توغل إسرائيلي في قطاعات حيوية بالمغرب.. تفاصيل استثمارات بملايين الدولارات في الصحة والزراعة والدفاع

عربي بوست
تم النشر: 2025/03/23 الساعة 10:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/03/23 الساعة 10:54 بتوقيت غرينتش
الاستثمارات الإسرائيلية في المغرب/ عربي بوست

بينما كانت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بصدد إتمام صفقة لتبادل الأسرى مع الاحتلال يوم 8 فبراير/شباط 2025، كان العلم الإسرائيلي يرفرف في سماء مدينة أكادير المغربية (470 كيلومتر جنوب العاصمة الرباط)، بمناسبة مشاركة وفد إسرائيلي في معرض الصيد البحري "أليوتيس" الذي تشرف عليه وزارة الفلاحة والصيد البحري.

قد يبدو المشهد عادياً على اعتبار أن المغرب بات من الدول المطبعة مع إسرائيل منذ توقيع اتفاق أبراهام في ديسمبر 2020، لكن غير الطبيعي هو هذا التواجد الإسرائيلي في مختلف المعارض الاقتصادية التي تُنظم في المغرب، بل والمثير للاهتمام أكثر هو رأس المال الإسرائيلي الذي بات يتغلغل في مختلف المجالات بما فيها الحساسة.

فبعد توقيع اتفاق التطبيع بين الرباط وتل أبيب تحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية عن أن المغرب "متعطش للاستثمارات الإسرائيلية"، فيما أثبت الواقع أن رأس المال الإسرائيلي هو الذي كان "متعطشاً" لدخول السوق المغربية التي فتحت له الباب على مصراعيه حتى أصبح مستثمراً في مجالات الدفاع والطاقة والصحة وغيرها من المجالات "الحساسة".

من خلال هذا التقرير سيقوم موقع "عربي بوست" برصد تطور الاستثمارات الإسرائيلية في المغرب منذ توقيع اتفاق التطبيع، سواء المتعلقة بالدولة العبرية أو بالمستثمرين الخواص، وطبيعة المجالات التي استثمر فيها الإسرائيليون في المغرب، وكيف انتقلت الاستثمارات الإسرائيلية في المغرب من لا شيء تقريباً في 2020 إلى أكثر من 600 مليون دولار عام 2024.

تطورت الاستثمارات الإسرائيلية في المغرب

قبل توقيع اتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2020، كان الحديث عن استثمارات الشركات والحكومة الإسرائيلية في المغرب من المحرمات، كما أنه لم يكن هناك شيء يذكر فيما يخص الاستثمارات الإسرائيلية المباشرة في المغرب، على عكس المبادلات التجارية التي لم تتوقف تقريباً منذ عشرات السنين.

وحسب موقع "ceic data" المتخصص في تقديم بيانات اقتصادية من بينها الاستثمارات الخارجية لكل دولة حول العالم، بالاعتماد على فريق من الخبراء الاقتصاديين والمحللين، فقد نمت الاستثمارات الإسرائيلية في المغرب "من حوالي 0 دولار أمريكي في عام 2020 إلى ما يقرب 700 مليون دولار بحلول عام 2024".

وفقاً للمعطيات التي عرضها الموقع بناءً على بيانات رسمية ودولية، وحللها موقع "عربي بوست"، يُظهر الاتجاه السنوي زيادة من لا شيء تقريباً في 2020-2021 إلى بضعة عشرات من ملايين الدولارات في عام 2022، تلاها ارتفاع حاد خلال 2023-2024 مع بدء تنفيذ المشاريع الكبرى.

وحسب بيانات "ceic data" فإنه بحلول الربع الثالث من عام 2024، بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) الإسرائيلية في المغرب حوالي 637 مليون دولار، ولم تمنع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من استمرار تدفق رأس المال الإسرائيلي على القطاعات الحيوية في المغرب.

ويشمل هذا الرقم الاستثمارات المباشرة (مثل حصة إسرائيل في شركة غايا إنرجي والمصانع الجديدة)، والمشاريع المشتركة (مثل استكشاف النفط والغاز)، بالإضافة إلى المشاريع التعاقدية الكبرى التي تتضمن التزامات مالية، مثل برنامج بناء المستشفيات الذي يعتمد على نموذج استثمار البناء والتشغيل ونقل الملكية (Build-Operate-Transfer).

