رغم أن الموعد الطبيعي للانتخابات الإسرائيلية هو في عام 2026، ولكن بعدما هزت عملية طوفان الأقصى ثقة الإسرائيليين في نتنياهو، باتت الدعوات تتصاعد لعزله وإقالة الحكومة الإسرائيلية، ولكن هذا الأمر يحتاج لانقلاب داخلي في الليكود أو انهيار الائتلاف الحكومي.
يقول تقرير لصحيفة Maariv الإسرائيلية إنه من حيث القيمة الاستراتيجية: هل من الصواب والحكمة إجراء انتخابات بالتزامن مع الحرب؟ ماذا لو تم حل الكنيست وتفاخر يحيى السنوار بالقول إن "نتنياهو هدد بإحضار رأسي، وفي النهاية أحضرت أنا رأسه"؟ وكيف ستدير إسرائيل حملة عسكرية في الشمال وسط حملة سياسية؟ وماذا لو كان تقديم الانتخابات يضر بإدارة الجبهة ضد حسن نصر الله؟.
السؤال الثاني عملي تكتيكي: من سيضغط الزر؟ من سيفكك تحالف الائتلاف الحكومي؟ الجواب عن هذه المعضلة ليس الأفضل؛ فهو جواب لا يعطي حلاً. لكن بعد 7 من أكتوبر/تشرين الأول، لا وجود لإجابات مريحة؛ وإنما أكثر إزعاجاً، حسب الصحيفة.
تقول الصحيفة إن المبدأ الذي يمنح الحصانة للحاكم والحكومة ما دامت الحرب دائرة يميز الأنظمة المستبدة. فقد أخطأ نيفيل تشامبرلين وجوزيف ستالين في تحليل نوايا أدولف هتلر، كما أخطأ بنيامين نتنياهو في تحليل نوايا السنوار. وأقال البريطانيون تشامبرلين بعد ثمانية أشهر من اندلاع الحرب العالمية الثانية.
أما الروس فلم يستطيعوا إقالة ستالين. واستمر في الإساءة إلى شعبه، وتجويعه، وقتله، ونفيه، وإرساله إلى الأشغال الشاقة في معسكرات العمل. ولذا حين يزعم البعض اليوم أن إطاحة نتنياهو وحل الحكومة الإسرائيلية أو الكنيست أو كليهما بمثابة تقديم هدية لحماس كمن يقول إن إطاحة تشامبرلين كانت هدية لهتلر.
إن الديناميكيات السائدة في المجتمع الإسرائيلي تدعو إلى إسقاط الحكومة. وبما أن حالة إسرائيل أقرب لبريطانيا في مطلع الحرب العالمية الثانية منها للاتحاد السوفييتي فسيتركز تأثير الجمهور حتماً على النظام السياسي.
تقول صحيفة Maariv الإسرائيلية إن أفضل نتيجة طالما لا تزال إسرائيل تقاتل في ظل حالة انعدام الثقة هي تشكيل حكومة وحدة واسعة النطاق دون حل الكنيست والتوجه إلى الانتخابات، كما اقترح يائير لابيد وأفيغدور ليبرمان. لكن هذه الخطوة غير عملية؛ لأنه يستبعد أن يضم الليكود خمسة رجال عقلاء يدعمون هذه الخطوة.
كيف ستنهار الحكومة الإسرائيلية؟
ولذلك فالسؤال العملي هو من سيبادر ويطلق الدعوة إلى انتخابات مبكرة؟. الجواب الواضح في هذه اللحظة هو إيتمار بن غفير. إذ يتمتع زعيم حزب العظمة اليهودية بالقدرة على تفكيك الحكومة بطريقين: ببقائه أو تنحيه، ويبدو أن كلا الإجراءين يعززان هذه الخطوة، مع احتمال أن يكون بقاؤه أكثر تأثيراً من استقالته.
وتذبذب بتسلئيل سموتريتش في ما يتعلق بفرض الضرائب على المشروبات السكرية والأطباق التي تستخدم لمرة واحدة، بالإضافة إلى سوء إدارة أموال الائتلاف، على الرغم من تعرضه لانتقادات علنية، يشير أيضاً إلى أن أيام الحكومة باتت معدودة.
إن كل لحظة في السلطة لها أهمية كبيرة، ومن هنا يأتي إحباط الشركاء اليهود المتشددين من بن غفير، الذي يسرّع زوال الحكومة. إذ تشير تصرفاته الأخيرة، مثل الإعلان عن عدم تمديد فترة ولاية مفوضة السجون الإسرائيلية كاثي بيري (بالمخالفة للنفق تشكيل حكومة الحرب) إلى اتجاه يحتفظ فيه من يمتثلون له فقط بمناصبهم.
نتنياهو يسترضي بن غفير بأموال الدولة وهذا قد يسرع بإسقاط الحكومة
وفي حالة بن غفير، كما في حالات أخرى، اختار نتنياهو إدارة الصراع بتقديم حوافز مالية من خزينة الدولة الإسرائيلية لهذا الوزير الاستفزازي. ووصل بن غفير إلى نتيجة واضحة بأن الاستفزاز ليس مسموحاً به فحسب، بل ضروري لتحصين قاعدة دعمه وتوسيعها. ومع كل تصريح يصدره نتنياهو، يصعد بن غفير إلى مستوى آخر من الاستفزازات.
وكل صعود يزيد من المعارضة الشعبية للحكومة ويسرع من احتمال رحيل بيني غانتس وجدعون ساعر. وحين يتنحيان، سيكون بن غفير مستعداً لتفكيك الحكومة، بعد أن يسمح له نتنياهو بالوصول إلى مكانة لا تؤدي إلا إلى انتخابات.
وحتى لو أراد بن غفير التوقف في آخر لحظة، فسيواجه صعوبات في كبح الديناميكية التي بدأها.
تقول الصحيفة إنه كان بإمكان نتنياهو أن يُظهر القليل من الحنكة السياسية بكبح هذا الوزير الجامح؛ وفي كل الأحوال، فلم يكن بن غفير ليقدم استقالته أثناء الحرب. وحتى لو اختار الاستقالة، فغانتس وساعر سيوفران للحكومة الأغلبية اللازمة حتى نهاية الصراع. لكن ما يفعله نتنياهو هو أنه يسمح لبن غفير بالتسبب في مشكلات ستتفاقم بعد ستة أشهر من الحرب.
فحين توجد أغلبية واضحة في الجمهور لا تثق بالحكومة، فأيامها ستصبح معدودة. سواء بسبب إيتمار بن غفير، أو بسبب تحركات الائتلاف في أعقاب أي احتجاج مستقبلي لجنود الاحتياط، أو لأي سبب آخر. وعام 2024، من المؤكد أن أحدهم سيضغط الزر.