علم "عربي بوست"، من مصادر عراقية مطّلعة أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أجرى اجتماعاً موسعاً خلال اليومين الماضيين، ضم أغلب القادة السياسيين وقادة الحشد الشعبي، وزعماء فصائل المقاومة الإسلامية العراقية من أجل محاولة إقناع فصائل المقاومة العراقية بالتهدئة لبعض الوقت، حفاظاً على أمن واستقرار العراق.
وفي تقرير سابق لـ"عربي بوست"، قال قادة عسكريون من فصائل كتائب حزب الله وكتائب حزب الله النجباء، وهما أهم فصيلين في فصائل "المقاومة الإسلامية في العراق"، إنهم مستمرون في استهداف إسرائيل لإسناد حزب الله في لبنان، وأنهم يخططون لاستهداف المصالح الأمريكية في العراق والمنطقة إذا لزم الأمر.
القلق من انتقام إسرائيل
قبل أيام قليلة قال الجيش الإسرائيلي إن طائرة بدون طيار تابعة لإحدى الفصائل المسلحة العراقية قتلت جنديين وأصابت آخرين في مرتفعات الجولان السوري المحتل، أقلق هذا الخبر الحكومة العراقية التي تحاول تجنب أي انتقام إسرائيلي في الفترة المقبلة.
وفي هذا الصدد، قال قيادي سياسي عراقي مقرب من الحكومة العراقية لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم الإسناد، "نعلم أن هذه الحادثة سوف تقوم إسرائيل باستغلالها لضرب أهداف داخل العراق، لذلك يحاول السوداني احتواء الأمر، وحث فصائل المقاومة العراقية على التهدئة قليلاً".
وأضاف المتحدث قائلاً "صحيح أن الحكومة العراقية لا تعرف تحديداً من قام بإطلاق هذه المسيرة إلى الآن هل هي كتائب حزب الله أم النجباء، ولكن السوداني يحاول بكل الطرق حث كلا من كتائب حزب الله والنجباء بالتحديد على التهدئة إلى ما بعد الرد الإسرائيلي على إيران".
وفي نفس السياق قال مسؤول من الحشد الشعبي العراقي لـ"عربي بوست": "هناك قلق كبير داخل الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية الحكومية من أنشطة فصائل المقاومة العراقية في الفترة الأخيرة".
وأضاف المتحدث أن السوداني يحاول إطلاع هذه الفصائل على ما سيحل بالعراق إذا انزلق لهذا الصراع، ولكن الجميع يعلم أنه لا أحد في الحكومة يستطيع السيطرة على كتائب حزب الله والنجباء ومن الضروري أن يقتنعوا بأنفسهم بخطورة الموقف العراقي".
جدير بالذكر أن هيئة الحشد الشعبي العراقي هي مظلة تضم جميع الفصائل المسلحة العراقية التي تأسست للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014، وفي عام 2016 أصبحت هيئة الحشد الشعبي مؤسسة شبه عسكرية تعمل تحت سقف القوات المسلحة الحكومية العراقية، وتخضع لأوامر رئيس الوزراء وتتلقى رواتبها من موازنة الحكومة.
لكن الكيان الذي أطلق على نفسه اسم "المقاومة الإسلامية في العراق"، فهو يضم عدداً محدوداً من الفصائل المسلحة الشيعية العراقية المتواجدة تحت مظلة الحشد الشعبي، ويعمل بشكل منفصل عن تعليمات الحكومة، ويقاتل داخل وخارج العراق، إلا أنه يظل في النهاية جزءاً من وحدات الحشد الشعبي.
وتضم المقاومة الإسلامية في العراق أربعة فصائل مسلحة وهي: كتائب حزب الله، عصائب أهل الحق، كتائب النجباء، كتائب سيد الشهداء، وتعد كتائب حزب الله والنجباء من أنشط الفصائل داخل المقاومة الإسلامية العراقية، ونأت عصائب أهل الحق بنفسها عن العمل المسلح في الآونة الأخيرة واتجهت إلى العمل السياسي بشكل متزايد.
العراق في عين العاصفة
وقالت مصادر حكومية عراقية مطّلعة لـ"عربي بوست"، إن رئيس الوزراء العراقي عقد اجتماعاً موسعاً بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل مباشرة، وضم الاجتماع كافة القادة السياسيين والعسكريين والأمنيين وزعماء الفصائل المسلحة، لشرح عواقب أي تصعيد من داخل العراق على البلاد.
وقال مسؤول حكومي مقرب من السوداني لـ"عربي بوست": "حاول السوداني إيصال خطورة تورط العراق في الصراع الحالي إلى قادة الفصائل المسلحة بالتحديد، وقال لهم إن الأمريكان لن يترددوا في قصف منشآتهم وقواعدهم، إذا استهدفوا المصالح الأمريكية في العراق أو سوريا".
