في 3 نقاط.. كيف تتسع الخلافات بين إسرائيل وأمريكا حول الحرب على غزة ومرحلة ما بعد الحرب؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/12/09 الساعة 10:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/12/09 الساعة 10:58 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل مع رئيس وزرائها /رويترز

عرضت الولايات المتحدة الأمريكية دعماً قوياً لإسرائيل في حربها على قطاع غزة من 7 أكتوبر الماضي٬ لكن الحليفتين أصبحتا على خلاف متزايد بشأن ما سيحدث لغزة بمجرد انتهاء الحرب، بحسب تقرير لوكالة Associated Press الأمريكية. 

حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هذا الأسبوع، أن إسرائيل ستحتفظ بوجود أمني مفتوح في غزة. ويتحدث المسؤولون الإسرائيليون عن فرض منطقة عازلة لإبعاد الفلسطينيين عن الحدود الإسرائيلية. ويستبعدون أي دور للسلطة الفلسطينية التي أخرجتها حماس من غزة عام 2007، لكنها تحكم مناطق تتمتع بحكم شبه ذاتي في الضفة الغربية المحتلة. 

في المقابل طرحت الولايات المتحدة رؤيةً مختلفة كثيراً. وقال مسؤولون كبار إنهم لن يسمحوا لإسرائيل بإعادة احتلال غزة أو تقليص أراضيها الصغيرة بالفعل. وقد دعوا مراراً إلى عودة السلطة الفلسطينية واستئناف محادثات السلام، الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. 

صعَّبت هذه الرؤى المتضاربة طريق المناقشات بين إسرائيل والولايات المتحدة. إليكم نظرة فاحصة على القضايا الخلافية: 

1- أرضية مشتركة هشة

أعلنت إسرائيل الحرب على غزة بعد أن اجتاحت المقاومة الحدود الجنوبية يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول. سرعان ما سافر الرئيس جو بايدن إلى إسرائيل في مهمة تضامن، وقد دعمت إدارته بقوة حق إسرائيل مع توفير الأسلحة والمساعدة العسكرية.

وقالت إسرائيل إن هدفها هو تدمير حماس، وهي مهمة صعبة، نظراً لجذور الجماعة العميقة في المجتمع الفلسطيني، حيث ارتقى حتى اللحظة أكثر من 17 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين والأطفال والنساء.

تبنت الولايات المتحدة، التي تعتبر حماس، إلى جانب دول غربية أخرى، جماعة إرهابية، هذا الهدف. ولكن مع استمرار الحرب، أعربت عن مخاوفها بشأن الظروف الإنسانية المتردية وتزايد عدد القتلى المدنيين في غزة.

وخلال مطلع الأسبوع، قال وزير الدفاع لويد أوستن، إنه من المهم أن تقوم إسرائيل بحماية المدنيين في غزة. وأضاف: "إذا دفعتهم إلى أحضان العدو، فإنك تستبدل النصر التكتيكي بهزيمة استراتيجية. لذلك أوضحتُ مراراً لقادة إسرائيل أن حماية المدنيين في غزة هي مسؤولية أخلاقية وضرورة استراتيجية، على حد سواء" حسب تعبيره. 

وفي يوم الخميس، قال وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، لإسرائيل إن "الخسائر في صفوف المدنيين لا تزال مرتفعة للغاية، وأنه يجب على إسرائيل تكثيف جهودها لتقليلها"، حسبما ذكر مكتبه. ودعا بلينكن إسرائيل إلى زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة. 

2- رؤى مختلفة بشأن الحرب في غزة

ظهرت أكبر الخلافات بين الحليفتين بشأن الرؤية طويلة المدى لغزة. ولم يقدم نتنياهو سوى لمحات عما يخطط له. قال يوم الثلاثاء إن الجيش سيحتفظ بسيطرة أمنية مفتوحة على قطاع غزة بعد فترة طويلة من انتهاء الحرب، مما يشير إلى شكل من أشكال الاحتلال الإسرائيلي الممتد. 

واستبعد نتنياهو فكرة إرسال قوات حفظ سلام أجنبية، قائلاً إن الجيش الإسرائيلي وحده هو الذي يمكنه ضمان بقاء غزة منزوعة السلاح. ورفض نتنياهو أيضاً عودة السلطة الفلسطينية، قائلاً إن زعيمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يمكن الوثوق به. 

وقال أوفير فالك، مستشار نتنياهو: "بعد تدمير حماس، ستصبح غزة منزوعة السلاح والتطرف حتى لا يكون هناك أي تهديد على إسرائيل من غزة. قد تكون المنطقة العازلة جزءاً من عملية نزع السلاح. تلك هي الخطة". 

وأبلغت إسرائيل الحلفاء الغربيين والجيران الإقليميين بخطط المنطقة العازلة في الأسبوع الماضي، دون تقديم اقتراح مفصّل، وفقاً لمسؤولين مصريين ودبلوماسيين عرب وغربيين، الذين أصرّوا على عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة الموضوع. 

