سوريون فشلوا في أداء الامتحانات ومدارس السودانيين تخشى الإغلاق مجددا.. شروط التأشيرات تمنع الطلاب اللاجئين من دخول مصر 

عربي بوست
تم النشر: 2025/06/02 الساعة 08:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/06/02 الساعة 08:32 بتوقيت غرينتش

أثارت المناشدة التي وجّهها عدد من الطلاب السوريين إلى حكومتهم، بعد أن تعرّضوا للفصل من جامعات مصرية التحقوا بها قبل أداء امتحانات نهاية العام، جدلاً واسعاً في الأوساط المصرية والسورية.

وسلّطت الأزمة الضوء على المشكلات التي يواجهها الطلاب اللاجئون للالتحاق بالتعليم في مصر، خاصة اللاجئين السودانيين، وهم يمثلون النسبة الأكبر من الوافدين إلى البلاد، ما يدفع الكثيرين للبحث عن دول أخرى للجوء إليها يمكن أن تتماشى مع رغباتهم في استمرار تعليم أبنائهم.

وتداولت صفحات اللاجئين السوريين في مصر على مواقع التواصل الاجتماعي شكوى وجّهها أكثر من 60 طالباً سورياً التحقوا بالفعل بالجامعات المصرية، لكنهم تعرّضوا للفصل.

ووجّه هؤلاء الطلاب دعوتهم إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، مشيرين إلى أنهم، رغم قبولهم في الجامعات المصرية ودفعهم المصروفات، وبالتالي امتلاكهم أوراق قبول رسمية بالجامعات، يطالبون الدولة السورية بالتدخل قبل أن يخسر الطلاب أموالهم.

ويطالب الطلاب السوريون المتضررون بثلاثة أمور رئيسية: الأول تفعيل القرار المصري بإصدار التأشيرات الدراسية، خاصة للطلاب المقيدين والمستوفين للشروط، والثاني إعادة الرسوم الدراسية لمن لم يتمكنوا من الالتحاق بجامعاتهم، والثالث تسليم الوثائق الجامعية من دون شروط مالية تعجيزية كي يتمكنوا من استكمال دراستهم في دول أخرى.

وفي حال تعذّر عودتهم إلى مصر، يقترح طلاب سوريون أن يُنقلوا إلى الجامعات الحكومية السورية بالتخصصات نفسها، وبنفس الرسوم التي دفعوها للجامعات المصرية، حفاظاً على مستقبلهم الدراسي.

رفض تجديد التأشيرات الدراسية

قال مصدر مطّلع في الجالية السورية في مصر إن الأزمة تصاعدت منذ أن قررت الحكومة المصرية حظر دخول السوريين إلى أراضيها من أي دولة أجنبية إلا بشرط الحصول على تصريح أمني، وهو ما يستغرق وقتاً طويلاً قبل صدوره، وبالتالي هناك مئات الطلاب الذين فشلوا في العودة إلى مصر لأداء الامتحانات.

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن هناك ما يقرب من 5 آلاف سوري في الجامعات الحكومية المصرية، إلى جانب عدد غير معروف في الجامعات الخاصة، وأنه رغم صدور استثناءات لدخول الطلاب دون الحاجة إلى التصاريح الأمنية، فإنها لم تُطبّق على أرض الواقع.

وأوضح أن التأشيرة التعليمية تعتمد عليها الكثير من الأسر السورية للبقاء مع أبنائهم في مصر لحين انتهاء سنوات الدراسة، خاصة وأنهم قدموا إلى مصر منذ عدة سنوات، وهناك أعداد كبيرة تلقّت تعليمها في المدارس قبل أن تلتحق بالجامعات، ومن الصعب أن يعود هؤلاء إلى التعليم الجامعي السوري في الوقت الحالي، لافتاً إلى أن عشرات الأسر السورية تعرّضت للترحيل جراء عدم قدرتها على تجديد تأشيرات الإقامة المرتبطة بالتعليم.

ولفت إلى أن بعض الطلاب أصبحوا يتواجدون في مصر بلا إقامة شرعية بعد انتهاء إقامتهم، وقد يكونون عرضة للترحيل عقب نهاية العام الدراسي الحالي، كما أن هناك توسعاً في مسألة رفض تجديد التأشيرات الدراسية، في حين تقوم الحكومة المصرية بتسهيل إجراءات تأشيرة رجال الأعمال.

