قناة السويس تفقد 80% من إيراداتها نتيجة التصعيد بالبحر الأحمر.. مخاوف من ركود محتمل وحلول “ضعيفة” أمام الحكومة المصرية

عربي بوست
تم النشر: 2025/01/04 الساعة 08:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/01/04 الساعة 08:51 بتوقيت غرينتش
قناة السويس/ shutterstock

تتزايد المخاوف في مصر من التصعيد الإسرائيلي اليمني في البحر الأحمر، خصوصاً مع شن تل أبيب مزيداً من الغارات الجوية والتهديدات بتوسيع العمليات ضد الحوثيين. هذه المخاوف انعكست على تحركات جرت خلال الأيام الماضية في مصر، وهدفت إلى التأكيد على أن قناة السويس تشهد تطويراً يمكن أن يسهل من مهمة مرور السفن التجارية مع بدء التشغيل التجريبي لمشروع ازدواج القناة، ما يشير إلى مساعي حكومية للاستفادة من تراجع حركة الملاحة في القناة نحو الاهتمام بالخدمات اللوجستية التي يمكن أن تساهم في عودة الملاحة إليها بقوة حال انتهاء التوترات.

كبّدت التوترات في منطقة البحر الأحمر مصر خسائر تبلغ نحو 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس خلال عام 2024، أي ما يعادل أكثر من 60% من إيراداتها مقارنة بالعام السابق، وفق تصريحات للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

الجهود الحكومية لا تعوّض الأهمية الاستراتيجية للقناة

تحدث مصدر بهيئة قناة السويس، شريطة عدم ذكر اسمه، موضحاً أن الاجتماع الذي عقده الرئيس المصري مع رئيس هيئة قناة السويس منذ أيام، جاء نتيجة المخاوف المتصاعدة من احتدام الصراع بين الحوثيين في اليمن وإسرائيل، وأن القاهرة تستعد لحالة ركود في القناة إذا ما ضاعف الحوثيون ضرباتهم ضد السفن المارة بالقرب من القناة في أعقاب التصعيدات الإسرائيلية ضدهم، وهو ما سيدفع مزيداً من السفن لتحويل خط سيرها نحو طريق الرجاء الصالح رغم مشكلات طول الوقت وارتفاع تكاليف الملاحة.

وأضاف المصدر ذاته، أن الأرقام المتوقعة تشير إلى احتمال فقدان 80% من إجمالي إيرادات القناة وخسارة تفوق 8 مليارات دولار، وهي أرقام ضخمة للغاية، وليس من المعروف الوقت الذي تحتاجه القناة لاستعادة عافيتها. وبالتالي، أصبح التركيز أكثر على توفير الخدمات اللوجستية وتقديم خدمات التأمين اللازمة ومحاولة امتصاص الكلفة الباهظة لتأمين السفن، وتحملها من جانب هيئة قناة السويس دون أن يقود ذلك إلى رفع رسوم عبور السفن.

وذكر أن القاهرة تحاول أن تبعث برسائل طمأنة إلى الشركات والدول التي بيدها قرار مرور السفن عبر القناة، وأن الجولة الأوروبية التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي أخيراً تضمنت التطرق إلى هذا الأمر، إلى جانب إعادة بناء اللوجستيات والتخطيط لجذب عوائد تصل إلى 12 مليار دولار في العام الواحد عقب استقرار الأوضاع.

وشدد على أن الحكومة اتجهت إلى بدائل أخرى يمكن أن تساهم في مرور حركة التجارة من خلالها عبر تطوير خطوط النقل البري وتدشين طرق جديدة تربط بين مصر ودول القارة الإفريقية تحديداً ليبيا وتشاد، إلى جانب تطوير النقل النهري والربط بين البحرين الأحمر والمتوسط من خلال خط القطار الكهربائي السريع، ومحاولة تقديم خدمات زهيدة الثمن لنقل البضائع بما يستهدف التخفيف من معدل 30% من أسعار السلع التي ترتبط بالنقل، بما يجعل هناك موارد بديلة للعملة الصعبة بدلاً من قناة السويس أو لحين عودة السفن إليها بشكل طبيعي.

وكشف المصدر ذاته أن كافة الجهود التي تقوم بها الحكومة المصرية في الوقت الحالي لا تعوّض الأهمية الاستراتيجية لقناة السويس. وفي الوقت ذاته، تبقى الحلول ضيقة، ويظل التعويل على سبل التأمين التي توفرها للسفن العابرة، إلى جانب البحث عن حلول سياسية يمكن أن تقود إلى التهدئة في قطاع غزة، بما يساهم في وقف التصعيد بين إسرائيل والحوثيين في الوقت الراهن.

