بالتزامن مع الاعتداءات التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي في مناطق مختلفة من الضفة الغربية المحتلة، بدأت جهات سياسية وأمنية إسرائيلية تناقش فكرة تحويل مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة إلى أقاليم، ومن أبرز الخطط التي يتم مناقشتها داخل إسرائيل خطة "الإمارات الفلسطينية السبع".
وتقوم هذه الخطة، التي تقترحها جهات سياسية إسرائيلية، على تفكيك الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، حيث يتم منح كل مدينة فلسطينية صلاحيات خاصة بها، على أن يبدأ تنفيذ هذا التوجه بتجربة مدينة الخليل، عبر تشكيل قيادة محلية تتولى إدارتها.
وحسب تقارير إسرائيلية، فإن هذه الخطة الإسرائيلية بشأن مستقبل الضفة الغربية المحتلة جرى بحثها مع مسؤولين إماراتيين، خلال زيارة رئيس مجلس مستوطنات الضفة يسرائيل غانتس أخيراً إلى أبوظبي، واستقباله من علي راشد النعيمي، رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي.
من خلال هذا التقرير، سنتطرق إلى تفاصيل هذه الخطة الإسرائيلية، ودلالاتها السياسية والأمنية، وموقف واشنطن منها، وهل تتزامن مع الضغط الحاصل في الضفة لإخلاء الفلسطينيين منها، وما هو دور الإمارات، ومدى التوجه الإسرائيلي لمحاكاة نظامها السياسي والإداري في الضفة الغربية تحت مسمى "الإمارات الفلسطينية السبع".
خطة "الإمارات الفلسطينية السبع"
ليست هذه المرة الأولى التي تناقش فيها المحافل السياسية والأمنية الإسرائيلية مثل هذه الخطة، وإن أخذت سابقاً أشكالاً ومسميات أخرى عديدة، وعلى رأسها "الإمارات الفلسطينية السبع"، التي بدأ بتسويقها قبل سنوات أبرز المستشرقين الإسرائيليين البروفيسور مردخاي كيدار، بزعم أنها تمثل أساساً لحلّ الصراع مع الفلسطينيين.
وتتمثل النقاط الرئيسية لخطة "الإمارات الفلسطينية السبع" بإنشاء سبع "إمارات، مدن، أقاليم" موزعة على المحافظات الفلسطينية. مع العلم أن كيدار، المحاضر في قسم اللغة العربية، والباحث في مركز بيغن-السادات بجامعة بار إيلان، مقرّب من دوائر اليمين الحاكم في إسرائيل، ومعروف بمواقفه العنصرية ضد العرب، وسبق أن دعا إلى اغتصاب أمهات وأخوات منفذي عمليات المقاومة.
كما تسعى الخطة الإسرائيلية إلى ضمّ المناطق الريفية لإسرائيل وفق التقسيم الذي اعتمده اتفاق أوسلو منذ ثلاثين عاماً للضفة الغربية بين مناطق: "أ"، التي تمنح السلطة الفلسطينية سيطرة أمنية ومدنية عليها، و**"ب"**، التي تحوز فيها السلطة على سيطرة مدنية.

فيما تبقى السيطرة الأمنية على الضفة الغربية بيد الاحتلال الإسرائيلي، على أن تسيطر الأخيرة مدنياً وأمنياً على المنطقة "ج" برمّتها، وتهدف بصورتها النهائية إلى إنشاء حكومة تعتمد على بُنية المجتمع الفلسطيني من النواحي العشائرية والحمائلية.
اللافت أن زعماء المستوطنين الذين زاروا الإمارات مؤخراً، وبحثوا معها هذه الخطة، وصفوا الفترة الحالية بأنها "ذات إمكانات تاريخية لا ينبغي تفويتها"، لاسيما وأنها أول زيارة لقادة المستوطنين لدولة عربية إسلامية، وبعد أن كانت مثل هذه المحادثة المصورة بين غانتس والنعيمي مجرد مشهد خيالي.
لكنها الآن جزء من تحرك أوسع نطاقاً من جانب المستوطنين، على طريقة أن يصبحوا ذوي أهمية في العالم العربي، لاسيما وأنه تمت دعوتهم لمأدبة إفطار رمضانية في المقر الرسمي للنعيمي، وصرح غانتس بأن "النظام العالمي الجديد يتطلب تحالفات جديدة، وأفكارًا خارج الصندوق"، ومنها هذه الخطة الجديدة التي تشكل بديلاً لحل الدولتين.