ومن بين الشروط التي تطالب بها السلطات المصرية توفّر حساب بنكي، وهو شرط لا يتوفّر لدى أغلبية الأسر السورية الموجودة في مصر، كما أن عدم استكمال الطلاب دراستهم يعني خسارتهم آلاف الدولارات التي قاموا بدفعها للجامعات المصرية، ويتطلّب ذلك تدخلاً عاجلاً من جهات دبلوماسية سورية لدى وزارة الخارجية المصرية.

الأمر فردي وليس سياسة عامة ضد الطلاب الوافدين

وثّقت منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" أكثر من 300 حالة حرمان من الإقامة الدراسية في مصر، بين سبتمبر 2023 ومارس 2024، مؤكدة أن بعضها طال طلاب دراسات عليا وباحثين في جامعات مرموقة، مثل جامعتي القاهرة وعين شمس.

وفي المقابل، قال مصدر حكومي مصري إن أزمة الطلاب السوريين تتعلق بكون هؤلاء قدّموا بالفعل للدراسة في جامعات مصرية حكومية وخاصة، لكنهم لا يقيمون في مصر ويتواجدون في الخارج، ولديهم رغبة في العودة قبل انطلاق الامتحانات، وبالتالي واجهوا صعوبات تتعلق بإجراءات العودة.

وأضاف المتحدث لـ"عربي بوست" أن الحكومة المصرية لديها هواجس من أن يكون هؤلاء قد اتخذوا من مسألة التحاقهم بالجامعات أو المدارس وسيلة للتواجد غير الشرعي في مصر.

وكشف المصدر ذاته أن بعض المعلومات التي رصدتها الحكومة المصرية خلال الأشهر الماضية تشير إلى وجود طلاب مسجلين لدى بعض الجامعات تصل أعمارهم إلى 35 عاماً، ويتطلب ذلك بحثاً أمنياً للتأكد ما إذا كان دخول هؤلاء إلى مصر بغرض الدراسة أم لأسباب أخرى.

كما أن بعض الحالات لم تُكمل الأوراق المطلوبة، وهؤلاء لم يبدؤوا في إجراءات العودة إلى مصر سوى قبل انطلاق الامتحانات مباشرة، وبالتالي فهم يتحمّلون خطأ ذلك.

ولفت المصدر إلى أن مصر تستقبل أكثر من 15 ألف طالب سوري في الجامعات المصرية، وهؤلاء يدرسون بشكل طبيعي دون مشكلات تُذكر، وأن وجود مشكلات مع 100 طالب فقط يبرهن على أن الأمر فردي وليس سياسة عامة ضد الطلاب السوريين، بخاصة وأن مصر تسوّق لنفسها باعتبارها جاذبة للسياحة التعليمية، واستطاعت أن تجذب ما يقرب من 130 ألف طالب أجنبي للدراسة في الجامعات المختلفة.

وحظرت مصر في يناير 2025 دخول السوريين القادمين من مختلف دول العالم إلى أراضيها، عدا حاملي الإقامة المؤقتة لغير السياحة، قبل أن يعلن القائم بأعمال السفارة المصرية في دمشق، السفير أسامة خضر، إعادة فتح باب منح التأشيرات لفئات محددة من السوريين، تشمل الطلبة السوريين المقيدين في مختلف المراحل التعليمية، بجانب المستثمرين السوريين وأسرهم، وكذلك أزواج وزوجات المواطنين المصريين.

ويشار إلى أنه وفق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فإن عدد السوريين المسجلين في مصر ارتفع بشكل كبير من 12,800 في نهاية 2012 إلى أكثر من 153,000 شخص في نهاية 2023، فيما قدّرت المنظمة الدولية للهجرة عدد السوريين في مصر بنحو مليون ونصف.

أبناء الجاليات السورية والسودانية يواجهون ضغوطات كبيرة

وفيما وجّه وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بمتابعة قضية الطلاب المفصولين، أفادت مصادر طلابية بوجود اجتماع مرتقب لبحث أوضاعهم، مؤكدة أن الخارجية السورية تعمل على حلحلة الملفات المرتبطة بأوضاع الطلاب في الخارج.

