فورين بوليسي: كيف نجحت حماس في تحقيق أهدافها من الحرب بينما أخفقت إسرائيل؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2023/12/19 الساعة 16:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/12/19 الساعة 16:21 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/رويترز

كانت عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول بمثابة نجاح تكتيكي مثير للإعجاب لحركة حماس، حسب وصف مجلة The Foreign Policy الأمريكية، ولكن مع تخطي العملية العسكرية لإسرائيل في غزة مدة الشهرين، وبعد الدمار الوحشي الذي ألحقته، مَن استطاع تحقيق أهدافه، حماس أم إسرائيل، وهل نجاحات حماس ستتواصل؟ وفي المحصلة النهائية مَن سيفوز؟

الآن تحاول قوات الاحتلال الإسرائيلية زيادة قبضتها على غزة، تاركة قسماً كبيراً منها في حالة خراب، ونحو 19 ألف فلسطيني قتلى، تتساءل المجلة الأمريكية ما الذي يمكن أن تقول حماس إنها حققته؟

تقول المجلة إنه "من المفيد أن نفكر في ما أنجزته حماس، وأين فشلت؟ من خلال دراسة من ثلاثة أبعاد مختلفة: صراع حماس ضد إسرائيل، والساحة الفلسطينية الداخلية، وموقف الحركة الدولي".

نجاحات حماس ضد إسرائيل كما تراها المجلة الأمريكية

جلب هجوم حماس الألم لإسرائيل وحطّم إحساسها بالأمن – وكلاهما من أهداف حماس. فقد فضح الهجوم اعتقاد الحكومة الإسرائيلية الراسخ بأنَّ حماس تفتقر إلى النية والقدرات اللازمة لشن هجوم واسع النطاق على الأراضي الإسرائيلية. وهذا الافتراض، على الرغم من الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك، ترك إسرائيل غير مستعدة لغزو حماس المدمر. إنَّ الفشل الاستخباراتي الناجم عن ذلك، ومستوى الهجوم، الذي قيل إنه كان أكثر نجاحاً مما توقعه حتى مخططو حماس، سوف يترك ندوباً نفسية عميقة على المواطنين الإسرائيليين، ويجبر إسرائيل على إعادة تقييم نهجها في التعامل مع الأمن.

من المستوطنات للأقصى.. إسرائيل كانت تقتل القضية الفلسطينية ببطء

حتى 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان بوسع الإسرائيليين أن يتجاهلوا حماس والفلسطينيين عامةً إلى حد كبير، باستثناء الصواريخ المتفرقة التي تُطلَق على إسرائيل من غزة والتي تعاملت الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية مع غالبيتها. وعند اندلاع الأزمات العرضية، كما كان يحدث كل بضع سنوات، يتفق الجانبان في نهاية المطاف على اللجوء إلى نسخة ما من الوضع السابق. لكن من وجهة نظر حماس، كان هذا الوضع يخنق القضية الفلسطينية ببطء، مع انتصار إسرائيل على الأرض. فمع مرور العام تلو الآخر، كانت المستوطنات تتوسّع في الضفة الغربية، في حين كانت غزة في أفضل الأحوال تعاني من الركود، مع تضاؤل ​​الأمل لشعبها، (والانتهاكات بحق المسجد الأقصى وصلت لمستوى غير مسبوق، يهدد بتقسيمه أو حتى الاستيلاء عليه، بل تدميره).

 لكن الآن يتعيَّن على الإسرائيليين النظر إلى الصراع غير المنتهي مع الفلسطينيين بدلاً من تجاهله.

رد فعل إسرائيل يمكن أن يقوِّي الحركة الفلسطينية

ومن الممكن أن يؤدي رد إسرائيل أيضاً إلى تقوية حماس. فقد نجحت حماس في إعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأخبار العالمية، وستعمل الحرب الإسرائيلية على غزة ـمع التكاليف الباهظة التي يتكبدها المدنيون في غزة ـ على إبقاء حماس هناك، حسب المجلة الأمريكية.

ويخدم الهجوم البري الإسرائيلي رواية حماس عن العدوان الإسرائيلي، ويعزل إسرائيل عن الدول العربية التي كانت تتطلع للتطبيع معها، ويؤدي إلى تفاقم التوترات الإقليمية. وعلى المدى الطويل، سيعمل الصراع على تعزيز جيل جديد من سكان غزة الذين لديهم مظالم ضد إسرائيل، وهو ما يمكن أن يعزز الدعم لحماس في المستقبل.

