامها الكامل نحو الهدف الأكثر أساسية وأهمية، وهو إعادة الرهائن، بزعم أنه في غياب الدعم من إيران وحلفائها لحماس، فإن الحركة قد تشعر أنها تُركت وحدها، ويمكن أن يدفعها الشعور بالعزلة إلى التوصل إلى اتفاق يجعلها تتخلى عن السلطة في غزة، وتُطلق سراح الرهائن.
هيئة عائلات المحتجزين أكدت أنه بعد 12 يوماً وليلة لم يستطع فيها الإسرائيليون النوم بسبب إيران، فإنهم لا يتمكنون من النوم منذ أكثر من ستمائة يوم بسبب المختطفين، وبات من غير المعقول أن تغرق إسرائيل مرة أخرى في وحل غزة بعد عمليتها في إيران.
وحسب عائلات المحتجزين في غزة، فإن إنهاء المواجهة مع إيران دون إعادة جميع الرهائن هو فشل دبلوماسي خطير، لأنها فرصة تاريخية، وعلى الحكومة اغتنامها بكلتا يديها.
عيناف تسنغاوكر، والدة ماتان المختطف في غزة، ذكرت أن "حرب الـ12 يوماً انتهت، أما حرب الـ627 يوماً فتتجه نحو حرب أبدية. نحن، عائلات المختطفين، عالقون. المطلوب اليوم إنجاز اتفاق شامل لإعادة جميع المختطفين، ووقف الحرب في غزة. النصر الكامل هو استعادة الأحياء والأموات الآن".