من جهتها، شددت وزارة التعليم العالي المصرية على وجود "ضوابط لتعليم الوافدين"، تشمل الحصول على موافقات أمنية وإقامة سارية المفعول، لافتة إلى أن قبول الطلاب يتم مطلع كل عام دراسي وليس في نهايته، موضحة أن من حُرموا من دخول الامتحانات هم من لم يستكملوا الإجراءات أو عادوا إلى سوريا مؤقتاً دون تحديث أوضاعهم القانونية.

وقال مصدر حقوقي على صلة بملف اللاجئين في مصر لـ"عربي بوست" إن الضغوط الأكبر التي يواجهها أبناء الجاليات السورية والسودانية في مصر، وهم يشكلون النسبة الأكبر من أعداد الوافدين للبلاد، تبقى في التعليم قبل الجامعي.

وأضاف المتحدث أن المدارس السورية وصلت إلى صيغة تضمن تدشين مدارس خاصة بهم، لكنهم يجدون صعوبات في الالتحاق بالمدارس الحكومية المصرية، ويعتمدون على المناهج السورية في التعليم، ويضطرون لاستكمال تعليمهم في مصر لصعوبة الالتحاق بجامعات خاصة في دول عربية أخرى، تبقى تكلفتها باهظة أسوة بنظيرتها المصرية.

وأشار إلى أن مصر أصدرت قراراً قبل عشر سنوات بمعاملة السوريين نفس معاملة المصريين في المدارس الحكومية المصرية، لكن في الواقع لا يتم قبول أوراق أغلبهم بسبب وجود تكدّس في المدارس، فيما تبقى أسعار المدارس الخاصة تفوق المراكز التعليمية السورية التي تنتشر في مصر وتعمل حتى الآن بشكل طبيعي.

مشيراً إلى أن الإجراءات المصرية الأخيرة بشأن دخول السوريين إلى مصر، والتشديدات الأمنية في مسألة تجديد الإقامة، تدفع للبحث عن دول أخرى لاستكمال مراحل التعليم، بل وترك الإقامة في مصر بشكل نهائي.

ولفت إلى أن الجهات المانحة الدولية، بما في ذلك مفوضية اللاجئين التي كانت تقدم مساعدات مالية تُوجَّه كبند مصروفات لقبول السوريين وغيرهم من الجاليات في المدارس الخاصة المصرية، توقفت بشكل كامل هذا العام، وهو ما يضع مزيداً من الأعباء. لكن يظل التأثير وتبعاته السلبية أكبر على الجالية السودانية، مع وجود أكثر من 200 ألف طالب سوداني في مراحل التعليم المختلفة.

وقال إن هؤلاء يواجهون مشكلات احتمالات غلق المدارس والمراكز التي تدرّس المنهج السوداني في أي لحظة، كما يواجهون صعوبات في إلحاق أبنائهم بالمدارس الحكومية، واعتمد بعضهم على المساعدات التعليمية التي كانت تقدمها بعض المنظمات التابعة لمفوضية الهجرة قبل أن تتوقف هي الأخرى بسبب مشكلات التمويل.

القاهرة لا يمكن أن تتحمّل بمفردها المشكلات التعليمية للاجئين

وحسب بيانات رسمية، لا تقدم المفوضية أي منح للتعليم الجامعي، لكن في يونيو الماضي أعلنت إطلاق مبادرة تحت عنوان "جسر الأمل" لتمكين اللاجئين من المشاركة مع أكاديمية تعليمية تابعة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، لتوفير فرص المنح الدراسية لهم للحصول على درجة البكالوريوس.

وذكر المصدر الحقوقي المصري ذاته أن القاهرة لا يمكن أن تتحمّل بمفردها مسؤولية المشكلات التعليمية للاجئين، فمن ناحية، هي لا تجد مساندة دولية لها في هذا المجال المهم الذي يضمن ألّا يتحوّل الأطفال إلى أميين، وفي الوقت ذاته تهدف للحد من توافد اللاجئين إليها.

وفي ظل ضغوطات شعبية عديدة ترى أن الأوضاع الاقتصادية الضاغطة لا تتحمل مزيداً من استقبال اللاجئين، خاصة وأن عمليات عودة السودانيين الطوعية إلى بلادهم مستمرة، فيما تسير عودة السوريين بشكل أبطأ رغم سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأصدرت السلطات المصرية تعليمات في 15 ديسمبر الماضي، عُلّقت بمكاتب حكومية ومركز شؤون اللاجئين، بوقف كافة المعاملات التي تجريها الأجهزة المعنية لتقنين أوضاع السوريين باعتبارهم لاجئين أو تجديد الإقامة لأي منهم.

