العلاقات المتنامية بين إسرائيل وإثيوبيا.. بين الصفقات العسكرية والنفوذ الاستخباري والعين على مصر

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/10 الساعة 20:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/10 الساعة 20:48 بتوقيت غرينتش
نتنياهو وآبي أحمد في لقاء سابق

بدا لافتاً في ذروة انشغال الدبلوماسية الاسرائيلية في ملاحقة تبعات العدوان على غزة، والتطورات في سوريا، والحراك الحاصل مع إيران، أن يجد وزير خارجيتها غدعون ساعر مزيدا من الوقت لزيارة إثيوبيا.

وهذه الزيارة تؤكد أهمية ما ناقشه وزير الاحتلال، ويفسح المجال للتكهّن بما ناقشه مع نظرائه، لاسيما في يتعلق ببحث مستقبل الهجمات الحوثية على اسرائيل، حيث تطلّ أثيوبيا على البحر الأحمر، وحجم التورط الإسرائيلي في التوتر المتصاعد بين حين وآخر بين القاهرة وأديس أبابا بشأن سدّ النهضة.

زيارات دورية متبادلة وتحالفات سياسية

تعتبر أثيوبيا من وجهة النظر الاسرائيلية دولة محورية مهمة، نظرًا لموقعها في منطقة القرن الأفريقي، ومُحاطة بدول عربية وإسلامية، ولذلك احتلّت في تخطيطها الاستراتيجي مكانة مرموقة، وتعزّز ذلك بالزيارات الدورية إليها، العلنية والسرّية.

ولم تكن زيارة ساعر الأخيرة هي الأولى من نوعها، حيث التقى برئيس حكومتها آبي أحمد علي ونظيره غدعون تيموثي، الذي زار إسرائيل في مارس، فقد زارها في 2012 رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو أول رئيس حكومة يزورها منذ ثلاثين عامًا.

وفي 2017 ردّ آبي أحمد بزيارة إسرائيل، وفي 2018 زار الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين أديس أبابا، وفي 2019 عاد آبي أحمد من جديد لزيارة إسرائيل، وقبلهما زارها أفيغدور ليبرمان وسيلفان شالوم وزيرا الخارجية السابقان، وفي جميع هذه الزيارات يتناقش الجانبان في تعزيز العلاقات الشاملة والاستراتيجية، وتوقيع اتفاقيات عديدة في جميع المجالات. 

وتعود العلاقات التاريخية بين إسرائيل وأثيوبيا لمرحلة ما قبل قيام الدولة، وتحديداً في عام 1921، حيث زار فلسطين المحتلة وفد إثيوبي، والتقى بالحاخامات اليهود، وقادة الحركة الصهيونية الذين أقاموا في سنوات لاحقة، لاسيما ديفيد بن غوريون وموشيه شاريت وغولدا مائير، علاقات وثيقة مع نظرائهم في أثيوبيا، باعتبارها "الساحة الخلفية" لإسرائيل، وبعد قيامها أنشأت "حلف الأطراف"، مع أثيوبيا وتركيا وإيران، لمواجهة المدّ القومي العربي خلال الخمسينات والستينات والسبعينات. 

وتعتبر بعض الأدبيات الاسرائيلية أثيوبيا جزءًا من "محيط الشرق الأوسط"، وقاعدةً محتملةً مؤيدةً لإسرائيل على شواطئ البحر الأحمر، مما جعلها أهم الدول الأفريقية في نظرها، ولذلك استثمرت فيها أكثر من أي دولة أخرى، وسعت لتسهيل هجرات اليهود الأثيوبيين لإسرائيل عبر عمليات سرّية أشرف عليها جهاز الموساد أواسط الثمانينات، رغم ما يواجهونه من ممارسات عنصرية ضدهم.

تأتي زيارة ساعر ولقاءاته بالمسؤولين الأثيوبيين باعتبارها أحد الأهداف الاستراتيجية لعام 2025، زاعما أن إثيوبيا لها دور محوري في تحقيق هذه الاستراتيجية، فيما لم تتردّد أثيوبيا في الإعلان أنها ودول شرق إفريقيا تدعم عودة إسرائيل كدولة مراقبة للاتحاد الإفريقي، الذي طُردت منه عام 2002 تحت ضغط فلسطيني، بل إنها لم تتردد بالاعتراف أن أثيوبيا لعبت دورًا محوريًا في سياسة نتنياهو بالعودة لأفريقيا خلال السنوات الأخيرة. 