السلاح والصناعات الدفاعية

دائماً ما كانت الأسلحة الأمريكية والفرنسية هي المفضلة بالنسبة للسلطات العليا في المملكة، وتربطها معهما اتفاقيات عسكرية تعود إلى عقود خلت، لكن ذلك لم يمنع المغرب من الانفتاح على أسواق السلاح الأخرى في بعض الأحيان، مثل التركية والكورية الجنوبية والصينية، إلا أنها ظلت "أسواقاً ثانوية" بالنسبة للرباط.

لكن الوضع سيكون مختلفاً بالنسبة لإسرائيل وأسلحتها، فبمجرد أن دخل اتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل حيز التنفيذ حتى وقعت الرباط وتل أبيب مذكرة تفاهم دفاعية اعتبرها الحكومة الإسرائيلية بأنها اتفاقية "رائدة"، بينما وصفتها تقارير إعلامية بأنها "اتفاقية تاريخية" بين البلدين.

وارتفعت ميزانية الدفاع المغربية لعام 2025 إلى 133 مليار درهم (نحو 13 مليار دولار). وبفضل الاتفاقيات الجديدة، أصبحت إسرائيل ثالث أكبر مورد للأسلحة إلى المغرب، حيث أصبحت واردات الأسلحة تمثل 11% من إجمالي وارداتها من الأسلحة، بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI).

وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، بيني غانتس قال في تصريح سابق: "العلاقات الأمنية جزء لا يتجزأ من العلاقات السياسية لإسرائيل وقدرتنا على التعاون مع الدول الأخرى، ونحن نعمل على تعزيز هذه العلاقات وخلق شراكات أمنية جديدة". وأضاف أن "الذروة في اتفاقيات الدفاع في عام 2021 هي في المقام الأول وسيلة لتعزيز أمن دولة إسرائيل".

وحسب بيان لوزارة الدفاع الإسرائيلية فإن هذه الاتفاقية "شكلت خطوة هامة في تعميق العلاقات بين إسرائيل والمملكة المغربية"، وبالفعل فقد عمقت الاتفاقية من التغلغل العسكري الإسرائيلي في المغرب، وبات السلاح الإسرائيلي مكوناً أساسياً وفق ما أكدت الصفقات التي أبرمها المغرب مع إسرائيل منذ 2021 وإلى غاية فبراير 2025.

وحسب "معهد القدس للاستراتيجية والأمن" الإسرائيلي الذي يشرف على تدريب بعض النخب الإسرائيلية ويقدم استشارات للمسؤولين الحكوميين، فإن المغرب حصل على إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا الإسرائيلية، وخاصة الطائرات بدون طيار.

وفقاً لما جاء في تقرير للمعهد أعده نائب رئيس المعهد، العقيد (احتياط) إران ليرمان، الذي سبق وأن اشتغل نائباً لمستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي، فإن هذه التكنولوجيا "يمكن أن تشكل الأساس للإنتاج المحلي الذي من شأنه أن يعزز قدراته العسكرية".

وتشمل الطائرات بدون طيار التي تزود بها إسرائيل المغرب أنواعاً مختلفة من الطائرات بدون طيار للاستطلاع ومهام أخرى، بما في ذلك طائرات "هيرون" من إنتاج الصناعات الجوية الإسرائيلية، و"هيرمز 900″ من إنتاج شركة "إلبيت"، و"واندر بي" و"ثاندر بي" من إنتاج شركة "بلو بيرد إيرو سيستمز".

إذ في عام 2021، قامت المملكة المغربية بشراء ذخائر إسرائيلية متطورة من طراز Harop من إنتاج شركة IAI – ما يسمى بطائرات بدون طيار "كاميكازي" بقيمة 22 مليون دولار، ويمكن لطائرة "Harop" الطيران لمدة تصل إلى سبع ساعات بحمولة متفجرة تصل إلى 20 كيلوغراماً.