مع العلم أن مثل خطة "الإمارات الفلسطينية السبع" الإسرائيلية تحمل العديد من الدلالات الهامة، أبرزها:
- تشكل خطوة أخرى على الطريق نحو فرض الضمّ على الضفة الغربية.
- تطبيع الاستيطان في الضفة الغربية، وتوسيع نطاقه الجغرافي.
- عدم تضمّن الخطة توقيع أي اتفاقيات سلام مستقبلية.
تفكيك وحلّ السلطة الفلسطينية
تعتمد هذه الخطة الإسرائيلية، التي طرحتها "حركة الأمنيين الإسرائيليين"، نموذجاً مشابهاً لها، وهي التي تضمّ مئات الجنرالات والضباط من الجيش والمخابرات. وتعتمد الخطة على متغيّر أساسي لابد أن يجد طريقه للتنفيذ، وهو تفكيك وإزالة السلطة الفلسطينية، بزعم أنها تواجه مشكلة خطيرة، وصورتها لا تتعدى كونها مجموعة فاسدة لا تعمل لصالح الفلسطينيين، بل تجعل مصلحتهم على الهامش.
وهنا تلتقي مصالح قادة المستوطنين والإماراتيين، الذين يسعون معاً لمنح كل مدينة فلسطينية حقوقاً حسب منطقتها، كي تتمكن من إدارة شؤونها بشكل مستقل، على أن تبدأ تجربة هذه الخطة في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، من خلال تشكيل قيادة محلية تتولى زمام الأمور فيها.
ويطرح الإسرائيليون ملاحظة تبدو غائبة عن الكثيرين ممن هم خارج الأراضي الفلسطينية، وهي أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لم يزر مدينة الخليل منذ سنوات، وربما يخشى التجوّل فيها، لأنه بنظر أهلها غير شرعي، كما أنه ليس ابن الحمولة هناك، ولذا فهو غير مرحب به.
كما تتسم المدينة بانتشار البعد العشائري فيها بقوة، فضلاً عن اعتبارها أحد معاقل حماس المركزية في الضفة الغربية، مما يستدعي من إسرائيل فتح المجال أمام شيوخ العشائر المحليين للاستيلاء على النظام، وتولي المسؤولية بدلاً من السلطة.
أكثر من ذلك، فإن خطة "الإمارات الفلسطينية السبع" الإسرائيلية تحمل دلالات بعيدة المدى، ربما تتجاوز الفلسطينيين أصلاً، وتعتمد على تعميم قناعة إسرائيلية مفادها إزالة افتراض أن التطبيع مع السعودية، أو توطيد العلاقات مع الإمارات، ينطوي على إخلاء المستوطنات.

إضافة إلى الجهود التي يبذلها المستوطنون مع المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين والأمريكيين لتشكيل واقع جديد في الضفة الغربية، لاسيما وأن غانتس يرتبط بعلاقات وثيقة مع وزير المالية المتطرف بيتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب الصهيونية الدينية، الساعي إلى فرض الضمّ على الضفة الغربية، وتعزيز الاستيطان فيها، والاستيلاء على مزيد من أراضي الفلسطينيين.
وبالطبع، تقضي الخطة أيضاً بوقف التحركات لإقامة الدولة الفلسطينية، من خلال فرض مزيد من الوقائع على الأرض تعتمد بالدرجة الأولى تفتيت الضفة الغربية، للحيلولة دون تواصلها جغرافياً عبر تكثيف الاستيطان، وهنا تأتي فكرة الإمارات الفلسطينية السبع.
لا يتردد الإسرائيليون في وصف خطة "الإمارات الفلسطينية السبع"، التي باتت تجد طريقها إلى دوائر صنع القرار في تل أبيب وواشنطن وأبوظبي، بأنها "أكثر معقولية"، باعتبارها بديلاً عن إقامة كيان فلسطيني واحد، وتشمل تكوين نواة سيطرة من العشائر المحلية في كل إمارة، وفقاً للتقاليد العربية الفلسطينية، بحيث تحرص كل منها على أمنها وأمن الاحتلال.
وتنضوي هذه "الإمارات الفلسطينية السبع" في مجلس مشترك ينسّق القرارات بينها، على أن تسعى لتحقيق الهدف الإسرائيلي المتمثل باستبدال العنصر الوطني لدى الفلسطينيين، بنسق عائلي وولاء قبلي عشائري.