وقد سبق لإسرائيل أن دعمت انتخاب وزير الخارجية الإثيوبي السابق تيدروس أدهانوم لرئاسة منظمة الصحة العالمية، مقابل دعمها في مؤسسات الأمم المتحدة في ظل الانتكاسات الدبلوماسية المتزايدة لها، وصدور المزيد من القرارات الدولية ضدها، وما سبّبته الحرب الدموية الجارية في غزة من عزلة دولية لها غير مسبوقة.

شبكة المصالح الحيوية والاستراتيجية 

من وجهة نظر إسرائيل، يُلبي تعزيز العلاقات مع أثيوبيا عددًا من مصالحها الحيوية الاستراتيجية:

اقتصادياً من خلال زيادة الصادرات العامة، وتأمين ممرات الشحن من خلال البحر الأحمر.

عسكرياً عبر تعزيز مبيعات الأسلحة، وتدريب قواتها المسلحة، وإمدادها بالخبرات القتالية.

أمنياً بالحصول على موطئ قدم إضافي حول البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والحد من نفوذ إيران المتزايد في القارة الأفريقية، التي ساعدت إثيوبيا في حربها ضد إقليم تيغراي، مما أدى لتحسين قدرات جيشه بشكل كبير.

سياسياً من خلال الحصول على دعمها التصويتي في مؤسسات الأمم المتحدة، وسحبها وجاراتها من دائرة دعم القضية الفلسطينية إلى الانحياز لإسرائيل، وتقويض جهود الفلسطينيين في المحافل الدولية.

استراتيجياً: من خلال حالة التماهي والانسجام في أصدقائها وأعدائها، وتركيز الأنظار نحو الجماعات الإسلامية كعدو مشترك، بل إن إسرائيل حاولت توحيد كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان وتنزانيا كتحالف ضد هذه الجماعات بزعم أنها تُهدّدهم بشكل مباشر.

الصفقات الاقتصادية والمكاسب التجارية

في زيارته الأخيرة، رافق ساعر وفدٌ تجاريٌّ رفيع المستوى، يضمّ عشرات الممثلين عن شركاتٍ إسرائيليةٍ من مختلف المجالات، والتقى الوفد بنظرائه الإثيوبيين لتعزيز التعاون والتجارة المتبادلة، وشهدت الزيارة انعقاد المنتدى الاقتصادي المشترك الأول بمشاركة عشرات من رجال أعمال الجانبين.

 كما سبق للمئات من رجال الأعمال الإسرائيليين أن وجدوا مواطئ قدم لهم في إثيوبيا في ظل ما يصفونها بـ"الطفرة الاقتصادية" التي تشهدها، واستثمروا في البنية التحتية للطاقة، والمشاريع الصحية، حتى أن معهد التصدير الإسرائيلي وصف إثيوبيا بأنها "سرّ أفريقيا الخفي"، بسبب ما تُتيحه من فرص للأعمال، فيما صنّفها رئيس اتحاد المصنّعين الإسرائيلي شراغا بروش، بـ"بوابة اقتصادية جديدة لأفريقيا".

وتُعوّل إسرائيل كثيراً على الاستفادة من الاستثمار في الاقتصاد الإثيوبي، في مجالات: الزراعة والصحة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والابتكار، كونه يمثل فرصة استثمارية واعدة، في ضوء حجم الدولة الكبير: مساحة وسكاناً، إضافة لموقعها المركزي في القارة، حتى باتت واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، بسوق يبلغ عدد سكانه 120 مليون نسمة، وهي عضو في السوق المشتركة للجنوب الأفريقي، مما يتيح لإسرائيل الوصول لأسواق تضمّ 350 مليون نسمة.

وترصد إسرائيل توافد المزيد من الدول المنافسة لها إلى إثيوبيا، لاسيما تركيا وإيران، بجانب الصين والهند والولايات المتحدة وألمانيا، ولأن 80% من الإثيوبيين يكسبون عيشهم من الزراعة، فإن التكنولوجيا الإسرائيلية قادرة على تحسين إنتاجية أراضيهم الزراعية.

