بعد سنوات من التجميد… هل تدخل اتفاقية القاعدة الروسية في السودان حيّز التنفيذ؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/02/25 الساعة 08:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/02/25 الساعة 08:50 بتوقيت غرينتش
لقاء سابق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس المجلس العسكري السوداني عبدالفتاح البرهان / رويترز

مع تصاعد التنافس الدولي في البحر الأحمر، توصلت روسيا والسودان إلى تفاهم متبادل بشأن قضية بناء قاعدة بحرية روسية في بورتسودان، التي تأجل تنفيذها لسنوات بسبب الاضطرابات السياسية. وجاء هذا التطور في ظل حاجة الجيش السوداني إلى الدعم العسكري وتزايد الضغوط الغربية، خاصة بعد فرض العقوبات الأمريكية على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.

تمنح الاتفاقية روسيا موطئ قدم استراتيجي في المنطقة، ما يعزز انتشارها البحري وفق استراتيجيتها لعام 2022. وبينما تبقى تفاصيل التنفيذ غير واضحة، فإن الظروف الحالية تهيئ الأرضية للمضي قدماً في الاتفاق، وهو ما يتناوله هذا التحليل الصادر عن موقع "أسباب" لدراسات الجيوستراتيجية.

لا تزال معالم الاتفاق النهائي في السودان غير واضحة، لكن الظروف مهيأة لتنفيذه

أعلن وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، في 12 فبراير/شباط الحالي، رداً على سؤال عن الوضع الحالي للاتفاق بشأن القاعدة البحرية الروسية في السودان، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، قائلاً: "نحن متفقون تماماً بشأن هذا الأمر، ولا توجد عقبات، لقد توصلنا إلى تفاهم متبادل بشأن هذه القضية، لذلك فإن الأمر بسيط للغاية، لقد اتفقنا على كل شيء". وأكد الشريف أنه لا حاجة إلى اتفاق جديد، لأن الاتفاق الأصلي يحتاج فقط إلى التصديق عليه.

بات من المرجح أكثر إتمام الاتفاق الروسي السوداني، بعدما وضعت الولايات المتحدة قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان على قوائم العقوبات منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، خاصة مع تقدم الجيش السوداني في الخرطوم وقرب حسم المعركة في العاصمة، ما يمنح الجيش أريحية في إتمام الاتفاق.

توجد ضرورة ملحة لدى روسيا للحفاظ على موطئ قدم بحري استراتيجي في المنطقة ضمن استراتيجيتها البحرية التي أقرها الرئيس بوتين عام 2022، والتي تركز على التواجد في المحيط الهادئ، وهو ما يتطلب نقاط اتصال في البحرين المتوسط والأحمر. وبينما تفيد المؤشرات الأولية حتى الآن بانفتاح دمشق على مواصلة التعاون مع روسيا، فإن التواجد في البحر الأحمر سيمثل خطوة حاسمة لاستكمال الانتشار البحري الروسي الدولي تجاه المحيط الهادئ.

سوف تؤثر توجهات إدارة ترامب، التي لم تتضح بعد، تجاه السودان في مستوى علاقات الخرطوم مع موسكو. فقد فرضت إدارة بايدن العقوبات على البرهان بعد فشلها في إحداث أي اختراق في الملف السوداني. ومع قدوم إدارة ترامب، قد يتغير الموقف الأمريكي بخصوص الملف السوداني، وهو ما يبقي على احتمالات التأثير على الاتفاق مع روسيا. إذ سعى الجيش، بعد عزل البشير، إلى إنهاء عزلة السودان الدولية، وحرص على إعادة ضبط العلاقات مع الولايات المتحدة، بما في ذلك الاستعداد للتطبيع مع "إسرائيل"، وكان هذا التوجه عاملاً مهماً في قرار تجميد الاتفاق مع روسيا.

ترجع اتفاقية روسيا مع السودان لإنشاء قاعدة استراتيجية في بورتسودان إلى عام 2017، ولكن سقوط البشير عام 2019 ودخول السودان في اضطراب سياسي وأمني حالا دون تنفيذ الاتفاق، إلا أن القاعدة ظلت ورقة يلوح بها المجلس العسكري السوداني طيلة الفترة الماضية في سبيل تحسين علاقته مع الولايات المتحدة والقوى الغربية.

مع تأزم موقف الجيش الميداني في حربه مع قوات الدعم السريع وحاجته إلى الدعم العسكري، أعاد تفعيل الاتفاق مع روسيا من جديد، التي أوقفت دعم قوات فاغنر لقوات الدعم السريع. ومنذ أبريل/نيسان الماضي، تتواصل الزيارات المتبادلة بين الطرفين لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، والتي لا تزال مبهمة حتى الآن. لكن صيغة الاتفاق الأولي، التي وُقّعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تتضمن إنشاء قاعدة لوجستية بمدينة بورتسودان تقوم بمهام دفاعية، وتضم أربع سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، وما لا يزيد عن 300 فرد، لمدة 25 عاماً مع إمكانية تمديدها لمدة 10 سنوات. وتمنح القوات العسكرية الروسية القدرة على نقل الأسلحة والمعدات عبر بورتسودان والموانئ البحرية الأخرى والمطارات.

وقد صرح وزير الدفاع السوداني، ياسين إبراهيم، سابقاً بأن الحديث في الواقع لا يدور عن اتفاقية واحدة، بل عن أربع اتفاقيات متعلقة بالتعاون العسكري بين البلدين، تقضي بإنشاء ممثلية لوزارة الدفاع الروسية في السودان، وتسهيل دخول السفن الحربية الروسية إلى الموانئ السودانية، ومن ثم الاتفاق على إنشاء مركز دعم لوجستي روسي في السودان.

تحميل المزيد