هل تم تعيين فاروق الشرع مستشاراً للرئيس السوري؟ “عربي بوست” يكشف مصدر “الخبر” وحقيقته

"فاروق الشرع مستشاراً سياسياً لرئيس الجمهورية السوري الجديد، أحمد الشرع"، انتشر هذا الخبر بسرعة في صفحات سورية كثيرة على منصات التواصل الاجتماعي، يوم الثلاثاء 4 مارس/آذار 2025، مثيراً حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض، بينما شكك آخرون في صحة الخبر نفسه.

ونشرت حسابات سورية عديدة في فيسبوك وتويتر هذا الخبر أو "الادعاء" نقلاً عن وكالة فرانس برس الفرنسية.

زاعمين أن الوكالة الفرنسية نشرت أن الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع قام بتعيين نائب الرئيس السوري السابق ووزير الخارجية السوري الأسبق، فاروق الشرع، مستشاراً سياسياً له.

جدير بالذكر أن فاروق الشرع شغل منصب وزير الخارجية اعتباراً من عام 1984 خلال حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، وبقي فيه مع تولّي نجله بشار السلطة في 2000.

ثم عُيّن نائباً لرئيس الجمهورية عام 2006، وترأس مؤتمر حوار وطني في فندق صحارى بدمشق عام 2011، بعد أشهر من اندلاع الاحتجاجات المناهضة للأسد. وأدلى الشرع خلال المؤتمر بتصريحات تنادي بتسوية سياسية للنزاع، غاب بعدها عن المشهد السياسي والأنظار لفترة طويلة.

حسابات تنشر الادعاء

"عربي بوست" تحقق من دقة هذا "الخبر"، إذ رصد بعض الصفحات التي قامت بنشره ونسبته إلى وكالة فرانس برس الفرنسية، حيث كتبت صفحات منسوبة لسوريين على فيسبوك تفاصيل الادعاء الخاص بتعيين فاروق الشرع مستشاراً للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، كما هو موضح:

وهذا منشور آخر :

كذلك هذا منشور لنفس الأمر:

منشور لنفس الشائعة

منشور آخر

في حين نشر حساب على تويتر تحت اسم "عمر الدغيم" تغريدة قال فيها: "تعيين فاروق الشرع مستشاراً سياسياً لرئيس الجمهورية".

قصة الادعاء

تتبع "عربي بوست" أصل الإشاعة، وقد وصل إلى حساب في تويتر لشخص يدعى خالد بن محمد النعيمي، قام بنشر قائمة من الشخصيات مذيّلة بتوقيع قال إنه لأحمد الشرع، تضمنت هذه القائمة إقالة الحكومة السورية الحالية برئاسة محمد البشير وتعيين حكومة جديدة.

القائمة المزعومة التي نشرها حساب خالد بن محمد النعيمي تضمنت شخصيات كثيرة جديدة في الحكومة الجديدة، وقد نشرها ثم كتب في تعريفه للقائمة التي كانت مطبوعة أنه تم "إضافة فاروق الشرع كمستشار لأحمد الشرع".

وهي الإشاعة التي "تلقفها العديد من الحسابات الأخرى" ثم تفاعلوا معها في فيسبوك وكذلك في تويتر، تلا ذلك إشارة حساب آخر لشخص يدعى عمر الدغيم، الذي نسب هذه الإشاعة إلى وكالة فرانس برس في رده على أحد متابعيه في التعليقات.

حقيقة الادعاء

للتحقق من صحة هذا الخبر، بدأ "عربي بوست" البحث في وكالة فرانس برس حول ما إذا كانت الوكالة قد نشرت في أي وقت، سواء اليوم أو خلال الأسبوع الماضي أو منذ بداية عام 2025، أي أخبار حول تعيين فاروق الشرع مستشاراً سياسياً للرئيس السوري أحمد الشرع، إلا أنه لم يكن هناك أي أخبار عن ذلك على الإطلاق.

كل ما وجدناه كان في 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، عندما نشرت وكالة فرانس برس تقريراً حول لقاء تم بين فاروق الشرع والرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، إذ قالت الوكالة في تقريرها آنذاك إنه قد التقى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا، أبو محمد الجولاني، نائبَ الرئيس السابق فاروق الشرع، الذي أُبعِد عن المشهد السياسي في الأعوام الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، ودعاه لحضور مؤتمر حوار وطني، وفق ما أفاد قريب للمسؤول السابق الأحد.

كما نقلت وكالة فرانس برس عن مروان الشرع، وهو ابن عم فاروق الشرع، في اتصال هاتفي: "منذ الأيام الأولى لدخول أحمد الشرع إلى دمشق، زار فاروق الشرع في مكان إقامته في إحدى ضواحي دمشق، ووجّه له دعوة لحضور مؤتمر وطني سيُعقد قريباً".

وأضاف: "قابل ابن عمي الأستاذ فاروق الدعوة بالقبول وبصدر رحب، وللصدفة، فإن آخر ظهور علني لابن عمي كان في مؤتمر الحوار الوطني في فندق صحارى عام 2011، وأول ظهور علني له بعد ذلك سيكون في مؤتمر الحوار الوطني القادم".

وأوضح قريبه أن فاروق الشرع، البالغ حالياً 86 عاماً، كان "قيد الإقامة الجبرية، وسُجِن سائقه ومرافقه الشخصي بتهمة تسهيل محاولة انشقاقه (عن حكم الأسد)، ولم يُسمح له طوال الفترة الماضية بمغادرة دمشق".

لقاء تلفزيوني

وبالبحث في المواقع الإخبارية الأخرى، وجد "عربي بوست" أن فاروق الشرع ظهر على قناة "التلفزيون العربي" تزامناً مع الحديث حول لقائه بأحمد الشرع، وتحدث عن نجاح الثورة السورية.

وأعرب الشرع في تصريحات لـ"التلفزيون العربي" عن دعمه للتغييرات الأخيرة في سوريا، وقال: "أرحب بالتغيير الذي حدث في سوريا"، في إشارة إلى تحول محتمل في موقفه وسط الاضطرابات الجارية في البلاد.

ولكن على الرغم من تأييده للتغيير، أبدى الشرع مخاوفه بشأن احتمالات عدم الاستقرار والفوضى في أعقاب سقوط بشار الأسد. وحذر من أن "رحيل الأسد خلق حالة من الارتباك، وعلينا أن نكون حذرين من العواقب"، معترفاً بالمخاطر التي يفرضها الفراغ في السلطة الذي خلّفه الرئيس السابق.

ولتأكيد صحة الخبر بشكل أكثر دقة، تواصل "عربي بوست" مع أحد الذين التحقوا بالعمل في الفريق الرئاسي السوري بعد وصول أحمد الشرع إلى الرئاسة السورية، لسؤاله حول مدى صحة الحديث عن تعيين فاروق الشرع مستشاراً للرئيس السوري أحمد الشرع، وهو ما نفاه بالمطلق، وقال إنه ليس مطروحاً من الأساس تعيين الشرع في فريق الرئاسة السورية الحالية.

في الوقت نفسه، لم يجد "عربي بوست" أي مصدر يشير إلى حضور فاروق الشرع لمؤتمر الحوار الوطني الذي عقدته الرئاسة السورية قبل أيام لمناقشة مقترحات السوريين للفترة الانتقالية.

وبمراجعة المصدر السوري في الرئاسة، قال لـ"عربي بوست" إن فاروق الشرع لم يشارك بالفعل في جلسات الحوار الوطني.