ووقّع وزير الطاقة إيلي كوهين على اتفاقية لتعزيز التعاون مع إثيوبيا في مجالات الطاقة والمياه والابتكار، حيث تعتبر غنية بموارد المياه، ولا يُستغل منها سوى نسبة ضئيلة، فيما إسرائيل من الدول التي لديها أقل نسبة فقدان للمياه في العالم، وبالتالي ستتمكّن من مساعدتها عبر الابتكار والتكنولوجيا، في تطوير البنية التحتية للمياه.

لكن كوهين لم يتردد في الكشف بأنه "بجانب المكاسب الاقتصادية التي ستحققها الاتفاقية، لكن الأهم فيها أنها ستُعمّق علاقات إسرائيل في أفريقيا"، عقب تدهورها في الشهور الأخيرة بفعل جريمة الإبادة في غزة.

تُعدّ إسرائيل شريكًا مثاليًا لأثيوبيا للتعاون التجاري، بفعل القرب الثقافي، والروابط التاريخية، وبالنسبة للشركات الإسرائيلية، يُمثّل الوقت الحالي فرصة سانحة للعمل في سوقٍ يشهد نموًا حادًا في الاستهلاك، وانفتاحًا على التكنولوجيا الأجنبية، ودعمًا حكوميًا للاستثمارات، والتقدير الإسرائيلي أن توسيع التعاون الثنائي سيشمل مجالات رئيسية مثل الزراعة، وإدارة المياه، والصحة، والأمن، والتكنولوجيا، والتعليم.

سد النهضة ومصر في عين العاصفة

يحوز الصراع على سدّ النهضة بين مصر وإثيوبيا على أهمية استراتيجية لإسرائيل، فالأولى الدولة العربية الأكثر سكانًا، وأول دولة توقع معاهدة سلام معها، وبصفتها جارتها الجنوبية، فهي تشترك معها في مجموعة من المصالح المشتركة: الأمنية والسياسية والاقتصادية، أما الثانية فدولة محورية في الساحة الأفريقية، خاصة في منطقة القرن الأفريقي قرب البحر الأحمر، وتشهد عمليات تنمية متسارعة، ومن هنا تأتي أهميتها لإسرائيل، التي تسعى جاهدة لتوسيع علاقاتها السياسية والاقتصادية في القارة.

وصحيح أن إسرائيل تسعى للحفاظ على علاقات وثيقة مع البلدين، وربما اتخذت قرارًا بتجنّب التورط في أزمة سد النهضة، من خلال موقف محايد يتمحور حول دعم حلٍّ يعود بالنفع عليهما، ورغم أن مصر طلبت منها في 2018 استخدام نفوذها في إثيوبيا بشأن هذه القضية لصالحها.

لكن مصر ذاتها شهدت ضجّة كبيرة في 2019، عقب توارد تقارير متلاحقة حول إنشاء إسرائيل لنظام دفاع جوي حول السدّ، وبعد الغضب المصري، اضطرت السفارة الإسرائيلية في القاهرة لإصدار نفي، دون التأكد من مدى صحته، مما يعيد للأذهان تهديد وزير الخارجية والأمن الإسرائيلي الأسبق أفيغدور ليبرمان بقصف السدّ قبل ربع قرن من الزمن.

ورغم الانحياز الإسرائيلي الظاهري لأثيوبيا على حساب مصر، التي تشهد علاقاتها معها تراجعاً ملحوظًا منذ اندلاع العدوان الدموي على غزة، والخشية من مخطّط إسرائيلي لتهجير مئات آلاف الفلسطينيين لسيناء، وإمكانية محاصرتها جنوبًا عبر إثيوبيا وجنوب السودان، لكن الأوساط السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية لا تُخفي عدم رغبتها بالتورط في النزاع الإثيوبي المصري حول سدّ النهضة، للعديد من الأسباب، أهمها:

هذا صراع حساس ومعقد، حيث تقدم دولتان "صديقتان" لإسرائيل حججًا قوية، وليس لديها أي مصلحة في اختيار جانب منحاز فيه؛ فرص نجاح الوساطة الإسرائيلية بين الدولتين ضئيلة، ولا تتمتع بأي ميزة نسبية مقارنة بالدول أو الهيئات الدولية الأخرى التي حاولت التوسط بينهما، لكنها فشلت.

