تحول يحيي السنوار زعيم حماس في غزة وأحد العقول المخططة لعملية طوفان الأقصى إلى ما يشبه الشبح المرعب بالنسبة للإسرائيليين، حيث يبدو أن لديهم خليطاً من الرهبة والخوف والإعجاب به ويحاولون التهرب من هذا الإعجاب والخوف الدفين أحياناً عبر محاولة تشويهه، وشيطنته، ولكن واحداً من الأطباء اللامعين في إسرائيل لخص الأمر ببساطة ووضوح، قائلاً إن السنوار يتلاعب بالإسرائيليين وقد انتصر هو وحماس في الحرب النفسية.
إذ قال البروفيسور الإسرائيلي رافي كارسو، وهو أستاذ في طب الأعصاب وله برنامج إذاعي مشهور وعمود للاستشارات الصحية في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، إن حركة "حماس" تقدم نفسها للعالم في صورة الحركة الساعية للسلام بما تنشره من صور الإفراج عن المحتجزين لديها وهم يلوحون بتحيات الوداع لمقاتليها.
ولكن خالف كارسو المذيعين الإسرائيليين الذين يزعمون أن يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة، مختل عقلياً، فهو يرى أن شخصيته معقدة، وأنه أبعد ما يكون عن الغباء.
وأشار كارسو إلى أن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تتهم السنوار بالاضطراب العقلي طوال الوقت، مع أنها لا تقدم شيئاً يثبت ذلك، ولا تستند إلى فحص موثوق لإطلاق هذا الزعم.
يحيي السنوار ورجاله تعلموا أن ينفذوا إلى أدمغة الإسرائيليين وجعلهم ألعوبة
ويرى البروفيسور الإسرائيلي أن ذلك ربما يرجع إلى أن السنوار يدير حرباً نفسية ناجعة على إسرائيل، وقد تعلم هو ورجاله أن ينفذوا إلى أدمغة الإسرائيليين وأدمغة العالم أجمع بعد أن تمكن من شن المفاجأة تلو المفاجأة، وزراعة القلق فيهم، وهو لا يزال ناجحاً في اختراق أدمغة الناس في إسرائيل بعد أسابيع من الحرب.
ويستدل كارسو على كفاءة الحرب النفسية التي يشنها السنوار ببعض الجمل التي يستخدمها المذيعون الإسرائيليون في الحديث عنه، مثل أنه "تركنا بلا هواء ولا منفذ"، و"دمَّر أعصابنا"؛ "جعل إسرائيل كالخليط على الـمِرجَل"، والخلاصة أن الإسرائيليين صاروا ألعوبة بين يديه، حسب الطبيب الإسرائيلي.
حماس انتصرت في الحرب النفسية ولكن حزب الله هُزِم فيها
وقال كارسو إن الحرب النفسية أداة فعالة في الحروب، ولها تأثير كبير في غالب الأحيان، لا سيما حين يشن الخصم هذه الحرب على الوعي والروح المعنوية والتحفيز لدى عدوه، ويبثُّ الخوف فيه، ومن ثم يضر بخططه الحربية. ويرى كارسو أن حماس تمكنت بهذه الحرب من الحصول على ما تريده بالضبط، لأنها تفهم عقلية الإسرائيليين ونقاط ضعفهم ومخاوفهم.
في المقابل، زعم كارسو أن صور الدمار في غزة جزء من الحرب النفسية التي تشنها إسرائيل على حزب الله في الشمال، فهذه الصور تحذر الحزب من مغبة مهاجمة إسرائيل، وتقول لهم إن هذا ما ينتظركم إن بدأتم الحرب. أما حماس، فقد خسرت إسرائيل الحرب النفسية معها قبل أن تبدأ هذه المعركة.
وقال كارسو إن مقاتلي حماس ينشرون للعالم مقاطع فيديو تُظهرهم وهم يساعدون المحتجزين على الصعود إلى سيارات الإسعاف، وتصورهم وهم يلوحون مودِّعين، وزعم أن غاية حماس من ذلك أن تُظهر للعالم أنها كانت تعامل الأسرى بإنسانية وعطف. ويرى كارسو أن هذه حرب نفسية يريدون أن يبرهنوا بها للعالم على إنسانيتهم.
