الشارع الغاضب يتحرك.. موقع بريطاني: الحرب على غزة تشعل من جديد النشاط السياسي المكبوت في مصر

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/28 الساعة 12:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/28 الساعة 12:37 بتوقيت غرينتش
المظاهرات في ميدان التحرير لأجل غزة- وسائل التواصل

يقول نشطاء حقوقيون إن الاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء مصر الأسبوع الماضي للتنديد بالهجوم الإسرائيلي على غزة، اجتذبت حشوداً تذكِّر بثورة عام 2011. 

اقتحم آلاف المتظاهرين الحواجز الأمنية يوم الجمعة 20 أكتوبر/تشرين الأول، وغمروا ميدان التحرير، مركز ثورة الـ18 يوماً في يناير/كانون الثاني 2011، والتي بلغت ذروتها بتنحي الرئيس السابق حسني مبارك. 

مكث المتظاهرون في التحرير لمدة تقل عن ساعة قبل أن تطردهم الشرطة، وورد أن أكثر من 100 شخص اعتُقلوا في ذلك اليوم على خلفية الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في القاهرة والإسكندرية. لكن لفترة وجيزة، كانت الساحة تشبه مشاهد من 25 يناير/كانون الثاني 2011. 

تتذكَّر ماهينور المصري، المحامية التي شاركت في ثورة 2011، قائلةً لموقع موقع Middle East Eye البريطاني: "شعرت كما لو أن جثة عادت إلى الحياة بأعجوبة". 

احتجاجات نادرة في ميدان التحرير

اندلعت الاحتجاجات بعد أن دعت شخصيات إعلامية موالية للحكومة إلى تنظيم مظاهرات في مناطق محددة؛ لإظهار التضامن مع فلسطين ودعم قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي وسط الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر.

ومع ذلك، تحدى الآلاف هذا التوجيه، وبدلاً من ذلك توافدوا على الجامع الأزهر يوم الجمعة، واقتحموا ميدان التحرير.

في أعقاب الانقلاب العسكري الذي قام به السيسي، والذي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي في عام 2013، سُحِقَت الاحتجاجات الشعبية إلى حد كبير من خلال قانون مكافحة الاحتجاج وحملة قمع واسعة النطاق ضد المعارضين السياسيين. 

وفي العام 2018، أعلن السيسي: "ما حدث قبل سبع أو ثماني سنوات لن يتكرر مرة أخرى في مصر"، وهي رسالة كررها في عدة خطابات أخرى.

وقد خضع ميدان التحرير منذ ذلك الحين لعملية تجديد، حيث دُهِنَت المباني ورُكِّبَت كاميرات أمنية لفرض الرقابة على مساحةٍ لم تعُد عامة. 

لم يكن للخوف مكانٌ بينهم 

وفقاً لناشطين في القاهرة، كانت مظاهر التضامن العلنية مع الفلسطينيين، حتى وقت قريب، مقتصرة على المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وسط مخاوف من الاعتقال، أذكتها حملات القمع على أنصار مرشح المعارضة أحمد الطنطاوي.

لكن في يوم الأربعاء 11 أكتوبر/تشرين الأول، تجمعت مظاهرة صغيرة أمام نقابة الصحفيين. وبعد يومين، انتفض المصلون في الجامع الأزهر احتجاجاً بعد صلاة الجمعة. 

قالت عائشة*، وهي ناشطة مصرية شاركت من قبل في الثورة: "حاصرتنا قوات الأمن من كل اتجاه وأغلقت الأبواب. ثم أخرجونا على دفعات، وكل من اعترض تعرّض للضرب". 

وفي الأسبوع التالي، استمرت الاحتجاجات في التصاعد، وتضخمت أعدادها. وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول، نُظِّمَ احتجاج آخر أمام نقابة الصحفيين شارك فيه المئات. 

وقالت عائشة لموقع Middle East Eye البريطاني: "صُدِمتُ بعدد الأشخاص. لم أر شيئاً كهذا منذ الثورة. كان هناك الكثير من الناس… ولم يكن للخوف مكانٌ بينهم". 

دعت وسائل الإعلام المملوكة للدولة إلى احتجاجات تضامناً مع فلسطين في ساحات مخصصة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك معبر رفح، وهو الطريق الوحيد للخروج من الجيب الذي لا تسيطر عليه إسرائيل، والذي استُهدِفَ مراراً بالغارات الجوية. 