قدرة إسرائيل على تقديم حلول عملية لأزمة المياه التي تكمن وراء الأزمة محدودة، نظراً للتحفظات المصرية، وشدّة التحدي الناجم عن ندرة الموارد المائية في المنطقة، والنمو الديموغرافي، وتفاقم تغير المناخ، وصعوبة جمع رأس المال اللازم لحلول تحلية المياه بالحجم المطلوب.

 يتماشى موقف إسرائيل المحايد من قضية السدّ مع تفضيلها عدم قبول قرار في النزاع القانوني ذي الصبغة الدينية والتاريخية بين الكنيسة القبطية المصرية والكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية حول السيطرة على دير السلطان في البلدة القديمة بالقدس المحتلة. أي تورط إسرائيلي "علني" في الصراع ينطوي على مخاطر الإضرار بصورتها في مصر، المتهمة غالباً بمؤامرات ومكائد ضدها.

إذا توصل البلدان في نهاية المطاف لصيغة تسوية متفق عليها، فإن إسرائيل تُفكّر بإيجابية بالانضمام للتعاون الإقليمي الذي تسعى مصر لتحقيقه في حوض النيل.

 تخشى إسرائيل في حال اتخذت موقفًا مؤيدًا، علانية، لأثيوبيا، أن تخسر علاقاتها مع مصر في قطاع الطاقة، ضمن إطار منتدى غاز شرق المتوسط الإقليمي (EMGF).

تحشيد الضغوط الإثيوبية والأفريقية ضد الحوثيين

لم يُفوّت ساعر لقاءه مع نظيره الإثيوبي الذي زار تل أبيب في مارس، ولا خلال اجتماعه معه في أديس أبابا قبل أيام، دون التحريض على ما وصفه "الإرهاب الإسلامي"، محاولًا ربط تهديد جماعة الحوثيين على إسرائيل، وحركة الشباب ضد إثيوبيا، في محاولة مكشوفة لاعتبارهما تهديدًا مشتركًا للجانبين. فالأولى تهدد الأجواء والموانئ الإسرائيلية، والثانية تستهدف استقرار القرن الأفريقي، على حدّ الزعم الإسرائيلي، والاثنتان معًا تتعاونان سويا، وتحصلان على دعم من إيران.

وزعم أن "الحوثيين أطلقوا مئات الصواريخ والمُسيّرات على الإسرائيليين منذ السابع من أكتوبر 2023، مما أدى لتعطيل طرق التجارة الدولية، ويهدّدون الآن بمنع السفن الإسرائيلية من المرور عبر البحر الأحمر، ويشكّلون تهديدًا لإسرائيل وأفريقيا معًا، إننا نشهد صعودًا إسلاميًا متطرفًا في مناطقنا المشتركة: حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والجهاديون في سوريا، وحركة الشباب في أفريقيا، يجب القضاء عليهم".

الهدف المشترك بعدم تحويل البحر الأحمر إلى "بحر عربي"!

تُعدّ إسرائيل واحدة من أهم الموردين العسكريين لإثيوبيا، ولم يُخفِا مخططهما منذ سنوات طويلة لمنع حدوث وضع يصبح فيه البحر الأحمر بحرًا "عربيًا"، وبالتالي كان التطلع الإسرائيلي، وما زال، هو الحدّ من النفوذ العربي في هذه المنطقة من العالم. وهنا يمكن استحضار عمليات القصف الإسرائيلية للعديد من قوافل الأسلحة الإيرانية المتجهة من أفريقيا وتشق طريقها عبر السودان وصولًا لقطاع غزة، ومن الصعب تخيّل نجاح هذه العمليات دون تعاون أمنى استخباري من إثيوبيا التي تتمتع بقرب جغرافي من البحر الأحمر.

كما تتشارك إسرائيل مع إثيوبيا في مساعيها للوصول للبحر الأحمر، فهي الدولة الأكثر سكانًا في تلك المنطقة، لكنها لا تملك منفذًا بحريًا، وسعت طوال السنوات الماضية للوصول إليه، مما يخدم أهدافهما معًا بالسيطرة على المنافذ البحرية، وعدم تركها مجالًا للنفوذ الاستراتيجي الإيراني.