حماس عادت لتقود المقاومة الفلسطينية بعدما كادت تتحوّل لشرطي خاص بإسرائيل

استعادت حماس ما يمكن القول إنها أوراق اعتمادها بأنها حركة مقاومة بين الشعب الفلسطيني. بعد سيطرة حماس على غزة عام 2007، وجدت نفسها في مواجهة المطالب اليومية لإدارة غزة. وكان هذا يتطلب في كثير من الأحيان تجنب الصراع مع إسرائيل لضمان عدم زيادة الضغوط الاقتصادية الكبيرة بالفعل على غزة، وعدم شن إسرائيل ضربات عسكرية مدمرة عليها. 

وهذا بدوره دفع حماس إلى الحد من هجماتها، وفي بعض الأحيان الابتعاد عن القتال بينما تقصف إسرائيل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. ونتيجة لذلك، وجدت حماس نفسها في موقف ضابط شرطة إسرائيلي وليس عدوها اللدود، الأمر الذي أغضب جناحها العسكري وأدى إلى انتقادات من الدوائر التي تصفها المجلة بالمتشددة، مفادها أنَّ الحركة تتخلى ببطء عن الكفاح المسلح.

نجاحات حماس
فلسطينون يحتفون فوق دبابة أحرقت خلال عملية طوفان الأقصى/رويترز

وقد أدت هجمات حماس الفعالة إلى زيادة الدعم للمقاومة عامةً وأعادت أوراق اعتماد حماس تحديداً. على الرغم من أنه لم تتوفر حتى الآن استطلاعات قوية لفترة ما بعد أكتوبر/تشرين الأول، لكن استطلاعات الرأي المحدودة للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وكذلك التقارير السردية، التي تغطي 7 أكتوبر/تشرين الأول، تشير إلى دعم قوي لعملية طوفان الأقصى، وتشير إلى أنَّ الرد الإسرائيلي في كل من غزة والضفة الغربية أثار غضب العديد من الفلسطينيين الذين ليسوا من أنصار حماس. إضافة إلى ذلك، رحّبت الضفة الغربية بالسجناء الفلسطينيين الذين أطلقت إسرائيل سراحهم، في صفقة تبادل الأسرى مع حماس، باعتبارهم أبطالاً – وهو انتصار واضح لحماس، التي يمكن أن تجادل بأنَّ هجماتها، وليست المفاوضات التي تجريها السلطة الفلسطينية المنافسة؛ هي التي أدت إلى إطلاق سراح الأسرى.

وكل هذا يأتي على حساب السلطة الفلسطينية، التي من خلال عدم القتال، بل حتى قمع المظاهرات المناهضة لإسرائيل، بدت جبانة مقارنة بحماس. إضافة إلى أنَّ الرد الإسرائيلي الذي أثارته حماس يشوّه أيضاً مصداقية أولئك الذين يزعمون أنَّ إسرائيل يمكن أن تكون شريكاً للسلام.

وطوفان الأقصى أعاد القضية الفلسطينية لصدارة اهتمامات العالم 

لسنوات عديدة، بدا النزاع الفلسطيني الإسرائيلي في مؤخرة اهتمامات العالم. إذ ركزت الولايات المتحدة على احتواء الصين والحرب الروسية الأوكرانية، في حين كانت الحكومات العربية راضية بتجاهل هذه القضية إلى حد كبير على الرغم من بعض الخطابات المتشدقة من حين لآخر. والآن صارت القضية الفلسطينية في مقدمة الأجندة العالمية وفي قلبها.

ويعزز رد إسرائيل صوتها كقوة احتلال تقمع الفلسطينيين بوحشية، كما أنَّ استمرار الصراع والأزمة الإنسانية اللاحقة في غزة يقوضان صورة إسرائيل في المنطقة ويعززان الدعم لأولئك الذين يعارضونها. 

ورغم أنَّ إيران تنفي تورطها المباشر في الهجوم، لكن نجاح العملية قد يشجّع طهران على تعزيز استثمارها في "محور المقاومة"، وهي شبكة إقليمية من الجماعات المسلحة التي تهدف إلى زعزعة استقرار إسرائيل وحلفائها.

نجاحات حماس
مجلس الأمن الدولي اجتمع مراراً لبحث الوضع في غزة/رويترز

يُضاف إلى ذلك أنَّ الحرب الإسرائيلية على غزة أوقفت مؤقتاً محادثات التطبيع التي تدعمها الولايات المتحدة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. وإذا اعترفت الرياض بإسرائيل، فإنها ستضع الأسس للدول العربية الأخرى لتفعل الشيء نفسه. وهذا من شأنه ترك حماس معزولة على نحو متزايد ومع عدد قليل من الشركاء للدفاع عن القضية الفلسطينية. لكن بعد الهجوم، نأى القادة السعوديون بأنفسهم عن إسرائيل وأصدروا بيانات تدعم الفلسطينيين. وكان الهدف من هذه الإجراءات إلى حد كبير تهدئة سكان البلاد المؤيدين للفلسطينيين بأغلبية ساحقة، حسب المجلة الأمريكية، ويشير هذا إلى أنَّ حذر الرياض من التطبيع الذي كان موجوداً قبل الأزمة، صار الآن أعلى بكثير.