بالإضافة إلى ذلك، في عام 2021، استحوذت القوات المسلحة الملكية المغربية على خمسة أنظمة إسرائيلية مضادة للطائرات بدون طيار من طراز "Skylock Dome"، من إنتاج شركة "Avnon"، والتي تم عرضها لأول مرة في معرض ومؤتمر الدفاع الدولي 2020 (IDEX) في أبو ظبي.

بعد بضعة أشهر، أبرم المغرب صفقة مع شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) لشراء نظام الدفاع المتكامل "باراك إم إكس" مقابل 500 مليون دولار، ويوفر هذا النظام حماية جوية ضد الصواريخ والطائرات بدون طيار ويتكون من ثلاثة أنواع من الصواريخ الاعتراضية.

وكجزء من اتفاقية التعاون العسكري مع إسرائيل، تم وضع خطط لبناء مصنعين للطائرات بدون طيار في المغرب لإنتاج طائرات بدون طيار من طراز "Harop".

وفي يوليو/تموز 2024 ذهب رئيس شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية عمير بيرتس، وهو من أصول مغربية، إلى الرباط لإتمام صفقة بقيمة مليار دولار، تم الاتفاق عليها من حيث المبدأ قبل عدة أشهر، لتوفير قمر "أوفيك" للاستخبارات. ومن المقرر أن يحل هذا القمر محل الأنظمة الفرنسية التي يستخدمها المغرب حالياً في غضون خمس سنوات.

وفي شهر فبراير 2025، كشفت صحيفة "La Tribune" الفرنسية أن الرباط وقعت عقداً مع شركة "Elbit Systems" الإسرائيلية لتسليم 36 قطعة مدفعية ذاتية الدفع (155 ملم) من طراز "Atmos 2000″، مركبة على شاحنات تشيكية من طراز "Tatra"، وفضل المغرب توقيع العقد مع الشركة الإسرائيلية عوض الاستمرار مع الشركة الفرنسية "KNDS".

وعلى الرغم من التقارب الذي حدث بين الرباط وباريس في الأشهر الأخيرة، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتقليل التوترات بين الشركة الفرنسية والجيش المغربي. وسجلت أن "KNDS" تأخرت، أيضاً، في الرد على طلبات الجيش المغربي، ورفضت تقديم أي لفتة تجارية كتعويض. لذا، تم اعتبار نظام "Elbit Systems" الإسرائيلي بديلاً جيداً.

صادرات السلاح بالأرقام

في 2021 وهو العام الأول بعد سريان اتفاقيات التطبيع التي وقعتها إسرائيل مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب، أظهرت أرقام مديرية التعاون الدفاعي الدولي التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية أن الصادرات العسكرية والأمنية الإسرائيلية "ارتفعت بنسبة 30 بالمئة" مقارنة بالعام الذي سبقه.

وشكلت الإمارات العربية المتحدة والبحرين 7% من مشتريات الأسلحة وفق التصريحات الرسمية الإسرائيلية التي لم تُشر إلى المغرب، إلا أن مواقع متخصصة أكدت أن المملكة على سبيل المثال وقعت صفقة بقيمة 22 مليون دولار مع شركة "IAI" للحصول على ذخائر متطورة.

وفي عام 2022 قالت إدارة التعاون الدفاعي الدولي التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية إن صادرات الدفاع بلغت 12.5 مليار دولار محققة ارتفاعاً من 11.4 مليار دولار في عام 2021، وشكلت الإمارات والبحرين والمغرب 24% من مشتريات الأسلحة وهو ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 7% مقارنة بعام 2021.

في شهر يونيو/حزيران 2024، كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن مبيعات الأسلحة الإسرائيلية السنوية وصلت إلى رقم قياسي جديد في عام 2023، للعام الثالث على التوالي، حيث بلغت حوالي ضعف قيمة الصادرات مقارنة بما كانت عليه قبل خمس سنوات، ويأتي ذلك على الرغم من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وخلال عام 2023، شكلت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب، التي طبّعت العلاقات مع إسرائيل عام 2020، 3% فقط من مشتريات الأسلحة من إسرائيل وهو ما يشكل انخفاضاً بـ24% مقارنة بعام 2022، وحسب موقع "The Observatory of Economic Complexity" فإن المغرب استورد ما قيمته 288 ألف دولار أمريكي من الأسلحة الإسرائيلية عام 2023.