 وهنا تبرز العلاقات الإسرائيلية المتنامية مع "أرض الصومال" التي شهدت في الآونة الأخيرة دفئًا متصاعدًا، مع أننا أمام دولة لم تحظَ بعد باعتراف العالم، لكن المفارقة أنها الوحيدة التي قد تربط إثيوبيا، إحدى أكبر دول أفريقيا، بالبحر الأحمر، وهو مصلحة مشتركة لتل أبيب وأديس أبابا.

وقد مثّلت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين إثيوبيا وأرض الصومال أوائل 2024، تغييرًا جوهريًا في الجغرافيا السياسية لمنطقة القرن الأفريقي وخليج عدن والبحر الأحمر، لا يُستبعد أن تكون إسرائيل جزءًا أساسيًا فيه، مباشرة أو عبر بعض وكلائها في المنطقة، حتى أنها لم تُخفِ ترحيبها بهذه الاتفاقية لأنها تؤسس لمزيد من تعاونها الأمني مع إثيوبيا، سواء لمواجهة الحوثيين في المدى القريب من جهة، ومن جهة أخرى، وهنا الأهم، سيسمح لها بإحداث تغيير إيجابي في التوازن الاستراتيجي في المنطقة على المدى البعيد لصالحها.

في الوقت ذاته، تسعى إسرائيل من توثيق علاقاتها مع إثيوبيا، التي تحوز على تأثير كبير على عدد لا بأس به من دول القارة لإبعاد جهات معادية لها تسعى لبسط نفوذها فيها، لاسيما إيران وقطر والمنظمات الجهادية، مما سيترك آثاره الإيجابية على صعيد الأمن الإسرائيلي.

صفقات الأسلحة والتنسيق الأمني

أعلن جهاز المخابرات والأمن الوطني الإثيوبي عن توقيع اتفاقية ثنائية مع إسرائيل للتعاون الأمني الاستخباري، بما فيها "مكافحة الإرهاب" وتبادل المعلومات، خاصة في منطقة القرن الأفريقي، فيما تسعى الصناعات العسكرية الإسرائيلية لوضع إثيوبيا ضمن دائرة اهتماماتها لتوريد الأسلحة إليها، لاسيما وأنها تسعى لتحقيق نوع من التوازن أمام مصر التي تخوض معها بعض التوترات من حين لآخر حول سدّ النهضة، في ظل تأخرها كثيرًا عنها في موازين القوى العسكرية، مما قد يجعلها تجد ضالتها في إسرائيل.

وترصد الأوساط العسكرية الإسرائيلية البون الشاسع في قوات الدولتين المُهمّتين لها، مما يمنح مصر ميزة واضحة على إثيوبيا من حيث قدرتها على ممارسة القوة العسكرية.

 وبجانب العلاقات التجارية والاقتصادية بين تل أبيب وأديس أبابا، فإن الملف الأمني والعسكري يحوز على وزن كبير في تعزيزها، بل إنها تبدو العنصر المهيمن في بنائها، وإن لم تأخذ البعد العلني لعدم إثارة حساسيات بعض دول المنطقة التي لا ترتبط مع إثيوبيا بعلاقات حسن جوار.

وتتحدث العديد من المراجع الإسرائيلية عن صفقات أسلحة للعديد من الدول الأفريقية، ومنها إثيوبيا، وتتركز في الأسلحة الصغيرة مثل البنادق والرشاشات، أنظمة المدفعية، مدافع الهاون، أنظمة المراقبة، أجهزة الأمن، تدريب القوات، مما دفع منظمات حقوق الإنسان لاتهام إسرائيل بالتورط في دعم الأنظمة القمعية في أفريقيا التي تضطهد معارضيها، وترتكب جرائم حرب ضد الأقليات العرقية فيها بأسلحة إسرائيلية. 

وتُعدّ إسرائيل من أهم موردي الأسلحة لإثيوبيا، ودعمتها خلال حروبها العديدة في القارة، وترتبط بعلاقات وثيقة مع معظم جاراتها مثل إريتريا وجنوب السودان وكينيا، وقامت بتشغيل قاعدة بحرية ومحطة استخبارات في بعضها لأغراض التنصت على دول المنطقة، كجزء من جهد لإحباط تهريب الأسلحة من إيران إلى قوى المقاومة في المنطقة المعادية لإسرائيل، كما أنها تقوم بتسويق نفسها أمام إثيوبيا وغيرها من الدول الأفريقية باعتبارها المحطة الإجبارية للتقرّب من الولايات المتحدة.

تحميل المزيد