الولاء القبلي على حساب الانتماء الوطني
لم تكن خطة المستوطنين لمستقبل الضفة الغربية، التي ناقشوها في أبوظبي، هي الوحيدة من بين بازار المخططات الإسرائيلية الساعية لإيجاد بدائل عن الدولة الفلسطينية، حيث دعا معهد القدس للاستراتيجية والأمن إلى التفكير في بدائل من شأنها تغيير الواقع القائم في الضفة الغربية في مرحلة ما بعد الحرب على غزة.
وعلى رأس تلك البدائل، إقامة حكومة فلسطينية مدنية – تكنوقراط، تتناسب مع الدعوات الأمريكية والإسرائيلية لإنشاء "سلطة فلسطينية متجددة"، مما يتطلب تقسيم الضفة الغربية إلى عدة مناطق تحكمها إدارات مدنية منفصلة ضمن حكومة التكنوقراط.
على أن تحتفظ إسرائيل بالمسؤولية الأمنية الكاملة، وحرية العمل العسكري فيها، وتفكيك أجهزة الأمن الفلسطينية، والإبقاء على وحدات فرض النظام والقانون منها. مع العلم أن الوقائع القائمة في الضفة الغربية تشير إلى أن سلطات الاحتلال أسّست فعلياً بنية تحتية للتقسيمات الإدارية بالضفة.
بحيث يمكن للاحتلال فصل كل منها عن الأخرى في أيّ وقت، بغض النظر إن كان ذلك خطة سياسية قريبة أو على المدى البعيد، لاسيما بعد أن تحوّل دور السلطة الفلسطينية إلى خدماتي فقط، وتم تجريدها من أي دور سياسي أو وطني.
كما أن اتساع المستوطنات يعني إحكام محاصرة التجمعات الفلسطينية، وتحويلها إلى جزر صغيرة مثل الكانتونات المتناثرة غير المتصلة، تحت السيطرة الأمنية والعسكرية والاستيطانية والطرق الالتفافية، كمقدمة لمشروع التقسيم الإداري والجغرافي، بحيث تصبح إدارة كل منطقة فلسطينية شأناً داخلياً تحت إشراف إسرائيلي كامل، ويكون التنقل بينها بحاجة إلى موافقة إسرائيلية.
وبالتزامن مع طرح خطة "الإمارات الفلسطينية السبع" الإسرائيلية الخاصة بمستقبل الضفة الغربية، شكّل الكنيست لأول مرة في تاريخه لجنة لإدارة الضفة من الحاكم العسكري، باعتبارها أرضاً محتلة، يرأسها عضو الكنيست تسفي سوكوت.
فيما شهدت السنوات الماضية محاولات سابقة لاستحداث تشكيلات إدارية، بينها تنصيب مخاتير وكبار العشائر وروابط بهدف إيجاد جسم فلسطيني تابع للإدارة المدنية دون مستقبل سياسي، مما يعني أن تقسيم الضفة إلى مناطق إدارية يبدو حاضراً بقوة على الأجندة الإسرائيلية، بغض النظر عما إذا كانت الخطة قيد التنفيذ، أو مرتبطة ببرنامج عمل مستقبلي.
مع العلم أن خطة الحسم، التي نشرها سموتريتش في 2017، تعتمد على تقسيم الضفة إلى ولايات إدارية، لكل ولاية سلطة مستقلة وقيادة مختلفة عن الأخرى، وتشكيل إداري مرتبط مباشرة مع إسرائيل، تحكم كل منها تركيبة عشائرية في ظل حكومة تكنوقراط متوافقة مع إسرائيل، لها أجهزة أمنية ونظام اقتصادي وسلطة تفوق سلطة البلدية دون بُعد سياسي، وتدير شؤون التعليم والصحة والاقتصاد والعمالة.
كانتونات تربط بينها أنفاق أرضية
أما مركز أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، فقد قدم أوراق عمل عن مستقبل الفلسطينيين بين النهر والبحر، تضمنت تقسيم الضفة إلى تسع مناطق إدارية، هي المدن الكبرى وقراها، وإسرائيل تفصلها عملياً عن بعضها، بعد أن أعدّت لها البنية التحتية، ومنها نظام الحواجز والبوابات والتقسيمات والعزل.