بالطبع يتجاهل البروفيسور الإسرائيلي أن ما تفعله حماس هو جزء من تعاليم الإسلام، حيث يوصي القرآن بحسن معاملة الأسرى وجعل إطعامهم أحد مصارف الزكاة، كما أن شهادات الأسرى الإسرائيليين، سواء الذي عادوا من غزة أو هؤلاء الذين احتجزوا في غلاف غزة، تفيد بتعرضهم لمعاملة حسنة للغاية من المقاومين الفلسطينيين، فعلى سبيل المثال الإسرائيلية ياسمين بورات التي احتجزت لفترة في أحد الكيبوتسات التي احتجزتها المقاومة لفترة قالت إن المقاتلين الفلسطينيين عاملوهم والآخرين "بإنسانية"، بعد احتجازها مع أسرى آخرين، رغم أنهم كانوا في وضع عصيب لأنهم محاصرون بالجيش الإسرائيلي الذي انتهى الأمر به بقتل معظم الأسرى الإسرائيليين مع آسريهم الفلسطينيين.
بناء على ذلك، يوصي كارسو بتعزيز منظومة الدفاع لدى الإسرائيليين في مواجهة الحرب النفسية، وتعريف المذيعين والمذيعات بها، حتى لا يظل الإسرائيليون لعبة في أيدي السنوار. ويتوقع أن تزيد حماس من وطأة هذه الحرب على الإسرائيليين بعد وقف إطلاق النار، وتستعين بها لإطالة أمد المفاوضات.
وبلغ هوس إسرائيل بمطاردة السنوار إلى حد قول وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت لسكان غزة: "إذا قتلتم يحيى السنوار الحرب ستكون أقصر".
من هو يحيى السنوار، ولماذا استطاع خداع الإسرائيليين رغم أنهم يدعون أنهم يفهمونه جيداً؟
ولد السنوار في خان يونس عام 1964. تنحدر عائلته من منطقة عسقلان الحالية. درس في مدرسة تابعة للأمم المتحدة للاجئين وحصل على درجة البكالوريوس في الدراسات العربية في الجامعة الإسلامية بغزة. تم اعتقاله عام 1988 لقتله أربعة فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع إسرائيل وحكم عليه بالسجن المؤبد. وقضى 22 عاماً في السجن قبل أن يطلق سراحه في صفقة جلعاد شاليط.
ورغم أن إسرائيل لديها خبرة 40 عاماً في التعامل مع السنوار، إلا أن هذه المعرفة المتراكمة، في السنوات الأخيرة، لم تؤدّ إلا إلى تهدئة قادة الأمن الإسرائيليين ودفعهم إلى الشعور الزائف بالرضا عن النفس، حسب وصف صحيفة Financial Times البريطانية.
في الواقع، لا يعرف سوى القليل جداً عن يحيى السنوار، أو أبو إبراهيم كما يعرف في فلسطين.
فإحدى المفارقات في العلاقة بين إسرائيل والسنوار رغم أن الرجل قضى معظم شبابه في السجون الإسرائيلية (23 عاماً)، إلا أن الإسرائيليين لا يعرفون الكثير عنه، بينما هو يعرف الكثير عنهم من خلال دراسته للغة العبرية، وبينما تتم شيطنته الآن، قبل طوفان الأقصى كان الكثيرون في إسرائيل يرونه الرجل البراغماتي الذين يمكن التفاوض، بل إن هناك مقالاً نشر في صحيفة Jerusalem Post في مايو/أيار 2022، يطالب بعدم اغتياله لأنه الرجل الذي يمكن التفاوض معه في حماس.
وكشف تقرير إسرائيلي مؤخراً، أن جهاز المخابرات العامة "الشاباك" عرض على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو 6 مخططات لاغتيال رئيس "حماس" في قطاع غزة يحيى السنوار، لكنه تجاهلها.
ويدلل مقال Jerusalem Post على هذا الرأي بالقول إنه في عام 2006، لعب السنوار دوراً رئيسياً في صياغة ودعم وثيقة المصالحة الوطنية للأسرى من قبل السجناء السياسيين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (ممثلي فتح، وحماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين). بمبادرة من القائد الفتحاوي البارز مروان البرغوثي.