وبعيداً عن الشرق الأوسط، ولّدت الحرب قدراً كبيراً من الدعم للقضية الفلسطينية. وخرجت مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء أوروبا. ومع استثناءات قليلة، يرى الجنوب العالمي الحرب على أنها حرب دولة قوية تهاجم سكاناً عُزلاً ويأسف لما يعتبره كثيرون نفاق الغرب، الذي يدافع عن أوكرانيا بينما يتجاهل حقوق الفلسطينيين.

حتى في الولايات المتحدة باتت محوراً للنقاش

ويمكن لحماس إعلان بعض الانتصارات في الولايات المتحدة. على الرغم من أنَّ معظم الجمهوريين والرئيس الأمريكي جو بايدن يحتضنون إسرائيل، فإنَّ الحزب الديمقراطي الأوسع منقسم.

إذ ينتقد الديمقراطيون الشباب على وجه الخصوص إسرائيل. وعلى الرغم من عدم دعم أي منهم لحماس، فقد دعا بعض المُشرَّعين الديمقراطيين إلى وقف إطلاق النار، وفرض قيود على المساعدات العسكرية الأمريكية، واتخاذ خطوات أخرى تتعارض مع السياسات الإسرائيلية.

ويعتقد على نطاق واسع أن قطاعاً كبيراً من الشباب الأمريكي بات مؤيداً للقضية الفلسطينية.

وأشارت بيانات دراسة جديدة أُجريت على 2035 شخصاً، إلى أنه كلما طال أمد القتال في غزة، تحرك الرأي العام للشباب الأمريكي لصالح حركة حماس والفلسطينيين.

الدراسة التي نشرتها شركة Harris Insights and Analytics ومركز الدراسات السياسية الأمريكية بجامعة هارفارد أظهرت نتائج مفاجئة، وهي أن ثلثي الشباب الأمريكيين (67%) الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً يعتقدون أن اليهود طبقة من المضطهِدين (تضطهد الفلسطينيين) ويجب معاملتهم (اليهود) كذلك، حسبما ذكر موقع "يورونيور" باللغة العربية.

مظاهرات دعم لفلسطين في جامعة هارفارد الأمريكية/رويترز

وبحسب استطلاع الرأي، فإن 51% من هذه الفئة العمرية في الولايات المتحدة يعتقدون أن الحل العادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو "نهاية إسرائيل وتسليم البلاد لحركة حماس والفلسطينيين".

كما أيّدت النسبة نفسها حركة حماس، في الحرب الدائرة حالياً في قطاع غزة.

واعتبر البروفيسور يوسي شين من جامعة تل أبيب وجامعة جورج تاون أنه "في جميع الجامعات الأمريكية، كان هناك منذ عقود نشاط قوي للغاية للمنظمات المؤيدة للفلسطينيين واليساريين التي تؤكد على كون إسرائيل دولة احتلال ترتكب جرائم ضد الفلسطينيين"، لافتًا إلى أن "هذه الأرقام مقلقة"، حسب تعبيره.

وأشار شين إلى أنه "بالنسبة للشباب الأمريكيين، أصبح من الرائع أن تكون ضد المحتل الإسرائيلي الوحشي".

وإحدى الإحصائيات في الاستطلاع الجديد أظهرت أن 60% من الشباب يعتقدون أن قتل 1200 إسرائيلي واختطاف 250 آخرين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر خلال عملية طوفان الأقصى يمكن تبريره في ضوء الظلم الواقع على الفلسطينيين.

ضريبة النجاح التي دفعتها حماس تشبه التي دفعتها حركات المقاومة عبر التاريخ

مهما كانت المكاسب التي حققتها حماس، فإنها تأتي بتكلفة باهظة، حسب تقرير مجلة The Foreign Policy الأمريكية.

وقال التقرير إنه من المرجح أن تتدهور قيادة حماس وأجهزتها العسكرية بسبب الحرب الإسرائيلية؛ إذ تدّعي إسرائيل أنها قتلت العشرات من القادة وأكثر من 7000 من مقاتلي حماس. علاوة على ذلك، من المرجح أن تستمر إسرائيل في حملة الاغتيالات ضد قادة حماس لسنوات أو حتى لعقود قادمة.