توسعة جديدة رغم "الركود"

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استعرض في اجتماعه الأخير مع رئيس هيئة قناة السويس توسيع مساحة المجرى الملاحي من الكيلو 132 إلى الكيلو 162، لإتاحة مرور السفن العملاقة، والانتهاء من مشروع "الازدواج الكامل للمجرى الملاحي للقناة" من الكيلو 122 إلى الكيلو 132، مما يسهم في زيادة حجم الشحن وتسريع حركة مرور السفن في الاتجاهين.

وقال رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، في بيان إن "مشروع تطوير القطاع الجنوبي بشقيه يعد نقلة نوعية كبيرة، ستساهم في تعزيز الأمان الملاحي بالقناة وتقليل تأثيرات التيارات المائية والهوائية على السفن العابرة".

وأضاف أن هذا المشروع يتمثل في زيادة مساحة الازدواج 10 كيلومترات تضاف إلى "القناة الجديدة" التي جرى افتتاحها عام 2015، ليصبح طولها 82 كيلومترًا بدلاً من 72. من المتوقع أيضًا أن تؤدي التوسعة الجديدة إلى زيادة طاقة القناة من ست إلى ثماني سفن يوميًا، وستُفتتح بعد نشر الخرائط الملاحية الجديدة.

عودة القناة إلى سابق عهدها يحتاج إلى فترات طويلة

يقول مصدر حكومي مطلع على ذات الملف إن الاستفادة من العوائد الدولارية من قناة السويس ستشهد تراجعًا خلال الأشهر المقبلة، ليس فقط بسبب تطورات الحرب بين إسرائيل والحوثيين، ولكن لأن الحكومة تنوي أيضًا توجيه تلك الأموال نحو تطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي تضم عددًا من الموانئ والمناطق الصناعية على امتداد قناة السويس أو بالقرب منها.

وأضاف أن جزءًا من تلك الأموال سيوجه لأعمال تأمين السفن العابرة بقناة السويس وتوفير اللوجستيات التي يمكن أن تجذب السفن للعبور عبر القناة في ظل التوترات الحالية في البحر الأحمر، والاستفادة من تقليص زمن المرور، خاصة بعد نجاح التشغيل التجريبي لعملية الازدواج.

وشدد على أن مصر تدرك حجم الخسائر التي يسببها الصراع بين الحوثيين وإسرائيل، لكنها غير ساعية أو راغبة في التدخل فيه سواء مع هذا الطرف أو ضد الآخر. تتبنى موقفاً متباعداً كي لا تتضاعف خسائرها الاقتصادية حال تورطها في الحرب. وتعمل على الاستفادة من أساليب الردع التي تعتمد عليها، وتمثلت في إنشاء قاعدة عسكرية في الجنوب، إلى جانب تعزيز التنسيق المشترك مع القوات البحرية للدول المتشاطئة على البحر الأحمر، وكذلك تواجد قواتها بكثافة في منطقة باب المندب.

تحدث المصدر ذاته عن تضاعف دائرة استهداف الحوثيين للسفن العابرة لمضيق باب المندب في حال نفذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعده بشن حرب شاملة ضدهم، خاصة وأن ذلك يصعب حركة السفن شمالاً أو جنوباً داخل قناة السويس. وسيكون الأسلم لشركات التجارة العالمية أن تتخذ مسارات أخرى مع احتمالات تعرضها لخسائر تقدر بملايين الدولارات، وكذلك الوضع بالنسبة لشركات التأمين التي سيكون عليها منع السفن من المرور بالقرب من مضيق باب المندب، حتى وإن لم تكن هذه السفن لها علاقة مباشرة بإسرائيل أو الولايات المتحدة. وهو ما يعني أن الوضع سيزداد سوءاً.

وأكد على أن قناة السويس تأثرت بعمليات القرصنة التي تزايدت وتيرتها في منطقة البحر الأحمر، ثم جاءت تعطلات حركة التجارة العالمية بفعل انتشار فيروس كورونا، وبعدها أزمات سلاسل الإمداد والتوريد على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، ونهاية بحرب غزة. وهذا ما جعل هناك قناعة مصرية بأن التعويل على العودة إلى سابق عهدها يحتاج إلى فترات طويلة. والأفضل في هذه المرحلة التركيز على التطوير وتعزيز موارد العملة الصعبة من مسارات أخرى.

رفع القدرة التنافسية ليس وقتها

وبحاجة إلى مليارات الدولارات، وأجبرت التوترات في البحر الأحمر والتي ترتب عليها استهداف سفن شركات الشحن على تحويل مسارات السفن من قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الأطول حول إفريقيا، مما أثر على سير حركة التجارة العالمية بتأخير عمليات التسليم وزيادة التكاليف.

