كشفت مصادر فلسطينية لـ"عربي بوست" عن خطوات عملية متعلقة بالممر البحري من قبرص إلى غزة، بهدف إيصال المساعدات، من بينها تقديم شركة أمريكية على طلب ترخيص لإنشاء لسان بحري بغزة، إلى جانب معلومات عن شركة محلية لتنفيذ هذا المشروع، وتفاصيل عن مراحله.
وأفادت المصادر الفلسطينية المطلعة بأن شركة "World Central Kitchen" قدمت لوزارة النقل والمواصلات في رام الله طلباً للحصول على ترخيص لإقامة لسان بحري على شاطئ مدينة غزة (شمالاً)، وأنها حصلت على "موافقة مبدئية" منها.
الشركة المعروفة اختصاراً "WCK" هي مؤسسة خيرية أمريكية، مختصة بتوفير الطعام للسكان الذين يعانون من الأزمات، وقدمت -بحسب المصادر- طلباً للحصول على ترخيص لإنشاء اللسان بحري، ولكن عبر الاتفاق مع شركة مقاولات محلية في قطاع غزة التي ستقوم بدورها بتنفيذ المشروع، لا سيما أن الشركة الأمريكية غير مختصة بذلك.
وقالت إن الشركة الأمريكية (WCK) توصلت إلى اتفاق مع "شركة الخيسي" المحلية في غزة، وذلك للبدء بتنفيذ مشروع إنشاء لسان بحري بغزة يكون عائماً، من عمليات تجريف وتجهيز، وإنه من المزمع أن يستغرق إنشاؤه 3 أسابيع.
الموافقة ربطتها وزارة النقل الفلسطينية بشروط للشركة المشغلة للسان البحري بغزة، متعلقة بتوزيع المساعدات على سكان غزة وتأمينها، ومعايير معينة لتزويد الأهالي بالمساعدات بعد وصولها.
تواصل "عربي بوست" مع وزارة النقل الفلسطينية بشأن هذه المعلومات، لكن المتحدث باسمها فضّل عدم التعليق عليها، مشيراً إلى أن التعقيب على هذه المسألة يستوجب أن يكون من المستوى السياسي في رام الله لحساسيته.
في حين تواصل الموقع كذلك مع بلدية مدينة غزة، التي أكدت عدم اختصاصها بما يتعلق بإصدار التراخيص للميناء، وأن وزارة النقل في رام الله الجهة الرسمية المخولة بذلك.
موقع محتمل لإنشاء لسان بحري بغزة
بحسب المصادر ذاتها، فإن إنشاء لسان بحري بغزة من المزمع أن تشهده منطقة البيدر غرب مدينة غزة، التي قالت إنه شملتها عمليات مسح من الجيش الأمريكي لمعاينتها بهدف دراسة إمكانية إقامته عليها.
في تقرير سابق لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، كانت قد كشفت عن أن أمريكا بحثت عدة أماكن على شواطئ قطاع غزة لتنفيذ المشروع البحري فيها، وأنه قد يتم بناؤه في شمال وادي غزة.
بحسب ما نقلته "القناة 12" العبرية، فإنه من المتوقع أن يبلغ طول اللسان البحري حوالي 550 متراً، متصلاً بالشاطئ، على أن يكون اللسان عائماً.
في حين أفادت مصادر من داخل حركة حماس في غزة لـ"عربي بوست"، بأنها لا ترى مشكلة في إنشاء لسان بحري بغزة، وإنها لا تعترض على ذلك، بهدف وصول المساعدات إلى سكان القطاع الذين يعانون المجاعة.
World Central Kitchen وإنشاء لسان بحري عائم بغزة
عند البحث في موقع مؤسسة "World Central Kitchen" التي أسسها الشيف الشهير خوسيه أندريس، المختصة بتوفير الطعام للسكان الذين يعانون من الأزمات، فإنها نشرت في 8 مارس/آذار 2024، تقريراً يتضمن تفاصيل بشأن دورها في الممر البحري من قبرص إلى غزة.
أفادت المؤسسة الخيرية في التقرير بأنها ستقوم بالفعل بإنشاء لسان بحري بغزة، وذلك لاستقبال سفينة إسبانية تدعى "Open Arms" ترسو في ميناء لارنكا على الساحل الجنوبي في قبرص، موضحة أنها تقوم بتحميل المساعدات الإغاثية على متنها.
بحسب مواقع تتبع السفن، فإن السفينة لا تزال في ميناء "لارنكا" الذي يبعد عن غزة 370 كيلومتراً، في حين تستغرق مدة الإبحار من هذا الميناء في قبرص وإلى غزة 14 ساعة على الأقل.
وستقطع الإمدادات مسافة 210 أميال بحرية إلى شمال غزة، بعد اجتياز نقطة تفتيش أمنية إسرائيلية، بحسب بيان للشركة المالكة للسفينة.
في حين تواصل "عربي بوست" مع شركة الخيسي في غزة للحصول على تعليق منها، إلا أنه لم يتلق رداً بعد.