ولكن هناك شكوكاً كبيرة في دقة الأرقام التي تعلنها إسرائيل، حتى من قبل محللين غربيين، كما أنها لم تقدم أدلة على مزاعمها.

وبطبيعة الحال، فإنَّ الناس العاديين في غزة سيدفعون الثمن الأعلى. إنَّ العديد من القتلى الذين وصل عددهم حتى الآن لنحو 19 ألفاً هم من الأطفال، والدمار الذي لحق بقطاع غزة وتشريد قسم كبير من سكانه من شأنه خلق أزمة دائمة حتى لو توقف إطلاق النار قريباً. وسيحتاج سكان غزة إلى إعادة بناء القطاع، مع مساعدة عالمية ستكون محدودة، إن توفرت.

ولكن رغم ضخامة الخسائر غير المسبوقة في تاريخ الشعب الفلسطيني، ولكن يجب ملاحظة أن معظم حركات التحرر الوطني حققت نجاحاتها الكبرى دوماً بعد قيامها بتصعيد عسكري أعقبه خسائر بشرية كبيرة لحقت بالأساس بالمدنيين مثلما حدث للفيتاميين مع الأمريكيين (خاصة بعد هجوم تيت)، حيث وصلت خسائر الفيتناميين البشرية إلى نحو 3 ملايين في بعض التقديرات وتكرر الأمر نفسه مع ثورة الشعب الجزائري ضد فرنسا التي منحت البلاد لقب بلد المليون ونصف شهيد.

ما الذي حققته إسرائيل مع دخول الحرب شهرها الثالث؟ هدف تفكيك حماس يبدو بعيد المنال

في المقابل، لم تتطرق المجلة لحصيلة مكاسب وخسائر إسرائيل من الحرب، وهل حققت أهدافها أم لا حتى الآن.

ولكن يمكن ملاحظة أنه منذ إطلاق العملية العسكرية الإسرائيلية رداً على طوفان الأقصى، حددت إسرائيل هدفين، الأول القضاء على حماس، والثاني استعادة أسراها.

فمع دخول الحرب على غزة شهرها الثالث، تبدو إسرائيل بعيدة تماماً عن هدف تفكيك حماس، فها هي بعد أكثر من شهرين من الاجتياح البري، تكشف عن أول نفق ضخم من شبكة الأنفاق الطويلة التي يعتقد أن طولها يصل إلى 500 كلم، وهو نفق يبدو أنه لم يعد مستخدماً وبدا الكشف الذي لم يتضمن عرض أي أسرى أو جثث كأنه دعاية لحماس أكثر منه نيلاً منها.

وتواصل كتائب عز الدين القسام ومجموعات المقاومة الأخرى استهداف الجنود والمدرعات الإسرائيلية بوتيرة تفوق بداية الحرب وخسائر إسرائيل تتفاقم وسط مؤشرات على أن جيش الاحتلال لا يعلن عنها بالكامل كما أظهرت تقارير إسرائيلية.

وتواصل حماس عرض فيديوهات حية، تظهر استهدافاً واقعياً لجنود وآليات الاحتلال عكس فيديوهات الجيش الإسرائيلية التي لا تظهر إلا جنوداً إسرائيليين يطلقون النار بدون إظهار الأهداف المضادة.

ولم تلقِ إسرائيل القبض على أي قيادي كبير من حماس مثل يحيى السنوار الذي جعلت اغتياله هدفاً مركزياً أو محمد الضيف قائد كتائب القسام، ولا أعلنت عن اغتيال عدد من القادة البارزين، علماً بأنه تاريخياً تعرض قادة حماس الكبار لحملات اغتيال واسعة مثل مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين وقادة بارزين مثل عبد العزيز الرنتيسي وصلاح شحادة ويحيى عياش، ولم تتأثر الحركة بل ازدادت قوة. 

ورغم أن قوات حماس تقاتل بشكل لا مركزي، ولكن ليس هناك مؤشرات على أزمة في هيكلية القيادة، وما زالت تواصل قصف إسرائيل بالصواريخ حتى ولو بوتيرة أقل.

في المقابل، فإن الحياة في إسرائيل شبه مشلولة؛ حيث يرفض مستوطنو غلاف غزة العودة لبيوتهم، خوفاً من هجمات حماس، ومستوطني الشمال تركوا بيوتهم خوفاً من هجمات حزب الله، بينما أغلب سكان الجنوب اللبناني لم يغادروا ديارهم.