بينما تسوق إسرائيل على أنها قادرة على ضمان الأمن الدفاعي المغربي من خلال اللوبي اليهودي في أمريكا، ويقول "معهد القدس للاستراتيجية والأمن" في ورقة نشرها شهر أغسطس 2024، إن إسرائيل تستطيع أن تقدم أشكالاً أخرى من المساعدة ذات الأهمية العسكرية للمغرب.

وأشار المعهد على سبيل المثال إلى أنه على الرغم من اللوبي المؤيد للجزائر في مجلس الشيوخ الأمريكي، فإن مشروع قانون الإنفاق العسكري الأمريكي للسنة المالية 2023 تضمن تعاوناً مستداماً مع المغرب، أحد الموقعين على اتفاقيات إبراهيم ولاعباً رئيسياً في جهود واشنطن الرامية إلى إنشاء محور عربي ضد التهديد الإيراني ووكلائه في المنطقة.

وقد تأكد هذا "التحالف الثلاثي" من خلال حضور قوات الدفاع الإسرائيلية في مناورات الأسد الأفريقي في عام 2022، بينما لم تشارك إسرائيل في عام 2024، عندما أقيمت المناورة جزئياً في تونس، وكان لاستخدام جيش الدفاع الإسرائيلي للقواعد الجوية في المملكة تأثير واضح، وهو ما من شأنه أن يعزز صادرات المعدات العسكرية الإسرائيلية إلى المغرب.

توغل إسرائيلي في الطاقة

في شهر سبتمبر/أيلول 2022، أي بعد نحو سنتين على توقيع اتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل، وقّع البلدان اتفاقية ثنائية لتعزيز التعاون في مجال الطاقة، مع التركيز على تطوير الطاقة المتجددة والابتكار، وحتى قبل ذلك التاريخ بدأت تتسرب أخبار عن دخول الرأسمال الإسرائيلي إلى مجال الطاقة المغربي الذي تسيطر عليه شركات محدودة بينها.

إذ في مارس/آذار 2022 استحوذت شركة "Marom Energy" الإسرائيلية، وهي شركة تابعة لشركة "Gandyr"، وهي صندوق إسرائيلي يستثمر في الطاقات المتجددة، على 30% من أسهم شركة "Gaia Energy" المغربية مقابل حوالي 22 مليون دولار، وكان وقتها أكبر استثمار إسرائيلي في المغرب وفق شركة الاستشارات "دي إل إيه بايبر".

وتعمل شركة "Gaia Energy" على مشاريع طاقة متجددة واسعة النطاق في إفريقيا، كما أنها تطور ثلاثة مشاريع للهيدروجين الأخضر في المغرب بقدرة إجمالية تصل إلى 35 جيجاواط.

وفي سبتمبر/أيلول 2022، تم تشكيل شراكة بين الكونسورتيوم الوطني الإسرائيلي للطاقة (INERC) وجامعة محمد السادس متعددة التقنيات للتعاون في مجال الطاقة، وستجري هذه الشراكة أبحاثًا مشتركة في مجالات مختلفة، بما في ذلك البطاريات القابلة لإعادة الشحن وإعادة التدوير والطاقة الشمسية واقتصاد الهيدروجين.

حيث أخذ التغلغل الإسرائيلي في مجال الطاقة أبعاداً أخرى غير مالية، إذ في شهر مارس/آذار 2023، حضر وفد مكون من 14 عالماً إسرائيليًا في مجال الطاقة، أول ورشة عمل لمبادرة الطاقة الثنائية المغربية الإسرائيلية في مراكش، واستضافت الورشة قسم علوم المواد والطاقة والهندسة النانوية في جامعة محمد السادس البوليتكنيكية.

