تطبّق فرنسا مبدأ العلمانية بشكل صارم، ما يقصي الدين من النظام العام أو الحياة الاجتماعية، ليواجه الكثير من المسلمين هناك، بيئة معادية لهم، ذات تعقيدات كثيرة، باتوا يحاولون التغلب عليها بالاستعانة بتطبيقات رقمية، مثلت حلاً لهم.
رصد "عربي بوست"، استخدام المسلمون في فرنسا للتطبيقات الرقمية، في مواجهة العلمانية المتشددة.
باتت العديد من التطبيقات والمنصات الرقمية، تعرض خدمات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وتجني أرباحاً طائلة.
اقرأ أيضاً
الزواج الإسلامي
يلخص وليد تجربته الشخصية للعثور على زوجة تقاسمه القيم ذاتها على أحد تطبيقات الزواج الإسلامي في فرنسا، بالقول: "اختصر علي التطبيق كثيراً من الوقت والجهد والمال، فبعد مرور 6 أشهر من الزواج، أنا جد سعيد، وأشعر بالرضا عن اختياري".
وأوضح الشاب الثلاثيني في حديثه لـ"عربي بوست"، أنه مدفوعاً بنصائح زميل له في العمل وبمباركة والديه، عثر على شريكة حياته عبر منصة رقمية إسلامية متخصصة في ذلك.
وقال: "وسط بيئة علمانية متشددة، لم أر وسيلة أفضل من تلك التي لجأت إليها، ففي أيامنا هذه، بات من الصعب العثور على زوجة متمسكة بقيمنا الإسلامية، في بيئة تنبذ ذلك، وتحاربه".
وأضاف: "زد على ذلك التعقيدات الإجرائية والإدارية المرتبطة بالزواج المدني".
بشكل مستفيض ودقيق، يقدم موقع "إن شاء الله" الذي يعتبر من المنصات الرقمية الشهيرة للزواج الإسلامي، تفاصيل حول عقد النكاح الشرعي، ويتحدث عن عيوب بعض أنواع العقود المدنية.
يقارن الموقع الذي يزوره آلاف الشباب الفرنسيين المسلمين بين ميثاق التضامن المدني (PACS)، والعقد الشرعي، ويذكر بأهمية الزواج في الإسلام.
وينتقل إلى شرح ماهية عقد الزواج وشروطه، بشكل مبسط وميسر، ولكن مستند إلى نصوص شرعية، وأقوال الأئمة، وفتاوى العلماء.
اقرأ أيضاً
المسلمون في فرنسا.. تضييق رسمي
تحت ذريعة حماية قيم الجمهورية، اجتهدت السلطات الفرنسية خلال السنوات الأخيرة في محاربة الزواج الإسلامي، من خلال إصدار نصوص تمنع إشراف أئمة المساجد على عقود نكاح إسلامية قبل الزواج مدنياً في البلدية.
في تصريح لـ"عربي بوست"، يقول أحد هؤلاء الأئمة بمنطقة سانت وان بباريس، مفضلاً عدم كشف هويته: "بتّ منذ مدة، أمتنع عن حضور مراسم عقد الزواج على الطريقة الشرعية، خشية مواجهة متاعب قانونية، خاصة مع تشديد المراقبة على المساجد، وتتبع خطوات وسلوكيات المشرفين عليها".
يذكر أنه يوجد نحو 5 ملايين ونصف مسلم بفرنسا، في حين يعد الإسلام الديانة الثانية في البلاد بعد المسيحية، ويشكل المسلمون أكثر من 10% من سكان فرنسا، بحسب المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية.
تطبيق (ماز) "Muzz"
يعد تطبيق "ماز" أحد أشهر وأهم تطبيقات الزواج الإسلامي في فرنسا، ودول أخرى حول العالم، ولديه 10 ملايين مشترك عبر العالم، بحسب التطبيق نفسه.
تم إنشاء الموقع الذي كان يعرف سابقاً باسم Muzmatch، عام 2015 في المملكة المتحدة، ليجعل فيها مقره الرئيسي، ثم توسع عقبها في عدد كبير من دول العالم.
وفقاً لتصريحات صحفية سابقة لمؤسس الشركة، ورئيسها التنفيذي شاهزاد يونس، كانت فرنسا أولى الدول التي انطلاق التطبيق فيها اعتباراً لطبيعة قوانينها، وتواجد جالية مسلمة كبيرة فيها.
تعمل المنصة على تسهيل تحديد الراغبين في الزواج موعداً أولياً للتعارف، مع اشتراط حضور محرم، ودون وجود اتصال جسدي.
يضم التطبيق أكثر من 9 ملايين عضو في 190 دولة، ويشير إلى أنه كان سبباً في "500 ألف زواج ناجح"، بحسب المعطيات التي يقدمها.