وبإمكان هذه الحواجز عملياً فصل كل منطقة إدارية عن الأخرى، على أن تقيم الإدارة المدنية الإسرائيلية، التابعة لوزارة الحرب، علاقات مع أشخاص وأفراد وجماعات فلسطينية في كل منطقة إدارية على حدة، بحيث تكون جاهزة للحكم عندما يُطلب منها.
في الوقت ذاته، وبالتزامن مع العدّ التنازلي الذي بدأه المستوطنون مع شروع الرئيس دونالد ترامب في ولايته الثانية لتنفيذ عملية ضم المستوطنات في الضفة، بدأت الدوائر الإسرائيلية في بحث خيار "دولة الأقاليم".
وبموجبها، سيتم تقسيم الضفة إلى أربعة أقاليم، وهي:
إقليم الشمال، المرتبط جغرافياً بحدود عام 1967، ويتكون من مدن جنين، ونابلس، وطولكرم، وسلفيت، والقرى التابعة لها، ويفصله عن إقليم الوسط كتلة استيطانية كبيرة تسمى بؤرة "أريئيل"، وتضم مستوطنات "بركان، وياخير، وشيلو، ومعاليه إفراييم".
إقليم الوسط، ويبدأ من شمال القدس حتى شمال الخليل، بما فيها بيت لحم، وفي نهايته سلسلة مستوطنات غوش عتصيون.
إقليم الجنوب، ويمتد من جنوب غوش عتصيون حتى نهاية حدود الضفة الغربية من أقصى الجنوب، وتحيط به سلسلة مستوطنات على حدود 1967.
أقاليم معزولة وأنفاق تربطها ببعضها
كل هذه الأقاليم أقرب ما تكون إلى كانتونات فلسطينية غير مترابطة جغرافياً، نظراً لوجود مستوطنات معزولة تتخلل الإقليم الواحد، وتجعله ممزقاً، مما يتيح لإسرائيل التحكم في كل إقليم على حدة، والوصول لأيّ مكان فيه بسهولة.
ومن المتوقع أن تربط إسرائيل هذه الأقاليم ببعضها عبر 16 نفقاً كطرق مواصلات، موزعة كما يلي:
- اثنان جنوب بيت لحم
- ثلاثة في الخليل
- اثنان في القدس
- اثنان في الأغوار
- ستة وسط الضفة الغربية
مجتمع قبلي بدلاً من وطني
تنطلق خطة "الإمارات الفلسطينية السبع" من افتراض أساسي يقوم على أن المجتمع الفلسطيني قبلي، حيث يكون الانتماء والولاء للقبيلة والعشيرة أقوى بكثير من الانتماء للأمة أو الأيديولوجيا السياسية، ولذلك فإن هذه القبائل والعشائر الفلسطينية تسعى للحكم الذاتي.
وهنا يأتي الاستحضار الإسرائيلي للنموذج السائد في دولة الإمارات، التي تسيطر عليها العشائر، وبالتالي تُعتبر نموذجاً ناجحاً مقارنة بالدول التي يراها الإسرائيليون فاشلة، مثل الجزائر واليمن ولبنان والسودان ومصر.
يزعم مروّجو خطة "الإمارات الفلسطينية السبع" أن ما قد يمنحها فرصة للنجاح هو أن المجتمع الفلسطيني قبلي، وولاؤه العشائري أقوى، ومدنه منفصلة عن بعضها.
ويستدلون على ذلك بغياب العلاقات الزوجية بين المدن الفلسطينية، وحرص العائلات على المصاهرة من داخل المدينة الواحدة فقط، مما يدفع باتجاه إعطاء مساحة للبنية الاجتماعية القبلية في شكل حكومة، خصوصاً بعد فقدان السلطة الفلسطينية لشرعيتها في نظر الجمهور.
السيطرة على الريف ومنع التواصل الجغرافي
تسعى الأوساط الإسرائيلية في تسويقها لخطة "الإمارات الفلسطينية السبع" إلى إنشاء اتحاد مستقل يشكل سبع مدن ومحافظات على غرار الإمارات العربية المتحدة، وهنا يبدو لافتاً التبنّي الإسرائيلي لنموذج الإمارات، ومحاولة محاكاته في الضفة الغربية، بزعم أن التعبير السياسي الأمثل للحالة الفلسطينية هو فكرة "الإمارة"، ويجب أن يكون أساساً للحل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
تعتمد الخطة على تنفيذها في طولكرم، ونابلس، ورام الله، وأريحا، والخليل، وجنين، وقلقيلية، بحيث يتم تفكيك السلطة الفلسطينية واستبدالها بحكومة اتحادية تسمى "الإمارات الفلسطينية المتحدة".