تصف الصحيفة الوثيقة بأنها كانت "ثورية"، لأن حماس خرجت فيها بشكل أساسي لدعم حل الدولتين. وهذا ما جاء فيها: "إن الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الشتات يسعى إلى تحرير أرضه ونيل حقه في الحرية والعودة والاستقلال، وممارسة حقه في تقرير المصير، بما في ذلك حق إقامة دولته المستقلة". وعاصمتها القدس الشريف على كافة الأراضي المحتلة عام 1967، وتأمين حق العودة للاجئين، وتحرير كافة الأسرى والمعتقلين انطلاقاً من حق شعبنا التاريخي على أرض الآباء والأجداد. الأجداد، واستناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والشرعية الدولية".
ويرى كاتب المقال أنه لا ينبغي على إسرائيل أن تقتل زعيم حماس يحيى السنوار، لأنه من وجهة نظر المصالح الإسرائيلية، على المديين القصير والمتوسط، فإن التعامل مع السنوار أكثر حكمة من قتله.
ويؤشر ما سبق إلى أن السنوار نجح في إقناع الإسرائيليين بأنه يريد تهدئة طويلة الأمد والتركيز على تحصيل المنافع الاقتصادية للقطاع وتعزيز حكم حماس له.
سبق أن هدد إسرائيل بتنفيذ طوفان الأقصى علناً
ولكن الواقع أن زعيم السنوار خطط لعملية طوفان الأقصى وهو اليوم الأكثر قسوة في تاريخ إسرائيل على مرأى من الجميع.
فالعام الماضي، قال يحيى السنوار في تجمع حاشد في غزة إن حماس ستنشر مقاتلين وصواريخ في ضربة شرسة على إسرائيل، الدولة التي سجنته لمدة 23 عاماً".
وكان الخطاب الذي ألقاه في غزة أمام الآلاف من المؤيدين المبتهجين يبدو كأنه خطاب فصيح يحوي تهديدات مبالغاً فيها في إرضاء الجماهير. وبعد أقل من عام، اكتشفت إسرائيل أنه لم يكن تهديداً أجوف عندما اخترق مقاتلو حماس سياج غزة، فقتلوا نحو 1200 إسرائيلي (منهم إسرائيليون قتلهم جيش الاحتلال) واحتجزوا أكثر من 200 أسير.
المفاجأة أن السنوار ألمح حتى إلى اسم العملية قائلاً: "سوف نأتي إليكم إن شاء الله في طوفان هادر، سوف نأتي إليكم بصواريخ لا نهاية لها، سوف نأتي إليكم في طوفان لا نهاية له من الجنود، سوف نأتي إليكم بالملايين من أبناء شعبنا".
بحلول وقت إلقاء الخطاب، كان السنوار والقائد العسكري لكتائب عز الدين القسام محمد ضيف قد وضعا بالفعل خططاً سرية لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذي سمته حماس طوفان الأقصى، حسب رويترز.
هو والضيف خدعا المخابرات الإسرائيلية عبر أجهزة التنصت
وقدّرت مصادر أمنية أن القياديين بحركة حماس محمد الضيف ويحيى السنوار كانا على علم بالمراقبة الوثيقة التي يقوم بها مجمّع المخابرات الإسرائيلية على المقاومة، ولذلك استخدما هذه الأساليب السرية من أجل توصيل الرسائل التي يريدانها، والتي ضللت الإسرائيليين ومنعتهم من توقع عملية طوفان الأقصى، حسب صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.
وتشير التقارير إلى أنه في عملية "الفاكهة الاستوائية" عام 2018، عمدت فرق الجيش الإسرائيلي إلى تركيب أجهزة تنصت في معاقل حركة حماس.. وفي نهاية المطاف بعض أدوات التجسس الإسرائيلية هذه والتي زرعتها في غزة عام 2018 وقعت بيد حماس. ومن المرجح أنها تمكنت بمساعدة إيرانية من فك رموز أساليب الجيش الإسرائيلي.
الأسرى مسألة شخصية بالنسبة له
وقالت ثلاثة مصادر من حماس لوكالة "Reuters" إن السنوار يقود المفاوضات بشأن تبادل الأسرى والرهائن، ويدير العمليات العسكرية مع الضيف وقائد آخر ربما من مخابئ تحت غزة.