و"الخيسي"، شركة للصناعة والتجارة العامة والمقاولات مقرها يقع في غزة، وتعمل في القطاع منذ عام 2013.
مراحل تنفيذ مشروع الممر البحري
كشفت مصادر فلسطينية في غزة عن أنه وفق اطلاعها، فإن مشروع إيصال المساعدات بحراً إلى غزة سيقوم على 3 مراحل من حيث التنفيذ:
– المدى القصير: نقل مساعدات إلى غزة بواسطة سفن شحن كبيرة وتفريغها عبر سفن الإنزال في ميناء مدينة غزة، بالتنسيق مع شركات محلية.
– المدى المتوسط: إنشاء منصة عائمة على سواحل غزة لتفريغ ناقلات البضائع، لم يتم تحديدها بعد، والمكانين المحتملين هما شواطئ مدينة غزة (شمالاً)، أو خان يونس (جنوباً).
– المدى البعيد: تدشين ميناء مغلق في المنطقة لم يتم الاتفاق بعد على مكانه، وقد يكون في موقع اللسان البحري العائم ذاته.
يذكر أنه في مدينة غزة لا يوجد سوى ميناء صيد صغير فيها، غير ملائم للسفن الكبيرة، وكذلك الأمر بالنسبة لخان يونس، التي فيها رصيف طويل يمتد في البحر تستخدمه عادة قوارب الصيد.
بالإضافة إلى أن معظم ساحل غزة شواطئ رملية، ولا تستطيع السفن الكبيرة الاقتراب منها دون تجريفها.
قام "عربي بوست" من خلال صور الأقمار الصناعية بتتبع مناطق شواطئ قطاع غزة، ولم يلحظ حتى الآن تغييراً فيها، في حين أكدت المصادر أن عمليات تجريف من شركة World Central Kitchen ستبدأ خلال الأيام المقبلة، تمهيداً لوصول المساعدات، ولكن بعد حصولها على الترخيص النهائي للبدء بذلك.
يُشار إلى أنه بموجب اتفاق أوسلو في 1993، وعدت الدول الأوروبية ببناء ميناء بحري بالقرب من مدينة غزة في شمال القطاع، لكنها انهارت بعد الانتفاضة الفلسطينية في عام 2000.
في عام 2022، أعاد الاتحاد الأوروبي إحياء الموضوع، لإقامة ميناء بحري في غزة، الأمر الذي قالت عنه المصادر إنه لم يحظ بقبول مصري حينها، دون مزيد من التفاصيل.
عملية تجريبية لاختبار الممر البحري
دور السفينة التابعة لمجموعة المساعدة الإسبانية "Open Arms"، أعلنت عنه رسمياً رئيسة المفوضية الأوروبية أرسولا فون دير لاين، موضحة أنها تنتظر في قبرص للحصول على إذن لتوصيل المساعدات الغذائية من شركة World Central Kitchen إلى غزة.
وأفادت بأن السفينة ستقوم برحلة تجريبية لاختبار الممر في الأيام المقبلة.
في حين أوضح مؤسس شركة Open Arms، أوسكار كامبس، لوكالة "أسوشيتد برس"، أن السفينة من المقرر أن تغادر يوم السبت أو الأحد، وستستغرق يومين إلى ثلاثة أيام للوصول إلى مكان غير معلوم، حيث تقوم مجموعة World Central Kitchen ببناء رصيف لاستقبالها".
وأضاف أن المؤسسة لديها 60 مطبخاً للطعام في أنحاء غزة لتوزيع المساعدات.
وأضاف أن السفينة ستسحب بارجة محملة بـ200 طن من الأرز والدقيق، بالقرب من شاطئ غزة، وأنه سيتم بعد ذلك استخدام القوارب العائمة في المرحلة الأخيرة المعقدة لسحب البارجة إلى الرصيف.
مشروع "أمالثيا" لإغاثة غزة
المشروع بحسب الاتحاد الأوروبي أطلقته بروكسل تحت مسمى "أمالثيا" مع الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات وقبرص ودول أخرى معنية، بإنشاء ممر بحري لإيصال المساعدات الإنسانية بحراً إلى قطاع غزة.
تعني "أمالثيا" إلهة العطاء، إذ تعود التسمية إلى اسم الأم الحاضنة لزيوس في الأساطير اليونانية التي أطعمته وحمته.
وكانت الشركة الخيرية الأمريكية "WCK" قدمت أكثر من 32 مليون وجبة لسكان غزة، عبر إرسالها آلاف الشاحنات المليئة بالوجبات والمياه ومعدات الطبخ، والمشاركة في عمليات الإنزال الجوي للوجبات في المناطق التي يصعب الوصول إليها في شمال غزة.
مخطط فتح الممر البحري إلى غزة أعلن عنه لأول مرة على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عقب قمة المجلس الأوروبي في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023.
دبلوماسي قبرصي كبير كشف لموقع "يورونيوز"، عن أن الخطة لم تتحقق حتى تدخلت واشنطن التي أقنعت إسرائيل بالسماح باستخدام ساحل غزة للأغراض الإنسانية ووصول المساعدات الإغاثية.