جمع هذا الحدث باحثين وخبراء وطلاب أبحاث في مجالات حصاد الطاقة وتخزين الطاقة وتحويل الطاقة، وكان أول مبادرة رئيسية خرجت من التعاون في مجال الطاقة بين إسرائيل والمغرب الموقع في سبتمبر/أيلول 2022 في جامعة بار إيلان، ويضم اتحاد علماء الطاقة أكثر من 30 عالماً من سبع مؤسسات أكاديمية في إسرائيل وحوالي 20 عالماً من خمس مؤسسات أكاديمية في المغرب.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وقعت شركة الهيدروجين الإسرائيلية H2Pro وشركة Gaia Energy، وهي شركة مغربية لتطوير الطاقة المتجددة، لتوفير الهيدروجين الأخضر، اتفاقية استراتيجية تشكل معلمًا آخر نحو التعاون في هذا المجال استنادًا إلى التقنيات المبتكرة والسياسات الداعمة من قبل الحكومتين.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، وقّعت شركة "NewMed Energy" الإسرائيلية اتفاقية مع وزارة الطاقة المغربية وشركة "Adarco Energy" لاستكشاف وإنتاج الغاز الطبيعي في منطقة رخصة بوجدور أطلانتيك البحرية. تمتلك كل من NewMed وAdarco حصة قدرها 37.5%، بينما تحتفظ الوزارة المغربية بالحصة المتبقية البالغة 25%.

إذ ينص القانون المغربي على أنه في حال دخول أي استثمار أجنبي في قطاع النفط والغاز ومصادر الطاقة الأخرى، تحتفظ الوكالة الوطنية للهيدروكربونات والمعادن (ONHYM) التابعة لوزارة الطاقة والمعادن، بحصة إلزامية تبلغ 25% من أي ترخيص استكشاف أو تصريح تطوير للشركات الأجنبية.

وفي بداية شهر مارس/آذار 2025 منحت المملكة المغربية الترخيص لشركة إسرائيلية من أجل التنقيب عن الغاز الطبيعي في مياه الصحراء الغربية.

وكشفت صحيفة El Confidencial الإسبانية أن المغرب منح مؤخراً رخصة استغلال الهيدروكربون البحري لشركة NewMed Energy الإسرائيلية في منطقة تبلغ مساحتها 34 ألف كيلومتر مربع تقع في مياه الصحراء الغربية.

وتتقاسم شركة "NewMed Energy" هذا الترخيص، الذي أصبح رسميًا في 17 فبراير/شباط 2025، مع شركة "Adarco Energy"، التي يرأسها رجل الأعمال الإسرائيلي المغربي ياريف الباز، والذي يعد، وفقًا لصحيفة إل كونفيدنسيال، أحد الشخصيات المهمة في تعزيز العلاقات بين المغرب وإسرائيل.

استثمارات "تهدد الأمن القومي"

من بين أكثر القطاعات حساسية في المغرب والتي تمكنت رؤوس الأموال الإسرائيلية من اختراقها، قطاعا الزراعة والمياه، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها القطاعان بعد توالي سنوات الجفاف، وبحث السلطات المغربية والفلاحين عن مختلف السبل لمواجهة الأزمة التي خلفها الجفاف.

فقد أعلنت شركة "SupPlant"، وهي شركة إسرائيلية متخصصة في الزراعة الدقيقة و"الزراعة الذكية"، في يناير/كانون الثاني 2022، عن خططها لتوسيع عملياتها إلى المغرب، وحسب الموقع الرسمي للشركة فإن المغرب من بين الدول التي تنشط فيها إلى جانب الإمارات وجنوب إفريقيا وأستراليا والبرازيل والأرجنتين والمكسيك.

وسرعان ما أثارت الشركة الجدل في المملكة بعد أن كانت وراء إطلاق تطبيق خاص بالفلاحين المغاربة، وصُمم لمساعدة المزارعين على مضاعفة المحصول الزراعي وتوفير كمية كبيرة من المياه، لكن في المقابل فإنه يطلب من زبنائه معطيات شاملة عن الأراضي الزراعية وطبيعة المزروعات، وهو ما اعتبره البعض "تهديداً للسيادة الغذائية المغربية".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، توصل المعهد الوطني المغربي للبحث الزراعي ومنظمة البحوث الزراعية الإسرائيلية "Volcani Center" إلى اتفاق لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات في مجال الزراعة وتطبيق التكنولوجيا لزيادة الغلات الزراعية.