يعتمد الموقع محرك بحث داخلي يضم خانات عدة تساعد المشتركين في اختيار مواصفات شريكهم.
سياسة الخصوصية
عند الحديث عن تطبيقات الزواج الإسلامي، يطرح سؤال الخصوصية بقوة، في حين تقول هذه التطبيقات إنها توفر خصوصية أكبر بالمقارنة مع مواقع الزواج العامة.
رغم نهج احترام الخصوصية وسياسة حماية المعطيات، يخشى كثيرون من تسرب معلوماتهم الشخصية، فيفضلون الاشتراك بأسماء مستعارة أو عرض صور ليست لهم.
هذا القلق تعزز أواخر عام 2018، حين تعرّض تطبيق Muzz لهجوم إلكتروني أدى إلى اختراق قاعدة بياناته.
نتج عن ذلك تسريب بيانات شخصية لـ 150 ألف مستخدم، بما في ذلك، كلمات المرور، والوصول إلى معلوماتهم الشخصية، مع نشر معلومات حساسة مثل الطائفة والعرق، وأيضا محادثات خاصة بين المستخدمين.
الإيرادات والأرباح
مثل باقي التطبيقات الأخرى، تعتمد العديد من منصات الزواج الإسلامي على الإعلانات لتحقيق إيرادات إضافية، تتجاوز في كثير من الأحيان ملايين الدولارات سنوياً.
إلى جانب ذلك، تقدم غالب هذه التطبيقات إمكانية القيام باشتراكات مدفوعة، سواء سنوية أو شهرية، إذ تشير تقديرات، إلى تحقيقها إيرادات في حدود 10-20 مليون دولار سنوياً من الاشتراكات المدفوعة.
مصدر دخل آخر لا يقل أهمية، يتمثل في التحميلات من المتاجر الإلكترونية، حيث شهدت تطبيقات الزواج الإسلامي زيادة في التحميلات بنسبة كبيرة في السنوات الأخيرة.
على سبيل المثال، فإن تطبيقات مثل "مسلمة" يحقق أكثر من 100 مليون تحميل عبر متاجر التطبيقات المختلفة (Google Play, App Store).
تطبيقات الأكل الحلال
في مجال الطعام، تتخصص تطبيقات في المنتجات التي لا تحتوي على لحم الخنزير، أو الكحول، وتوفر اللحوم التي يتم ذبحها وفقاً للشروط الإسلامية.
وتالياً أبرز التطبيقات التي تسهّل على المسلمين في فرنسا الحصول على الطعام الحلال:
Yassir" "يسير"
يُعدّ "يسير" من بين أهم التطبيقات الموجهة للمسلمين، إذ يعتمد في خدماته على تقديم توصيل الطعام الحلال، كما أنه يتيح للمستخدمين اختيار مطاعم تقدم طعاماً خالياً من المحظورات الإسلامية، من خلال الاعتماد على تقديم معلومات دقيقة حول المنتجات الغذائية ومصدرها.
بحسب التطبيق، فإن لديه 8 ملايين مستخدم.
"Halal Guide"
تطبيق آخر يقدم دليلاً للمطاعم الحلال في مختلف المدن الفرنسية، خاصة في باريس ومارسيليا، وباقي المدن الكبرى.
يساعد المستخدمين في العثور على المطاعم والمقاهي والمتاجر التي تلتزم بممارسات الحلال.
تطبيقات التمويل الحلال
"Wahed Invest"
يمكن اعتباره بمثابة بورصة المسلمين، إذ يتيح إمكانية الاستثمار وفقاً للمعايير الإسلامية، إذ يمكن للمستثمرين شراء أسهم أو استثمارات يقول التطبيق إنها متوافقة مع الشريعة.
وتعرض المنصة خيارات استثمار متنوعة، تتجنب المعاملات المحرمة، مثل الفائدة (الربا).
"Finom"
تطبيق للمحاسبة المالية موجه للمسلمين الذين يرغبون في إدارة أموالهم بما يتماشى مع الشريعة الإسلامية.
ويركز على توفير خيارات مالية حلال في عمليات الدفع والتحويلات.
تطبيقات السياحة والتسوق الحلال
يقدم "Halal Trip" دليلاً شاملاً للمسلمين الذين يرغبون في السفر حول العالم، ومعلومات حول الأماكن الحلال، مثل الفنادق الحلال، المطاعم الحلال، والمعالم السياحية التي تتماشى مع القيم الإسلامية، ولديه ملايين المشتركين.
أما "HalalBox"، فهو تطبيق للتسوق عبر الإنترنت يقدم منتجات حلال من ملابس، مكملات غذائية، مستحضرات تجميل، ومأكولات حلال، ولديه مئات آلاف المشتركين.
يساعد هذا التطبيق المسلمين في شراء المنتجات التي تتوافق مع معايير الشريعة.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.