وتشير أحدث البيانات المتاحة إلى أن الإيرادات السنوية لقناة السويس تراجعت بنحو الربع في السنة المالية المنتهية في يونيو، إذ سجلت 7.2 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024 من 9.4 مليار دولار في 2022-2023. وتراجع معدل عبور السفن للقناة إلى 20148 سفينة في 2023-2024 من 25911 سفينة في السنة المالية السابقة عليها.

قال البنك المركزي المصري إن العجز في حساب المعاملات الجارية لمصر اتسع إلى 20.8 مليار دولار في العام المالي 2023-2024 من 4.7 مليار دولار في العام المالي السابق.

وذكر خبير اقتصادي تابع لهيئة قناة السويس أن عوائد القناة خلال هذا العام لم تتأثر فقط بالتصعيد بين إسرائيل والحوثيين، بل إن ذلك يعد استمراراً لموجات من عدم الاستقرار عانت منها القناة خلال السنوات الماضية بفعل أسباب مختلفة، أغلبها له علاقة بتطورات الصراعات الدولية وتصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

وشدد على أن مصر تدرك حجم الخسائر التي يسببها الصراع بين الحوثيين وإسرائيل، لكنها غير ساعية أو راغبة في التدخل فيه سواء مع هذا الطرف أو ضد الآخر. تتبنى موقفاً متباعداً كي لا تتضاعف خسائرها الاقتصادية حال تورطها في الحرب. وتعمل على الاستفادة من أساليب الردع التي تعتمد عليها، وتمثلت في إنشاء قاعدة عسكرية في الجنوب، إلى جانب تعزيز التنسيق المشترك مع القوات البحرية للدول المتشاطئة على البحر الأحمر، وكذلك تواجد قواتها بكثافة في منطقة باب المندب.

مخاوف ازدواج قناة السويس
مخاوف ازدواج قناة السويس قد تدفع إلى تأجيله – رويترز

تحدث المصدر ذاته عن تضاعف دائرة استهداف الحوثيين للسفن العابرة لمضيق باب المندب في حال نفذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعده بشن حرب شاملة ضدهم، خاصة وأن ذلك يصعب حركة السفن شمالاً أو جنوباً داخل قناة السويس. وسيكون الأسلم لشركات التجارة العالمية أن تتخذ مسارات أخرى مع احتمالات تعرضها لخسائر تقدر بملايين الدولارات، وكذلك الوضع بالنسبة لشركات التأمين التي سيكون عليها منع السفن من المرور بالقرب من مضيق باب المندب، حتى وإن لم تكن هذه السفن لها علاقة مباشرة بإسرائيل أو الولايات المتحدة. وهو ما يعني أن الوضع سيزداد سوءاً.

وأكد على أن قناة السويس تأثرت بعمليات القرصنة التي تزايدت وتيرتها في منطقة البحر الأحمر، ثم جاءت تعطلات حركة التجارة العالمية بفعل انتشار فيروس كورونا، وبعدها أزمات سلاسل الإمداد والتوريد على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، ونهاية بحرب غزة. وهذا ما جعل هناك قناعة مصرية بأن التعويل على العودة إلى سابق عهدها يحتاج إلى فترات طويلة. والأفضل في هذه المرحلة التركيز على التطوير وتعزيز موارد العملة الصعبة من مسارات أخرى.

رفع القدرة التنافسية ليس وقتها

وبحاجة إلى مليارات الدولارات، وأجبرت التوترات في البحر الأحمر والتي ترتب عليها استهداف سفن شركات الشحن على تحويل مسارات السفن من قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الأطول حول إفريقيا، مما أثر على سير حركة التجارة العالمية بتأخير عمليات التسليم وزيادة التكاليف.

وتشير أحدث البيانات المتاحة إلى أن الإيرادات السنوية لقناة السويس تراجعت بنحو الربع في السنة المالية المنتهية في يونيو، إذ سجلت 7.2 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024 من 9.4 مليار دولار في 2022-2023. وتراجع معدل عبور السفن للقناة إلى 20148 سفينة في 2023-2024 من 25911 سفينة في السنة المالية السابقة عليها.

قال البنك المركزي المصري إن العجز في حساب المعاملات الجارية لمصر اتسع إلى 20.8 مليار دولار في العام المالي 2023-2024 من 4.7 مليار دولار في العام المالي السابق.

وذكر خبير اقتصادي تابع لهيئة قناة السويس أن عوائد القناة خلال هذا العام لم تتأثر فقط بالتصعيد بين إسرائيل والحوثيين، بل إن ذلك يعد استمراراً لموجات من عدم الاستقرار عانت منها القناة خلال السنوات الماضية بفعل أسباب مختلفة، أغلبها له علاقة بتطورات الصراعات الدولية وتصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

تحميل المزيد