وتأسس المركز الذي يعتبر ذراعًا رسمية تابعة لوزارة الزراعة الإسرائيلية عام 1921، أي قبل قيام دولة إسرائيل، ويضم المركز 200 عالم، ويمثل أكثر من 75٪ من البحث والابتكار الزراعي في البلاد، وكان المحرك الرئيسي للخبرة الزراعية في إسرائيل.

وفي نوفمبر 2022، وقع المكتب الوطني للكهرباء والماء بالمغرب وشركة المياه الوطنية الإسرائيلية مذكرة تفاهم لبناء إطار لتطوير التعاون بين المؤسستين في مجالات مياه الشرب والصرف الصحي السائل.

كما افتتحت شركة "نيتافيم" الإسرائيلية المتخصصة في إنتاج أجهزة الري، في مارس 2023، أول مصنع لها في مدينة القنيطرة شمال العاصمة الرباط، باستثمار بلغت قيمته ملايين الدولارات، بحضور عدد من الوزراء والسفراء، بالإضافة إلى شخصيات مهمة في المغرب، وفق ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية.

شركة إسرائيلية تقتحم قطاع الصحة

في 30 يونيو/حزيران 2022، أعلنت وزارة الصحة المغربية عبر موقعها الرسمي عن توقيع مذكرة تفاهم مع المجموعة الإسرائيلية (IMS)، وتبلغ قيمة الاستثمار المعلن عنه خمسة مليارات درهم، مخصصة لإنشاء عدة وحدات استشفائية في جهات الداخلة-وادي الذهب، فاس-مكناس، درعة-تافيلالت، الشرق، ومراكش-آسفي.

وفقًا لوزارة الصحة المغربية، تأتي هذه المذكرة في إطار التوجيهات الملكية لتعزيز نموذج تنموي اجتماعي يقوم على مبادئ المساواة، والعدالة، والتضامن. كما أنها تُعد أيضًا استجابةً للدعوة الملكية لفتح بعض القطاعات والمهن الحرة، بما في ذلك القطاع الصحي، أمام الخبرات والكفاءات العالمية والقطاع الخاص.

كما أن الجنسية الإسرائيلية لمجموعة IMS تجعل من هذا الاستثمار خطوة ذات أبعاد سياسية، إذ يأتي هذا الإعلان في سياق استئناف العلاقات المغربية-الإسرائيلية منذ ديسمبر 2020 تحت رعاية الولايات المتحدة. كما أن إدراج جهة الداخلة-وادي الذهب، الواقعة في قلب الصحراء المغربية، ضمن المناطق المستفيدة من هذا الاستثمار يمنح القرار بعدًا آخر.

بينما أصدرت التنسيقية المغربية "أطباء من أجل فلسطين"، و"حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS"، تحذيرات مما وصفته بـ "التغول الإسرائيلي في الميدان الصحي بالمغرب"، وفق ما نشرته تقارير مغربية.

وطالبت التنسيقية والحركة "شركات الأدوية المغربية بوقف التعاون مع نظيرتها الإسرائيلية". كما دعا البيان المشترك، المواطنين المغاربة للتخلي عن الأدوية الإسرائيلية والتي قالت إن لها بدائل محلية.

وذكر بأن على رأس هذه الشراكات صفقة توزيع تجمع شركة "تيفا" الإسرائيلية بالشركة المغربية "كوبر فارما" منذ ديسمبر/كانون الأول 2021. وهو ما ورد في حوار نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية مع الرئيس التنفيذي والمدير العام لشركة "كوبر فارما".

وأفادت الصحيفة، على لسان الرئيس التنفيذي لشركة "كوبر فارما" المغربية، بأن هذه الأخيرة تتطلع إلى المزيد من التعاون مع الشركات الإسرائيلية، للمشاركة في تطوير منتجات التكنولوجيا الحيوية المبتكرة للتشخيص والعلاجات.

تحميل المزيد