كما تقضي خطة "الإمارات الفلسطينية السبع" بـ حلّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ونقل مسؤوليتهم إلى المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

بموجب الخطة، سيكون لكل إمارة دستور واقتصاد ونظام قانوني مستقل، فيما تعمل إسرائيل والدول العربية "المعتدلة" على ضمان التصنيع والازدهار في هذه "الإمارات الفلسطينية"، وتوفير الحلول الهندسية واللوجستية، وهو ما تم بحثه في زيارة المستوطنين الأخيرة إلى أبوظبي. وستحدد الإدارات المحلية وحدها مصالحها وعلاقاتها مع إسرائيل، كما هو الحال بالنسبة لاتفاقيات المياه والكهرباء والتجارة.
لا يتردد الإسرائيليون عند تسويقهم لخطة "الإمارات الفلسطينية السبع" في التأكيد على أن التواصل الجغرافي الفلسطيني يمثل وصفة أكيدة لتقويض أمن إسرائيل واقتصادها واستقرارها، مما يستدعي بذل كل ما بوسعها لمنع هذا التواصل.
وبالتالي، تبرز أهمية ضمّ المناطق الريفية في الضفة لسيطرة الاحتلال، حيث يقع فيها خزان المياه الجوفية الجبلي، الضروري لمنظومة المياه الإسرائيلية، ونقل هذه المنطقة إلى السيادة الفلسطينية سيُسبب مشكلة مائية خطيرة في السهل الساحلي.
سيناريو السابع من أكتوبر في الضفة
من الدلالات الأمنية للخطة الإسرائيلية الخاصة بـ"الإمارات الفلسطينية السبع" أنها تسعى إلى ترسيخ الفصل بين المناطق الفلسطينية، لمنع حماس وفصائل المقاومة من التواجد على كل تلّة، وتمكينها من السيطرة على المدن التي ينسحب منها الاحتلال.
وسيتمكن مصنعو الصواريخ شمال الضفة من نقل منتجاتهم بسهولة لاستخدامها ضد مطار بن غوريون، ومدن "بتاح تكفا وكفار سابا"، وحتى مفاعل ديمونا سيكون في مرمى الصواريخ. كما سيحفر الفلسطينيون أنفاقاً تحت السياج الفاصل، كما حصل في السابع من أكتوبر على حدود غزة.
إن الخطة الإسرائيلية لإقامة "الإمارات الفلسطينية السبع" تعتمد بالضرورة على عدم السماح بأي تواصل جغرافي فلسطيني، لأنه سيؤدي إلى عزل غور الأردن عن إسرائيل، مما يُعرِّضها لمخاطر من الجبهة الشرقية، خاصةً أن إيران لا تتردد في الاقتراب من إسرائيل عبر الأردن.
وبالتالي، فإن إبقاء المنطقة الريفية، خاصةً سلسلة الجبال الواقعة بين رام الله ونابلس، تحت سيطرة الاحتلال سيسمح له بالحفاظ على اتصاله بغور الأردن، ويؤدي إلى تقليل عدد المستوطنات التي سيتم إخلاؤها.
هذا الأمر يستدعي الإبقاء على فصل التواصل الجغرافي للضفة الغربية، من خلال تأكيد سيادتها الأحادية على سلسلة الجبال، خاصةً بين رام الله ونابلس، بما فيها مستوطنات "عوفرا، شيلو، عاليه، يتسهار، إيتمار، ومعاليه أفرايم".
من الأهمية بمكان التوقف عند منطلقات الخطة الإسرائيلية الخاصة بـ"الإمارات الفلسطينية السبع"، والقائمة على ضرورة التعامل مع الفلسطينيين كجماعات وحمائل وجهات، بحيث تمارس كل منها حكماً ذاتياً.
ويدّعي الإسرائيليون أن المشكلة تكمن في أنهم لا يفهمون الطابع الحمائلي للمجتمع العربي الفلسطيني، ولذلك فإن الحل الذي يستند إلى ثقافة القبيلة لا يخطر ببالهم، بينما تسعى الخطة إلى استغلال هذا النمط الاجتماعي كبديل لأيّ كيان وطني فلسطيني موحد.