بالنسبة لماهينور، كانت هذه الدعوات تحاكي بشكل مخيف تلك التي سبقت مذبحة رابعة في يوليو/تموز 2013، عندما حث السيسي المصريين على النزول إلى الساحات العامة "لمنحه التفويض لمواجهة العنف والإرهاب".  قالت ماهينور: "الناس يريدون دعم الفلسطينيين بشكل منفصل عن الحكومة، حيث يشك الكثيرون في نواياها". 

وقال محمد (اسم مستعار)، وهو صاحب عمل فلسطيني مقيم في القاهرة، لموقع Middle East Eye: "شعرت وكأنه نوع من الاستعراض. النظام يمنح الناس الإذن بالاحتجاج بشأننا (نحن الفلسطينيين)، لكنهم لا يستطيعون الاحتجاج على شيءٍ في بلدهم". 

خبز، حرية، كرامة 

تُوِّجَ أسبوع الاحتجاجات بتجدد المظاهرة التي انطلقت من الجامع الأزهر يوم الجمعة 20 أكتوبر/تشرين الأول. ثم اقتحم المتظاهرون الشوارع وساروا نحو ميدان التحرير، حيث تجاوزوا الحواجز الأمنية.

وكانت عائشة من بينهم. قالت: "كانت هذه فرصة نادرة بالنسبة لي. لم أتمكن حتى من الاقتراب من هذه المنطقة لمدة عشر سنوات". 

وأفادت ماهينور بأن الميدان كان "ممتلئاً"، ودوَّت الهتافات التي جمعت بين مطالب الثورة -"عيش، حرية، كرامة"- ودعوات التضامن مع فلسطين. وقالت: "لقد تعمَّق في ذهني أن فلسطين ستكون دائماً الجواب والسبب لكل الأسباب". 

بالنسبة لماهينور، كانت القضية الفلسطينية هي المحفز لعملية النشاط الطويلة التي بلغت ذروتها في انتفاضات عام 2011. قالت: "أنا جزء من جيل فتحت الانتفاضة الثانية عينه. نحن مدينون للفلسطينيين بالتسييس الذي عشناه".  وأضافت: "من ميدان التحرير كنا نريد التحرير لفلسطين". 

يتذكر محمد قائلاً: "عندما اندلعت الثورة، كان الناس أيضاً يطالبون بالتضامن مع الفلسطينيين والسوريين. وكانت الأعلام الفلسطينية والسورية ترفرف في الميدان". 

في عام 2011، احتل الآلاف الميدان لمدة 18 يوماً. لكن يوم الجمعة 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استمر مكوثهم فيه حوالي 30 دقيقة فقط، قبل أن تبدأ الشرطة في فض الحشود بعنف. 

وبحسب المنفذ الإعلامي المصري "مدى مصر"، اعتُقِلَ 114 شخصاً لمشاركتهم في الاحتجاجات على مستوى البلاد. قالت عائشة: "اعتُقِلَت بعض صديقاتي في الميدان، وبعض الناس اعتُقِلوا من منازلهم بعد ذلك. أنا قلقةٌ بشأنهم للغاية". 

ورغم تقديم نفسها منذ فترة طويلة كوسيط بين حماس وإسرائيل، في أعقاب الانقلاب العسكري عام 2013 مباشرة، أدى تكثيف العلاقات بين إسرائيل ومصر إلى تشديد الحصار على غزة مع الإغلاق المتكرر لمعبر رفح.

وسلطت وسائل الإعلام الرسمية الضوء على الأصول المشتركة بين حماس وجماعة الإخوان المسلمين، زاعمةً أن الجماعة مسؤولة عن هجمات ضد جنود في سيناء. 

وبعد إغلاق طويل في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت المعبر، أُعيد فتح معبر رفح لفترةٍ وجيزة للسماح بتدفق كمية صغيرة من المساعدات إلى غزة. والمعبر هو المخرج الوحيد للفلسطينيين في غزة، الذي لا تسيطر عليه إسرائيل. فهو ممر حيوي للمساعدات الإنسانية للمدنيين المحاصَرين في غزة. 

تحميل المزيد