وقال المسؤولون إن الدول المطلعة على الاقتراح تشمل مصر وقطر والأردن وتركيا والإمارات والمملكة السعودية. وقال مسؤولان مصريان إنه يبدو أن إسرائيل ليست لديها خطة مفصلة قابلة للتنفيذ لمثل هذه المنطقة. 

وفي الوقت نفسه، رفضت الدول العربية الحديث عن سيناريوهات ما بعد الحرب، بينما يستمر القتال وتطالب بوقف إطلاق النار. على سبيل المثال، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، مؤخراً، إن الدول العربية "لن تأتي وتنظف الفوضى بعد إسرائيل". 

ورغم عدم اتخاذ أي قرارات، يبدو أن هذه الأفكار تضع إسرائيل على خلاف مع البيت الأبيض. وقال بايدن وغيره من كبار المسؤولين مراراً إن السلطة الفلسطينية "المعاد تنشيطها" يجب أن تلعب دوراً في غزة ما بعد الحرب، وإن إسرائيل يجب أن تسعى إلى حل الدولتين بمشاركة السلطة الفلسطينية. واستبعدوا إعادة احتلال طويلة المدى أو إعادة رسم حدود غزة. 

وقد طرحت نائبة الرئيس كامالا هاريس، ربما أوضح رؤية أمريكية خلال خطاب ألقته في دبي مؤخراً. وقالت: "هناك خمسة مبادئ توجه نهجنا تجاه غزة ما بعد الصراع: لا تهجير قسرياً، لا إعادة احتلال، لا حصار، لا تقليص في الأراضي، لا استخدام غزة كمنصة للإرهاب". وأضافت: "نريد أن نرى غزة والضفة الغربية موحدة تحت قيادة السلطة الفلسطينية، ويجب أن تكون الأصوات والتطلعات الفلسطينية في قلب هذا العمل". 

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه لن يوافق على العودة إلى غزة إلا إذا كان ذلك جزءاً من خطة أوسع تهدف إلى إقامة دولة مستقلة تشمل أيضاً الضفة الغربية والقدس الشرقية. واستولت إسرائيل على الأراضي الثلاث في حرب الشرق الأوسط عام 1967. 

وقال عاموس هاريل، كاتب عمود الشؤون العسكرية في صحيفة Haaretz الإسرائيلية، إن قادة الجيش الإسرائيلي يعتقدون أن نتنياهو تحركه اعتبارات سياسية داخلية، ويرفض التعامل مع السلطة الفلسطينية "بسبب تشكيلات ائتلافية من شركائه اليمينيين المتطرفين". ويعارض نتنياهو وشركاؤه المتشددون في الائتلاف استقلال فلسطين. 

3- الخلافات ستنمو والضغط يزداد على بايدن

في الوقت الحالي، يبدو أن الجانبين يركزان على الهدف المشترك المتمثل في تدمير حماس. 

قال إلداد شافيت، وهو مسؤول سابق رفيع المستوى في الاستخبارات الإسرائيلية: "من المهم بالنسبة لهم أن تحقق إسرائيل الأهداف العسكرية؛ لأن هذه هي نقطة البداية لأي تغييرات يمكن أن تحدث في اليوم التالي". 

وقال إن الضغط الأمريكي على المدى القصير سيكون على القضايا العاجلة –مثل الضغط لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين والسماح بإيصال المزيد من المساعدات الإنسانية. 

وقد أشارت الولايات المتحدة إلى أنها ستبدي بعض الصبر بعد أن يهدأ القتال. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، إن الولايات المتحدة تدرك أنه "سيكون هناك نوع من الفترة الانتقالية بعد انتهاء العمليات القتالية الكبرى". ورفض تحديد المدة التي سيستغرقها ذلك. 

ولكن مع استمرار ارتفاع عدد القتلى في غزة، وتدهور الظروف، ودخول بايدن عاماً انتخابياً مع مطالبة أجزاء كبيرة من قاعدته الديمقراطية بوضع حد للهجوم الإسرائيلي، فمن المرجح أن تنمو هذه الخلافات في غياب نهاية واضحة.

وأظهر استطلاع للرأي، أجراه مركز "بيو" للأبحاث، ونُشر الجمعة 8 ديسمبر/كانون الأول 2023، أن ثلث الأمريكيين فقط يوافقون على السياسة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، فيما بدا الانقسام واضحاً بين الديمقراطيين. 

وقال شافيت إن التوترات قد تتصاعد إذا خلصت الولايات المتحدة في مرحلة ما إلى أن إسرائيل تتباطأ أو تتجاهل المطالب الأمريكية. ولكن في الوقت الحالي، "يريد الأمريكيون أن تنجح إسرائيل"، كما قال. 

وقال دانييل ليفي، مفاوض السلام الإسرائيلي السابق ورئيس مشروع الولايات المتحدة/الشرق الأوسط، وهو معهد سياسي يدرس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إنه من غير المرجح أن يتراجع الأمريكيون. 

واستشهد بما وصفه بالرد الأمريكي الفاتر على الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين في جنوب غزة، كمؤشر على ما ينتظرنا في المستقبل. 

تحميل المزيد