وتعتبر مسألة تبادل الأسرى شخصية للغاية بالنسبة للسنوار، الذي قضى نصف حياته خلف القضبان، وتعهد بإطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل، حسب رويترز.
وعقب الهجوم، دعا السنوار جمعيات رعاية السجون إلى إعداد أسماء الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل، مشيراً إلى أنه ستتم إعادتهم جميعاً إلى وطنهم.
وكان السنوار هو نفسه واحداً من 1027 فلسطينياً تم إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية في مقابل جندي إسرائيلي واحد محتجز في غزة في عام 2011.
متزوج من حماس
ويتفق قادة حماس والمسؤولون الإسرائيليون الذين يعرفون السنوار على أنه مخلص للحركة المسلحة إلى مستوى غير عادي.
ووصفه أحد شخصيات حماس المتمركزة في لبنان بأنه "يتمتع بقدرة مذهلة على التحمل".
وقال مايكل كوبي، مسؤول سابق في الشاباك الذي استجوب السنوار لمدة 180 ساعة في السجن، إنه برز بوضوح للهيبة التي يتسم بها لقدرته على القيادة، وسأله كوبي، رغم تقدم عمره، لماذا لم يكن متزوجاً بالفعل.
"قال له إن حماس هي زوجتي، وحماس هي طفلي. وحماس بالنسبة لي هي كل شيء".
وكان السنوار قد اعتقل عام 1988 وحكم عليه بالسجن المؤبد المتتالي بتهمة التخطيط لاختطاف وقتل جنديين إسرائيليين وقتل أربعة فلسطينيين متعاونين مع الاحتلال.
وفي السجن، استمر موقفه الحازم ضد المتعاونين، كما قال الإسرائيليون الذين تعاملوا معه.
لديه قدرة عالية على التحمل ويحث الفلسطينيين على ذلك
ويبدو أن حيرة الإسرائيليين في فهم السنوار تدفعهم للجوء لتعبيرات ديموغاغية رخيصة بشأنه.
ولكنهم يشيرون إلى قدرته العالية على التحمل ودفع الأسرى الفلسطينيين لتحمل المعاناة لتغيير شكل المعادلة مع إسرائيل.
وقال يوفال بيتون، الرئيس السابق لقسم المخابرات في مصلحة السجون الإسرائيلية الذي تعامل مع السنوار، إنه على استعداد لتحمل معاناة هائلة من أجل قضية ما، وقد قاد ذات مرة في السجن 1600 سجين في إضراب جماعي عن الطعام، وصل حتى حافة الموت إذا لزم الأمر، احتجاجاً على معاملة أسيرين في عزلة.
إنه يعرف كل شيء عن إسرائيل
يوصف السنوار أحياناً بأنه واحد من أكثر قادة حماس معرفة بإسرائيل.
قبل عقود عندما حكمت عليه محكمة إسرائيلية بالسجن مدى الحياة أربع مرّات (مدة 426 عاماً)، كان رده دراسة اللغة العبرية.
وقال ميخا كوبي، الذي استجوب السنوار لصالح جهاز المخابرات الشاباك، قد قرأ جميع الكتب التي صدرت عن شخصيات إسرائيلية بارزة مثل فلاديمير جابوتنسكي ومناحيم بيغن وإسحاق رابين، "لقد تعلمنا من الأسفل إلى الأعلى".
ثم، بعد مرور خمسة عشر عاماً على بدء عقوبته، استخدم لغته العبرية المتقنة في مقابلة تلفزيونية إسرائيلية. وبدلاً من الحرب، حث الجمهور الإسرائيلي على دعم الهدنة مع حركة حماس.
وقال: "نحن ندرك أن إسرائيل تمتلك 200 رأس نووي وهي تمتلك القوة الجوية الأكثر تقدماً في المنطقة، ونحن نعلم أننا لا نملك القدرة على تفكيك إسرائيل".
واليوم يدعي المحققون والمحللون الإسرائيليون أنهم يعرفون السنوار بأثر رجعي، ويقولون إن هدفه الأوحد "تدمير إسرائيل"، وبعد أن أصبح أكثر الرجال المطلوبين في إسرائيل؛ ويشير إليه بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، على أنه "رجل ميت يمشي".