 وأغلب شركات الطيران الدولية قاطعت مطارات إسرائيل، حتى إن هيئة مطارات إسرائيل أعطت اجازة غير مدفوعة لـ600 عامل. وقللت نفقاتها بنسبة 75%؜ بخصوص ألف عامل آخر.

وإضافة لذلك فإن قطاع السياحة الإسرائيلي مشلول، فيما يضغط استدعاء نحو 360 ألف جندي احتياطي على اقتصاد البلاد، خاصة قطاع شركات التكنولوجيا الذي يعتمد على الشباب، والزراعة تعاني جراء وقف تدفق العمالة الفلسطينية وهروب العمالة الآسيوية.

وميناء إيلات أصبح شبه متوقف بعد استهداف الحوثيين السفن المتوجهة لإسرائيل، كما أن أسعار التأمين لإسرائيل قد ارتفعت بسبب الهجمات، ويعتقد أن أسعار الشحن في المنطقة كلها مرشحة للارتفاع مع صعود أسعار التأمين وتحويل كثير من الخطوط الملاحية لسفنها بعيداً عن البحر الأحمر.

لم تطلق أسيراً واحداً من أسراها ولكن قتلت العشرات

وفيما يتعلق بهدف إطلاق الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، فكل الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم تم ذلك عبر صفقة مع حماس.

بينما لم تستطِع إسرائيل، تحرير واحد حتى من الأسرى، بل قتلت العشرات منهم، آخرهم الثلاثة الذين قتلوا في إطلاق نار لجيش الاحتلال، الأمر الذي فجر أزمة داخلية باتت مرشحة للتفاقم وأصبحت تمثل عامل انقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، وعامل ضغط متصاعداً على الحكومة لوقف الحرب.

نتنياهو وحلفاؤه المتطرفون أكبر الخاسرين وغانتز أبرز الرابحين

كما يعد نتنياهو وحلفاؤه المتطرفون أكبر الخاسرين من طوفان الأقصى، فلقد تراجعت شعبيته للحضيض، ويتوقع أن يفوز منافسه بيني غانتس وزير الدفاع الأسبق وعضو مجلس الحرب في أي اننخابات عليه بفارق كبير، وقد يتفوق حزبه على الليكود العتيد.

فلقد أظهر استطلاع، بثته القناة 12، أن الأحزاب في ائتلاف نتنياهو ستحصل على 44 مقعداً فقط في الكنيست مقارنة بـ64 مقعداً فازت بها في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2022، في حين أن كتلة الائتلاف المستقبلية المفترضة المكونة من الأحزاب التي هزمت في 2022 ستفوز بـ71 مقعداً في انتخابات الكنيست المؤلف من 120 عضواً، مما يعني إمكانية تشكيل حكومة دون مشاركة الليكود الحزب الذي سيطر على السياسة الإسرائيلية منذ عقود.

أما الخاسر الأكبر فهو حزب (الصهيونية الدينية) الذي يقوده وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش المتوقع أن يفشل، حسب الاستطلاع، في الحصول على أية مقاعد في الكنيست الإسرائيلي.

وهذا مكسب كبير للقضية الفلسطينية؛ لأن إضعاف سموتريتش، ورديفه وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير من شأنه أن يخفف مخططات الاستيطان والاستيلاء على الأقصى التي يقودونها.

أحلام نتنياهو بحكم غزة وتقويض حل الدولتين تجابه بمعارضة دولية

في المقابل، فإن الأهداف الفرعية التي تعهد نتنياهو بتنفيذها بعد الحرب، ومنها حكم إسرائيلي مباشر لغزة والقضاء على حل الدولتين، قوبلا بمعارضة غربية كبيرة ولا سيما أمريكية، بل على العكس تصاعدت الدعوات في الغرب لا سيما من قبل إسبانيا وبلجيكا، لعقد مؤتمر دولي للسلام، بل أعلنت بلجيكا عزمها منع المستوطنين المتطرفين من دخول أراضيها، بما يعني محاصرة أقوى حلفاء نتنياهو، في وقت بات كثير من الإسرائيليين يلمحون إلى أن هؤلاء المتطرفين مسؤولون عن الأزمة.

ويبدو حديثه عن الوضع في غزة بعد حماس درباً من الخيال في ظل استمرار المقاومة، ووضوح صعوبة تحقيق هدف تفكيك حماس، في المقابل فإن رئيس السلطة الفلسطينية طلب من القيادي الفتحاوي عزام الأحمد التواصل مع حركة حماس، مشيراً إلى ضرورة أن تكون كل الفصائل في إطار منظمة التحرير الفلسطينية.

تحميل المزيد