وحوّلت التعليمات 153 ألف سوري لديهم حق الإقامة بصفة لاجئين مسجلين بمركز المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابع للأمم المتحدة بالقاهرة، إلى أشخاص مسلوبي الحقوق، عليهم العودة إلى وطنهم بحجة زوال الخطر عليهم من النظام.

وتسعى الحكومة المصرية إلى ترتيب أوضاع الوافدين واللاجئين في مهلة أخيرة طرحتها تنتهي في سبتمبر المقبل، لضمان وصول الخدمات لهم، لكن المهلة المحددة ألقت بآثارها على فرص التعليم المتاحة، وفق "منصة اللاجئين"، وهي منظمة حقوقية مستقلة، بعد صدور قرارات حكومية بضرورة توفر بطاقة لجوء صالحة وإقامة سارية قبل التسجيل في المدارس الحكومية.

مشكلات ومخاوف بسبب عدم وجود تراخيص رسمية

وقال مصدر مطّلع في الجالية السودانية في مصر إن السلطات المصرية سمحت بعودة عمل المدارس السودانية بعد صدور قرار بإغلاقها العام الماضي، وأن الطلاب السودانيين أكملوا هذا العام دراستهم التي تنتهي بنهاية شهر مايو، وهناك دورة دراسية جديدة سوف تبدأ بعد إجازة عيد الأضحى.

مشيراً إلى أن المشكلة تتمثّل في أنه جرى السماح بعودة هذه المدارس دون الحصول على تراخيص رسمية من وزارة التربية والتعليم المصرية، وأن الموافقات التي حصلت عليها المراكز جاءت من الأحياء أو الإدارات التعليمية، ومن المفترض التوجّه بعد ذلك للوزارة المركزية لكي يكون عملها قانونياً، إلى جانب موافقة السفارة السودانية، غير أن ذلك لم يحدث، وهو ما يثير مخاوف من إمكانية معاودة غلقها مرة أخرى من السلطات المصرية.

وأوضح المصدر ذاته أن وزير الخارجية السوداني السابق، يوسف الشريف، كان قد تقدّم بطلب إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لإعادة افتتاح المدارس لمدة عام واحد كمهلة لحين تقنين أوضاعها أو عودة السودانيين مرة أخرى إلى بلادهم عقب انتهاء الحرب.

لكن ما يحدث أن الحرب تأخذ مسارات تصعيدية، في حين أن الإجراءات لم تُستكمل، وهناك مخاوف من شن حملات أمنية جديدة عليها، لافتاً إلى أن ما يرجوه السودانيون هو أن تتوقف الحرب ويعودوا إلى بلادهم مرة أخرى.

وأكد أن السودانيين يعانون بعض الصعوبات مع عمل المراكز والمدارس التي تدرّس المنهج السوداني، إذ إنها باهظة التكاليف، خاصة وأن بعض رجال الأعمال السودانيين يقومون باستئجار بنايات تعليمية مصرية لتدريس هذه المناهج بها.

وتتراوح المصروفات في العام الواحد من 15 ألف جنيه إلى 30 ألف جنيه، فيما تتراوح قيمة الدراسة في المراكز التي تكون في شقق سكنية من 3 آلاف جنيه إلى 5 آلاف جنيه، وهناك صعوبات في إلحاق الطلاب بالمدارس المجتمعية التي تموّلها جمعيات أهلية بسبب قلة عددها وزيادة الملتحقين بها مع زيادة الإقبال عليها.

ولفت إلى أن هناك ما يقرب من 200 ألف طالب سوداني في مراحل التعليم المختلفة بمصر، ويمكن القول إن هناك ما يقرب من مثل هذا العدد لم يلتحقوا بالدراسة من الأساس بسبب عدم توفّر القدرة المالية من جانب المواطنين، في ظل توقّف جميع أشكال الدعم التي كانت تقدمها مفوضية اللاجئين والمنظمات التابعة لها، وبالتالي فإن كثيراً من الأسر اختارت الرجوع إلى السودان تحت نيران الحرب بحثاً عن فرصة تعليمية لأبنائهم، مع عودة عمل المدارس في بعض الولايات الآمنة.

تحميل المزيد