إن القضاء على السنوار هو الهدف الأساسي للحملة الإسرائيلية التي تتوعد بـ"تدمير" حماس.
ولكن الحقيقة أنه حتى لو وصلت إسرائيل للسنوار، فلقد سبق أن اغتالت مؤسسي الحركة وكبار قادتها ومؤسسي جناحها العسكري مثل الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ويحيى عياش "المهندس" ومحمود أبو هنود وصلاح شحادة، ولكن ازدادت الحركة قوة.
ساهم في القضاء على الجواسيس، والإسرائيليون يعترفون أنهم لا يعرفون عنه شيئاً
إن القراءة الخاطئة لشخصية السنوار ستكون مقدمة لأكبر فشل استخباراتي لإسرائيل. بالنسبة للبعض، السنوار نجح في الخداع النهائي للدولة العبرية، حسب صحيفة Financial Times.
"لم نفهمه على الإطلاق، حسبما قال مايكل ميلشتاين، ضابط المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق والخبير في الشؤون الفلسطينية الذي يقول إن "معرفتنا به صفر".
إن صورة السنوار التي قدمها العديد من الأشخاص الذين قضوا معه وقتاً يمتد لعقود من الزمن، هي صورة رجل كاريزمي قليل الكلام وسريع الغضب بحضور قوي.
السنوار ساعد في بناء الجناح العسكري لحماس، كتائب القسام، منذ أيامه الأولى. ولكن عندما اعتقل في أواخر الثمانينيات، كان ذلك بسبب دوره الخاص داخل حماس في مطاردة الفلسطينيين المشتبه في تجسسهم لصالح إسرائيل، حيث أسس جهاز الأمن الداخلي لحماس المهاب المعروف باسم "قوة المجد"، ويبدو أن هذا الجهاز ساهم بالفعل في القضاء على نسبة من العملاء التابعين لإسرائيل، وفي تراجع الاغتيالات وعدم معرفة إسرائيل بطوفان الأقصى، وفشلها حتى الآن خلال توغلها البري في الوصول للأنفاق أو كبار قادة المقاومة.
وكان جار السنوار في خان يونس هو محمد ضيف، وهو الآن القائد العسكري الغامض لحماس.
لقد أصبح السنوار شخصية أسطورية تقريباً بالنسبة للفلسطينيين، خاصة داخل غزة. قال أحد الناشطين الفلسطينيين البارزين في القدس الشرقية: "يشعر الكثير من الفلسطينيين بالفخر بسببه، فهو يتمتع بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني".
وتحت قيادته، قامت حماس بتنويع خياراتها لاستخدام القوة، وعززت الاحتجاجات على الحدود، والبالونات الحارقة، وخاصة إطلاق الصواريخ لدفع إسرائيل إلى مزيد من المحادثات غير المباشرة عبر وسطاء مصريين وقطريين والأمم المتحدة.
وقال أحد كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين في وقت سابق من هذا العام: "إن الصواريخ تمثل نقطة القوة في المحادثات مع إسرائيل".
لقد منحت إسرائيل في السنوات الأخيرة تنازلات لغزة لم يكن من الممكن تصورها قبل بضع سنوات فقط، بما في ذلك السماح بالمزيد من الدعم المالي القطري وآلاف تصاريح العمل الإسرائيلية.
ووفقاً للاستخبارات الإسرائيلية، فإن هجوم حماس تطلب سنة على الأقل من التخطيط. إن طريقة السنوار في إظهار استعداده للتهدئة والتركيز على مكاسب اقتصادية لغزة، كانت مجرد خداع خالص يهدف إلى كسب الوقت، كما يؤكد المسؤولون والمحللون الإسرائيليون الآن.
والآن يعتقد الكثيرون في إسرائيل أن السنوار فاز على إسرائيل مجدداً في صفقة تبادل الأسرى، ولكن السؤال الذي يلح عليهم، هل يفوز السنوار وحماس في المعادلة النهائية للحرب، وهل يقف السنوار في نهاية الأمر ليرفع أصبعيه بعلامة النصر كما حذر وزير الطاقة وعضو المجلس السياسي الأمني في إسرائيل، يسرائيل كاتس.