وأضاف المصدر ذاته قائلاً: "هناك عدد من القادة السياسيين العراقيين يرون أنه من الممكن أن يكون العراق هو التالي في الاستهدافات الإسرائيلية"، وبحسب المصادر العراقية المطّلعة على الاجتماع، فإن السوداني طلب من قادة فصائل المقاومة العراقية الانتظار إلى ما بعد الرد الإسرائيلي المحتمل على طهران.
وعلى الجانب الآخر، قال قيادي في كتائب حزب الله وكان حاضراً في هذا الاجتماع، لـ"عربي بوست": "نحن أيضاً نعلم خطورة الأمر، ونعلم أن النظام السياسي والاقتصادي في العراق ليس في أحسن حال، لكننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام الحرب الإسرائيلية على حزب الله، لقد ساعدنا حزب الله في حربنا ضد داعش بكل ما استطاع، وهذا وقت رد الجميل".
وأضاف المتحدث قائلاً "ولكننا وعدنا السوداني بأن نؤجل أي استهداف لإسرائيل، بعد الرد الإسرائيلي على طهران، ولكن في نفس الوقت، أخبرنا الجميع أنه إذا استهدفت إسرائيل طهران بشكل وحشي، وإذا شارك الأمريكان في هجوم إسرائيل على إيران، فإننا لن نستثني أحداً، وسنفي بوعدنا باستهداف إسرائيل والقواعد الأمريكية في العراق وخارج العراق".
إجراءات مشددة
وفي نفس السياق اتخذت هيئة الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية العراقية إجراءات مشددة لحماية المقرات والمنشآت العسكرية ومخازن الأسلحة التابعة للحشد الشعبي.
ويقول مسؤول أمني عراقي مقرب من الحشد الشعبي لـ"عربي بوست": "نتوقع أن تقوم إسرائيل بتوجيه ضربات لمنشآت ومقرات الحشد الشعبي أثناء ردها على طهران، بالرغم من محاولات تواصل السوداني مع إدارة بايدن، لكن لا شيء مضمون مع الإسرائيليين".
وأضاف المتحدث قائلاً "قام الحشد الشعبي بإخلاء كافة مقراته المنتشرة في جميع أنحاء العراق، وإعطاء إجازات للمقاتلين بالإضافة إلى تشديد الحراسات على وزارة الدفاع العراقية والمؤسسات الأمنية، لا نتوقع تهديداً للقادة السياسيين ولكن بالتأكيد هناك تهديداً لقادة الفصائل المسلحة خاصة المنتمية لفصائل المقاومة العراقية، وهم لديهم إجراءاتهم الخاصة".
وقال المسؤول الحكومي المقرب من السوداني لـ"عربي بوست": "إن السوداني وضع القوات المسلحة الحكومية في حالة تأهب قصوى، وزاد من الحراسات والتأمينات ونقاط السيطرة الأمنية في المنطقة الخضراء وحول السفارات العربية والأجنبية".
وتوقع قيادي في حركة النجباء استهداف إسرائيلي لمخازن الأسلحة التابعة للفصائل المسلحة العراقية، قائلاً لـ"عربي بوست": "مقراتنا ومخازن الأسلحة مكشوفة للأمريكان والإسرائيليين، كل ما نستطيع فعله هو إخلاء المقرات من المقاتلين، طلب السوداني إخلاء مقاتلي المقاومة العراقية من سوريا ولكننا لن نفعل ذلك في الوقت الحالي".
وأكد القيادي في حركة النجباء على موقف فصائل المقاومة العراقية قائلاً لـ"عربي بوست": "صحيح أننا وعدنا السوداني بأننا سنتوقف عن استهداف الإسرائيليين بعد الرد الإسرائيلي على طهران، ولكننا لن نتراجع عن موقفنا باستهدافهم مرة أخرى، واستهداف المصالح والقواعد الأمريكية في العراق وخارجه، في حالة تصاعد الأمور بين إسرائيل وإيران ومشاركة الأمريكان في الأمر".
وفيما يخص مساندة حزب الله اللبناني، قال قيادي من كتائب حزب الله لـ"عربي بوست": "مسألة دعم ومساندة حزب الله أمر لا يخص الحكومة العراقية، لأننا لا نتوقف عن استهداف الإسرائيليين، نحن وافقنا الحكومة على تهدئة مؤقتة لما بعد الرد الإسرائيلي على إيران، ولكننا في كتائب حزب الله سنستأنف استهداف الإسرائيليين مباشرة بعد انتهاء الرد الإسرائيلي على طهران".